آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي
الوصف
آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي من المجاميع
يجدُ القارئ الكريم في هذا الكتاب باقةً من الزهور قطفناها له من كتاب آثار الإمام البشير الإبراهيمي الذي صدر عن دار الغرب الإسلامي ببيروت سنة 1997 والذي حوَى من خلال أجزائه الخمسة أكثر ما أُثيرَ عن الإمام من مقالاتودراسات ورسائل وأشعار، وما هي إلاّ أقلُّ القليل ممّا جادت به قريحة هذا الفارس في البيان، الفلتةُ من فلتات الزمان علماً بأنّ القسم الأكبر من تراثه قد ضاع ـويا للأسف ـ بسبب عدم التسجيل، ولكون الإمام، في أغلب الأحيان يرتجل ما يُلقيه ارتجالا.
إنها 21 مقالة من مجموع حوالي 460 ضمَّها كتاب الآثار، نُشر معظمها في البصائر و الشهاب ، لسانيْ حال جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، ما بين سنتيْ 1931، سنة تأسيس الجمعية، و 1965 سنة انتقال الإمام إلى الرفيق الأعلى.
6 آثار الإمام محمد البشير الإبراهيمي
طبع في حباته تحت عنوان «عيون البصائره. وها أنا اليوم - بعد ابتعادي عن المسؤوليات -
أقدّم للقرّاء طبعة جديدة من آثار الوالد بعد سنتين من البحث والتنقيب عما تركه من كتابات
ولئن كانت هذه الآثار المطبوعة ضئيلة في حجمها بالنسبة إلى حياة الشيخ الحافلة؛ فإن
ارتجالّاء ولم ننسن كتابة إلا أقل القليل منه؛ وكانت له مؤلفات وكتابات مخطوطة حول
العديد من المواضيع في الدين واللغة والأدب والاجتماع ضاعت إتَان حرب التحرير؛ إما عند
بعض تلامذته أو في بيته بالجزائر العاصمة حين اقتحمه الجيش الفرنسي سنة 1957 - وهو
بالمشرق العربي - وعاث في مكتبته تخريًا ونهباء ففقدت مخطوطاته ومعظم كتبه
وبالرغم مما للوالد من أبحاث ومقالات فإنه يُعَد من ذلك الرعيل من المفكرين الذين
شغلتهم الاهتمامات القومية ومسؤولياتهم في الحركة الإصلاحية عن الإنتاج المكنوب؛ وهو
في ذلك كالشيخ سالم بوحاجب بتونس» والشيخ محمد بن العربي العلوي بالمغرب الأقضى»
وقبلهما حكيم الشرق جمال الدين الأفغاني + والإمام محمد عبده؛ فهؤلاء قضوا حياتهم في
تكوين الرجال لا في تأليف الكتب»؛ ولقد كان البشير الإبراهيمي بقّم الأهم على المهم إذ
نذر حيانه للإصلاح الديني والاجتماعي وتكوين الرجال القادرين على حماية إسلام الجزائر
وعرا بتها. وقد أكد ذلك في آخر حياته بقوله قتي للتأليف والكتابة مع هذه الجهود
التي تأكل الأعمار كلا ولكنتي أتسلى بأني + وعملت لتحرير عقوله
وكانت صورة الأمير عبد القادر الجزائري ماثلة أمامه داثماء لأنّ عبد القادر
هذه الآثار وتاريخ الجزائر
إن الحديث عن الإبراهيمي هو حديث عن الجزائر: أصالة وحضارة وصمودًا ونهضة
الأعمال» فقد جشدت بصدق وأمانة حياة الجزائر خلال حقبة كاملة من تاريخها الحديث.
