بين الناس: علامة الأندلس الفقيه المجتهد محمد بن رشد؛ المتوفى سنة
0ه في كتابه الشهير: (بداية المجتهد ونهاية المقتصد) في الفقه
المقارن» جمع فيه المسائل على أبوابها مورداً اختلاف الفقهاء من لدن
الصحابة «#: والتابعين إلى أئمة المذاهب المشهورة وأصحابهم
العلم وطلابه.
ووفاء لشريعة سيد المرسلين ثم وهو ما آمل تحقيقه من خلال هذا
البحث الذي جمعت فيه ماثة قول أو تزيد حكم عليها ابن رشد بالشذوذ؛
وقد وشأت لهذا البحث بتعريف للشذوذ وتحذير منه وإلماحات إلى
خطر التلفيق» وتتبع الرخص» والتشهي والفتوى أو القضاء بالشاذء
وتفريق بين ما روي عن بعض الأئمة من شذوذ القول وشذوذات
اتسعت هذه التوطئة فقد أفردتها في كتاب عنوانه: «إرسال الشواظ على
من تتبع الشواذ» ينظ راف 2
صالح بن علي الشمراني
عضو هيئة التدريس بجامعة أم القرى
أسباب اختيار الموضوع
بعد استخارة الباري - جل وعلا - واستشارة أهل الفضل والعلم فإن
أسباب اختيار هذا الموضوع تعود إلى أقسام ثلاثة:
الأول: أسباب متعلقة بالكتاب نفسه:
حيث إن كتاب بداية المجتهد ونهاية المقتصد كما تقدم يعد مستنداً
بإيراده أقوال الأئمة ا العلم مع بيان مستند كل مع الترجيح
ثم إن في خدمة هذا الكتاب تتمة للدراسات والأبحاث السابقة؛ ما
بين شرح لغامضه؛ وتحقيق لنصوصه» وتخريج لأحاديثه وآثاره؛ ورسائل
جامعية عنيت ببعض الجوانب منه كاتفاقات ابن رشدء وأسباب الخلاف
عند ابن رشدء في سلسلة من الأبحاث لغير ما باحث؛ ولا زلنا نتشوف
للمزيد من ذلك. .
الثاني : أسباب تتعلق بالمؤلف:
فمن المعلوم أن ابن رشد رحمه الله تعالى - قد جمع بين العلوم
العقلية والنقلية؛ ولغلبة علم الفلسفة والمنطق عليه جعل بعض الناس
يميل إلى العزوف عن كتبه لأحد أمرين:
-١ صعوبة العبارة ودقتها.
"- التأثر يما أخذ عليه من الخوض في الفلسفة وعلم الكلام والمنطق.
وتوضيحاً لما أشكل في المسائل المختارة» كما أن فيه تعريقاً بفقه الرجل
وعلمه وتمكنه في هذا الشأن؛ وأن ما أخذ عليه من تيك العلوم لا يمنع
الثالث: أسباب متعلقة بالموضوع:
المقدمة الأولى+
نصيب فيه» وأمام ضغوط الواقع» وغلبة الحضارة الكافرة؛ ومع التطور
السريع في وسائل المواصلات والاتصالات نشأت ناشئة تنتسب إلى
العلم خاصة ممن ينتسب إلى معتزلة زماننا (العصرانيين”'") - أرباب
)١( العصرانيون نسبة إلى الاتجاه المسمى: «العصرية 840101578241534 وهي زندقة
عصرية يروّج لها عصابة من الكتّاب يتسترون بالتجديد؛ وفتح باب الاجتهاد لمن
هب ودبء وكتاباتهم صدى لما يدور في الدوائر الغربية المترصدة للإسلام
وحركته؛ وربما يكشف الزمن عن صلات أوضح بينهم وبينها - كلهم أو بعضهم -
وأصول فكرهم ملفقة من مذاهب المعتزلة والروافض وبعض آراء الخوارج؛ مع
الاعتماد على كتب المستشرقين والمفكرين الأوربيين عامة؛ وهم في كثير من
الجوانب امتداد للحركة «الإصلاحية» التي ظهرت في تركيا والهند ومصر على
يد الأفغاني ومدحت باشا وضياء كول آلب وأحمد بهادر خان وأضرابهم.
وتتلخص أفكارهم في:
-١ تطويع الإسلام بكل وسائل التحريف والتأويل والسفسطة لكي يساير
الحضارة الغربية فكراً وتطبيقاً
7 إنكار السنة إنكاراً كلياً أو شبه كلي.
٠ - التقريب بين الأديان والمذاهب» بل بين الإسلام وشعارات الماسونية.
؛ تبديل العلوم المعيارية «أصول الفقه» وأصول التفسيرء وأصول الحديث»
تبديلاً تاماً؛ وفرّعوا على ذلك إنكار الإجماع والاعتماد على الاستصحاب <
المدرسة العقلية الذين اقتحموا العقبة؛ فأهملوا أصول أهل العلم ولجأوا
يؤصلون لأنفسهم أن يتتبعوا أقوال العلماء فما ناسب منها روح العصر
كتاب الله تعالى أو من سنة رسوله كَلةٍ؛ ولا على إجماع أو قياس صحيح.
