أجازوه» فتراه يروي الحديث مسنداً من عدة طرق» فيروي عن البخاري من ثلاث
وأحمد بن حنبل وابن ماجة وابن حبان والإمام مالك من طريق واحدة؛ كما جاء في
مقدمة كتابه محاضرة الأبرار ومسامرة الأخيار؛ وسمع كثيراً من فقهاء زمانه وقرأ
عليهم كتب الفقه والفنون والعلوم» ذكر ذلك مع أسماء من قرأ عليهم في إجازته
ومائتين مؤلفاً. وله عدة تفاسير للقرآن. منها الجمع والتفصيل في أسرار التنزيل»
والتفسير الكبير ؛ وإيجاز البيان في الترجمة عن القرآذ وغيرهاء فقدت جميعها. وأما
التفسير المتسوب إليه» المطبوع والمتداول في الأسواق» فليس له. وإنما هو لعبد
الرزاق الكاشاني المتوفى عام 190 ه؛ ونسخة محمود باشا بالمكتبة السلييانية رقم
18-١7 تحمل خاتم المؤلف عبد الرزاق الكاشاني . وللشيخ الأكبر رضي الله عنه
في الحديث. كتاب المصباح في الجمع بين الصحاح»؛ واختصار مسلم واختصار
البخاري واختصار الترمذي؛ وله في الفقه والأحكام الشرعية كتاب المحجة
البيضاء'" واختصار المحلى للإمام ابن حزم الظاهري» وقد يكون هذا هو الذي دعى
)١( كتاب المحجة البيضاء من مخطوطات مكتبة الصدر القونوي» وهو موجود في مكتبة يوسف
مكة عام 108 ها
الشيخ الأكبر
لم يذكر الشيخ في كتبه المعتمدة كتاباً بهذا الاسم» ولكن ورد اسم هذا الكتاب في كل من
الفهرس والإجازة» المنسوبتين للشيخ الأكبر؛ وكلاهما لا يثبت بالتحقيق العلمي نسبته إليه؛
وبمراجعة هذه النسخة الخطية» نرى أنها السفر الثاني من كتاب المحجة البيضاء وهي في
ركن الصلاة وتحتوي على خسائة وثمان وعشرين مسألة في الصلاة؛ على جميع مذاهب
وأقوال علماء أهمل السنةء مع أدلتها من الأحاديث النبوية» مخرجة بأسانيدها ودرجتها
وأحوال رجالهاء وهو كتاب يندر مثله؛ ولكن بالتحقيق العلمي فإله لا يصح نسبة هذا
علب
هذا الكتاب» وذهب بعض العلماء المتأخرين إلى نسبته إلى المذهب الظاهري عموماً»
كما ورد في رسالة العالم الفاضل المرحوم جمال الدين القاسمي» في رسالته أصول
الفقه المطبوعة في بيروت عام 174 هه» ولم يتوغل السادة العلماء في دراسة مذهب
الفتوحات المكية الثابت نسبتها إلى الشيخ الأكب حيث بدا كتابتها عام 048 ه واستمر في
يتعارض تأليفه مع ما جاء في الفتوحات الجزء الأول ص 774 ص 388 (راجع هامش
كما يستحيل أن يدون الشيخ ابن العربي بيده وهو مرجع الصوفية في زمانه - أنه زار قبر اي
القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري رحمه الله عام 6050 ه بالحجون بمكة» كما جاء في
الصفحة ١87 من كتاب المحجة البيضاء» في باب (مسح الحصى في الصلاة) وأنه في جماعة
الذي يستشهد به في الفتوحات ثماني عشرة مرة» وفي كتاب مواقع النجوم ؛ وفي رسالة ريح
القدس مات ودفن في نيسابور. كما أننا وجدنا أن الشيخ يذكر واحداً ممن حضر معه هذه
الزيارة؛ اصمه أبو بكر محمد بن عبد الله بن العربي المعافري» ولا شك أنه غير القافي أي
بكر ابن العربي الذي توفي قبل ولادة الشيخ الأكبب وذكر مراراً في كتاب المحجة البيضاء»
وبالتحقيق لم نجد أن الشيخ قد ذكر شخصاً ممن لقيهم» يوافق اسمه اسم القاضي أب بكر
كما أن هناك آراء فقهية كشيرة في هذا الكتاب تخالف آراء الشيخ الفقهية الثابتة عنه في
الفتوحات المكية.
