حبسم 0
وفي هذه الرسالة حاولت تتبع الجذور الاعتقادية للأصولية النصرانية 0
وكيف تم تهويدها لصالح اليهود؛ وانعكاسات ذلك على الأمة المسلمة في هذا
سلوك الغرب إزاء قضايا المسلمين بعامة؛ وقضية فلّسطين بخاصة.
محمد إسماعيل المقدّم
الإسكندرية في؛ الجمعة 8 رجب 1488 ه
الموافق 1008/4/0م
(ه) انظر معنى «الأصولية النصرانية» بهامش (5) ص (13)
العداء التقليدي بين أهل الكتاب
كان النصارى يكرهون اليهود؛ ويُخضونهم» ويضطهدونهم طوال القرون
الماضية؛ حيث كانوا ينظرون إليهم على أنهم قتلة المسيح - حسب عقيدتهم
الباطلة وآنهم من أشد الطوائف التي قامت بتعذيب واضطهاد تلاميذ المسيح
ومنعتهم من دخولها مدة ثلاثة قرون» وأدركت فرنسا مكائدهم حتى اضطر
الويس التاسع عشرَ» لطردهم وحرق تلمودهم» وقال كلمته المشهورة - التي تمثل
بها «تابليون» -: «افضل حجة مع اليهودي أن تغرز ختجرك في معدتهة".
وكان العداء النصراني لليهود على أشده إبان الحملات الصليبية؛ فقد كان
المحاربون الصليبيون أول من بدا المذابح اليهودية؛ وهم في طريقهم إلى فلسطين.
وبعد استرجاع النصارى الاندلس في نهاية القرن الخامس عشر جرى طرد
اليهود مع المسلمين من أسبانيا؛ وأقام الأسبان محاكم تفتيش لليهود المتسترين
)100-148( انظر: «اليهود تاريخ إفساد وانحلال ودمار» للدكتور توفيق الواعي» ص )١(
1) انظر: «المسيح اليهودي ونهابة العالم» للصحافي رضا هلال ص(44١)؛ وهو بحث متميز حول
ظاهرة النصرانية السياسية والأصولية في أمريكا نشر مكتبة الشروق القاهرة 1471ه.
تنبيه: اعلم أن الصواب إطلاق لفظ «التصارى» وليس «المسيحيينة؛ وكذا «النصرانية» بدل «المسيحية؟»
وإن كنت غالبًا - أثبت اللفظين التزامًا بدقة النقل عن مصادر البحث» وانظر (ص :60-74
وحذر الرئيس الأمريكي «بنيامين فرانكلين» من الخطر اليهودي على الولايات
المتحدة في مؤتمر إعلان الدستور سنة (1784)» وكان مما قال: «إنني أحذركم
نقطت التحول
لقد ولدت في القرن السادس عشر الميلادي وجهة نظر جديدة عن الماضي
والحاضر اليهوديّن؛ وتحول تبعًا لذلك الموقف من اليهود نظريًا وعملياء إذ
قام ما يسمى لبخركة الإصلاح الديني» التي دعا إليها «مارتن لوثر» الذي تنظر
إليه الفرق البروتستانتية على أنه المصلح الذي قاد تلك الحركة في مواجهة البابوية
الكاثوليكية التي كانت تبيع صكوك الغفران.
لقد دعا «لوثر» النصارى إلى إجلال اليهود وتعظيمهم؛ وكان مما قال لهم:
«شاءت الروح القدس أن تنزل كل أسفار الكتاب المقدس للعالم عن طريق اليهود
وحدهم؛ إنهم الأطفال ونحن الضيوف الغرباء؛ وعلينا أن نرضى بان تكون
كالكلاب التي تأكل ما يتساقط من فتات أسيادهم اليهودا .
وقال لهم: «إن إعادة اليهود إلى أرض فلّسطين هو تحقيق للنبو. الواردة
بالكتاب المقدس تهِيدً لعودة المسيح إلى الأرض؛ وحكمه لها مدة ألف سنة من
القدس أرض ميعاد اليهود» .
