فيما ترك لنا من كنوز سننه » وجوامع كلماته ؛ وما سميناه بالتشريع
الإسلامي ؛ أو الفقه الإسلامي .
وقد اجتهد الصحابة رضوان الله عليهم في بعض المساثئل من بعد رحيل
نبينا الكريم كَل ؛ فمنهم من أصاب ؛ ومنهم من لم يصب .
وتوالت الإجتهادات » واختلفت الآراء من سبيل إعلاء كلمة الحق +
والوصول إلى أقرب درجة للكمال ما أمكن ولله الكمال كله ؛ فتعددت
المذاهب ؛ والهدف واحد .
ولكن ليس إنسان قادر على تفهم تلك المذاهب وهذه الإجتهادات
'فات » واستنباط ما بها من أحكام شرعية فقهية يستطيع أن ينتهجها
| لتعاليم رسولنا الكريم و8 لا سيا ونحن في عصر انصرف فيه الناس عن
الدخول في المحاورات العلمية » والاختلافات المثمرة » والإستدلالات والشروح
لذا فقد عزمت أن استخلص تلك الأحكام الفقهية وتبسيطها في كلمات
موجزة ما استطعت » دون إسهاب وتطويل » لكن بإيجاز وتوضيح ؛ لما أجد ما
عليه الناس من رغبة في معرفة ما قل ودل +
بقي في مهمتي أن أجمع من الأحاديث ما يشمل الأحكام الشرعية
الفقهية ؛ وترتييها على أبواب الفقه . فوجدت في كتاب « عمدة الأحكام »
للإمام الحافظ عبد الغني بن عبد الواحد المقدسي الجماعيلي ما يكفيني عن بذل
هذا المجهود الشاق . فقررت اختيار متن هذا الكتاب ؛ لما جمع فيه من أحاديث
قد اتفق عليها الشيخان البخاري ومسلم » مرتبا عل أبواب
هذا مع العلم بأن هناك من العلماء من قام بالتعليق والشرح على هذا
المتن » ولكن بالاسلوب المعتاد في جميع كتب الشروح المطولة التي تعد كذخيرة
أساسية ينبل منها من أراد التعمق في الفقه » والتي لا تناسب المدف الذي
أوضحناه . وهو التبسيط .
ومن هذه الشروح على متن « عمدة الأحكام » . كتاب «إحكام ©
الأحكام » للإمام ابن دقيق العيد » وكتاب « عدة الحكام » وكتاب « بلوغ
المرام » شرح عمدة الأحكام » وغيرها من الشروح مما يضيق المجال لذكرها
ترجمة المصنف :
هو الإمام الحافظ عبد الغني بن عبد الواحد بن علي بن سرور المقدمي
الجماعيلي الدمشقي الصالحي ؛ ولد سئة 041 ها وتوفي سنة 108 ها .
قال ابن النجار : حدث بالكثير » وصنف في الحديث تصانيف حسنة +
وكان غزير الحفظ من أهل الإتقان والتجويد فهباً بجميع فنون الحديث . إلى أن
قال : وكان كثير العبادة ورعاً متمسكاً بالسنة على قانون السلف الصالح +
قال الحافظ الضياء : كل من رأيت من المحدثين يقول ما رأينا مثل عبد
الغني . وقال الحافظ ابن نجا : كان لا يضيع شيئاً من زمانه ؛ كان يصلي
الفجر » ويلقن القرآن » وريما لقن الحديث » ثم يقوم فيتوضاً ويصلي ثلاث ماثة
ركعة بالفاتحة والمعوذتين إلى قبيل الظهر » فينام نومة » فيصل الظهر ء ويشتغل
بالتسميع والتسبيح إلى المغرب » فيفطر إن كان صائاً ؛ ويصلي إلى العشاء ثم
الفجر ء وربما توضاً سبع مرات أو أكث ويقول : تطيب إل الصلاة ما دامت
لا تأخذه من الله لومة لائم + ثم رأيته مر يقى حمر ؛ فسل صاحبه السيف فلم
والطنابير .
و المي ب ب
نهاية المراد في السنن ( 700 مجلد ) .
) الروضة ( أربعة أجزاء ٠“
؛ العمدة في الأحكام » في مالم الحلال والحرام ( وهو الذي بين أيدينا ) +
) الأحكام ( + أجزاء - ٠
+ الكمال في أسماء الرجال ( ٠١ مجلدات ) .
منهج الشرح والتحقيق :
-١ قمت بالاعتماد على النسخ الأصلية لكتاب العمدة في الأحكام وليتت عل
نسخ الشروح + وقد قمت بنسخها من مخطوطاتها المحفوظة بدار الكتب
المصرية ؛ والموجود متها ما يقرب من خمسة عشر نسخة خطية قمثت
بالاعتماد على أقدمها » ومراجعة متون الحديث على الكتب المعتمدة
وبخاصة صحيحي البخاري ومسلم .
