وبنموذج قدوة إنما هو محاولة لا تُنكر فائدتها. أما نحن فقد سعينا أن نعمل
شيئاً آخر ولم نعنّ بتحليل بعض هذه المذاهب السياسية بالتفصيل بقدرما
اهتممنا بتحديد موقعها في عصر ما وفي مجتمع معيّن.
وبالتالي يراعي كتابنا التاريخ الزمني للأحداث على وجه الإجمال.
ونحن قد عدلنا عن إنشاء تصنيف في نماذج للمذاهب وعن اتباع مخطط قائم
تيارات الفكر المتعارضة في الظاهر
ولقد كانت عنايتنا بالدراسة المفصلة ل«روح القوانين» أو «العقد الاجتماعي»
أقل منها في أن نبين - على الأقل أن نوحي ب: أن «روح القوانين» لا يعبر عن
كامل فكر مونتسكيو أكثر مما يعبر «العقد الاجتماعي» عن كامل فكر روسو -
وأن عمل المؤلف يجب أن يُدرس في جملته؛
2- وأن عملي مونتسكيو وروسو هما أبعد جداً من أن يلخصا الأفكار
السياسية لفرنسا في القرن الثامن عشر: فهما من نواح عدة على امش
التي تعبر عن نفسها في مؤلفات فولتير وديدور وهيرم وفرانكلين إل
وفي الواقع إنني أخشى أن يظهر هذا الكتاب وَغْراً بنظر طلاب الإجازة
في الحقوق وأن يبدو موجزاً بنظر المؤرخين المتفرغين لدراسة حقبة معينة.
يكن من غير المفيد أن نشعر الطلاب بأنه لا يمكن تقليص تعقد التاريخ إلى
بعض المؤلفين أو على بعض الآثار الفكرية - وأن الأشياء في النهاية ليست
نذكر عددا كبيراً من المؤلفين» تحدثنا عنهم في أغلب الأحيان بإيجاز مفرط»
وكان هذا الإيجاز قمنا به أكثر ظهوراً وإزعاجاً مما لو اقتصرناء عن عمد
على بعض الأسماء الكبيرة جداً. ومن جهة أخرى» يُظهر كتابنا ثغرات كبيرة:
إذ لااشيء فيه عن الأفكار السياسية في العصر القديم قبل ١
أفكار متفرقة عن إسبانيا وإيطالياء ولا شيء عن أوروبا الوسطى؛ وهناك بضع
وإننا ونحن نشعر تماماً بنواقص النص» سعينا لإعطاء قرائتا إمكان أن
كبيرة واحتفظنا بحيز كبير لثبت المراجع : ما يقرب من 120 صفحة إجمالام!".
وبدلاً من أن ننشئ ثبت مراجع لاستعمال الطلاب - وهذا ما يبدو لنا أنه
دور الأستاذ المدرس - برنا من المفيد أن نقدم ثبت مراجع عمل» يمكن أن
يستخدم كنقطة انطلاق لأبحاث شخصية
اختيار صارم: هكذا فلم نذكر إلا اثني عشر عنوانا من روسو وخمسة عشر
(1 لم نقم بالترجمة الكاملة لثبت المراجع» بالاتفاق مع وزارة الثقافة (المترجم).
ما في هذا الاختيار من موقف ذاتي - عن أن نذكر المؤلفات التي كانت تبدو
عن ذكر كتب لم نكن تحققنا شخصياً من فائدتها. إذن فحن نقدم للقراء ثبت
المراجع التي اعتمدناها في عملنا.
والتزمنا بان نعطي إيضاحات عن أفضل طريقة لتناول نصوص المؤلفين
وإلخ. هكذا يستطيع القارئ؛ أن يراجع في آخر الفصل الرابع عشر حاشية عن
طبعات مؤلفات ماركس» وفي آخر الفصل السادس عشر حاشية عن طبعات
أما وقد حصل لنا أحياناً أن نعترض على نزعة بعض الناشرين
أن لا نقع في خطل مماثل لا يُعذر في حالتنا لاسيما وأن مؤلفات عدة ذات
أهمية أولى في تاريخ الأفكار السياسية ظهرت منذ بضع سنوات في بريطانيا
ثبت مراجعنا عناوين كثيرة بما فيه الكفاية بالإنكليزية والألمانية؛ وبعض
العناوين بالإسبانية والإيطالية.
