خطية المؤلف كتاب الدليل على إيطال التحليل
توكله صادق في توحيده؛ وأستهديه إلى صراطه المستقيم صراط الذين أنعم عليهم
من صفوة عبيده استخفره استغفار من يعلم أن لا ملجأً من الله إلا إليه في صدوره
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له شهادة مقر بأن الدين عند الله
وعلى آله الصفوة الكرام» وسلم عليهم سلاماً باقيا ببقاء دار السلام .
إلى الصراط المستقيم صراط الذين أنعم عليهم من النبيين والصديقين والشهداء
دون تفصيلهاء أو هدى إليها من وجه فهو محتاج إلى تمام الهداية فيها ليزداد هدى »
وأمور هو محتاج إلى أن يحصل له من الهداية فيها في المستقبل» مثل ما حصل له في
الماضي» وأمور هوخال عن اعتقاد فيها فهو محتاج إلى الهداية فيهاء وأمور لم يفعلها
أنواع الهدايات» فرض عليه أن يسأل هذه الهداية في أفضل أحواله. وهي الصلاة
مرات متعددة في اليوم والليلة. وقد بين أن أهل هذه النعمة مغايرون للمغضوب عليهم
وكان الرسول الرؤوف الرحيم 8 يحذر أمته سلوك سبيل أهل الغضب
والضلال» ويلعنهم تحذيراً للأمة على ما ارتكبوه من أنواع المحال. وينهى عن التشبه
بهم في استحلال المحارم بالاحتيال لعلمه بما أوقع الله بهم على ذلك من الخزي
ولما انتهى الكلام بنا في مدارسة الفقه إلى مسائل الشروط في النكاح» وبينما
خطبة المؤلف كتاب الدليل على إبطال التحليل
كان موثراً في العقد ملحقاً له بالسفاح» وجرى من الكلام في مسألتي المتعة والتحليل
ما تبين به حكمها بأرشد دليل» وظهرت الخاصة التي استحق بها المحلل لعنة الرسول
وجه الاستبصار» وظهرت المدارك والمسالك أثراً ونظراً حتى أشرق الحق وأنار» فانتبه
من كان غافلا من رقدته.» وشكى ما بالناس من الحاجة إلى ظهور هذا الحكم
ومعرفته» ولعموم البلوى بهذه القضية الشنيعة. وغلبة الجهل بدلائل المسألة على أكثر
المتتسبين إلى علم الشريعة» سأل أن أعلق في ذلك ما يكون تبصرة للمسترشدء
وحجة للمستنجد. وموعظة للمتهور والمتلدد. ليهلك من هلك عن بينة؛ ويحى من
حبى عن بينة.
فأجبته إجابة المتحرج من كتمان العلم» المسؤول الخائف من نقض الميشاق
فيها بغيرها من المسائل بل اقتصر على ما أوجبه حق السائل .
فالتمس بعض الجماعة مكرراً للالتماس تقرير القاعدة التي هي لهذه المسألة
أساس» وهي : «بيانذحكم الاحتيال على سقوط الحقوق والواجبات».؛ و«حل
العقوده» و «حل المحرمات»» بإظهار صورة ليس لها حقيقة عند المحتال لكن جنسها
مشروع لمن قصد به ما قصده الشارع من غير اعتلال» فاعتذرت بأن الكلام المفصل
في هذا يحتاج إلى كتاب طويل .
ولكن سأدرج في ضمن هذا من الكلام الجملي ما يوصل إلى معرفة التفصيل+
بحيث يتبين للبيب موقع الحيل من دين الإسلام؛ ومتى حدثت. وكيف كان حالها عند
نكاح المحلل حرام كناب الدليل على إيطال التحليل
نكاح المحلل حرام. باطل لا يفيد الحل
وحال الرجل والمرأة والمهر نازلا بينهم منزلة اللفظ بالشروط» أو لم يكن شيء من
ذلك بل أراد الرجل أن يتزوجها ثم يطلقها لتحل للمطلق ثلاثاً من غير أن تعلم المرأة
ولا وليها شيئاً من ذلك» سواء علم الزوج المطلق ثلاثاً؛ أو لم يعلم» مثل أن يظن
المحلل أن هذا فعل خير ومعروف مع المطلق وامرأته بإعادتها إليه لما أن الطلاق أضر
بل لا يحل للمطلق ثلاث ن يتزوجها حتى ينكحها رجل مرتغباً لنفسه نكاح رغبة
حدث بينهما فرقة بموت» و طلاق أو فسخ؛ جاز للأول أن يتزوجهاء ولو أراد هذا
المحلل أن يقيم معها بعد ذلك استأنف النكاح» فإن ما مضى عقد فاسد لا يباح المقام
فق وعامة التابعين لهم بإحسان» وعامة فقهاء الإسلام مثل: سعيد بن المسيب؛
والحسن البصري» وإبراهيم النخعي؛ وعطاء بن أبي رباح» وهؤلاء الأربعة أركان
التابعين. ومثل : أبي الشعشاء جابر بن زيد؛ والشعبي؛ وقتادة؛ وبكر بن عبدالله
المزني ؛ وهو مذهب مالك بن أنس. وجميع أصحابه» والأوزاعي ؛ والليث بن سعد
نكاح المحلل حرام كتاب الدليل على إبطال التحليل
وسفيان الثوري» وهؤلاء الأربعة أركان تابعي التابعين» وهو مذهب الإمام أحمد بن
حنبل في فقهاء الحديث؛ منهم : إسحاق بن راهويه؛ وأبو عبيد القاسم بن سلام»
إسحاق الجوزجاني وغيرهم؛ وهو قول للشافعي+ وستذكر إن شاء الله أقوال أصحاب
رسول الله ف في الأدلة.
