يقل من التحديث» وبروي الذهبي عن أبي عمرو الشيباني قال: كنت أجلس إلى ابن
ناقل علم الرسول 8 إلا أن يسلّم أنه كان يفتي بما يعلم من الرسول ق#؛ من غير
قول ابن القيم في أقوال الصحابة
ولقد قال ابن القيم إن الصحابي إذا قال قولاً أو حكم بحكم فيجوز أن يكون
سمعه من النبي َي : شفاهاً أو من صحابي آخرء وأن ما سمعه الصديق والفاروق
رضي الله عنهها وغيرهما من كبار الصحابة كثير» ولكن لم يُرد عن صديق الأمة إلا قليل» مع
البعث إلى أن توفي» وكان أعلم الأمة به وي وبقوله وفعله وهديه وسيرته .
قول السيوطي في قلة رواية الصديق رضي الله عنه
حديثاً فقط» وسبب قلة روايته أنه تقدمت وفاته قبل انتشار الأحاديث واعتناء التابعين
بسماعها وتحصيلها وحفظهاء وقد ذكر عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن أبا بكر لم
يترك شيئاً أنزل في الأنصار ولا ذكره رسول الله كَل في شأنهم إلا ذكره» وهذا أولك
دليل على كثرة محفوظه من السنة وسِعَّةٍ علمه بالقرآن"".
رواية البخاري في صحيحه
أن أبا هريرة رضي الله عنه قال إن الناس يقولون أكثر أبو هريرة ولولا آيتان في
)١( انظر تاريخ الخلفاء للسيوطي ص/ 04 من طبع المطبعة المحمدية لأهور.
(1) أعلام الموقعين؛ 178/4
وأصلحوا وبيّنوا فأولئك أتوب عليهم وَأنا التواب الرحيم 1#" إن إخواننا من المهاجرين
كان يشغلهم الصفق بالأسواق وإن إخواننا من الأنصار كان يشغلهم العمل في
ويحفظ ما لا يحفظون
ولقد روي أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه كان ينهى أبا هريرة عن كشرة
وبالجملة إن عصر الصحابة رضي الله عنهم؛ كان عصر العلم النبوي نقله
أصحاب رسول الله 8 بطريقتين: -
أولهما: نقل نصوص الأحاديث وأفعال الرسول كَيةِ وتقريراته.
وثانيهها : نقل علم الرسول كَل : بطريق الافتاء والقضاء والعمل . وذلك ما كان عليه
كبار الصحابة الذين كانوا من أهل الحل والعقد كأبي بكر رضي الله عنه وبقية الخلفاء
الراشدين» وكعبد الله بن عباس وزيد بن ثابت رضي الله عنهما وغيرهم من كبار علماء
الصحابة الذين أفتوا في مهمات الأمور كابن مسعود وابن عمر وأبي موسى الأشعري
ومعاذ بن جبل وسعد بن أبي وقاص وأنس بن مالك وأبي سعيد الخدري رضي الله
عنهم وعائشة الصديقة وأم سلمة رضي الله عنهما) .
من بعد ما
الرواية في عهد التابعين
التابعون هم الذين جاؤوا بعد عصر الصحابة واتبعوهم بإحسان» وكان منهم من
التزم بعض الصحابة وتتلمذ عليه ونقل علمه.؛ ويلاحظ في هذا العصر أن أولئك
التابعين قد تفرقوا في البلاد وكان في كل إقليم من الصحابة من تخرج عليه طائفة
() الإصابة لابن حجر العسقلاني ص/ 16
آية خم 11١
منهم الفقيه المدرك لمسائل الشريعة؛ ومصادرها ومواردهاء يُفتى بما عرف عن النبي
َف وكان منهم الوالي » والولاة الذين كانوا علماء وفقهاء. فكان حكمهم وعلمهم من
طرق تعرف الفقه الإسلامي. وكان منهم القضاة كأبي موسى الأشعري وغيره ممن
الإسلام حظ معتد من أولئك الفقهاء من الصحابة
فقد كان بمكة المكرمة من الصحابة الحارث بن هشام وصفوان بن أمية وعبد الله بن
صفوان رضي الله عنهم» وآوى إليها عبد الله بن عباس ترجمان القرآن كما سماه
ابن مسعود رضي الله عنهماء وكان بالكوفة عبد الله بن مسعود وأبو موسى الأشعري
وعلي بن أي طالب كرم الله وجهه وخباب بن الأرت وسلمان الفارسي وحذيفة بن
اليمان رضي الله عنه.