فهذا أحدهم يدعو إلى: «التسليم بكل ما قالت: به المدارس
الفقهية على اختلافها وتناكرها حتى الضعيف فيهاء وبقطع النظر عن
أدلتهاء واختزانها في مدونة منسقة حسب الأبواب كمجموعة
والجعفرية والستية من حنفية ومالكية وشافعية وحتبلية وأوزاعية
< الواسع والمصالح المرسلة الواسعة كما يسمونها - في استنباط الأحكام
واعتبار الحدود تعزيزات وقنية.
8 الإصرار على أن الإسلام ليس فيه فقه سياسي محدد؛ وإنما ترك ذلك
لتطور العصور وجعلوا مصدرها الاستحسان والمصالح الواسعة.
+ - تتبع الآراء الشاذة والأقوال الضعيفة والرخص واتخاذها أصولاً كلية
وهم مع اتفاقهم على هذه الأصول في الجملة تختلف آراؤهم في ١
ضابط له ولا منهج» وهدفه هدم القديم أكثر من بناء أي شيء جديد» وإنتاجه
الفكري نجده في مجلة المسلم المعاصرء ومجلة العربي» وكتابات حسن
هويدي؛ وعبد الحميد متولي» وعبد العزيز كامل» وكمال أبي المجدء وحسن
حنفي؛ وماهر حتحوت؛ ووحيد الدين خان.
وإنما رأيت ضرورة التنبيه عنهم لاستتار أمرهم عن كثير من المخلصين. ظاهرة
الإرجاء للشيخ سفر الحوالي صفحة 85 - 87. وانظر للاستزادة كتاب: «إرسال
الشواظ على من تتبع الشواذ» للمؤلف.
أسباب اختبار الموضوع
ويحدث؛ ويتأسس على هذا المقترح أنه في حال ما إذا واجهتنا مشكلة
من المشاكل اليوم» أو نازلة من النوازل نأخذ الحل من هذا المنجم
الفقهي بقطع النظر عن قائله أو دليله» وبتغير الظروف يتغير الحكم
- تغير الفتوى بتغير الزمان والمكان.
- أو فتح باب الاجتهاد (بلى كسره).
- التلفيق المذعي بالشذوذ والترخص.
- أو تأويل النصوص في الفروع والأصول على خلاف فهم السلف.
- أو مقارنة الإسلام بغيره من القوانين الكافرة.
- أو بناء الفروع على الفروع"".
ولا ريب أن في جمع هذه الأقوال الشاذة والإشارة إليهاء وبيانها
للناس» مع بيان ضعف مستندها أو عدمه لهو من فروض الكفايات التي
نطمع في القيام بشيء منها .
أنه بعد النظر في كتاب بداية المجتهدء وجد ما يفوق المائة قول
حكم عليه ابن رشد بالشذوذ» وهذا الحكم لا يخلو من إحدى حالتين:
أولاهما: أن يكون ابن رشد محقاً ومصيباً في ذلك» فأقوم بإبراز
)١( عبد الله العلايلي في: أين الخطأ؟ ص44.
التعالم للعلامة بكر أبي زيد ضمن المجموعة العلمية ص؟لا-
بي بخصوص ما أسلفت ينظر كتاب: «إرسال الشواظ على من
أسباب اختبار الموضوع
المسألة مستوفياً أدلة المذاهب مع الترجيح» ثم أذكر القول الشاذ ومن
قال به ومستنده والرد عليه.
ثانيهما: أن يكون ابن رشد في ذلك التصريح مخطئاً - فيما يظهر
لي - وهذا الخطأ له عدة وجوه منها:
ا أن يحكم على القول بالشذوذ وهو ليس بشاذا".
- يذكر القول الشاذ ولا يبين مستند صاحبه» وهو كثير كذلك!".
؛ - أن يذكر القول الشاذ ومستنده ولا يجيب عنه!.
© - ألا يبين مقصوده بالشذوذ في هذا القول الذي وصفه به(
+ - الخطأ في نسبة القول!".
-١ أن يحكي الشذوذ في مسألة عامة دون تحرير محل الشذوذ فيها"".
- ألا يذكر كل من قال بهذا القول الشاذء ولا شك أن في ذكرهم
)١( كالقول بعدم اشتراط الطهارة لسجود التلاوة» القول بجواز الحلف بالله تعالى»
القول بأن الولد في المواريث يشمل الذكر والأنثى.
(؟) كالقول باشتراط تغطية العاتق في الصلاة ص148؛ وكالقول بوجوب الجلسة
الوسطى ص4١7.
(©) كالقول بعدم جواز التنفل بركعة ص747» وكالقول بجواز الاستجمار بما هو
نجس ص174-
(4) كالقول بعدم جواز قصر الصلاة لغير المسافر الخائف ص*73.
