بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام والسلام على أشرف خلقه.
سيدنا محمده وعلى آله وصحبه وسلم
متقدمة
لقد كان من لطف الله بيء ومن نعمه علي أن وفقني لحفظ كتابه العزيز
الذي «لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه»تنزيل من حكيم
قلبي. وامتزج بدمي ولحمي. وملك كل مشاعري.
وتطلعا أكثر إلى تتبع أسرار كتاب الله؛ والبحث عن عجائبه التي لا تنقخ
وقد ازداد وعيي عمقا لقرآن وعلومه. حينما أتيحت لي فرصة الالتحاق
بدار الحديث الحستية؛ ومتابعة دراستي العليا بين جنباتها.
وبحكم موقعي في هذه المرحلة من التخصص التي تتيح للطالب الكثير
من فرص الاطلاع على قدر كبير من أهم كتب التراث. وفحصها ودراستهاء
ملحة تدفعني إلى الكتابة في موضوع إسلامي أصيل بعد تخرجي
بحول الله.
اللصادر والمراجع مما جعلني أطمئن إلى انجازه في أحسن الأحوال وأيسر
غير أني رأيت أن اتٌّّجه - بعد ذلك - إلى موضوع آخر يلامس
الموضوع الأول المتحدث عنه في كونه أيضا له جانب أدبي إضافة إلى جانبه
الإسلامي. ويرتكز على تفسير عدة قضايا لغوية قرآنية بواسطة اللغة
والشعر. ويتعلق بما عرف باسم (مسائل ابن الأزرق) في صيغة جديدة؛
المسائل. فكان (فضائل القرآن. ) لأبي عبيد من بينها.
ولحسن الحظ تم الحصول على هذا المصدر المهم من مكتبة برلين
«الوطنية بألمانيا الغربية. فكان أعظم مفاجأة لي واحسن بثنارة, ا جد
أشمل منه في استيعابه الكثير من مواد علوم القرآن. معتمدة على الأحاديث
النبوية؛ وأقوال علماء الصحابة. وآراء السلف الصالح» ومؤسسة على
الأسانيد وفق طريقة المحدثين.
ولهذا ارتأيت تأجيل املوضوع المسجل إلى دراسة أخرى قادمة
بحول الله. وسجلت موضوعي الجديد : «فضائل القران ومعالمه وادابه -
لأبي عبيد القاسم بن سلام : «دراسة وتحقيق».
النظر والتصحيح.
كما أن تلك الآثار بحاجة أيضا إلى دراسة شاملة. مع الوقوف - بصفة
خاصة؛ وبتركيز - على الكتاب المدروس (فضائل القرآن. .) وتجميع ما
وذلك بتوثيقه. وخدمة متنه وسنده. وتصحيح ما أشكل أمره؛ من
أسماء الرجال. واللغات. والأماكن. والبلدان. ومن أقوال السلف من القراء»
والمفسرين. والمحدثين. والفقهاء وغيرهم؛ معتمدا - في تحقيق تلك الغاية -
على كثير من أمهات كتب التراث التي اقتضتها خدمة الكتاب في أغلب
والأدب وغيرها..
وإنما هي أسباب كثيرة متؤازرة. منها
1 - أكبرت في شخص أبي عبيد الرجل العالم. السني الملتزم؛ الزاهد
2 - موسوعية فكره الحر الخلاق المجتهد
3 - كونه من أكبر العلماء المدونين في أوائل عصر التدوين؛ وبداية حركة
التأليف في كثير من العلوم الإسلامية.
4 - تاثيرات التشويق لفكر أبي عبيد وآرائه.. قد رسخت في مشاعري»
نابضة متجددة مع كل كتاب أقرأه من كتب التراث الأصيلة.
5 - موضوع كتابه القيم الذي اخترته للدراسة والتحقيق شد اهتمامي
إليه. وحبب إلي تحقيقه.
6 - كون الكتاب على منهج المحدثين : يلتزم الروايات بأسانيدها. وفيه
ما فيه من متعة البحث. ولذة الجمع بين دراسة المتن والسند واستقصاء
أحوال الرجالء وهم فيما بين أبي عبيد والنبي كل ثلاث إلى سبع طبقات.