وكان بالبصرة من أعلام الصحابة أنس بن مالك وعمران بن حصين وأبوبكر بن عبيد
رضي الله عنهم» وغيرهم كثيرء كما كان بدمشق في العصر الأموي بعض الصحابة
ولا نسى أن المدينة المنورة كانت فيها الجمهرة العظمى من الصحابة» فإليها آوى
كلهم في أيام الفتن التي أثيرت حول أمير المؤمنين علي بن أبي طالب كرم الله
وجهه؛ وفي صدر العصر الأموي كانت مأوى الأكثرين من أصحاب النبي قم وقد
المديئة المنورة طائفة كبيرة من التابعين كانوا مصدر العلم والعرفان في عصرهم وقد
جمعوا أحاديث الرسول كَل وفقه أصحابه.
تدوين السئة
قد كان أولئك التابعون الذين ورد في مدحهم قول الرسول َل «خير القرون
بعض مايحفظون» فأخذ التدوين يزيد شيئاً فشيئاً. حتى دعا إليه
الخليفة العادل الزاهد عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه بكتابه الذي كتب إلى أبي بكر
محمد بن عمر بن حزم التابعي يقول له فيه:
)١( جامع بيان العلم لابن عبد البر
«أكتب إلي با يثبت عندك من الحديث عن رسول الله َيه وحديث عمر» فإني قد
خشيت دروس العلم وذهاب العلماء» ولم يكتف بالكتابة إلى أبي بكر المذكور» بل إلى
الآفاق. «انظروا حديث رسول الله يل فاجمعوء» روى ابن عبد البرعن سعيد بن
زيادء قال: سمعت ابن شهاب يقول: «أمرنا عمر بن عبد العزيز بجمع السنن فكتبناها
في دفاترء فبعث إلى كل أرض له عليها سلطان دفتراً» وإن بعض التابعين قد اشتهر
بتدوين السنة والعناية بها. فمن هؤلاء أب بكر المذكور قبله المتوفى سنة عشرين ومائة
من الهجرة؛ وابن شهاب الزهري المتوفى سنة أربع وعشرين وماثة من الهجرة؛ وليس
العصر» ولكنه لم يكن تأليفاً جامعاً» بل كان تدويناً لأبواب متفرقة غير مجمعة حتى
جاء التجميع في آخر عصر التابعين» وأول عصر تابعيهم .
مكانة المديئة في الحديث
فراراً من الفتن» ولذلك كان عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه حريصاآً على علم
المديئة؛ فقد أمر بتفرق علمائها في الأمصار ليعلموا الناس ويرشدوهم ويبينوا لهم
حدود الإسلام وشرائعه؛ وكان من هؤلاء الذين أرسلهم في الأقاليم عشرة من
التابعين'؟. واشتهر في المدينة سبعة من التابعين سموا بالفقهاء السبعة وهم:
١ - سعيد بن المسيب الفقيه المحدث القرشي المخزومي المتوفى سئة 57 ه.
-عروة بن الزبيربن العوام أخو عبد الله بن الزبير وابن أخت أم المؤمنين عائشة
رضي الله عنبما» وقد روى عنها وتتلمذ عليهاء وتوفي سئة 54 ه.
٠ أبو بكر عبيد بن عبد الرحمن بن الحارث» وقد روى عن عائشة وأم سلمة رضي
الله عنهياء ومات سنة 94 ه.
© والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق» ابن أي عائشة رضي الله عنهاء وقد
تلقى الحديث والفقه عن عمّته أم المؤمنين عائشة ومن عبد الله بن عباس رضي
يرص/ 27 وتاريخ الفقه بلحجوي» الربع الثاني ص/ 11١
- وعبيد الله بن عبد الله بن عيينة؛ روى عن ابن عباس وأم المؤمنين عائشة وأبي
هريرة رضي الله عنهماء وكان فقيهاً محدثاً؛ توفي سنة 4 ه.
زيد بن ثابت وعبد الله بن عمر وأبي هريرة رضي الله عنهم» وأمهات المؤمنين
ميمونة وعائشة وأم سلمة رضي الله عنهنٌ» وقد توفي سنة ٠٠١ من الهجرة.
١ وسابع هؤلاء الفقهاء المحدثين من التابعين خارجة بن يدبن ثابت» أخذ علم أبيه
ونشره؛ وكان أعلم الناس بالفرائض كأبيه زيد بن ثابت رضي الله عنهما .
وقد تلقى علم هؤلاء وحديثهم ابن شهاب الزهري وربيعة بن عبد الرحمن
وغيرهم من صغار التابعين وكبار الطبقة التي تليهم .
الرواية بعد عهد التابعين
قد قال ابن حجر العسقلاني في مقدمة «فتح الباري في شرح صحيح البخاري»
اعلم أن آثار النبي جم لم تكن في عصر الصحابة وكبار التابعين مدونة في
الجوامع ولا مرتبة لأمرين: -
أحدهما: أنهم كانوا في ابتداء الحال قد نهوا عن ذلك. كما ثبت في صحيح
مسلم؛ خشية أن يختلط بعض ذلك بالقرآن العظيم .