؟ - قمت أولاً بوضع ترجمة بسيطة لكل من روى حديث للتعريف به +
وما يُستبْط منه من أحكام فقهية ؛ بطريقة مبسطة يسهل فهمها » وتدبرها .
مع عرض لآراء العلماء المعاصرين في بعض الأحيان فيا يتعلق بالموضوعات
التي التبس على الناس فهمها
واستعنت في ذلك بالمعجم المفهرس لألفاظ الحديث النبوي الشريف ٠
ونحن لا ندعي الكمال ؛ فيا هي إلا خطوة على الطريق » نرجو أن
يكملها أهل الفضل من العلماء والمفكرين . ونسأل الله أن يجعل هذا العمل
عليه ما هو أهله ؛ وهو السميع القريب المجيب الفعال لما يريد .
عبد القادر عطا
الأهرام في : ١١ من رجب سنة ١450 ها .
؟ من إبريل سنة ه148 م .
مقدمة المصنف :
قال الشيخ الإمام الحافظ العالم العلامة تقي الدين أبو محمد عبد الغني بن
عبد الواحد بن علي بن سرور المقدمي رحمه الله ونفع به :
الحمد لله الملك الجبار الواحد القهار » وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا
شريك له » رب السموات والأرض وما بينبا » العزيز الغقار ؛ وصل الله على
البي الملصطفى المختار . وعلى آله وصحبه الأطهار » صلاة دائمة آناء الليل
وأطراف النهار .
أما بعد : فإن بعض إخواني سألني اختصار جملة من أحاديث الأحكام مما
اتفق عليه الإمامان : أبوعبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم البخاري +
ومسلم بن الحجاج القشيري » فأجبته إلى سؤاله رجاء المنفعة ب
ونعم الوكيل ٠
)1(-١ هو : عمربن الخطاب بن نفيل القرشي العدوي » أبو حفص : ثاني الخلفاء
الراشدين » وأول من لقب بأمير المؤمسين » الصحابي الجليل » صاحب الفتوحات +
يضرب بعدله المثل » كان في الجاهلية من أبطال قريش وأشرافهم» وله السفارة فيهم
وهو أحد العمرين اللذين كان النبي ##يدعو ربه أن يعز الإسلام بأحدهما . أسلم قبل
الهجرة بخمس سنين » وشهد الوقائع . بويع بالخلافة يوم وفاة أي بكر سئة 17 ه يعهاد
منه . له في الكتب 5137 حديثاً . لقبه النبي و8 بالفاروق . قتله أبو لؤلؤة بخنجر في
خاصرته في صلاة الصباح ولد سنة 40 ق ؛ ه وتوفي سنة 17 ه
() « إماء تفيد الحصر » إما الحصر المخصوص أو الحصر المطلق . و« النية » وقعت في
أغلب الروايات بالإفراد
قال الحافظ ابن حجر : ووقع في معظم الروايات بإفراد النية ووجهه أن عل
النية القلب ؛ وهو متحد » فناسب إفرادها ؛ بخلاف الأعمال فإنها تتعلق بالظواهر +
وهي متعددة ؛ فناسب جعها ؛ ولآن النية ترجع إلى الإخلاص وهو واحد للواحد الذي
وقال صاحب عدة الحكام : أن النية مصدر » والأصل في المشادر إفرادها ؛ إلا
عند عروض ما يقتضي خلاف ذلك . اه
قال الحافظ ابن حجر : ووقع في رواية مالك عن يحبى عند البخاري في كتاب
الإيمان بلفظ « الأعمال بالنية » وكذا في العثق من رواية الشورى » وفي الهجرة من رواية
حماد ين زيد » ووقع عنده في التكاح يلفظ « العمل بالنية » بإفراد كل منهما
وه النية » بكسر النون وتشديد التحتانية عل المشهور ؛ وفي بعض اللغات
قال إين القيم في إغاثة اللهفان :
النية هي القصد والعزم عل الشيء ؛ ومحلها القلب لا تعلق لا باللسان أصاا ؛ ولذلك
أحدثت عند إفتتاح الطهارة و جملها الشيطان معتركاً لاهل الوسواس +
يحبسهم عندها وبعذبهم فيها ؛ويوقعهم في طلب تصحيحها . فشرى أحدهم يكررها +
ويجهد نفسه في التلفظ + وليست من الصلا في شه . اه »