قم آثار الإنام الإبراهيمي» ج5؛ 288
الجزء الأول (1940-1929) 7
وهناك حقيقة لا بد من تأكيدها هنا؛ وهي أن مفتاح الدخول إلى هذه الآثار وفهمها حق
الفهم لمعرفة الإبراهيمي حق المعرفة؛ ولتقديره بما هو جدير به؛ ليس الاطلاع على حياته
فحسب؛ بل ضرورة الاطلاع على هذه الحقبة التاريخية المتميزة في حياة الجزائر والوقوف
على مختلف أبعادها الدينية والاجتماعية والسياسية والثقافية: وفهم تطور الوعي في المجتمع
الجزائري الذي تطورت معه أساليب المقاومة والجهاد من أجل التحرير والاستقلال لأن الذي
لا يفهم طبيعة هذه المرحلة فهمًا دقيقًا لا يستطيع أن يفهم رسالة جمعية العلماء المسلمين
وإذا استعرضنا العوامل الحاسمة في نهوض المجتمع الجزائري في العصر الحديث ديت
1) الحركة العلمية الإصلاحية الدينية التي انطلقت بوادرها مع بداية القرن العشرين؛ ثم
تطورت بقيام الشيخ عبد الحميد بن باديس بالتدريس في قسنطينة؛ غداة تخرّجه من
الجامعة الزينونية سنة 1913: ونضجت هذه البقظة مع عودة بعض العلماء من مهجرهم
بالشرفى العربي إلى الوطنء أمثال أبي يعلى الزواوي؛ والطيب العقي» والبشير
الإبراهيمي» ثم تبلورت في إنشاء جمعية العلماء المسلمين الجزائريين عام 1931؛ غداة
احتفال فرنسا بالعيد المثوي لاحتلال الجزائر» اعتقادًا منها أنها قضت على الشخصية
الجزائرية نهائيا بقضائها على الإسلام والعروبة فيهاء ومما قاله أحد الحكام الفرنسيين
2 الحركة السياسية ممثلة في تأسيس حركة «نجم شمال افريقياه في باريس من العمّال
المهاجرين لكل من تونس والجزاثر والمغرب عام 1927 وما تلاها كتأسيس «حرب
الشعب الجزائري» عام 1937 ثم «حركة الانتصار للحريات الديمقراطية؛ عام
6 وما تولد عنها من منظمات سرية وعانية تألقت بمواقف وتضحيات بطولية
مشهودة؛ وأخيرًا كل ما عرّز الكفاح الوطني من حركات سياسية وثقافية ك «أحباب
وتجنيد فقات الشعب حول برامجهاء فإن الحركة الدينية التي تمثلها «جمعية العلماء المسلمين
الجزائرين؛ مهّدت السبيل باعتماد أسلوب الإضلاح الديني والاجتماعي الذي هيا الأنفس
8 آثار الإمام محمد البشير الإبراهيبي
للانصهار في الحركة السياسية؛ عن طريق التربية والتعليم والتكوين» وبناء المساجدء
والنوادي» والمدارس» وإحياء المقؤمات الذاتية للشخصية الجزائرية؛ وربط الجزائر بمحيطها
العربي الإسلامي الذي أراد الاستعمار انتزاعها منه؛ وبهذه العناصر تكون الوحدة الوطنية مصونة
راسخة؛ ويكون الجهاد واجًا قائما؛ فيكون - بإذن الله - الانتصار المبين ميسورًا مضمينًا
ولا شك أن إصلاح العقيدة هو أساس كل إصلاح؛ فقد قال الإمام مالك (رضي الله
الجزائر وأحد علماثنا - يكتب في العشرينات في أحد أعداد جريدة «المنتقدة؛ «من حاول
إصلاح أمة إسلامية بغير ديتها؛ فقد عرّض وحدتها للانحلال وجسمها للتلاشي» وصار هادتًا
لعرشها بنية تشييده».
الحركة الدينية التي قادها علماؤنا الأجلاء تعدّى صداها حدود الوطن وكا
بة - بمفهوم اليوم - قلبت أوضاع الشعب الجزائري. » وجعلته يعيش في
دائمة مع الاستسارة ويتفاعل مع قضايا أشقائه في المغرب الأقصى وتونس والمشرق العربي +
وكانت حرا بدون هوادة على الجهل والتحجّر والبدع والخرافات والخمول والاستكانة. لقد
أدخلت تلك الثورة الثقافية على المجتمع الجزائري تحولات في مفاهيمه؛ إذ أيقظت
الأخوة والتضامن؛ وبعثت فيه الأمل الذي هو مفتاح الوصول إلى الغاية المنشود
لذلك الوسائل الملائمة القي رسمت الطريق إلى شاطئ" الخلاص وبر الأماث.
