ووصف رسول الله عل الصحابة مثل ذلك » وأطنب فى
تعظيمهم ؛ وأحسن الثناء عليهم فمن ذلك حديث عبد الله بن مسعود أن
يجىء يوم تسبق أمانهم شهادتهم قبل أن يُستشهدوا 06 .
وحديث أنى سعيد الخدرى قال : قال رسول الله عل : ف لا
أدرك مُذّ أحدهم ولا نصيفه 06
والأحاديث فى ذلك كثيرة ليس يتسع المقام لذكرها هَا
قال الحافظ أبو بكر بن الخطيب البغدادى : « والأخبار فى هذا
طهارة الصحابة والقطع على تعديلهم ونزاهتهم » قلا يحتاج أحد منهم -
مع تعديل الله لهم المطلع على بواطنهم - إلى تعديل أحد من الخلق له ..
لأوحتٍ الحال التى كانوا عليها - من الحجرة » والجهاد ؛ والنصرة »
وبذل النّهج والأموال » وقتل الآباء والأولاة + وامناصحة ف الدين»
وق الإيمان واليقين القطع على عدالتهم » والاعتقاد لتزاهتهم » وأنهم
أفضل من جميع المعدّلين والمزكين » الذين يجيتون من بعدهم أبد
الآبدين 06 اه ء
8313 + وابن ماجه (161) .
(©) انظر : مقدمة كتاب العواصم من القواصم ( ص/4) بتحقيق محب الدين
الخطيب - المكتبة العلمية تروت
من أصحاب رسول الله تله فاعلم أنه زنديق لأن الرسول نَل حل »
والقرآن حت » وإنا أذ إلينا هذا القرآن والسنن أصحاب رسول الله ء
وإنما يريدون أن يجرحوا شهودنا » ليبطلوا الكتاب والسنة » والجرح بهم
الصحابة رضوان الله علهم » وأن يعلموا أن من أصول أهل السنة
والجماعة : سلامة قلوبهم وألستتهم لأصحاب رسول الله 6 كا وصفهم
الله به فى قوله تعالى : ف والذين جاءوا من بعدهم يقولون : ربنا اغفر
آمنوا ربنا إنك رؤوف رحمم » ويقرون با تواتر به النقل عن أمير
المؤمنين على ب بن أنى طالب » وعن غيره ؛ من أن خير هذه الأمة بعد بها
أبو بكر ثم عمر ؛ وبثلثون بعمان ؛ ويربعون بعلى رضى الله عنهم + كا
دلت عليه الآثار ؛ وي أجمع الصحابة على تقديم عمان فى البيعة » مع أن
بعض أهل السنة كانوا قد اختلفوا فى عثان وعلى - رضى الله عنهما -
بعد اتفاقهم عل تقددم أى بكر وعمر أبيما أفضل » فقدم قوم عيان
وسكتوا وأربعوا بعلى » وقدم قوم عليا » وقوم توقفوا » لكن استقر أمر
أهل السنة على تقديم عمان وإن كانت هذه المسألة ليست من الأصول
التى يضلل المخالف فيها عند جمهور أهل السنة » لكن المسألة التى يضلل
المخالف فيها هى « مسألة الخلافة 06 .
+ انظر :مجموع الفتاوى للإمام ابن تيمية (157/7) مطابع الرياض 1781 ه )١(
والرسالة التى بين أيدينا لأحد الأئمة الأعلام الذين طبقت شهرتهم
الآفاق ؛ وأنى الله عز وجل إلا أن يخلّد ذكرهم ؛ فيظل يعبق طوال
الزاخر ؛ فتلك الرسالة التى بين أيدينا للإمام أحمد بن عبا. الحليم بن تيمية
والدانى .
أخطر القضايا التى كبس على الجهال فى دينهم » وهى قضية التفضيل بين
الصحابة وبالأحرى والدقة التفضيل بين الخلفاء الراشدين .
