3 مقدمة التحقيق
جع بين دفي هذا المتن المبارك ما اتفق عليه الشيخان: البخاري ومسلم من أحاديث الأحكام
التي بها تتم معرفة الحلال والحرام؛ وهي متن لهذا الشرح الذي نحن بصدده للعلامة ابن
ولأهمية هذا المتن المبارك قد أولاه العلماء اهتمامًا خاصنًا شرح وتدريبًا؛ فقد شرحه
العلامة ابن دقيق العيد (7 0 ه) في : «إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام؛ ثم تبعه ابن
الملقن في كتابنا هذاء وسياتي الكلام عليه.
ثم الف مجد الدين أبو البركات ابن تيمية (101ه)؛ كتابه «الأحكام الكبرى»؛ ثم
انتقى منه كتابه «المنتقى في أخبار المصطفى»؛ وقد شرح هذا الأخير العديد من العلماء.
ثم ألف ابن دقيق العيد (7 ٠ لاه) كتابه: «الإمام في أحاديث الأحكام؛ ثم ألف خاتمة
الحفاظ الحافظ ابن حجر العسقلاني 70 ه) كتابه «بلوغ المرام»» وقد شرح أيضًا
وهكذا نجد العلماء رحمهم الله قد أولوا هذا الباب من العلم اهتمامًا كبيراً فصنفوا له
عبدالغني المقدسي
كان من المناسب أن أجعل بين يدي القارئ الكريم فصلاً في ترجمة هذا العالم الجليل
ّ مفتتح شرحه؛ فكشف فيها النقاب عن شخصية الإمام وجرائيه
بهاء وارخينا للقلم عنانه في ترجمة صاحب كتابنا الحالي؛ ألا وهو
الإمام الجليل ابن الملقن. فنقلنا ترججته كما جاءت في «طبقات الشافعية» لابن قاضي شهبة»
ترجمة الإمام الحافظ العلامة
أبي حفص عمر بن علي بن أحمد الأنصاري الشافعي
المعروف بابن الملقن
كماءة كتاب «طبقات الشافعيت" ؛ لابن قاضي شهبت
قال رحمه الله مترججًا له:
لاعمر بن علي بن أحمد بن عبدالله الشيخ الإمام العالم العلامة؛ عمدة المصنفين»
سراج الدين؛ أبو حفص الأنصاري. الأندلسي الأصل» المصريء المعروف بابن الملقن
عيسى المغربي الملقن؛ فعرف به؛ ولد في ربيع الأول سنة ثلاث وعشرين وسبعمائة.
أخذ عن الإسنوي ولازمه؛ وعن غيره من شيوخ العصر: وسمع الحديث الكثير» حتى
أنه ذكر مرة أنه سمع ألف جزء حديثية؛ ودخل دمشق سنة سبعين طالبًا للحديث؛ وصنف
واعترضه في مواضع؛ وقد مات الأذرعي قبله بدهر؛ ودرس وأفتى» وصنف التصانيف
قال الحافظ شهاب الدين ابن حجر - امع الله يبقائه: وتخرج في الحديث بزين الدين
الرحي؛ وعلاء الدين مغلطاي؛ وكتب عنهما الكثير؛ واكثر من تحصيل الأجزاء؛ وسماع
يا فطنًاء رايت خطوط فضلاء ذلك العصر في طبقات السماع توصفه بالحفظ ونحوه من
الصفات العلمية» ولكن لما رأيناء لم يكن في الاستحضار ولا في التصرف بذاك. فكأنه لما طال
(1) 40 54-4 وانظر: المجمع المؤسس»؛ لابن بحر (* 77-17 1)؛ و«إنباء الغمر بأباء العمر؟؛ لابن حجر (1/ 114-113
ودلظ الآلحاظه؛ لابن فهد المالكي (ص/101-141)؛ و«النجوم الزاهرة»» لابن تغري بردي (10:/11: و«الضوء
ترجمة الإمام ابن الملقن رحمه الله
المشهورة كالمنهاج والتنبيه والحاوي؛ فله على كل واحد منها عدة تصانيف؛ يشرح الكتاب
ومن محاسن تصانيفه «شرح الحاوي»؛ رأيت منه نسخة؛ كنبت عنه في حدود سنة
خمسين؛ واشرح البخاري» في عشرين مجلدة؛ وعمله في نصفه الأول أقوى من عمله في
نصفه الآخرء وقد ذكر أن بينهما مدة عشرين سنة؛ ثم شرح «زوائد مسلم»؛ ثم «زوائد أبي
وصنف في كل فن. فشرح الألفية في العربية؛ ومنهاج البيضاوي؛ واختصر ابن
الحاجب»؛ وعمل «الأشباه والنظائر»؛ وجمع في الفقه كتابًا سماه «الكاني"؛ أكثر فيه من
النقول الغريبة؛ واشتهر اسمه؛ وطار
ورغب الناس في تصانيفه؛ لكثرة فوائدها وبسطها؛ وجودة ترتيبهاء وكانت كتابته أكثر
وقال الحافظ شهاب الدين ابن حجي؛ تغمده الله برحمته: صنف في با شيخه
