ونعوذ بالله من ادعاء شيء لانعلمه ؛ ونأله متوجهين إليه تعالى أن لا
هماع
اللهم سدد خطانا ؛ وخذ بيدنا إلى الحق والخير ؛ واهدنا فيما اختلف
فيه إلى الحق بإذنك يا أكرم مسؤول . ويا أسرع من يجيب"
أما بعد فإن الحمد لله الذي خلق الإنسان وجهزه بجهاز الحس والفكر +
ولفت نظره إلى عظيم هذه القدرة » وجزيل هذه النعمة اللذين يفرضان على
الإنسان عميق
لقد خلى الله الإنسان لعبادته في إطار إعمار الأرض واستثمار خيراتها +
وحسن استخدامها » والعدل في توزيع خيراتها وغطاءاتها ولكنه لم يتركه
يتخبط في عشواء محاولاً أن يعبد ربه وفق ما يخترعه من طرق ء أو ما
يستحسنه وبروق له من أساليب » فأرسل له الرسل مبشرين ومنذرين +
وختمهم بالرسول العظيم خاتم المرسلين » الذي أوتي القرآن ومثله معه :
القرآن العظيم ؛ والسنة المطهرة وهما البرنامج العام للعقل الإنساني +
)١( من مقدنتي لمسند أبي يعلى الموصلي
الله هو الذي خلق بعلمه وقدرته ؛ وأرشد وهدى بلطفه ورحمته » فأرسل إلى
الإنسان ما يحقق إنسائيته ويرشده إلى قيمة القيم في السلوك الإنساني والحياة
البشرية بامتدادها الأفقي + وعمقها الشاقولي + ومن المسلم به أن مخترعغ
الحاجة أعلم بما يصونها ويحفظها من التلف » وهو الأدرى بإصلاحها إن
أصابها شيء من عطب ؛ فالله هو الخالق » والله هو الهادي » والله على كل
وما أجمل وصف الرسوك الكريم لما أتى به » وما أوجز عبارته وأعمقها
اللترام حيث قال : « ألا َي تَارِكٌ فِكُمْ
لقد آمن الصحابة الكرام الإيمان العميق بصدق الرسالة وخيرها
فاحتضنوها وأحاطوها بمقل العيون » بل زرعوها في سويداء القلوب +
وحولوا ما جاء فيها من مبادىء إلى سلوك يومي لأنها دستور الإصلاح العام :
إن هذا الْقْرْآنَ بَهْدِي لأتي مي أقوم > .
فهي تهذيب للنفس وسمو بها إلى عالم الأمن والأمان والسلامة
والإسلام ؛ ترسم لها أسلوب التعامل مع ذاتها وتوضح لها أطر العلاقات
وهي تهذيب للمجتمع حتى لا يُفِْطَ ولا يفرط » فهو الحامي للفرد من
كل طغيان » وهو الصاعد بالفرد من حدود الذات . فالمجتمع كالجسم يكون
سليماً بسلامة أعضائه . ولكنه يضعف إذا اعتل أحد الأعضاء » فهو الذي
عليه أن يأخذ منه إذا احتاج . ولكن دون إرهاق ؛ وهو الذي عليه أن يقدم له
الإمداد .
وهي التي تحده العلاقة بين الخال والمخلوق بأسلرب عملي فاح لا
لذلك فإن الصحابة قد حملوا هذه الرسالة أمنة أغلى عندهم من أموالهم
الفوز العظيم .
الكانبون '"" وحفظ الحافظون . وقد أخذ هؤلاء الأئمة عن كتب شيوخهم
والتصنيف .
لقد جمعوها بإفراد أبواب الفقه باب باباً كما فعل الشعبي الذي روي عنه
جابر» وصحيفة سمرة بن أجندب .
أنه قال : هذا باب من الطلاق جسيم وساق فيه أحاديث .
فعل مالك في « الموطأ » وقد توخى جمع القوي من أحاديث أهل الحجاز
ومزجه بأقوال الصحابة وفتاوى التابعين
وقد استقصى هذا فجمع وأوعى عبدُ الرزاق (111) ه ١ وأبو بكر بن
أبي شيبة (170) ها
ثم رأى كثير من الأئمة أن يفردوا حديث رسول الله بق فأصبحت قلّما
تجد إماماً من الحفاظ إلا وله مسند : كالطيالسي » والإمام أحمد +
وإسحاق بن راهويه . والبزار + وأبي يعلى الموصلي
ومن الحفاظ من رتب على العلل فجمع لكل متن طرقه ؛ واختلاف
ثم أصبح التأليف الأغلب الذي صار سائداً هو التأليف على الأبواب بغير
يز بين درجات الحديث . ثم بدا لبعض الحفاظ أن يتقيد بالصحيح +
مسلم بن الحجاج النيسابودي
وقام حفاظ آخرون بإفراد الحديث الصحيح جملة ؛ فكانت محصلة
ذلك صحيح ابن خزيمة .
