فنعمل بذلك على أن نحرر العقل الإسلامي من تلك الأغلال التي أحاطت به ونكشف
ا , ونظهر تميزه واختلافه عن كل الأديان التي أصابها التحريف أو
وعرضنا لهذه المسألة ليس من باب الترف الفكري, أو الانشغال بما لا ينفع, في
وقت تحيط بالأمة المشكلات والمعضلات, ويتربص بها أعداؤها الدوائر, وإنما هو
عامة البشر أوهامّهم! والتي نجح الشياطين في جذب الإنس إليها, وتعمية عيونهم
عن المعركة المستعرة.
يجب عليهم خوضها, حتى يتحقق لهم الانتصار في جولة وجولات من تلك
المعركة, وحتى لا يظلون يحاربون طواحين الهواء!!
ونأمل أن يصبح القارئ -بعد هذا الكتابد من الجنود الذين يشنون حرباً ضد
ولأن الوحي هو مبتدأ معرفة الإنسان بالكاننات الغير مرئية, ولأن الكتاب موجه
بالدرجة الأولى للقارئ المسلم, ثم لمن يريد أن يعرف عن الإسلام بشأن هذه
المسألة, فإن المحور الرئيس للكتاب سيكون كتاب الله العزيز: القرآن العظيم,
ليبصر القارئ الكريم بعينه, مواطن الاتفاق والاختلاف!
ولأن الكتاب العزيز خاطب العرب أولَ من خاطب, فإننا سنعرض لأساطير العرب
حول تلك الكائنات وموقفهم منها, لنبين كيف أن المفسرين قاموا بإسقاط الآيات
ومكانة خاصة, تتميز عن باقي الأساطير! وذلك لإدعائهم أن القرآن قد صدّق على
ما يقول العرب! فأصبحت أساطير العرب حقا وصدقا! أما ما عداها ف: حديث
خرافة يا أم عمرو!!
نعرض لهذه الخرافات لنبين أن القرآن منها براء, -كما هو من غيرهد ونتناول
السابقون, وعبد الجن بدون أن يدري أو يعلم!
وندعو القارئ الكريم لأن يصطحبنا في تلك الرحلة لفك اشتباك تلك الخيوط,
وللتعرف على ذلك العالم الذي كشفه القرآن لنا, للفرار من شراك عبادة الجن,
والثبات على عبادة الله وحده!
نعرض لهذه المسألة ونعرف أنها ستجلب علينا من المشاكل والاتهامات الكثير,
في يوم الدين.
نعرف أن القارئ قد يستغرب ويستنكر, وربما يرفض ... بدون برهان, إلا مخالفة
ما نقول لما هو عليه! ونحن لا نتعجل أن يغير القارئ ما يعده من المسلّمات, إلا
أننا على يقين أنه سيفعل في يوم من الأيام ... إن هو تفكر!
وكعادتنا نقول لمن يرفض قولنا: سل نفسك, أين موطن الخلل؟ وما هو سبب
العبد الفقير إلى عفو ربه:
عمرو الشاعر
الباب الأول
تصور
الجنة قبل الإسلام
الفصل الأول
في الحضارات القديمة
من الأمور المجمع عليها بين الحضارات المختلفة, وجود كائنات غير مرئية,
أرادت هي ذلك! فتتجسد لتُظهر نفسها له , وقد تظهر على حالتها "الشبحية" بدون
ويرجع اختلاف الأمم في تصوراتها لتلك الكائنات بالدرجة الأولى إلى اختلاف
وفي الأساطير! فهما المصدر الرئيس الذي يستقي الإنسان منه تخيله لتلك
هو الآخر الذي يحكي عنها وأنت تسمع منه, بينما لا يحدث مرة واحدة أن تراها
أنت بنفسك... إلا في وسائل الإعلام المرئية.
((ع1060100010)؛ ويعني علم الأرواح؛ وهو يدرس الأرواح والمعتقدات
المتعلقة بها. وتوجد كلّيات عديدة في العالم الغربي تقدم هذا العلم كتخصص من
بين تخصصاتها, بل وتوجد مجلات دورية تصدر بهذا الشأن.
وعلى الرغم من أن وسائل الإعلام المرئية قد وجدت في الأساطير والخرافات
والأساطير المكتوبة والمسموعة إلى مادة قابلة للمشاهدة, مع كثيرٍ من عناصر
الإبهار البصري!
في زماننا هذا, إلا أنها كلها تعد تقليداً ومحاكاة للأساطير القديمة وإضافة لبعض
العناصر إليهار ليس أكثر.