ثم حدث في آخر عصر التابعين تدوين الآثار وتبويب الأخبار لما انتشر العلماء في
الأمصارء ولما كثر الابتداع من الخوارج والروافض ومنكري الأقدار. فأوّل من جمع
ذلك الربيع بن صبيح وسعيد بن أبي عروبة وغيرهم» وكانوا يصنعون كل باب على
: إلى أن قام كبار الطبقة الثالثة فدونوا الأحكام؛ فصنف الإمام مالك «الموطا»
وتوشى فيه القوي من حديث أهل الحجاز. وخرّجه بأقوال الصحابة وفتاوى التابعين
ومن جاء بعدهم» وفي أثناء تدوين مالك لموطئه كان تلاميذ أبي حنيفة يدوّنون
مثل ذلك الكتاب. وكتاب الآثار ككتاب الموطاء فيه أحاديث للنبي كي وأقوال
للصحابة وفتاواهم» وكلا الكتابين منتقى من أخبار وروايات كثيرة؛ لم يختر الإمامان
الماهر للدراهم يرد زيوفها ويقبل صحيحهاء وإن كان ثمة فرق فهو في مقدار
المروي» لا في أصل التثبيت؛ فالموطأ كتاب ضخم يُعدَ كتاب الآثار بجواره صغير
ينقل السيوطي عن الذهبي أنه قال: «شرع علماء الإسلام في هذا العصر في تدوين
المنورة» والأوزاعي بالشام؛ ومعمر باليمن؛ وسفيان الثوري بالكوفة. وصنف ابن
إسحاق «المغازي».
وجاء تلاميذ الأئمة الأعلام فدوّنوا أحاديث كثيرة صحت عندهم»؛ ثم جاء من
الحديث في القرن الثالث الهجري
يلاحظ في القرنين السابقين أن السلف لم يعنوا بالأسانيدء فنجد في موطأ
مالك رضي الله عنه المسندات والمراسيل والبلاغات؛ ومثل ذلك نجد في كتاب الآثار
لأبي يوسف» والخراج له؛ والسير الكبير والسير الصغير لمحمد بن حسن الشيباني»
وذلك كان منهم لقرب العهد وخبرتهم به. وكانت أحوال الناقدين للحديث في عصر
الصحابة والتابعين ومن بعدهم معروفة عند أهل بلدهم» فمن كان منهم بالحجاز كان
من كان منهم بالعراق والشام .
كذاب يكذب في أحاديث الناس وإن كان لا ينهم على حديث رسول الله و ولامن
شيخ له فضل صلاح وعبادة إذا كان لا يعرف ما يحمل وما حدث به.
ومع أنه في القرن الأول والثانفي ظهرت الفتن الكثيرة. وظهر أهل الأهواء
عليها من يريدون الرواية ويطلبونها. حجزت بينهم وبين أن يسري إليهم ما كان
يكذب به أهل الأهواء والبدع وينسبونه إلى رسول الله َيه ذلك لأنهم كانوا لا
ولما انقضى ذلك العهد وجاء أهل القرن الثالث. ووجدوا الزمن قد طال ووجد
أهل الأهواء سبل لان يدسوا بعض أكاذييهم؛ أَحْسٌ المحدثون المخلصون الذين
تأخروا إلى القرن الثالث أنهم لا بِدّ أن يمخصوا الرواية وأن يفحصوا أحوال الرواة»
ازنوا بين الجرح والتعديل؛ ثم درسوا أحوال الرجال من حديث الحفظ
والإتقان. ومن حيث سلامة الاعتقاد وتُعدهم عن الأهواء والبدع .
ومنهم من بالغ في ردّ أيٍّ محدث عُرف أن له رأيآ مخالفاً لرأي الجماعة في
الاعتقاد. حتى إن البخاري شدّد في ذلك وأنكر قبول رواية الحسن البصري واعظ
البصرة وعالمها الذي كان صوفياً مشهورا؛ وبواسطته السلاسل الإرشادية إلى
علي بن أبي طالب كرم الله وجهه؛ لأنه روى عنه أنه كان يرى في القدر رأي المعتزلة
ولقد عني الرواة في هذا القرن الثالث بأن لا يأخذوا الأحاديث إلا من أفواه
أولهما: الأخذمن الرواة الناقلين لعلم القرئين السابقين
وثانيهما: تحرّي الأسانيد وما وصل من الأخبار غير مسند في القرنين الماضيين
ولتحصيل هذا الهدف رحل المحدثون إلى أقطار الأرض» مشارقها ومغاربهاء
وبحثوا عن أحوال حملة متون الحديث؛ وجمعوا الكتب. وأمعنوا في الفحص
والبحث عن غريب الحديث ونوادر الآثار والتحري عن أسانيدها من طرق مختلفة
متعددة عن رواة مختلفين حتى كان يكثر عندهم العلم بإسناد الأحاديث. فكانوا
وقد ترتب على هذا أن وجد علماء تخصّصوا في فن الحديث ونقده؛ ومنهم من
كان لا يفقه الحديث بمقدار ما يعنى بسنده وسلامةٍ الرجال الذين نقلوه. ولقد قال ابن
القيم في هذا النوع من العلماء المحدثين الرواة: وقسم حفاظ يعنون بالضبط والحفظ
والأداء كما سمعواء ولا يستنبطون ولا يستخرجون.