غير أن ابن حبان تلميذ ابن خزيمة قام بتجربة أوسع على غير الطريقة
التي أصبحت مألوة في التأليف . فابتدع طريقة رأى بعض العاملين في هذا
الميدان الشريف أنها عسرة » ورأينا غير ذلك . فهجر ابن حبان » ومُجر
صحيحه إلى أن قام ابن بلبان بإعادة ترتييه على أبواب الفقه وقد بينا ذلك في
مقدمتنا لهذا الصحيح طبعة أولى - الذي قامت بنشره مؤسسة الرسالة .
وضعت المستخرجات على الصحيحين ؛ والمستدرك عليهما . ثم رأى
جماعة من الحفاظ أن يجمع بين الكتب المعروفة في موضع واحد ؛ فجمع
الحميدي بين الصحيحين ؛ وجمع ابن الأثير الكتب الستة في « جامع
الأصول + وجاء علي بن أي بكر الهيشمي - بإشارة شيخه الحافظ العراقي
وإرشاده ليجعل من الزوائد تكملة لما وصل إليه من سبقة .
أ الزوائد
إذا أطلقت كلمة « الزوائد » أريد بها الأحاديث التي يزيد بها كتاب في
الحديث مسنداً كان أو معجماً على الكتب السثئة
وقد قام علماء أفاضل باستخلاصها من المسانيد والمعاجم المرتبة على
أسماء الشيوخ والتي لم ترتب على أبواب الفقه . لأن البحث فيها عن حديث
مااصعب وعسير ؛ ويستهلك الوقت الطويل والجهد الكبير » فأرادوا - جزاهم
الستة من طريق أخرى انفرد بها أصحاب المعاجم والمسانيد ؛ أو أخرجوه
وكان فيه بعض زيادة أو اختلاف في المتن أو الإسناد ؛ وما أجمل أن يتحدث
المصنف عن منهجه :
قال الهيثشمي في مجمع البحرين ١/١ : « فقد رأيت المعجم
الأوسط » والمعجم الكبير لأبي القاسم الطبراني ذي العلم ١ َ
من العلم مالا يحصل لطالبه إلا بعد كشف كبير » فأردت
شاردة » إلى باب من الفقه يحسن أن تكون فيه واردة ؛ فجمعت ما انفرد به
مميزاً لها بقولي : أخرجه فلان خلا كذا ؛ أو
بهذا السياق » وشبه هذاء
وبذلك فقد وفروا على الباحث الجهد والوقت ؛ ويسروا علية الوصول
إلى ما يريد من أقصر الطرق . وزودوا الباحثين بما يمكن أن يعتبر نسخة
غزيرة الفوائد .
ولم يذكر لنا مؤرخو السنة متى بدأ التأليف في هذا الباب ؛ وأقدم ما
وقعنا عليه في هذا الباب . ما قاله الحافظ ابن حجر في « لسان الميزان »
ترجمة مغلطاي : « ومن تخريجاته ترتيب ( بيان الوهم والإيهام )
لابن القطان » و( زوائد ابن حبان على الصحيحين ) . . . » وانظر مقدمة
موارد الظمآن بتحقيقنا .
هذه هي التجربة الأولى التي وقعنا على ذكرها أثناء بحثنا » وأما التجربة
الثانية التي وقعنا عليها فهي ضم زوائد الطيراني » وأبي يعلى إلى مسند
أحمد الذي رتبه الحافظ ابن كثير على حروف المعجم
تجاربهم لنعلم هل استفاد منها أم لا ؟ ولتحدد مقدار هذه الفائدة إن كانت
واقعة
يجعلنا نبدل رأينا + فقد أنضج تجربته حتئ أصبحت المعين الذي نهل منه
كل من جاء بعده » سواء اعترف بهذه الفائدة كالحافظ ابن حجر » أو تجاهلها
المضمار وسبقه في مجال التأليف في هذا الباب المفيد .
وقد أجمع مترجمو. الهيشمي على أن العراقي هو من درب تلميذه على
هذا الفن ؛ قال محمد بن محمد بن فهد الهاشمي المكي في « لحظ
الألحاظ ؛ ص (934) : « وأشار عليه بجمع ما في مسند الإمام أحمد من
الأحاديث الزائدة على الكتب الستة » فأعانه بكتبه » وأرشده إلى التصرف في
الكتاب إذ قال : د وبعد فقد كنت جمعت زوائد مسند الإمام أحمد » وأبي
يعلى الموصلي + وأبي بكر البزار . ومعاجيم الطبراني الثلاثة - رضي الله
تعالى عن مؤلفيهم وأرضاهم ؛ وجعل الجنة مثواهم ؛ كل واحد منهم في
تصنيف مستقل . ماخلا المعجم الأوسط والصغير فإنهما في تصنيف واحد .