يضلل المخالف بها ؛ ولكن الروافض والنواصب وغيرهم قد خاضوا فيا بما
ليس لهم من علم » فمنهم من أراد أن يصل بتفضيل علىّ بن ألى طالب
ومنهم من ناصب الإمام علىّ العداء والكره » وأرادوا الحط من
فرد الإمام ابن تيمية فى هذه الرسالة علييم » سواءٌ كانوا مغالين فى
حب على ؛ أو مغالين فى كراهيتهم له .
فتتاول الإمام - رحمه الله - ما يجب أن يعلمه المفضل من أصول
وأساسيات فى هذا الشأن ؛ ثم تكلم عن فضائل الصديق أى بكر ء وأن
وتناول شرح حديث « أنت منى وأنا منك » الذى قاله فى على
حديث « أنت منى نزلة هارون من مومى » فقد بين الإمام ابن تيمية -
رحمه الله - أن هذا التشبيه ليس تشبيها مطلقا » وإنما أراد الرسول مسح
وفيها أيضا شرح لحديث « من كنت مولاه فعل مولاه 4 » وأكاد
أن الحق لا يدور مع أحد » وأنه ( أى على ) ليس معصوما بل إنه قد أفتى
يفتاوى خالفه فيها الصحابة وجاءت السنة النبويةيما يخالف فتوى على ٠
وحده وقد ساق هذا كله سياقًا عقلانيًا مدعمًا بالدلائل والبراهين
وأخيرًا أترككم مع صفحات هذه الرسالة داعيا الله بالتوفيق
والسداد لنا ولجميع المسلمين .
ترجمة المصنف
هو أحمد بن عبد الحلم ب عبد السلام بن عبد الله ب بن ألى القاسم
ابن تيمية الحرّانى ؛ ثم الدمشقى » الحنبل » تقى الدين » أبو العباس بن
شهاب الدين بن مجد الدين .
ولد فى عاشر ربيع الأول سنة 131 ه ران ؛ ثم تحول به أبوه
من حران سنة /451 ها » فسمع من ابن عبد الداتم » والقاسم الإريل ©
ولاسج بن علان وابن أنى عمرو الفخر وآخرين ؛ وقرأ بنفسه ونسخ
سنن أنى داود » وحصل الأجزاء + ونظر فى الرجال والعلل ؛ وتفقه 6
ونيز » وتقدم ؛ وصنف + ودرس » وأفتى » وفاق الأقران ؛ وصار
عجبًا فد سرعة الاستحضار » وقوة الجنان » والتوسع فى المعقول
والمنقول .
عبدان» والشيخ شمس الدين الحنبلى » والشيخ شمس الدين بن عطاء
الحنفى + والشيخ جمال الدين ابن الصيرق + ومجد الدين بن عساكر +
والشيخ جمال الدين البغدادى » والتجيب بن المقداد وابن أنى الخيرء
وابن علان + وابن أنى بكر اليهودى » والكمال عبد الرنحيم + والفخر على
وابن شيبان؛ والشرف بن القواس ؛ وزينب بنت مكى ؛ وخلق كير .
قرأ ابن تيمية بنفسه الكثير » وطلب الحديث وكتب الطباق
ثم اشتغل بالعلوم » وكان ذكيا كثير المحفوظ فصار إمامًا فى
العلماء عالمّا فى الأصول والفروع والنحو واللغة وغير ذلك جو العليم
النقلية والعقلية » وما قطع فى مجلس ولا تكلم معه فاضل فى فن من
متضلعا من ذلك » وله تصانيف كثيرة وتعاليق مفيدة فى الأصول
والفروع ٠
طُلِبَ إلى مصر » من أجل فنوى أفتى بها ؛ فقصدها ؛ فتعصب
فسافر إلى دمشق سنة 7/17 ه ء واعتقل بها سنة ٠ه وأطلق ثم
أعيد . ومات معتقلا بقلعة دمشق .