)١( «اليهود تاريخ إفساد وانحلال ودمارة ص(1470)
(؟) «المنظمات اليهودية المسيحية» لاحمد تهامي سلطان لص :4)
بتخفك ااسسبب ها
لقد تنكر «لوثر» للاعتقاد الكاثوليكي حول اليهود» وروّج لفكرة أن اليهود
ومن هنا نشأ تعظيم النصارى لليهودء وبدأ ظهور ما يسمى بالحركات
الصهيونية المسيحية؛ وبدأ الاختراق الصهيوني للنصرانية؛ وبدأ النصارى
يعيدون تفسيراتهم للكتاب المقدس"' عندهم - ونصوصه باعتبار أن
اليهود «شعب الله المختار؛ وهم القديسون» قمن يباركهم يباركه الربء
وما لبث اللاهوت البروتستانتي تجاه اليهود أن انتشر في شمالي أوروباء ثم
انتقل إلى العالم الجديد (أمريكا)؛ بما تضمنه من الاعتقاد بالتفسير الحرفي
للنبوءات التوراتية؛ وبالإحياء القومي لشعب اليهود؛ وتحول الاعتقاد البروتستانتي
بالإحياء القومي لليهودء وقيام مملكة إسرائيل قبل المجيء الثاني للمسيح؛ إلى
حركة سياسية «مسيحية صهيونية» سبقت الحركة اليهودية - الصهيونية في الدعوة
إلى قيام وطن لليهود في فلسطين"".
)١( «لمسيح اليهودية (ص:144)
(1) وقد أهدرت الحركة البروتستانتية حى الكنيسة الكاثوليكية في احتكار تفسير نصوض الكتاب المقدس
عندهم»؛ مما فتح الباب للاختراق اليهودي عن طريق تفسير النصوص بصورة تروق اليهود؛ وتخدم
أهدافهم
(4) «المسيح اليهودي» (ص :145
وانظر تفاصيل ذلك في «حمى سنة ©1٠٠0 (صن:140-144): (ص :111-111
ظاهرة التراث «اليهو . مسيحي, ا مشترك
شهدت السياسة الأمريكية طيلة عقد التسعينيات ما أصبح يعرف بمسمى
«حزب اللها» وهو تعبير أطلقته مجلة «القرن المسبحي؟ 68010007 5180© على
تحالف الإيفانجيليين والحزب الجمهوري .
بيد أن صعود «حزب الله» (اليمين الإيفانجيلي والجمهوري) عبر الربع
الأخير من القرن العشرين؛ ارتبط بصعود ظاهرة اليهو - مسيحية - 100860
لاائهداهة0""» التي وجدت أساسها في مقولة التراث اليهودي - المسيحي» أي
تمائل القيم اليهودية والسيحية» التي تُرجمت في النهاية إلى: توافق القيم
من الإيمان البروتستانتي؛ كما أصبحت عودة اليهود كأمة إلى فلسطين تمثل
عصب الإيمان البروتستانتى المبنى على التوراة» إذ إن نبوءات التوراة
تتضمن أن
)١( ويكفي في الدلالة على طغيان هذا الاصطلاح على الساحة الثقافية الأمريكية؛ وعلى أن من حاد عنه
حملة إعلامية ضخمة انتهت بتصحيح الموقف على لسان «كارول كاميل» حاكم كارولينا .١ ليرد
لم يجرؤ أحد في الحزب الجمهوري على أن ينسى وضع كلمة «يهو» قبل #مسيحية» في سياق الكلام
عن التقاليد الأمريكية الاخلاقية والدينية؛ انظر: «المسيح اليهودي» (ص:177): بل وصف «جيري
المجيء الثاني للمسيح ليشملهم الخلاص في الألف عام السعيدة.
وهكذا فإن التراث اليهودي للنصرانية الأمريكية - كما يقول بول فندلي -
جعل الكثيرين من التصارى الأمريكيين يقرون بأن إنشاء دولة إسرائيل عام
8 جاء كتحصيل للنبوءات التوراتية» وأن الدولة اليهودية ستظل تلعب دور
مركزيًا في مخطط السماء والأرض +
قال القس «بات روبرتسون»: «إن إعادة مولد إسرائيل هي الإشارة الوحيدة
إلى أن العد التنازلي لنهاية الكون قد بداء وإن بقية نبوءات الكتاب الملقدس
أخذت تتحقق بسرعة مع مولد إسراثيل».
ويعتبر «روبرتسون» عودة القدس إلى اليهود «أهم حدث تنبؤي في تاريخناء
وأن زمان غير اليهود قد قارب على النهاية»"".
وجاء انتصار الدولة اللقيطة في حرب يونيو 1437”"» واحتلال القدس»
ليمثل عند النصارى الأمريكيين تأكيدً لنبوءات التوراة وقرب مجيء المسيح +
)١( «المسيح اليهودي ونهاية العالم؛ ص(16).