وهذه الحقيقة تؤكد الاتفاق الكلي بين الحركة الدينية والحركة السياسية في الغاية؛ أي
العمل على تمكين الجزائر من استرجاع سيادتها واستقلالها وحريتها» وإذا كان هناك من فرق
بين الحركتين فمن المؤكد أنه ليس في الهدف - إذ الهدف واحد وهو الانعتاق - وإنما في
الوسائل التي تؤدي إلى تحقيق ذلك الهدف.
تبنت «جمعية العلماء؛ مشروعًا يقوم على الدين والعلم والأخلاق؛ إيمانًا منها أن هذه
العناصر الثلاثة توصل الشعب الجزائري إلى الاستقلال؛ بينما جعلت الحركة السياسية من
الاستقلال الوسيلة إلى بناء هذه الأعمدة الثلاثة؛ وإن كان أحيانًا بمسميات مختلفة» بيد أنها
الوقت منخرطون في حركة «حزب الشعب الجزائري»» ولم يكن لديهم أي شعور بالتناقض في
الأكبر التنقيص من دور الإسلام في الحركة الوطنية ثم في الثورة المسلحة..
الجزء الأول (1940-1929) 9
وإذا كان هذا النوع من التجني على الحقيقة بالإصرار على زرع التناقض بين الحركة
صراعنا معهم صراع حضاري متواصل عبر التاريخ بأشكال أتبرق نوز الإسلام على
لتبرير موقف سياسي آني يتعارض مع انتماء الشعب الجزائري وأصالته» أو طمقًا في
الحصول على «شهادة حسن السيرةه من الغرب؛ قصد توظيفها لغايات معينة لا علاقة لها
إطلاثًا بما ينبغي أن يتحلى به المؤرخ المنصف من أمانة وتجرّد وموضوعية ونزاهة فكرية..
- كرّم الله وجهه -: «الناس أعداء ما جهلوا وأحباء ما ألقواء.
هذه الآثار وحياة
1) مرحلة لتكوين والتحصيل الأولى (1911-1889)
ولد بقرية «بأس الوادي» بناحية مدينة سطيف بالشرق الجزائري في 14 بوتيو عام
9 وفي بيت أنس على التقوى: من ببونات العلم والدين: وقد أنمٌ حفظ القرآن
الفضل الأكبر في تربيته وتكوينه؛ حتى جعل منه ساعده الأيمن في تعليم الطلبة
من هذه المرحلة المبكرة من حياة الشيخ الإبراهيمي لم نعثر على آثار تذكر باستثناء
بعض الرسائل الإخوانية*"» وتجدر الإشارة إلى أن الاستعمار الفرنسي في الجزائر كان ينتهج
سياسة التجهيل والتفقير والطمس لمقمات الأمة وثرابتهاء وذلك في كل أرجاء الوطن.
2) الرحلة المشرقية الأولى (1920-1911):
هاجر جدي؛ السعدي الإبراهيمي إلى المدينة المنزرة عام 1908 هروبًا من
ويلات الاستعمار الفرنسي» ولح به والدي عام 1. تأكيدًا للتفاعل بين المشرق
والمغرب؛ مرورًا بمصر التي أقام بها ثلاثة أشهر؛ التقى خلالها بعدد من علمائها وأدبائها
فيها على كبار علمائها - الوافدين من كل أنحاء العالم الإسلامي - علوم التفسير
الإمام محمد البشير الإبراهيبي
المنطق والحكمة المشرقية؛ وأمهات كتب اللغة والأدبء ثم أصبح يلقي الدروس للطلبة
في الحرم النبوي: ويقضي أوقات فراغه في المكتبات العامة والخاصة باحنًا عن
والتقى خلال إقامته بالمدينة المنّرة؛ في موسم الحج عام 01913 بالإمام عبد الحميد
ابن باديس» وما من شك في أن تلك اللقاءات شهدت ميلاد فكرة تأسيس جمعية العلماء
العربية بالمدرسة السلطانية (مكتب عنر)؛ وهي المدرسة العصرية الوحيدة آنذاك» بالإضافة
إلى إلقاء دروس في الوعظ والإرشاد في الجامع الأموي؛ وقد تخرّج على يديه جيل من
من الأماكن التي كانت لها مكانة خاصة في قلب الوالد - بعد مسقط رأسه - المدينة
المثورة؛ وكان - رحمه الله - يحتني - بعد الاستقراز - على قضاء شهر رمضان بالمديئة»
لما للمكان من بُعد روحيء ولسكانها من خلق وطيبة؛ ومدينة دمشق التي تزوج فيها بوالدتي
رفيقة العمر - رحمها الله رحمة واسعة -؛ وذ
ومن هذه المرحلة لم نعثر على آثار مكتوبة للإبراهيمي» بالرغم مما كان له من
نشاط علمي وثقافي تشهد عليه شخصيات كثيرة مثل الدكتور عبد الرحمن اشهبندر في