ولكن كان من بين هؤلاء الرواة المحققين من يعنى بفقه الحديث كما يعنى
بروايته» ومهما يكن فإن أكثر النقلة في ذلك العصر كانوا يكرهون الخوض في
المسائل والبحث عنهاء ويهابون القُتياء وكان أكثر عنايتهم بالرواية فقطء
بالحديث. فكتاب «الموطأ لمالك» هو صورة لفقه مالك» والآثار التي نقلها واعتمد
عليها فقهه. وكذلك كتب الحنفية كالآثار والخراج لأبي يوسف؛ والسيْرٌ الكبير والب
الصغير لمحمد بن حسن الشيباني ؛ فهذه كتب فقٍ وحديث معاً .
وأما في القرن الثالث فِمُفْتضى تقسيم العلماء ذلك التقسيم الذي نقلناه آنفآً
عن ابن القيم وغيره؛ انفصلت كتب الحديث عن كتب الفقه؛ وإن كان الحديث أصل
الفقه؛ وابتدأات هذه النزعة في آخر الماثتين؛ وقد قال ابن حجر العسقلاني في هذا
المقام ما لفظه:
«رأى بعض الأئمة منهم أن يفرد حديث النبي ييه خَاصَّةٌ» وذلك على رأسر
المائتين» فصنّف عبيد الله بن موسى العبسي الكوفي مُشْنداً؛. وصنف مسدِدٌ البصري
مسندآء وصنف أسد بن موسى الأموي مسندآً؛ وصنف نعيم بن حماد الخزاعي نزيل
صنف حديثه على المسانيد كالإمام أحمد بن حنبل»؛ وإسحاق بن َاهُويه ؛ وعثمان بن
بكر بن أبي شيية».
َبلاحَظٌ هُنا مع تجريد كتب الحديث أن منها ما كُتب على أبواب الفقه وإن كان
الباب كله حديثا ومنها ما كتب على أساس المسندات» بأن يذكر لكل صحابي
دين الإسلام؛ والحكمة النبوية؛ فرضي الله عنهم وأثابهم بما قدموه للأخلاف من علم
افع وعمل صالح .
وبعد إذ فرغنا من الكلام على الرواية في عهد الصحابة والرواية في عهد
التابعين وتدوين السنة في عهدهم» والرواية بعد عهد التابعين» وتدوين الحديث
النبوي الشريف في القرن الثالث الهجري» نريد أن ثُثت هنا نبذة من تراجم أصحاب
ُمهدهم في جَمع الأحاديث الصحاح؛ ولولا مجهودهم البالغة أقصى الغاية وأسقارهم
إلى البلاد الشاسعة لَمْ نَطلمِ على السنة النبوية الشريفة؛ ثم نبحث عن أهل الكتاب
ونسخته الوحيدة التي هي أساس تحقيقناء ثم نذكر ترجمة صاحبنا «البوصيري»
مصنف الزوائد» وغير ذلك من أمور تعلق بالتصحيح والتحقيق» فنقول: -
ترجمة صاحب صحيح البخاري
هو الحافظ أبو عبد الله محمد بن أبي الحسن إسماعيل بن إبراهيم بن
المغيرة بن الأحتف الجعفي البخاري» الإمام في علم الحديث؛ كانت ولادته لثلاث
عشرة خلت من شوال المكرم سنة 144 من الهجرة» رحل في طلب الحديث إلى
أكثر محدّثي الأمصارء وكتب بخراسان والجبال وتدن العراق والحجاز والشام
مذكور في كتاب «جَذوَة المقتبس» لأبي عبد الله الحميدي وتاريخغ بغداد للخطيب
البغدادي» وقد ذكره ابن خلكان في تاريخه» وقال: «قَافرٌ له الناس بعد ذلك بالحفظ
بيني وبين الله تعالى وعدد أحاديث صحيحه سبعة آلاف وماثتان وخمسة وسبعون
حديثا؛ وبإسقاط المكرر أربعة آلافٍ. وقيل غير ذلك» وقال الفربري: سمع صحيح