الشيخ الأكبر؟!!
تتبعوا المعاني والنصوص التي شرحها الشيخ في مفهوم الظاهر عنده. لعلموا أنه يعني
«بالظاهر» كل مذهب فقهي يحمل اللفظ على معنى من معانيه الواردة في اللغة»
وعدم التأويل الذي يخرج اللفظ عما يحتمله من المعنى في لغة العرب أو ما نص عليه
الشارع» أي أن الظاهر عند الشيخ هو على العكس والضد من مفهوم الباطنية»
ولوجدوا أن الشيخ وافق المذهب الحنفي والمالكي والشافعي والحنبلي في جوانب
ومسائل من أصول الفقه وفروعه, وخالفهم في أخرى مثل ما خالف بعضهم بعضاً
في اجتهاداتهم » كما أنه واذق الظاهرية في بعض الأصول والفروع وخالفهم في بعضها
الآخر . مثال ذلك» أنه وافق الظاهرية في عدم جعل القياس أصلًا من أصول الفقه»
وخالفهم في انتقادهم من جعل القياس أصالّ من أصول الفقه في المذاهب الأخرى
كما خالفهم في تعارض الآية من القرآن مع خبر الواحد الصحيح » فإن الخبر عنده
مظئون الدلالة» وفي أصول الظاهرية على اليقين والقطع ؛ فإن الألفاظ الظاهرة عند
الشيخ لا تعتبر نصاً ولو كانت متواترة» فإنها تحمل معاني متعددة ما يعرف الناظر
قصد المتكلم بها متهاء كما تجده في باب الأصول من هذا الكتاب» والظاهرية لا تقول
با ذهب إليه الشيخ من مراعاة المقاصد الشرعية'"؛ ولا أن القول بالمفهوم ضعيف
الصلاة عليه وهذا في غاية الوضوح من عدم الوقوف مع جود ظاهر النص» فإن
الحديث الوارد فيمن قتل نفسه جاء بكلمة «خالداً مخلداً في النار» وعند الشيخ أن
هذا الحديث إنما هو للزجر ؛ وهذا لا يقول به الظاهري .
ولهذا فقد قمت بمقار: مذهب الشيخ الأكبر رضي الله عنه؛ وبين
468 الفتوحات ح؛ ص )١(
مذهب الإمام ابن حزم الظاهري. أثبت الخلاف بينهيا في الأصول والفروع على
هامش الكتاب؛ كما أثبت موافقة الشيخ من سبقه من الفقهاء من مخالفي الظاهرية
ف بعض المسائل» مثل إمامة المرأة على الإطلاق في الصلاة. وأثبت موافقة الإمام
ابن تيمية للشيخ الأكبر في بعض الأحكام التي اجتهد فيها الشيخ» مثل إحرام المكي
للعمرة من بيته ومنزله .
ولما كان الشيخ الأكبر رضي اله عنه من المتأخرين » حيث توفي غام 178 ه ء
وحصل الكثير من علوم الكسب كما ذكر عن نفسه ؛ على شيوخ وعلماء عصره» حتى
أشار إلى أنه أطلع على كل مسئلة فقهية بمج بجميع ما قيل فيها حتى زمانه؛ مع أدلة
القائلين بها" وتيسر له علم الصحيح منها من غيره؛ وزاد عل هذا العلم الكسي
ما مئحه الله من العلم عن طريق التعمل بالتقوى؛ ؛ إضافة إلى ما مَنّ الله به عليه من
العلم الوهبي اللدني» فهو رضي الله عنه يعتبر مرجحاً في الأقوال الفقهية بالنسبة
النصوص ل يُسْبَق إليها؛ مثل ما تراه عن قوله في الاجتهاد والقياس والنسخ» هذا
في أصول الفقه؛ وأما في الفروع فمثل قوله في الماء تخالطه النجاسة ول تغير أحد
أوصافه؛ وقوله في وقت فطر الصائم» وقوله في العمرة للمكي» وقوله في جزاء
الصيد للمحرم وفي الحرم» وسيجد القارىء الكريم أن مذهب الشيخ رضي الله عنه
هو مذهب التيسير على الأمة؛ فما من رخصة يقول بها الشارع إلا وهو يثبتها في
موضعهاء ولا يوجد أمران في الشرع إلا اختار أيسرهماء توسعة عل الأمة ورفعاً
الل هذا الكتاب خمسة أجزاء» الأول منها المدخل» والثاني في أصول
الفقه. والثالث في التوحيد والعقيدة والرابع في العبادات؛ والخامس في الأحكام»
أثبت فيها كل ما وقفت عليه من آراء الشيخ الفقهية في جميع كتبه التي بين أيديناء
فأرجو الله تعالى أن يجد أهل العلم وطلابه في هذا الكتاب» ما يعينهم على التفقه في
والله يقول الحق وهو يهدي السبيل .