7 - اشتمال الكتاب - كذلك - على ثروة هائلة من الأحاديث النبوية.
فهو - بهذا الاعتبار أيضا - من أهم كتب السنة.. وتلك غاية المنى في
الجمع بين دراسة الكتاب والسنة.
8 - الرغبة في محاولة تتبع آثار المؤلف. والبحث عنهاء واستقصاء
وبالرجوع إلى كتب إحصائيات التراث (البيبليوغرافية) نجد ما تبقى من
كتب أبي عبيد يتوزع معظمه على خزائن العالم في الخافقين.
1- قسم الدراسة.
2 - قسم التحقيق.
وقد أصبح - بصفة نهائية. بعد التخطيط الذي تطلبته طبيعته - يرتكز
خصص الباب الأول - بفصوله الثلاثة - للتعريف بأبي عبيد؛ حيث
وفي الفصل الثالث تتبعته في رحلاته واستقراره. محاولا - جهد الطاقة
- أن أستكشف في كل رحلة من رحلاته ما خفي من أمرهاء وخاصة ما
والدواعي الملحة لاستقطاب الحديث عنهاء صنفتها في مجموعات. ووزعتها
على عدة فصول
الفصل 1 : إحصاء آثاره.
الفصل 2
الفصل 3
الفصل 4
الفصل 5 .
الفصل 6 : اللغويات. وتشمل ثلاثة عشر كتابا.
الفصل 7 : الأدبيات. وتشمل ثلاثة كتب.
الفصل 8 : التاريخيات. وتشمل أربعة كتب.
الفصل 9 : علم الفلك والنجوم. وفيه كتاب واحد.
الفصل 10 : ما جهل موضوعه من آثار أبي عبيد. ويشمل كتابين
الفصل 11 : ما نسب لأبي عبيد خطأ؛ ويضم خمسة كتب.
وبهذا المجهود الملتواضع. واستقراء الإحصاء لتلك الآثار أصبحع عددها
يفوق أربعين كتاباء بينما كان عددها المعروف المتداول عند كل من ترجمه
لا يتجاوز بضعة وعشرين.
وفي إطار «آثار المؤلف» بينت جهود المسلمين في خدمتها والاهتمام بهاء
بصفة عامة. والمغاربة - الذين اشتهر لديهم منها تسعة كتب - بصفة
فقد تناول الفصل الأول : الدراسات القرآ
و«غريب القرآن». و«عدد آي القرآن». و«فضائل القرآن» الخ.
وكان كتاب أبي عبيد هذا أوسع وأشمل كتاب وصل إلينا من تلك
الفترة. مستوعبا أكثر ما تفرق في غيره من تلك الوحدات الموضوعية.
وتناول الفصل الثاني : مصادر المؤلف وأثره فيمن بعده. انطلاقا من
الاقتناع بأن روايات أبي عبيد في (فضائل القرآن) بنيت - أساسا - على
النقل والرواية والسماع من الشيوخ.
وقد كان لكثير منهم مؤلقات ذكرت بعضها في الدراسة, ولكن لم يرد -
قط - ذكر لأحد منها عند أبي عبيد.
كما تعرضت لذكر أنواع التأشر لكل من كتب بعد أبي عبيد في علوم
وفي الفصل 3 عرضت منهج أبي عبيد في (فضائل القرآن)؛ فكان من أهم
1 - التركيز وعدم الإطناب.
2 - مجانبة التكرار إلا لموجب يقتضيه المقام.
عصر أبي عبيد؛ وكيف
5 - تنويع رواته الذين يروي عنهم حسب الموضوع المروي.
8 - ظهور شخصيته العلمية, واستقلال رأيه فيما يذهب إليه من أقوال
9 - الإطلاقات عند أبي عبيد والمراد منهاء كقوله : «حدثنا يزيد يعنى
يزيد بن هارون؛ وقوله : «حدثنا عبد الرحمن» يعني ابن مهدي.. وهكذ
وفي الفصل 4 كان الحديث عن «محتوى فضائل القرآن». وفيه رددت
إطلاق قول «بروكلمان» بأن الكتاب يتحدث عن «الغزوات» و«التفسيره. كما
توصلت إلى أن المحاور الثلاثة التي دار حولها الكتاب بأبوابه السبعين
ترجع إلى العنوان الدقيق الذي أسمى به المؤلف كتابه
1- فضائل القرآن.