وأما أقوال التابعين والفقهاء؛ فقال سعيد بن المسيب في رجل تزوج امرأة
بالتحليل فالنكاح فاسد» رواهما حرب الكرماني .
الأول»» رواه سعيد بن منصور.
وقال أبو الشعثاء جابر بن زيد في رجل تزوج امرأة ليحلها لزوجها وهو لا يعلم
وجاء رجل إلى الحسن البصري فقال: إن رجلا من قومي طلق امرأته ثلاث فتدم
تكونن مسمار نار لحدود الله». رواهما اب أن شيبة؛ يريد الحسن أن المسمار هو
وعن الحسن» وإبراهيم النخعي + قالا: «إذا هم أحد الثلاثة بالتحليل فقد فسد
تللج التسال جه كتاب الدليل على إبطال التحليل
وعن الشعبي » أنه سئل عن رجل تزوج امرأة كان زوجها طلقها ثلاث قبل ذلك قيل
وقال مالك بن أنس : «لا يحلها إلا نكاح رغبة».
فإن قصد التحليل لم تحل له؛ وسواء علما أو لم يعلما لا تحل. ويتفسخ تكاح
والليث في ذلك نحو قول مالك» نقله الطحاوي وابن عبد البر وغيرهماء وكذلك قال
الثوري في أحد الروايتين عنه فيما ذكره ابن عبد البرء
رجل تزوج امرأة» وهو يريد أن يحلها لزوجهاء ثم بدا له أن يمسكهاء قال: ولا
يعجبني إلا أن يفارقها ويستقبل نكاحاً جديدا. قال أحمد: قال إسحاق بن راهويه:
وكذلك قال الإمام أحمد فيما رواه عنه إسماعيل بن سعيد الشالنجي وهومن
أجل أصحابه قال: سألت أحمد بن حنبل عن الرجل يتزوج المرأة» وفي نفسه أن
يحللها لزوجها الأول ول تعلم المرأة بذلك فقال: : «هو محلل وإذا أراد بذلك الإحلال
يعني زهير بن حرب .
قال: وقال ابن أبي شيبة يعني أبا بكر بن أبي شيية: «لست أرى أن ترجع بهذا
وقال الإمام أحمد في رواية أبي بكر الأثري وهو من أعيان أصحابه: «إذا
نكلح المحلل حرام كتاب الدليل على إيطال التحليل
في الرجل يتزوج المرأة على أن يحلها لزوجها الأول: «لا تحل ولا يجوز حتى يكو
نكحها على أن يطلقها في الحال لترجع إلى الأول يفرق بينهما والمهر لا بد منه بما
ثم أكثر محققيهم قطعوا بأن المسألة رواية واحدة. وقول واحد في المذهب.
استقر عليه قول القاضي أبي يعلى في كتبه المتأخرة مثل الجامع والخلاف؛ ومن
سلك سبيله مشل القاضي أبي الحسين» وأبي المواهب العكبري» وابن عقيل في
التذكرة وغيرهم» ومنهم من جعل في المذهب خلافاً. وسنذكر إن شاء الله أصله.
تعجبه وصار التحليل ضمناً؛ وأما من سوى من أصحابنا بين نكاح المتعة والمحلل
قول ابن حبيب» فإن هؤلاء يسوون بين أن يشرط الفرقةبتقدير عدم المهر».
أحدهما: مثل قول مالك.
والقول الثاني: أن النكاح صحيح وهو الذي ذكره في الكتاب الجديد
وروي ذلك عن القاسم» وسالم ويحى بن سعيد وربيعة؛ وأني الزناد حكاه
الناس بمذاهب المدنيين» واتبعهم لهاء ومذهبه في ذلك شدة المنع من ذلك» ثم
نكاح المحلل حرام كتاب الدليل على إيطال التحليل
هؤلاء من أعيان المدنيين» والمعروف عن المدنيين التغليظ في التحليل قالوا هو
حتلم عليه اجنماع ملأهم .