الموافق لا نيسان 1481 م صاب اا
نسبوني إلى ابن حزم وإني لست ثمن يقول قال ابن حزم
لا ولا غيره فإن مقالي قال نص الكتاب ذلك علمي
أو يقول الرسول أو أجمع الخلق على ما أقول ذلك حكمي
(الديوان/ 47) حي الدين ابن العري
الجزء الأول
نظرت في كون من قالت إرادته إذا توجه للأشياء كن فيكون
فخذ فديتك علا كنت تجهله وانظر إلى أصعب الأشياء كيف يهون
العلم أشرف نعت ناله بشر وصاحب العلم محفوظ عليه مصون
إن قام قام به أو راح راح به والحال والمال في حكم الزوال يكون
جلالاك ادي
وبه نستعين
حاجة النفس إلى العلم:
اعلم أن حاجة النفس إلى العلم أعظم من حاجة المزاج إلى القوت الذي يصلحه؛
والعلم علمان: علم يحتاج منه مثل ما يحتاج من القوت» فينبغي الاقتصاد فيه والاقتصار
الوقت» فإنَّ تعلق حكمها إنما هو الأفعال الواقعة في الدنياء فلا تاخذ منها إلا قدر عملك»
والآخر هو ما لا حد له يوقف عنده؛ وهو العلم المتعلق بالله ومواطن القيامة؛ فإ العلم
بمواطن القيامة يؤدي العالم بها إلى الاستعداد لكل موطن بما يليق به؛ لأن الحق بنفسه هو
المطالب في ذلك اليوم بارتفاع الحجب؛ وهويوم الفصل» فينبغي للإنسان العاقل أن يكوث
سلطان علمه . والله أضاف الأعمال إلينا» وعين لنا محالها وأمكنتها وأزمئتها وأحوالهاء وأمرنا
ملذة وأمور مؤلة دنيا وآخرة» فلا تأخذ من علم الأحكام إلا ما تعين عليك. واشتخل
بنفسك» وارغب في تحصيل العلم الذي يكون معك حيث كنت؛ علم التكليف هنا تتركه.
اعلم وفقك الله؛ أن الشريعة هي المحجة البيضاء. محجة السعداء؛ وطريق
السعادة. من مشى عليها نجاء ومن تركها هلك » قال رسول الله كَيْةٍ لما نزل عليه قوله تعالى
إفتفرق بكم عن سبيله» وأشار إلى الخط المستقيم . فالشريعة وضعت الأسباب الفاضلة»
التي بفعل ما أمرت النفس بفعله» ويترك ما نهت عن فعله» وجبت السعادة وحصلت المحبة
الإلهية؛ وكان الح سمع العيد وبصره؛ ففصل الشارع للنفس جميع ما يرضيه منهاء وما
التي جاءت بها الرسل عن أمر اللهء والسئن التي ابتدعت على طريق القربة إلى الله كقوله
تعالى «إورهبانية ابتدعوها» وقال رسول الله في : من سن سئة حسنة ؛ فأجاز لنا ابتداع ما
واعلم أن الشريعة أتت بلسان ما تواطات عليه الأمة التي شرع الله لهاما شرع ؛ فمئه
ما كان عن طلب من الأمة؛ ومنه ما شرعه ابتداء من الأحكام .
إن الشريبعة حد ما له عوج | عليه أهل مقامات العلى درجوا