رسالة باسم «النادي العربي» تتضمن دعوة الإبراهيمي لإلقاء محاضرة فيه سئة 61919
وشهادة الدكتور جميل صليبا عن أستاذها""» ومن نشاط سياسي مؤيّد لفكرة الجامعة
3) مرحلة الإرهاصات (1931-1920):
قرّر الإبراهيمي العودة إلى الجزائر سنة 1920؛ وفي مخيلته فكرة حركة تحبي الإسلام
والعربية في الوطن وتنشر العلم+؛ وتبعث الأمة» وأعجب بعد وصوله بالنتائج المثمرة التي
حقّقها ابن
سطيف وأنشأ بها مدرسة ومسجدًا بعد أن رفض الوظيفة التي عرضت عليه من طرف
صداقات في الأوساط العلمية والأدبية.
باديس الذي كان يقود حركة ثقافية وصحفية بمديئة م فأقام بمدينة
الجزائرية؛ عدد ١87 عابر 1985 ا ض55.
الأول (1940-1929) 11
من هذه المرحلة لم نعثر إلا على بعض الرسائل!""؛ وبعض المقالات والمحاضرات
التي نشرت في مجلة «الشهاب؛ ابتداء من عام 1929؛ والتي نفتح بها الجزء الأول من
هذه الآثار
+ بدايات جمعية العلماء (1940-1931):
في عام 1931 تأسست «جمعية العلماء المسلمين الجزائريين»» كردٌ فعل إيجابي على
احتفال فرنسا بمرور قرن على احتلال الجزائر بعدما أيقنت أن ال لجزائر قد أصبحت إلى الأبد
قطعة منهاء مسيحية الدين» فرنسية اللسان» فجاء شعار الجمعية صارًا مدونًا في وجه
فرنساء وراسعا طريق الخلاص منها: «الإسلام ديناء والعربية لغتناء والجزائر وطناة.
ووضع الإبراهيمي دستور الجمعية وقانونها الأساسي» وأصبح نايا لرئيسها الإمام ابن
باديس» ومنذ عام 133 تكفل بالمقاطعة الغربية من القطرء واختار مدينة تلمسان مركرًا
أندلسي أصيل» فكانت مركز إشعاع ديني وعلمي ون
وقاعة محاضرات
© واحتوت على مدرسة ومسجد
إن الجزء الأول من آثار الإراهيمي على ما عثرنا عليه خلال هذه المرحلة من
حياته؛ وهي أدق حقبة في تاريخ الجزائر الحديث» نظرًا لما شهدته من أحداث كان لها
شأن كبير في تشكل الوعي الدبني والسياسي للمجتمع الجزااري.
مطلع الحرب العالمية الثانية
الحركة الدينية والثقافية بالجزائر (1952-1940):
يه إلى قرية آفلو في الجنوب الغربي من الوطن» في
وبعد أسبوع من نفيه تلقّى خبر وفاة رفيقه الإمام عبد الحميد بن باديس - رحمه الله -
وخبر اجتماع أعضاء الجمعية وانتخابهم له رئيشا رغم الضغوط الفرنسية الرامية 0 انتخاب
غيره: فتحمل مسؤولية قيادة الجمعية غيابيًاء وتولّى إدارتها بالمراسلة طول الأعوام النا 8
التي قضاها في المنفى» وبعد إطلاق سراحه عام 1943: أصبح قائدًا للحركة الدينية والعلمية
المدارس والمساجد والنوادي وبهتّى العقول لساعة الصفر التي كانت تخطط لها نخبة من
الحركة السيا
6 نشرت إحدى هذه الرسائل في كتاب «دعائم النهضة الوطنة الجزائرية؛ لمحمد الطاهر فضلاء؛ ص43
12 آثار الإمام محمد البشير الإبراهيبي
وقد زج به في السجن بعد أحداث مايو 1945؛ وبقي فيه عامًا كاملًا ذاق الأمرين في
زنزانة تحت الأرض حيث الظلمة والرطوية؛ مما استدعى نقله إلى المستشفى العسكري
بقسنطينة: فتحمل هذه المحنة بصبر المجاهدء ويقين المؤمن
وفي سنة 1946 استأنف نشاطه؛ فبعث جريدة «البصائره من جديد في السنة الموالية
بعد أن توقفت أثناء الحرب؛ وأشرف على تحريرهاء كما أسس معهدًا ثانويًا أطلق عليه اسم
رفيقه وصديقه المرحوم عبد الحميد ابن باديس في قسنطينة؛ حظيت شهادته بالاعتراف من
الجامعة الزيتونية ومن معاهد الشرق العربي؛ ومن هذا المعهد تخرّجٍ رجال قادوا الثورة
المسلحة؛ فمنهم من استشهد في الجهاد الأصغرء ومنهم من ساهم غداة الاستقلال في
والوالي والمحافظ والقائد العسكري والأستاذ ومدير الجامعة الخ..