() كمسألة من أفطر برؤيته وحده ص47 7؛ ومسألة وجوب الزكاة في الزيت ص4 77
() كمسألة فساد عمرة من جامع بعد السعي صض474؛ والقول بأنه لا يجوز للزوج
كمسألة تمتع المكي من غير مكة ص408.
(8) كمسألة طهارة الماء الآجن ص47 ومسألة من تكلم في الصلاة لأمر عظيم
َ_ 0 أسباب اختيار الموضوع
4 - أن يكون مقصوده بالشذوذ مجرد الشذوذ في المذعب"".
٠ أن يحكم على القول بالشذوذ مع أنه قول جماهير أهل السنة
١ - أن يمر على بعض الأقوال الشاذة قطعاً دون أن يصفها بالشذوذ مع
أنها أحتى به من غيرهاء إذ فيها خرق لإجماع الأمة؛ أو قول لأهل
الأهواء والبدع لم يتابعهم أحد عليه
منهج البحث:
-١ جمعت المسائل التي صرح فيها ابن رشد بالشذوذ.
"- رتبت المسائل على ترتيب ابن رشد نفسه» فسقت كل مسألة في
*- أبتدئ بالتعريف بمصطلحات المسألة في المتن أو الحاشية إذا
؛ - أجعل لكل مسألة مقدمة قصيرة تحوي بعض الأصول المتفق عليها
في ذلك الباب مما له علاقة ببحث المسألة.
9 - أعرض الأقوال في كل مسألة عرضاً مقارناً بين مختلف المذاهب
مبتدثاً غالباً بقول الجمهور أو القول المجمع عليه إلى أن أذكر
القول الشاذء فأسوقه وأذكر نص ابن رشد فيه؛ ثم أتحقق من قائله
وأذكر كل من قال به حسب ما يتيسر لي.
+ - أستدل لكل قول على الترتيب مع الردود والمناقشات.
)١( كمسألة الاقتصار على مسح أسفل الخف ص19.
() كالقول بأن الإيمان هو التصديق فقط ص6 ٠70
© انظر: نماذج لهذه الأقوال في كتاب: «إرسال الشواظ».
-١ إذا كانت الأقوال في المسألة الواحدة أكثر من ثلاثة أقوال» فإنني
8 - إذا كان في المسألة أكثر من قول شاذ عرضتها جميعاً في سياق
4 - أتبع الردود والمناقشات بالترجيح بين الأقوال.
٠ - أتحقق من كون القول الذي وصفه ابن رشد بالشذوذ كذلك أم لا؟
١١ إذا كان في الأقوال والمسائل احترازات وقيود وخلاف في بعض
فروعها فإني أذكره في الحاشية إتماماً للفائدة وطلباً لعدم الإطالة في
أصل البحث.
١ - عزوت كل آية بعد ورودها مباشرة ذاكراً اسم السورة ورقم الآية في
صلب البحث.
١“ خرّجت الآحاديث والآثار من كتبها المعتبرة حسب الإمكان.
٠4 إذا كان الحديث في الصحيحين أو أحدهما اكتفيت بالإحالة
٠ إذا لم يكن الحديث أو الأثر في الصحيحين فإني أقوم بتخريجه من
أشهر الكتب المعتمدة في هذا الشأن.
- أترجم لكل علم عند أول ورود لاسمه.
١١ ختمت البحث بنتائج؛ وعدة فهارس: للآيات - مرتبة حسب
ترتيب السور والآيات في كل سورة - وللأحاديث - مرتبة ترتيباً
أبجدياً - وللآثار المروية عن كل صحابي - مرتبة أبجدياً - ثم
فهرس للأعلام؛ وفهرس للغريب؛ ثم فهرس المسائل
خطة البحث:
الأقوال الشاذة مرتبة على ترتيب الكتاب» ثم الخاتمة والنتائج؛ ثم الفهارس +
(الأقوال التي وصفها ابن رشد بالشذوذ في بداية المجتهد جمعاً ودراسة).
وفيها أهمية الموضوع» وأسباب اختياره مع منهج البحث وخطته!".
المبحث الأول: في التعريف بالمؤلف والكتاب وفيه مطلبان:
المطلب الأول: التعريف بالمؤلف.
المطلب الثاني: التعريف بالكتاب.
المبحث الثاني: التعريف بالشذوذ وحكمه وفيه سبعة مطالب:
المطلب الأول: التعريف بالشذوذ لغة واصطلاحاً.
المطلب الثاني: الشذوذ عند الفقهاء.
المطلب الثالث: الشذوذ عند أهل الحديث.
المطلب الرابع: الشذوذ عند ابن رشدء
المطلب الخامس: مدى شمولية الحكم على الأقوال الشاذة عند
ابن رشد.
المطلب السادس: حكم حكاية القول الشاذء
المطلب السابع: حكم العمل والفتيا والقضاء بالقول الشاذ.
)١( وتقدم هذاء () وسياتي ص4اء