الإسنوي قدا شرح المنهاج» ثم صنف تخريج أحاديث الرافعي» ورد علينا د
سبعين طالبًا لسماع الحديث؛ فاعتنى به القاضي تاج الدين لما ورد عليه؛ وكتب له مؤلفه»
وارسله إلى الشيخ عماد الدين بن كثير؛ فكتب له أيضًا؛ وإنما استعان بكتاب القاضي عز
ما كان يستحضر شيئًا؛ ولا يحقق علمًا؛ ويؤلف المؤلفات الكثيرة على معنى النسخ من كتب
ترجمة الإمام ابن الملقن رحمه اللاه. 9
توفي في ربيع الأول سنة أربع وثمائماثة؛ ودفن بحوش الصوفية خارج باب النصرء
ومن العجائب أن المشايخ الثلاثة هو والبلقيني والعراقي كانوا أعجوبة هذا العصر على راس
القرن: الشيخ في التوسع في معرفة مذهب الشافعي؛ وابن الملقن في كثرة التصانيف»
والعراقي في معرفة الحديث وفنونه؛ وكل من الثلاثة ولد قبل الآخر بسنة ومات قبله بسئة.
و«تخريج احاديث المهذب»؛ ودتخريج أحاديث الوسيط»؛ شرح العمدة سماه: «الإعلام
بفوائد عمدة الأحكام»؛ وهو من احسن مصتفاته؛ «تلخيص مسند الإمام أحمد»؛ واصحيح
ابن حبان»؛ «الاعتراض على مستدرك الحاكم»؛ «الإشراف على أطراف الكتب ال
«المقنع في علوم الحديث»؛ امختصر دلائل النبوة»؛ «عمدة المحتاج إلى كتاب المنهاج» في ثمان
«شرح التنبيه الكبير»؛ شرح ثاني متوسط نحو الزنكلوني. وآخر صغير؛ و«الأمنية على
واطبقات الصوفية»؛ و«تاريخ دولة الترك»؛ واشرح الحاوي»؛ في ثلاث مجدات؛ وانكت»
للمزي ورجال الكتب الستة الزائدة على ذلك مسند احمد وصحيحي ابن خزيمة وابن حبان
ومستدرك الحاكم والدارقطني والبيهقي»
ابن الملقن وكتابه «الإعلام»
نستطيع القول بلا تردد» وعن قناعة تامة: أن كتاب الإعلام بفوائد عمدة الأحكام
لابن الملقن من أهم الكتب المؤلفة في بابه» إذ ندرت الكتب المحققة في شرح أحاديث
وأكثرها فوائد وأتمها استيفاء للمقاصد.
فالكتاب قد حوى بين طياته جملة وافرة من أحاديث الأحكام والتي عليها مدار الحلال
يعد خدمة جليلة لكل مسلم أراد معرفة الأحكام وطلب الوقوف على الحلال والحرام.
ولا عجب من ذلك فإمام مذهيه الإمام الشافعي -رحمه الله - من كتاب الله وسنة نبيه
سار التلميذ.
متنوعة في كل فن ولون.
فنراه يعرج على كل علم من العلوم؛ فحين يتعرض لتعريف الراوي فإنه يتعرض
لعلم الرجال؛ وحين يتعرض لتوضيح الفاظ الحديث؛ فنراه يتعرض لعلم اللغة وما يجمله من
معان وبلاغة؛ وحين يتعرض لاستنباط الأحكام من الحديث؛ فإنه يتعرض لعلم الفقه وبيان
المذاهب الفقهية في المسالة.
ولما كان كذلك فقد اشتهر كتابه؛ وطار صيته؛ وشاع ذكره؛ وعم النفع به
ولا أدل على أهمية الكتاب وذيوع صيته من استفادة جملة من العلماء منه؛ وت
مؤلفاتهم بالنقل عنه؛ والاقتباس من نصوصه؛ وعلى رأس هؤلاء تلميذه ابن حجر في «فتح
منهج ابن الملقّن في كتابه «الإعلام»
تقدم معنا أنه شرح نفيس وحافل بالفوائد واللطائف» ونرى أن مؤلفه قد سلك في
العرض طريقة التفصيل والتنظيم الدقيق؛ وهي طريقة لم نعهدها في شروح من تقدمه؛ ولذا
ابن الملقن وكتابه «الإعلا ا ١١
#ا المحور الأول: التعريف بالراوي: ورجال الإستاد
فإنه يترجم لصحابي الحديث» ويذكر مختصرة من سيرته ومناقبه وسنة وفاته
وذكر أقوال أهل العلم في ذلك إن كان هناك خلاف قد وقع مع الترجيح؛ وبمن يشتبه اسم
ونراه يتعرض أيضنًا لترجمة رواة الإسناد ما قبل الصحابي» إن وجد وليس كلامه على
الإسناد قاصر) على مجرد بيان حال الراوي من جهة القوة والضعف فحسب. بل تجد
اهتمامه يتعدى إلى ما هو أبعد من ذلك؛ فقد يترجم للراوي خاصة من كان مختلقًا في اسمه
ثم نراه يهتم بنقل أقوال أهل العلم جرح وتعديلاً فيهم على سبيل الاختصار.