إن دليل مراجعنا مفصل نسبياً؛ إذ حرصنا حقاً لا على تكرار جميع
التوضيحات التي تظهر عادة في ثبت مراجع علمي»؛ بل على أن ندرج في
معظم الحالات مكان الطبع وتاريخه واسم الناشر وعده الصفحات أو
واتبعنا كل فصل بملحق مراجع تأسينا في ذكراها تقسيماته وبدأنا
الكتاب بثبت مراجع عام.
كما عنينا عند ذكر عدد كبير من المؤلفات بإضافة حاشية نقدية موجزة
جداً (بسطر أو سطرين» وأحياناً بكلمة أو كلمتين). ولا يغيب عن بالنا مقدار
ما تحتمله من نقاش مثل هذه الأحكام المقتضبة إلى ذلك الحد. غير أننا فضلنا
أن نتعرض للوقوع في الظلم على السكوت الحذر. ومن جهة أخرى أرجأنا
أحياناً إلى ثبت المراجع مناقشة المشكلات الخلافية:
وهكذا ففي ثبت المراجع الخاص بروسو وليس في الفصل المخصص
له سيجد القارئ عرضا موجزا لمسألتين طالما جرى النقاش حولهماء وهما:
2- هل هو فردي أم «استبدادي كلياني»؟
ورغم ما بذلنا من عناية في صنع ثبت المراجع هذاء فإندا نعتقد بأنه
ينطوي لا على ثغرات فحسب بل على أخطاء؛ وسوف نعترف بالجميل
وفي ختام هذه التوطئة» أحرص على تأكيد صداقتي الوفية واحترامي
إلى أول من شجعني عام 1946 على الاهتمام بتاريخ الأفكار السياسية؛ وهو
وأود أيضاً أن أعبر عن عرفاني بالجميل إلى أولشك الذين ساهموا في
هذا العمل الذي لا تغيب عني نواقصه التي أحمل وزرها إلى حد بعيد؛ وإلى
أولئك الذين ساعدوني في بحث لا متعة فيه وخصوصاً إلى العاملين في مكتبة
«المؤسسة القومية للعلوم السياسية»؛ وإلى أولئك الذين أمدوني بنصائحهم
الفصل الأول
والعالم الهيلنستي
قبل القرن السادس قبل الميلاد
حقاً يصادر العالم الهوميري والأخلاق لدى هزيود على وجود
الحضارات التي تعود إليها؛ قد نتعرض عند تلخيصها إلى الشطط في
التأويل» إن القدماء لم يكقوا من أجل عرض أفكارهم السياسية الخاصة
عن اللجوء إلى صيغ أو صور أو أمثلة مستمدة من هذين المؤلفين اللذين
كانا أساس ثقافتهم ؛ بيد أن ذلك كان يعني طريقة في الأدب أكثر مما
يعني التأثير الواقعي ؛ فلا يمكن على وجه معقول الكلام عن سياسة
تستمد من القصائد الهوميرية أو الهزيودية؛ خلا بعض الحكم لدى
هوميروس 1100:8:8 ضد الغوغائية وبعض الخواطر ضد الملوك ذوي
الأحكام الملتوية عند هزيود 11681006
القسم الأول
الأطر العامة
للتفكير السياسي
1- المدينة
إن الحياة السياسية لدى الإغريق وفي العصر القديم الكلاسيكي؛ على
ما قد نستطيع القول» لهي حياة مشروطة تماماً بوجود «المدينة» (0506 ا)
تلك التي تقوم في دنيا السياسة لدى الإغريق بالدور ذاته الذي تقوم به دولنا
مثل القمح : وهي الشبيل للتمييز بين الهيلينيين المتمدني البرابرة الجهلاء
الذين يعيشون قبائل. و«المديثة» هي وحدة سياسية لا تتقلص إلى تجمع
حضري: فهي التنظيم السياضي والاجتماعي الموحد لأرض محدودة يمكن
أن تضم مدينة واحدة أو غدة ملأ كما تضم رقعة الريف الذي يرتبط بهاء
«المدينة» هي ثمرة توحيد مدن عدة. فا الحقبة التي 7
الأغارقة سيصدرونه أينما استطاعوا وأن الرومان أنفسهم سيحسبون له
الحساب على نطاق واسع ويقوضون ما كان فيه من خصوصية. . وتحكم
المدينة بما هي عليه في اليونان طبيعة العلاقات الدولية؛ فهي تفسّر كيف أن
حالات الإلحاق فيها كان تطبيقها قليلاً أو مقنعاً؛ وهي تحدد بنية الإمبرياليات
أو حدود الهجرات وعمليات التوسع : إذ تتحقق هذه أساساً بإنشاء «مدينة»
الأولى لا بروابط التبعية.