وهذا القول الثاني : هو مذهب أي حنيفة وأصحابه؛ وداود بن علي
عقيل في الفصول وغيرهماء على وجهين:
أكرهف والكراهة المطلقة منه هل تحمل على التحريم أو التنزيه, على وجهين»
يذكر أبوعلي بن البناء إلا هذه الرواية وقطع عن أحمد بالكراهة مع الصحة.
وهذا التخريج ضعيف على المذهب في وجهين:
أحدهما: أن الكراهة التي نقلها حرب أنه قال: سثل أحمد عن الرجل يتزوج
الاستمتاع وبينهما فرق بين فإن المحلل لا رغبة له في التكاح أصلاء وإنما غرضه
إعادتها إلى المطلق؛ والمستمتع له رغبة في النكاح إلى مدة ولهذا أبيح نكاح المتعة
في بعض الأوقات» ثم حرم ولم يبح التحليل قط.
ولهذا قال الشيخ أبو محمد المقدسي : أما إذا نوى أن يطلقها في وقت بعينه»
ما ذكره ابن عبد البر أن هذا قول الجمهور مع قول هؤلاء بأن نية التحليل تبطل
النكاح» لكن المنصوص عن الإمام أحمد كراهة هذا النكاح» وقال: لين فعلم
تكاح المحلل حرام كتاب الدليل على إبطال التحليل
واختلفت فيه المالكية» والذي ذكره بعضهم أنه إذا تزوج المسافر امرأة ليتسمتع
بها ويفارقها إذا ساف فهو على ثلاثة أوجه .
يشترط» فقال محمد بن عبد الحكم: النكاح باطل» وروى ابن وهب عن مالك
يمسكها وليفارقهاء قال مالك: إن تزوج لعزبة» أو هوى لقضاء أربه ويفارق فلا بأس»
أصحابنا على أبي الخطاب يقول أحمد هذه متعة.
قال: فهذا يدل على أنها كراهة تحريم» لكن قول أبي الخطاب يقوى في رواية
أبي داودء فإنه قال المتعة؛ والمشبه بالشيء قد ينقص عنه؛ لأن ظاهر الرواية
يتزوجها ليحلهاء فلم يذكر عن أحمد فيه لفظ محتمل لعدم التحريم» 'وأما إذانوى أن
يطلقها في وقت فقد نص على التحريم في رواية» والرواية الأخرى من أصحابنا هن
جعلها مثل تلك الرواية. ومنهم من قال تقتضي الكراهة دون التخريم» وعلى قول
الشيخ أبي محمد: لابأس به. :
هذا الذي ذكرناه من اختلاف العلماء وما ذكر من الخلاف في المذهب فيا إذا
العقد وعقدا على ذلك القصد فهو كالمشروط في العقد عند كثير من هؤلاء؛ وهو أشبه
بأصلنا إذا قلنا أن النية المجردة لا تؤثر فإن الغالب على المذهب أن الشنروط المتقدمة
على" العقد إذا لم تفسخ إلى حين العقد» فإنها بمنزلة المقارنة؛ وهو مفهوم ماخرجه
نكاح المحلل حرام كتاب الدليل على إيطال التحليل
أبو الخطاب وغيره؛ فإنه خص الخلاف إذا نوى التحليل ولم يشترطه وهو أحد
الوجهين لأصحاب الشافعي » وهو قول هؤلاء التابعين الذين نقل عنهم الرخصة في
مجرد نية التحليل» واشترطوا مع ذلك أن لا يعلم الزوج المطلق» فروي عن القاسم
وسالم : «لا بأس أن يتزوجها ليحلها إذا لم يعلم الزوجان وهو مأجور بذلك». حكاه
الزناد: «وإن لم يعلم أحد منهما فلا بأس بالنكاح وترجع إلى زوجها الأول»؛ حكاهن
ابن عبد البر.
وعلى هذا فليس عن أحد من التابعين رخصة في نكاح المحلل إذا علمت به
المرأة والزوج المطلق فضلا عن اشتراطه؛ والمشهور من مذهب الشافعي أن هذا
الشرط المتقدم غير مؤثر وكذلك ذكره القاضي في المجرد أن ذلك عندنا كنية
التحليل من غير شرط وخرج فيهما وجهين.
وأما إذا شرط التحليل في العقد فهو باطل» سواء قال: زوجتك إلى أن تحلهاء
أن يحلها ثم يطلقها؛ فمن قال الأول عنى بالإحلال الوطء والطلاق جميعاً وهو أقرب
إلى مدلول اللفظ كقول الخرقي» ومن قال الثاني كان الإحلال عنده الوطء؛ لأنه هو
حصل الوطء صارت المرأة بمنزلة سائر الزوجات؛ وارتفع تحريم الطلاق به؛ فهذا
جعل الوطء وحده هو المحلل .
وبالجملة فهذا مذهب عامة هؤلاء؛ وهو ظاهر مذهب الشافعي؛ ويروى عن