©) قوله : « واما لكل إمرىء مانوى » قال إبن دقيق العيد : يقتضي أن من نوى شيئاً
يحصل له ؛ وكل مالم ينوه لم يحصل له فيدخل تحت ذلك ما لا ينحصر من المسائل +
ومن هذا عظموا هذا الحديث . فقال بعضهم : يدخل في حديث « الأعمال بالنيات »
المنوى . وكل مسألة خلافية لم تحصل فيها نية . فلك أن تستدل بهذا على عدم حصول ما
وقع فيه النزاع + فإن جاء دليل من خارج يقتضي أن المنوي لم يحصل ؛ أو أن غير
المنوي يحصل ؛ وكان راجحاً : عمل به ؛ وخصص هذا العموم . اه
(ه) هناك أنواع من الهجرة هي : هجرة من مكة إلى المدينة » وهجرة إلى الحبشة +
لتعلم الشرائع والتفقه في الدين ١ وه ب
كل هذه الأنواع + والمراد به هو الحجرة من مكة إلى المدينة » وذلك لما يقال أن رجلا
هاجر من مكة إلى المدينة لا يريد بذلك فضيلة الهجرة ؛ وإنما هاجر ليتزوج إمرأة تسمى
أم قيس فسمى مهاجر أم قيس . هذا خص الحديث ذكر المرأة دون سائرما ينوي به
من أمتعه الذنيا بدليل قوله عليه اللصلاة
تمان والنذور والاضحية والهدى والكفارة
ابة والتدبير والإبراد ونحوها والإجارة وساثر
الطلاق وغيرها .
هذا الحديث متفق على صحته ؛ وقد رواه أكثر من مائتي عالم ؛ فرواه عن النبي <
< # غير عمر : سعدبن أبي وقاص ؛ وعلي بن أبي طالب ؛ وأبو سعيد الخدري وعبد
الله بن مسعود » وعبد الله بن عمر »؛ وأنس بن مالك ؛ وابن عباس » وأبو هريرة +
وعبادة بن الصامت و: عامرء
بن عبد السلمي ؛ وهلال بن شديد و:
وجابربن عبد الله » وأبو فر » وعتييسة بن المشذر » وعتبة بن مسلم رضي الله عنيم
أجمعين . قاله ابن منده الحافظ
وكتاب مناقب الأنصار » وكتاب النكاح ؛ وكتاب الإكراه ؛ وكتاب الحيل . ومسلم في
كتاب الإمارة . وأبو داود في كتاب الطلاق . والترمذي في كتاب فضائل الجهاد . والنسائي
في كتاب الطهارة . وفي كتاب الجهاد ؛ وفي كتاب الطلاق ؛ وني الأيمان والتنذور
والمزارعة . وابن ماجه في كتاب الزهد . والدارمي وفي كتاب الجهاد . وأحمد 30/1١ +
عير رع ا نوي ما عاب مب مب بي 4 15
+7 . والدارقطني وابن حبان ؛ والبيهقي . ول يبق من أصحاب الكتب المعتمد
١-(١)هو : عبد الرحمن بن صخر الدوسي ١ الملقب بأبي هريرة صحابي » كان أكير
الصحابة حفظاً للحديث ورواية له » نشا يتا ضعيفاً في الجاهلية ؛ قدم المدينة ورسول
الله في بخيير » فأسلم سنة لاه ء ولزم صحبة النبي فروى عنه 077/4 حديثاً ؛ نقلها
عن أبي هريرة أكثر من * 80 رجل بين صحابي وتابعي . وولي إمرة المدينة مدة . ولد سنة
١ قى ه وتوفي سنة 54 ه . انظر : تهذيب الأسماء واللغات © : 3170 والاصابة +
الكنى ت ١١74 والجواهر المضية 3 : 418 وصفة الصفوة ١ : 188 » وحلية الأولياء
١٠ : 76 وذيل المذيل ١١١ وحسن الصحابة 167 والأعلام 8/7/*+
)١( قال الشوكاني : قوله « لا يقبل » المراد بالقبول هنا وقوع الطاعة مجزثة رافعة لما في
الذمة ؛ وهو معنى الصحة ؛ لأنها ترتب الآثار أو سقوط القضاء عل الخلاف » وترتب
الآثار موافقة على الأمر » ولما كان الإتيان بشروط الطاعة مظنة إجزائها ؛ وكان القبول من
ثمراته » عبرعنه به مجازاً . فالمراد بلا تقيل : لا تجزى» .
وقال : والحديث استدل به على أن ما عدا الخارج من السبيلين كسالقىء + #
والحجامة ؛ ولس الذكر غير ناقض » ولكنه إستدلال نفي بتفسير أبي هريرة + وليس
بحجة على خلاف الأصول .