إعادة
ويحتوي الجزءان الثاني والثالث من آثار الإبراهيمي على ما أنتجه خلال هذه الفترة التي
هي أخصب مراحل حياته؛ ابتداء بما أوحت به قرية آفلوء التي لم نعثر -مع الأسف إلا
أما مقالاته الافتتاحية فقد قام هو نفسه بجمعها لتطبع في كتاب سمّاه «عيون البصائر»؛
وهو بشكل الجزء الثالث من هذه الطبعة الجديدة
6 الرحلة المشرقية الثانية (1962-1952):
سافر الإبراهيمي إلى المشرق العربي للمرة الثانية عام 1952 ممثلًا لجمعية العلماء ليسعى
المادية والمعنوية للجمعية حتى تستطيع مواصلة أعمالها وجهادها؛ والتعريف بالقضية الجزائرية
وقد اتخذ من مصر منطلقًا لنشاطه؛ ورعى فيها أولى البعثات الطلابية وكان سفيرًا
للجزائر وصوتها المدوي؛ يلقي المحاضرات والدروس - خاصة في مركز:
الإخوان
ووتجه يوم 15 نوفمبر 1954 - أي بعد أسبوعين من اندلاع الثورة - نداء إلى الشعب
الجزائري؛ يدعوه فيه إلى الالتغاف حول الثورة المسلحة؛ وخوض غمار الجهاد المقدس+
الأول (1940-1929) 13
والتضحية بالنفس والنفيس؛ لأن ذلك هو السبيل الوحيد لحيا الكرامة؛ وكان هذا التداء
إسكانًا لكل من يريد التشكيك في شرعية الجهاد باسم الدين» ودفتًا قويًا للثورة الوليدة.
ويشتمل الجزء الرابع على ما استطعنا جمعه من آثار الإبراهيمي: خلال القسم الأول
من رحلته المشرقية الثانية (1954-1952)؛ أي قبل اندلاع ثورة التحرير؛ ويعكس نشاطة
ثبيث في التعريف بواقع الجزائر وقضيتها. أما الجزء الخامس والأخبر من آثار الإبراهيبي
والمنشورة عن ثورة الجزائر
7 المرحلة الأء
وهي التي عاد الإبراهيمي فيها إلى وطنه بعد استعادة الاستقلال حتى وفاته في 20 مابو
5. وخلال هذه المرحلة اضطر إلى التقليل من نشاطه بسبب تدهور صحته من جهة؛
وبسبب سياسة الدولة التي شعر أنها زاغت عن الاتجاه الإسلامي» فانحصر نشاطه في حدثين
نا بهما الجزء الخامس من آ”
- إلقاء أول خطبة جمعة بعد استعادة الاستقلال» افنتح بها مسجد ١ َ
الذي رجع كما كان مسجدا بعد أن حله الاستعمار الفرنسي إلى كتدرائية طوال قر
وثلث: وقد ألقى الإبراهيمي هذه الخطبة المشهودة بحضور وفود من جميع الدول
- إصدار بيان 16 أفريل 01964 الذي دعا فيه السلطة آنذاك للعودة إلى الحكمة
والصواب» وإلى جادة الإسلام؛ بعد أن رأى البلاد تتحدر نحو الحرب الأهلية؛ وتتهج
نهججا ينبع من مذاهب دخيلة مضادة لعقيدتنا وروحنا وجذورنا
مشروع الإبراهيمي النهضوي
يُجمع تلامذة الإبراهيمي ورفقاؤه أن أهم ما كتب هو «عيون البصائره أي الجزء الثالث من
ار بما فيها من جهاد في سبيل الإسلام والعروبة في جزائر محتلة؛ وبما فيها من مقارعة
الاستعمار على الصعيدين الديني والسياسي؛ وبما فيها من مناصرة لكل قضايا المسلمين مشرفًا
ومغرًاء وخاصة قضية فلسطين؛ وبما فيها من روائع البيان العربي كسجع الكهان.