ها المحور الثاني: تتبع لفظ الحديث يخ الصحيحين
نجد أن ابن الملقن -رحمه الله- قبل الشروع في شرح الحديث يتتبع الفاظ الحديث في
الصحيحين خاصة؛ وأن عبدالغني المقدسي -رحمه الله- ربما يسوق الحديث في بعض المواضع
بالمعنى فنجد أن ابن الملقن يتتبع مواضعها وبخاصة في «صحيح البخاري» لتفرقها فيهاء
فيذكرها بلفظها. وقد كشف هو -رحه الله- عن هذا ا محور حين تعرض للكلام على حديث
أبي هريرة 48 في باب الجهاد: «تضمن الله من خرج في سبيله...» الحديث.
قال رحمه الله: «وعاديّ في هذا الشرح أن أتتبع لفظ الصحيحين أولاً قبل شرحه».
لا المحور الثالث: الغريب واللفْدّ
فقد أولى رحمه الله هذا الجانب عناية فائقة؛ ف
يطيل النفس في ذكر أوجه الضبط إن كانت الكلمة
كذلك يهتم بشرح الغريب من الفاظ الحديث وتحقيق القول فيما أشكل منهاء وذكر
نقولات أهل العلم في استيضاح معاني الألفاظبما لا يجعل للقارئ مرجعًا آخر يرجع إليه في
استيضاح وبيان المعنى.
يتعرض لضبط الفاظ الحديث بل
في ضبطها مع ذكر شواهد ذلك
وكذلك يهتم بضبط أسماء الأماكن والتعريف بها ومحاولة تحديدها وتعيينها.
وقد يعتني كذلك بإعراب كلمة أو جلة؛ وبيان الوجوه المختلفة في ذلك وترجيح ما
ها المحور الرابع: الأحكام الفقهية
فإنه رحمه الله يتعرض لتحرير الأحكام بطريقة التفصيل؛ حيث يعرض المذاهب كلها
راجح ذاكر دليله وما استنبطه من قواعد وأحكام بنى عليها هذا الترجيح؛ ثم يذكر هذه
وهذا ما يسمونه الآن ب «الفقه المقارن» حيث تعرض المذاهب بادلتها والترجيح في
المسالة؛ وهذا الأسلوب من افضل الأساليب لتحصيل الفقه ومسائله بأدلتها لدى طالب
#ا المحور الخامس: فوائد وفروع
قد يستنبط من الحديث بعض الفوائد والفروع غير الباب الذي وضع تحته هذا
الحديث كالآداب والأخلاقيات؛ فتراه رحمه الله اعتنى بهذا الباب كثيراً؛ إذ ينبه على ما
يستنبط من الحديث غير الباب الفقهي الموضوع تحته.
© عملنا في الكتاب
إن استشكل عليه أمر من الأمور» فأراد الرجوع إلى أمهات الكتبء
وبما أن الكتاب قد طبع من ذي قبل ة الأستاذ/ عبد العزيز بن أحمد بن
حيث بلغت في عدد مجلداتها إحدى عشر مجلدًا؛ فهي باهظة الثمن على طلبة العلم وبخاصة
هنا في مصر؛ ومن أجل ذلك كان الدافع الأساسي وراء عملنا في هذا الكتاب مقارنة بالطبعة
العمل فيه.
وقد تم هذا العمل المبارك من خلال مراحل:
ثانياً: قمنا بضبط المتن وتشكيله ليكون أدعى في سهولة تناوله وحفظه لمن شاء من
طلبة العلم.
ومعها مسند الإمام احمد؛ مع الإشارة إلى علة الحديث إن وجد حديثًا من هذه الأحاديث فيه
مقال أو تكلم عليه أهل العلم.
الباحث اختصار) وعدم الإثقال بالحراشي
وتم الفراغ من التعليق على هذا السفر المبارك يوم الثلاثاء الموافق العشرون من جمادى
الآخرة لسنة ألف وأربعماثة وستة وعشرون.
أبو عبدالله/ محمد علي سمك
علي بن إبراهيم بن مصططى
صور مخطوطات كتاب «الإعلام».
ابماجؤواد
ع هحور