واستدل به على أن الوضوء لا يجب لكل صلاة ؛ لأنه جمل نفى القبول ممتداً إلى
غاية هي الوضوء ؛ وما بعد الغاية حالف لا قبلها فيقتضي ذلك قبول الصلاة بعد
الوضوء مطلقاً وتدخل تحته الصلاة الشانية . قبل الوضوء لها ثانياً . قاله ابن دقيق
العيد .
واستدل به على بطلان الصلاة بالحدث سواء كان خروجه إختياراً أو اضسطرارياً ٠
وقد اختلف العلماء في الموجب للوضوء على ثلاثة أوجه : الأول أنه يجب بالحدث
الراجح عندهم .
ويقول صاحب عدة الحكام : وأجمعت الأمة على تحريم الصلاة بغير طهارة من ماء
أو تراب » ولا فرق بين صلاة الفرض والنافلة وسجود التلاوة والشكر وصلاة الجنازة إلا
ما خل عن الشعبي ومحمد بن جرير الطيري من قوفيا : تجوز صلاة الجنازة بغير طهارة +
وهذا مذهب باطل » وأجمع العلياء على خلافه ؛ فلوصل مدثاً متعمداً بلا عذر ألم +
ولا يكفر عندنا وعند الجماهير » وحكي عن أبي حنيفة رضي الله عنه أنه يكفر لشلاعيه +
عذراً » أما المعذور فمن لم يجد ماء ولا تراباً . ففيه أربعة أقوال للشافعي رضي الله عنه
وهي مذاهب للعلماء قال بكل واحد منها قائلون . أصحها عند أصحابنا : يجب عليه أن
يصلي على حاله ؛ ويجب أن يعيد إذا تمكن من الطهارة . والثاني يحرم أن يصلي ويجب
القضاء ؛ وهذا القول أخبار المزني وهو أقوى الأقوال دليلا
مواضع الحديث :
أخرجه البخاري بلفظه في ترك الحيل وبآخر في كتاب الوضوء . ومسلم في كتاب
7ه ٠8 . والطبراني أيضاً
النار م90 .
7# (1) هو : عبد الله بن عمروبن العاص + ولد سئة /ا ىاه وتوفي سئة 15 هاء من
قريش » صحابي » من النساك ؛ من أهل مكة ؛ كان يكتب في الجاهلية ؛ ويحسن
السريانية ؛ أسلم قبل أبيه ؛ كان يشهد الحروب والغزوات ويضرب بسيفين + ولاه
مكان وفاته , وله 00 حديث . ( انظر : طبقات اين سعد : القسم الشانيمن الجز
الرابع 8- 17 والاصابة » الشرجمة 8878 » وحلية الأولياء ١ : 187 © والجمع بين
رجال الصحيحين 774 ؛ وصفة الصفوة ١ : *97 ؛ والبدء والتاريخ ه 5 107 +
والمحبر 147 ؛ والأعلام 4 (111) +
© هي : عائشة بنت أي بكر الصديق عبد الله بن عثمان » من قريش » أفقه نساء
. المسلمين وأعلمهن بالدين والأدب » كانت تكنى بأم عبد الله ؛ تزوجها النبي #8 في
السنة الثانية بعد الهجرة » فكانت أحب النساء إليه . ولدت سنة 4 فى ه وتوفيت سنة
8 ه في المدينة . روي عنها ٠ حديث . ( انظر : الإصابة » كتاب ألنساء +
ات 01 . وكشف النقاب دخ . والسمط الثمين 4؟ وطبقات ابن سعد 8 : 74
والطبري 7 :7 وذيل المذيل 70 وأعلام النساء 3 : 718 وحلية الأولياء
07 ؛ وتاريخ الخميس ١ : 275 والدر المثور +38 » وصبح الأعشى ف : 430 +
ومنباج السئة ؟ : 183-187 ١
(4) الأعقاب : جع عقبا- - بكسر القاف وسكونها وهو مؤخر القدم . والمراد هنا
التوعد لمن يقصر في غسل القدمين في وضوءه ؛ فقد قال الراوي في سببه ؛ أنه في رآهم
وهم في سفر يتوضأون ويمسحون أرجلهم » وأعقابهم بيض تلوح ؛ لم ييسها الماء » فنادى
بأعلى صوته . « ويل للأعقاب من النار» -
(ه) يدل الحديث على وجوب غسل الرجلين ؛ وإلى ذلك ذهب الجمهور ٠
قال النووي رحمه الله : اختلف الناس في ذلك على مذاهب : فذهب جميع الفقهاء
من أهل الفتوى في الأعصار والأمصار إلى أن الواجب غسل القدمين مع الكعبين » ولا<