فالمشاهد ينظر إلى المادة المعروضة على أنها أسطورة وخرافة للتسلية والإرعاب
ليس أكثر ولا أقل, ومن ثم لا ترسخ في وجدانه, بينما يختلف الحال كثيرا مع
الأساطير المأخوذة من الأجداد والواردة في الكتب المقدسة, فلها كل الإجلال
والتقدير والتصديق!
والعجب كل العجب أنك تجد بعض الأمم تسخر وتعجب من أساطير وخرافات
الآخرين! على الرغم من أن لديهم من الخرافات ما يماثلها أو يزيد عليها! إلا أنهم
والناظر في الأساطير الموجودة عند الشعوب يجدها تدور في فلك نوعين اثنين:
بد كائنات غير مرئية, والتي هي محور حديثنا, وتصنف هذه الكائنات أصنافاً
سمأعهامن الوحيا
ويمكن القول أنه -على الرغم من اختلاف الأصناف- يمكن جمعها في صنفين
والمشكلة التي أصبحنا نواجهها في عصرنا هذا, هي تحول تلك "السمعيات" إلى
"مر فبعد أن كان الخيال يسبح وينطلق في تخيل تلك الكائنات الشفافة, تلك
من أبرز النقاط الملحوظة بشأن الكائنات السماعية, سواء كانت غير 1
فنجد أن الملائكة يُصوّرون على هينة بشر من نور, غاية في الرقة والجمال , لهم
أجنحة. .. طيور! وقد يُصورون على هيئة أطفال صغار, ذوي أجنحة!
بينما يُصور الجن بشكل بشر من نار, ليس له أرجل , وذلك لأنه يطير فلا يحتاج
إليها! وقد ينتهي بأرجل حيوانية!!
ونجد أن الشياطين كذلك مثلٌ البشر, إلا أنها قبيحةٌ ولها قرون في رؤوسها وذيول
فوق مؤخرتها, كما أنها مكسوة بشعر كثيف يجعلها أقرب إلى القرود!
ولا يختلف الحال بالنسبة للكائنات المتحولة, فهي في الأصل كانت بشراً أو هي
من البشر والحصان "القنطور" ... وغير ذلك!
ولا يقتصر التشابه بين البشر وتلك الكائنات على المظهر الخارجي, وإنما يتعداه
يمكن القول أن هذه المجتمعات انعكاس للمجتمعات البشرية في قوالب غير
ويعلق فارس خضر على مسألة تشابه عوالم الكائنات الغير مرئية مع عالم
المتخيلين له, فيقول:
المدهش أن العوالم المتخيّلة لهذه الجماعة الشعبية, ما هي إلا انعكاس لنظامها
الاجتماعي, وتكاد تتطابق تفاصيلها مع واقعها المعيش, مع تحويرات طفيفة:
أفراداً يماثلون أفرادها, غير أنهم يملكون قوى خارقة, ويعيشون حياة خالدة, ليست
أم لأن هذا هو الشكل الوحيد الممكن للكائنات العاقلة, والإمكانية الوحيدة للحياة؟!
ومن ثم فإن أي حياة ستخلق في يوم من الأيام ستكون مشابهة لنا!
كما أننا رأينا أن الله تعالي يوجد كل كائن على الهيئة المناسبة له, والتي يحتاجها
على غير حاجة؟!! تعالى الله عن العبث_
أرباب وشياطين
ولأن الملائكة ستمثل المحور الرئيس عند حديثنا عن الجن في القرآن, فلن نعرض
بتناول الكائنات الغير المرئية الأخرى في الحضارات القديمة, والتي يمكن تقسيمها
إلى أرباب وشياطين!
ناهيك عن أن مصدر تلك الشياطين يرجع في الأعم الغالب إلى الأرباب نفسها!
وإذا ذُكرت الشياطين فإن الذهن ينصرف مباشرة إلى رأس الشر ورمزه الأكبر
"الشيطان", ثم إلى الشياطين, وعلى الرغم من أن "الشيطان" بسماته المتعارف
© فارس خضر, العذات السّعبية بين السحر والجن والشرافة, صن 7
سيادة وسائل الإعلام الغربية, والمتأثرة كلية بالتراث المسيحي جسّدت للبشرية
قاطبة تصورها حول الشيطان ودوره في الحياة, ومن ثم أصبح له الزعامة
الروحية على كل الأرواح والكائنات الشريرة في مختلف أنحاء العالم, وإن لم يكن
له ظهور في التراث القديم!
ما هي علة وجود تلك الكائنات الشريرة؟!