ثناء العلماء عليه :
لقد أثنى عليه وعلى علومه وفضائله جماعة من علماء عصره مثل
القاضى الخولى » واين دقيق العيد » وابن النحاس » والقاضى الحتفى
يقول ابن الزملكانى فيه : « اجتمعت فيه شروط الاجتهاد على
وجهها ؛ وأن له اليد الطولى فى حسن التصنيف وجودة العبارة والترتيب
والتقسيم والتدين » وكتب على تصنيف له هذه الأبيات :
هو احجة الله قاهرة هو بيننا أعجوبة الدهرٍ
وقال جمال الدين السرمرى فى أماليه : ١ ومن عجائب ما وقع فى
الحفظ من أهل زماننا » أن ابن تيمية كان يمر بالكتاب مطالعة مرة +
وقال الأقشهرى فى رحلته فى حت ابن تيمية : ١ بارع فى الفقه
والأصلين » والفرائض والحساب وفنون أحخر » وما من فن إلا له فيه يد
طول » وقلمه ولسانه متقاربان » أه .
وقال أبو الفتح اليعمرى فى ترجمة ابن تيمية : ٠ أدرك من العلوم
حظا » وكاد يستوعب السنن والآثار حفظاً حفظاً » إن تكلم فى التفسير فهو
حامل رايته » أو أفتى فى الفقه فهو مدرك غايته ؛ أو ذاكر فى الحديث
فهو حامل علمه » وذو روايته » أو حاضر بالملل والشحل لم ير أوسع من
التفسير فيحضر مجلسه الجم الغفير ؛ ويردون من بحره العذب الفيرء
يرتعون من ربع فضله فى روضة وغدير » أه .
والفقه ؛ وناظر واستدل وهو دون البلوغ » وبرع فى العلم والتفسير »
وأفتى ودرس وهو دون العشرين ؛ وصنف التصانيف ؛ وصار من كبار
العلماء فى حياة شيوخه » وتصائيفه نحو أربعة آلاف كراسة
وأكثر » اه .
مدحه بأبيات ذكر أنه نظمها بديها وأنشده إياها :
حير تسزيل من ذهرة حيرا
قام ابن تيمية فى نصر شرعنا
وأظهر الحق إِذْ آثاره اندرست
كنا نحدث عن صير مجىء با
داع إل الله قرد ماله وزر
البرية نور دونه القمر
بحر تقاذف من أمواجه الدرر
مقام بيد تم إذ عصت مضر
ثم دار بينهما كلام ( بين ابن تب ِ
سيبويه فأغلظ ابن تيمية القول فى سيبويه
وأنى حيان ) فجرى ذكر
توق الإمام ة فى سحر ليلة الاثنين العشرين من ذى القعدة
سنة ثمان وعشرين وسبعمائة 1/1/8 ها .
وعن عبد الله بن أحمد بن حبل قال : سمعت أى يقول لى :
« قولوا لأهل البدع بيننا وبيتكم الجنائز »
ولا شك أن جنازة أحمد بن حنبل كانت هائلة عظيمة بسبب كثرة
جمعهم سلطان قاهر ء وديوان حاصر » لا بلغوا هذه الكثرة التى
هذا مع أن الرجل مات بالقلعة محبوسًا بأمر مِن السلطان ؛ وكثير
من الفقهاء يذكرون عنه للناس أشياء كثيرة مما ينفر منها طباع أهل
الأديان » فضلًا عن أهل الإسلام » وهذه كانت جنازته !
ذلك هو الإمام شيخ الإسلام إمام أهل السنة فى عصره ابن تيمية +
الذى أضحت كلماته المشهورة تتردد أصداؤها عبر السنين :
من بلدى سياحة 4 .
وكان يقول فى سجنه : «المحبوس من حبس قلبه عن ربه +
والأسور من أسره هواه » . فرحمة الله عليه » وعلى عباد الله الذين
اصطفى » رحمة دائمة موصولة إلى يوم الدين ..