فقال لي سيدي وشيخي العلامة . شيخ الحفاظ بالمشرا
ومفيد الكبار ونَزْ دونهم ؛ زين الدين أبو الفضل عبد الرحيم بن العراقي
والإعانة عليه . وأسأل الله تعالى النفع به إنه قريب مجيب ؛ . فأعانه الله
ويسز له فكان هذا الكتاب .
وإنني أرى من الواجب علي أن أنقل هنا كلمة الناشر حسام الدين
الله - إليه
يقول الناشر : « يسم الله الرحمن الرحيم
على كتب السئن الستة من أعظم المعاجم والمسانيد : المعاجيم الثلاثة
الكبير » والأوسط والصغير - للطبراني + ومسند البزار . ومسند الإمام
أحمد » ومند أبي يعلى الموصلي .
ويذكر أحياناً بعض السنن المروية في غير هذه الكتب كصحيح ابن
حبان » والأحاديث المختارة للضياء المقدسي + وغيرهما .
ورتبه على الكتب والأبواب ؛ وتكلم على الأحاديث ورجالها تصحيحاً
فهو مع الكتب الستة كمعلمة ( دائرة معارف ) للسنن النبوية التي هي
الينبيع الفياض لسعادة العالمين + يرى المتبصر فيه كثيراً من الأحاديث
لا وجود لها في الكتب المطبوعة » مما يساعد على حل المشكلات الفقهية
والعلمية ؛ وينير الطريق لفهم السئن القي اختلف الشراح فيها . كما يجد فيه
أحاديث وفيرة تكشف عن وجوه الأحاديث التي يوهم ظاهرها التناقض ؛ وهو
خير مؤازر على تفسير السنن بالسنن
وقد توفر الحافظ الهيثمي على تأليفه ؛ وأعانه شيخه الحافظ الزين
أه على مؤلفه . واستدرك عليه في مواضع ب
إذا كتأليف ثلاثة من أئمة الحفاظ الذين وقفوا حياتهم لخدمة السنة النبوية ٠
الحافظ ابن حجر
رضي الله عنهم .
وقد عثرنا على الأصل العظيم لهذا الكتاب الذي عليه قراءةٌ الحافظ ابن
حجر على المؤلف + وفيه استدراكاته المذكورة . فقابلنا به . وأثبتنا
استدراكاته كما نقلنا صورة خط الحافظ ابن حجر بهذه القراءة ؛ وخط
المصنف بإجازته له ولمن حضر القراءة » وختمنا أكثر الأجزاء يما وجد في
وزيادة على ذلك فإن هذا الأصل مكتوب بخط تلميذ المؤلف أحمد بن
محمد الفوي . وعارضنا بعض أجزائه بثلاث نخ غير الأصل في مصر
والشام ؛ .
رحم الله حسام الدين القدسي ؛ وأجزل ثوابه ؛ وإنتي سأقدم الدراسة
الوافية - إن شاء الله وأراد لي ذلك - في نهاية الكتاب . حيث يكون العمل
لان التعميم لا يفيد عالماً ؛ ولكنه يضر بدون شك شداة العلم ومدعيه .
نأل الله التوفيق والسداد » والتثيت والرشاد إنه على ما يشاء قدير .
وقال السيد محمد بن جعفر الكتاني في « الرسالة المستطرفة » ص
)١8( وهو يتحدث عن « مجمع الزوائد ومنبع الفوائد » : « وهو من أنفع
كتب الحديث » بل لم يوجد مثله كتاب ؛ ولا صنف نظيره في هذا الباب » .
وقال الأستاذ أحمد رافع الطهطاوي هامش ذيل طبقات الحفاظ :
« وهو من أهم كتب السنن بعد الأصول الستة + ومن يطل عليه » يخضع
لجلالة قدر مؤلفه في الحديث» .
وقال الشيخ محمد عابد السندي يصف هذا الكتاب : « وهو كتاب عظيم
جليل القدر ؛ كبير الشأن ؛ لم أر احداً سبقه إلى هذا المنهج الجلي » رضي
الله عنه رضاء لا سخط بعذه» .
بعلي بن أبي بكر الهيثمي "
إن دراسة حياة أي علم من أعلام الحديث أو الفقه أو الأدب دراسة
علمية يتوصل بواسطتها الدارس إلى المكونات النفسية والفكرية ؛ ومجالات
)١( مصادر ترجمة الحافظ الهيلمي:
إتياء الغمر ف / 187-761 6 15
ذيل طبقات الحقاظ اص (77-777) .