ولمّا كان التوحيد غير متأصل في كثير/بعض الأمم السابقة, وكانت تؤمن بوجود
الصراعات, ومن ثم ظهرت هذه الكائنات كآلهة شريرةة, ومن ثم فلم يتعب القدماء
أنفسهم في تعليل وجود هذه الكائنات الشريرة, لأنه سيكون من ضروب العبث,
وعلى الرغم من اختلاف الأسماء بين الحضارات القديمة, إلا أن المسمى يظل
واحدا, يمكن إدراجه تحت اسم الشياطين أو الأرواح الشريرة, مع الأخذ في
الاعتبار ألا ننظر إليها ككائنات مخلوقة مكلفة مثلنا تبعا للتصور المألوف عند
في الحضارة المصرية القديمة
الملائكة السقطة) ولا يعني هنا ذا لعي انحراف هم المجقصمات أو تتشي الشراك يها ولكن هذا قريب هما يله الصوفيا,فهم
والجمال, وخالق كل الصناعات, و "رع" إله الشمس ... الخ
وغالبا ما اتخذت هذه الآلهة أشكال حيوانات, أو خليط من بشر وحيوانات!
حيّرت المترجمين المتعاملين معها, وفي هذا يقول خزعل الماجدي:.
2 الإله روح
أي من الكائنات, وكانت هذه الكلمة تعني القوة أو الطاقة التي تفوق قوة البشر أو
الخارقة للطبيعة, أما رمزها الهيروغليفي فكان عبارة عن صورة فأس برأس
متجهة إلى اليسار ( | ٠ ٠
وقد حيّر العلماء تفسير معنى هذا الرمز ومصدره, فقد رأى البعض أن هذا الرمز
يعود للعصور الحجرية حيث استخدم كدال على القوة, حين كانت الفأس أداة للصيد
مراسيم التضحية والقرابين في تلك العصور*" ١.ه
ويرى الدكتور نديم السيار, صاحب كتاب: "قدماء المصريين أول الموحدين" أن
كان من الأدق اختيار كلمة ', ولو اختيرت هذه الكلمة لاختلف الوضع كثيرا,
فلا يوجد أي مانع أ ؛آ من وجود أرباب عديدة, المهم ألا تتخذ هذه الأرباب من
دون الله, وألا آلهة!
فلأب رب الأسرة, والعزيز كان رب سيدنا يوسف, ونحن -المسلمين- نتقبل ونقر
ولو قلنا أن ملائكة الرياح هي أرباب الرياح لما كان هناك أي حرج, ونفس ما
شيء في الكون, ومن ثم قدموا تلك التماثيل والصور التي نراها في المعابد
وبغض النظر عن كونها "أربابا" أم آلهة, فلقد آمن المصريون القدماء بوجودها
وبسبب إيمانهم هذا ظهر السحر وعم في الحضارة المصرية القديمة, وأصبح
للكاهن الساحر دورا عظيما في المجتمع, فهو يقوم بأدوار عدة, فهو رجل الدين
وياجاً إليه الناس ليشفيهم أو ليحميهم من أن تعرض لهم الأرواح الشريرة, التي
تعمل على إيذاء البشر!
وتعرض حليمة خالد نموذجاً من نماذج التأثر بهذا الإيمان فتقول:
"وقد نسب المصريون الأمراض إلى تلك الأرواح الشريرة التي تتسلط بقواها
أمامها, وتخرج من الجسم فيشفى المريض, وكان ذلك من وظيفة الساحر, إذ يُنظر
بالأمر, كأن يقول لها: اخرجي يا كاشرة.. أو بادعاء عدم الإذعان للروح الضارة,
اختفي أيْتها الميتة, فالمرض هو تقمص الشيطان للجسم, وعلاجه تلاوة الرقي,
وقد استخدم المصريون التمائم ذات اللون الأزرق, لطرد الأرواح الشريرة
وأشهر الكائنات أو الآلهة الشريرة في الحضارة المصرية القديمة هو الرب
"فاتخذ صورة مخلوق غريب أنيق له جسم كلب الصيد, وذنب طويل متصلب
مستقيمتان. وقد تقدمت عدة مقترحات عن شخصيته, هل هو خنز خنزير أم حمار أم
زراف أم كلب أم آكل نمل أم أوكابيآ!" ار
وهناك من يرى أن ست هذا هو تجسيد الشيطان في الحضارة المصرية القديمة,
"سيت" ب "شيط ان"
عند الكنعانيين
الفينيقية, تلك الحضارة التي نشأت في بلاد الشام منذ حوالي الألف الرابع قبل
الفارق غير كبير.
تميز أوزوريس بقه هو الرب الوحيد الذي أم يصور على هيئة
ان أو نصف حبوان, وإنماكان يصور دوما على هيئة إنسائر
أمين سائمة صن 186