وما يدهش بادئ ذي بدء هو تلك السيطرة التي تمارسها المديئة؛ أياً
مدينة «©103:© قبل كل شيء؛ ويبدو مسعى أفلاطون 718600 عندما حاول بناء
مدينة فاضلة للحصول على أناس فاضلين بأنه تماماً ذو دلالة على هذه الحالة
الفكرية؛ وقد كان متوقعاً أن يكون لكلمة مواطن (مجرد فرد خاص) ذلك
المصير المزعج الذي نعلم. وأبرز الإغريق هم ذاتهم الجانب الديني لهذه
الرابطة» إن جاز التعبير: حيث إن آلهة «المدينة» هي فيها حماة المدينة
ونماذج المواطنين معاًء وأن الأعياد الدينية هي الأعياد البلدية أي الأعياد
المتوضع بعضها فوق بعض » كالعشائر 01:01:18 أو غيرها؛ والتي هي بما هي
عليه» بمنزلة أجهزة «المدينة». وتندرج فعالية الإغريقي في هذا الإطار
أعمال فنية مخصصة لتجميل المدينة أو لتكريمها؛ وتأملات فلسفية تهدف
دوره المدني. حقاء سوف يختلف تعريف «المدينة»: إذ يعرفها استخيل
عاواء28 بالنسبة لآلهتها» وإيزوقراط 1900012 بالنسبة إلى دستورهاء وأرسطو
©801ه بالنسبة إلى رقعة أرضهاء إلا أن قوة الرابطة التي تمليها لن تنقص
بتاتاً. وحتى أنه بمعنى ماء وهذه هي التجربة العكسية؛ سوف تجيء سلسلة
من المشكلات من أن «المدينة» استمرت تقتضي التفادي ذاته في حين أن
واقعها المشخص كان قد تبدل تبدلاً عميقاً. فأثينا 8004088 مثلاً بعد أن كفت
عن أن تكون مجرد مركز إقليم زراعي كي تصبح كذلك مركزاً حرفياً وأيضاً
اتها التي لا تقبل مساساً ومن هذا الجهد ستأتى معظم
إن من الغلو حقاً أن نقول إن هذه المؤسسة تحدد لوحدها فقط كل
الحضارة القديمة؛ إلا أنه ينبغي الاعتراف بأن دورها هو دور جسيم وخفي في
آن واحد: فهو جسيم لأن الرق شرط من شروط الحياة المادية؛ وبالتالي
الحياة السياسية؛ وهو خفي لأنه لم يكن قط موضوع بحث» إن صح التعبير
دائمة تقريباً معطى طبيعياً يستخدم ولا يبحث. وقد يقدم مادة لتأملات لا
صانعي النظام» من شأن حسن الإدارة لا من شأن السياسة كما في القوانين
(أو التواميس) لأفلاطون الذي يوصي بمنع انتفاضات العبيد عن طريق اختيار
عبيد ذوي لغات مختلفة. وفي هذا المنظور؛ قد أمكن أن يتغير الوضع الفعلي
للعبيد تغيراً هائلاً وأن تتأنسن كينتهم والحماية التي كانت تبسط عليهم؛ إلا
أنهم ظلوا دائماً ما دون عتبة التفكير السياسي» ولما عالج أرسطو هذه المسألة
إذ بنظر أرسطوء إن العبد هو «ملكية أداتية حية». «إذ إن جميع
بعضها ليأمر والآخر ليطيع». وعند اعتبار العبد من وجهة نظر الطبيعة؛ فإنه
لنا أفضل من استعمال جسدهم وأطرافهم فإن الطبيعة حكمت عليهم
عبد بالطبيعة ذلك الذي قل حظه من النفس والوسائل فحمله ذلك على أن
يتبع الآخرين».
بيد أنه إلى جانب العبودية الطبيعية توجد عبودية يقيمها القانون»
لاسيما تلك التي تنتج عن قانون الحرب ممعنع ما عل :0:01 ويعترف أرسطو
أن كثيراً من فقهاء القانون 01500090165( ثاروا في وجه مثل هذه العبودية+؛