ولكتي أرى أن محتويات الجزء الأول من هذه الآثاز - وهي تمثل ما عثرنا عليه من
آثار الإبراهيمي في أواخر العشرينات وفي الثلاثينات - لا نقل أهمية عن «عيون البصائره؛ إذ
تتجلى لقارثها معالم مشروع نهضوي تستحق التأمل:
14 آثار الإمام محمد
في سنة 1920 - بعد الرحلة المشرقية الأولى التي دامت قرابة عشر سنوات» والتي أقام
فيها بالمدينة الستورة ودمشق وزار القاهرة في مستهلهاء وتونس في ختامها - عاد الإبراهيمي
إلى وطنه؛ ووجده - كما تركه - يئن تحت وطأة الاستعمار والجهل والفقر والتخلف» وفي
ذهنه مشروع نهضوي يدخل الأمة الإسلامية في دائرة التقدم والتحديث؛ وينطلق من
الإسلام؛ لأن الإيراهيسي الذي تأثر بأفكار الأفغاني ومحمد عبده ورشيد رضا مقتنع أن في
الإسلام علائما لكل أمراض المجتمع + شريطة أن تستعمل الأسلحة الثلاثة في المعركة:
العقل والعلم والعدل.
وقبل أن تستوفى الشروط لقيام حركة تشمل القطره استقرٌ بمديئة سطيف؛ وبدأ يطبق
مشروعه بإنشاء مدرسة ومسجد؛ وحافظ على استقلاله بممارسة التجارة ورفض الوظيف+؛
هذا على الصعيد العملي أما على الصعيد النظري فألقى --سنة 1929- محاضرة بعاصمة
الجزائر تحت عنوان: «التعاون الاجتماعي؛”""» حدّد فيها معالم مشروعه النهضوي في إطار
النسق الإسلامي والذي يقوم على أعمدة أربعة: الدين والعلم والأخلاق والاقتصاد
محكم أو سنة قولية أو عملية متواترة؛ وأن كل ما ألصق بالدين من المحدثات فهو بدعة
لبشر ونظام اجتماعهم العمراني+ ولذلك كانت أغلب أحكام
المعاملات المأخوذة من القرآن كلية قلّ أن نعثر فيها على التفصيل؛ وإن الأنسب
لسماحة الدين وبقائه وصلاحيته لكل زمان ومكان أن يكون للزمان والمكان والعرف
والعادة والبيئة مدخل في تكييف أحكام المعاملات وتطبيقها على الحوادث الجاريةة.
- العلم: في البحث في أنواع العلوم التي تصلح لنهضتنا؛ فهو معدود من لغو الحديث+
واحتياج الحي إلى العلم في هذا الزمن أصبح قرين احتياجه إلى الطعام؛.
المتوارثة؛ والتي نجد معظمها في القرآن في أوضح عبا
العربية المأخوذة من آدابهم التي هي أنفس ما خلفوه لنا من التراث».
- الاقتصاد: «إن سوق المال اليوم معترك أبطال» وإن في جوائبه رماة ونحن الهدف؛ وإ
مكان المال من الحياة مكان الوريد من البدن؛ وإن الزمان دار دورته؛ وقضى الله أن
يصبح المال والعلم سلاحين لا يطمع طامع في الحياة بدونهما... والذي تقتضيه
الحكمة الهادثة لتحفظ أنفسنا من هذه 2 المربعة هو تأسيس شركات التعاون
أوضح بيان؛ ثم الأخلاق
7 الجزء الأول ص 58-50.