أما الفصل 5 والأخير. فقد كان مقصورا على وصف مخطوطات الكتاب
وهكذا تناول الوصف كل ما يتعلق بنوعية الخطوط؛ وعدد الصفحات.
وعدد السطور في كل صفحة. ومتوسط عدد الكلمات في كل سطرء وما
تحمله كل مخطوطة في أولها أو آخرهاء أو طررها من أسماء ما لكيهاء أو
يعلي قيمة المخطوط؛ ويؤكد الثقة فيه
وإني أحمد الله على أن جميع نسخي كانت تتوفر على تلك الأهمية
1 - قراءة المخطوطة (ب) قراءة واعية متأنية؛ ثم نسخهاء مع تسجيل
ما قد يبدو صعوبة تقف في الطريق.
2 - مقارنتها بالمخطوطتين (ج/ظ) مقارنة مستوعبة.
بحرف (ظ)؛ ولمختصر الفاسي المحفوظ بمراكش بحرف (ك).
4 - تقسيم الكتاب - من أوله إلى آخره - إلى فقرات تحمل أرقاما
7 - أتممت بعض النقص في (ب) من غيرها.
وأسفلهما للهوامش
وبعدة
فإني أعترف بأن كلا من الدراسة والتحقيق قد اكتنفتهما صعوبات
جمة, تطلبت مني غاية الجهد ومواصلة العمل؛ فبذلت - بسخاء - كل ما
لدي من قدرة واستطاعة.
وعسى أن أكون قد أسهمت في إلقاء أضواء على جوانب من حياة أبي
عبيد الزاخرة؛ وعلى مؤلفاته الكثيرة. وعسى أن أكون قد كتب لي التوفيق
أيضا في تحقيق كتابه (فضائل القرآن).
على تقوى من الله ورضوان. والتي هي (كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها
في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها)؛ تربط حاضرنا بماضيناء وتقف
- بما يتلقى في رخابها من علوم إسلامية أصيلة - سدا منيعا في وجه
المذاهب الهدامة. والتيارات المستوردة المضللة التي تشوه العقيدة. وتمسخ
الأجيالء وتمزق وحدة الشعوب ومقوماتها.
وقبل ختام هذه المقدمة لابد لي من الإفصاح عن الشكر الجزيل والتقدير
الكامل للمشرفين على هذه الرسالة الأستاذ عبد العزيز بن عبد الله.
والأستاذ الدكتور التهامي الراجي الهاشمي الذي تكرم فواصل الاشراف»
وتفضل كل منهما مشكورا بتوجيهي و إرشادي. وتذليل كل الصعاب
كما أقدم خالص الشكر لكل من مد لي يد المساعدة على إنجاز عملي من
العلماء الباحثين. ومن أساتذتنا الأفاضل. وأخص بالذكر أستاذنا العلامة
عبد الله كُنون الذي يعد عطاؤه العلمي موصول الحلقات في كل آن وحين.
وأذكر في نفس اللحظة أيضا - بكامل الاعتزاز والثناء العطر - جميع
المشرفين على كثير من المكتبات, داخل اللغرب وخارجه. وبالاخص مكتبة
من خير يذكر فيشكر. وفي أمثالهم يطيب الإنشاد مع من أنشد
أفادتكم النعماء مني ثلاثة يدي» ولساني» والضمير المحجبا
وأخيراء فإن عرفان الجميل يقتضيني أن أجدد شكري لأستاذي
المشرف الدكتور التهامي الراجي الهاشمي على ما أسدى إلي من عون كبير.
المطاف وحسن الختام.
والله أسال أن يوفقني دائما لخدمة كتابه العزيز وسنة نبيه كك وأن
يجعل عملي خالصا لوجهه الكريم؛ إنه ولي التوفيق, وتعم المولى ونعم
الباب الأول
التعريف بأبي عبيد