(©) لان النصارى ادعوا أن احتلال القدس عام 37 اعظم دليل على أن التوراة حق؛ لأنها أخبرت عن
بل إن الأمريكيين باعشبارهم أنفسَّهم «الشعب المختار الجديد"”
استعادوا حكايات وبطولات التوراة في أدوار معاصرة في أمريكا «أرض
الميعاد الجديدة»"".
ولحقت الكاثوليكية بالبروتستانتية؛ حيث تحولت هي الأخرى إلى انصرانية
صهيونية» سرت لخدمة تاكيد شرعية الدولة اللقيطة» واحتلالها للقدس
والاراضي الإسلامية"" حيث اعترف الفاتيكان بالكيان اليهودي عام 87» ونظم
مؤمرًا في أكتوبر 47 لمناقشة وثيقة رسمية عنوانها: «جذور معاداة اليهود في
الوسط المسيبحي»؛ وقد دعا هذا المؤتمر إلى مراجعة وتعديل بعض النصوص
الدينية في «العهد الجديد»؛ وتعديل إِنجيلي «متى» وابولس» لإنصاف اليهود»
كما أكد المؤتمر على أن النصارى واليهود يتقاسمون الاعتقاد بالإله «يهوه» الإله
اليهودي» وبأن المسيح والحوارب
)8( «السيح اليهودي ونهاية العالم» ص )١(
)١( وفي هذا يقول اللاهوتي السياسي «روساس راشدوني»: «إن الشعب الأمريكي هو الشعب المختار
إنهم طبقوا أسلوب مطاردة وإبادة الهنود الحمر اقتداٌ بمطاردة العبرانين القدماء للكنعانين في أرض
فلسطين
() انظر: «المسيح اليهودي» (ص :4-177 17).
دفي خطاب «كارتر» أمام الكنيست في مارس 14774 قال الرئيس الأمريكي
الأسبق: «إننا نتقاسم معَّا ميراث التوراة» وأعلن في بيانه الانتخابي في العام
نفسه: «أن تأمين إسرائيل المعاصرة هو تحقيق للنبوءات التوراتيةه”".
دفي كتابها «النبوءة والسياسة» تقول الباحثة الأمريكية «جريس هالسل»: «إن
اليمين المسيحي كان مستعدًاء بل راغبًا بكل قوة في إشعال حرب نووية من أجل
اليهودي والنصراني من جهة؛ وتديين السياسة الأمريكية من جهة أخرى؛ تلك
الكلمات التي أراحت اللشام عن التفسير الحقيقي للتدعيم الأعمى الذي تلقاء
لقد كان الصراع محتدمًا ما بين المسيحية والإسلام منذ القرون الوسطى؛
وهو مستمر حتى هذه اللحظة بصور مختلفة؛ ومنذ قرن ونصف خضع الإسلام
لسيطرة الغرب؛ وخضع التراث الإسلامي للتراث المسيحي.
إن الظروف التاريخية تؤكد أن أمريكا هي جزء مكمل للعالم الغربي:
فلسفته»؛ وعقيدته؛ ونظامه؛ وذلك يجعلها تقف معادية للعالم الشرقي الإسلامي
() رئيس قسم التخطيط في وزارة الخارجية الأمريكية؛ ومساعد وزبر الخارجية الامريكية؛ ومستشار
انما
الموقف في الصف المعادي للإسلام وإلى جانب العالم الغربي والدولة
وقال المستشار الأمريكي السابق للأمن القومي «بريجنسكي»: «إن على
العرب أن يفهموا أن العلاقات الأمريكية الإسرائيلية لا يمكن أن تكون متوازنة مع
العلاقات العربية» لأن العلاقات الأمريكية الإسرائيلية علاقات مبنية على التراث
المقدسة عندهم نصب أعينهم عند رسم الخطط والسياسات الاستراتيجية؛ وأن
يكون لهم دور في صنع الأحداث القادمة؛ وآلا يتركوا الأحداث للأقدار» بل
يجب أن يعجلوا بها حثى يسرع المسيح في العودة لإنقاذ شعب الله المختار اليهود
في زعمهم ويقيم المملكة الإلهية على الأرض» فينشر السلام والأمن والرخاء".
837: «معركة المصيرة (ص )١(
() دقبل أن يهدم الأقصى» (ص:110)