تمهيد
الفقه وتطور»
العلم بالأحكام الشرعية» بدلاً من: العلم بالشيء سواء تعلقت هذه الأحكام
بالعقائد أو بالأعمال الي تصدر عن العاد".
وقد مر الفقه تمراحل وأدوار متعددة بعد نشأته . وهذه المراحل تظهر كيفية
7- عصر الراشدين.
*- عصر ما بعد الراشدين إلى أوائل القرن الثاني للهجرة .
- من أوائل القرن الشاني الفجري إلى منتصف القرن الرابع
الهجري .
©- من نهاية الدور السابق إل سقوط بغداد سنة 155 ه.
- من سقوط بغداد عام 107 ه حتى العصر الحاضر .
(1) حاضرات في تاريخ الفقه الإسلامي » للدكتور محمد يوسف موسى: ١ » واتظر: للدخل لدراسة الشريغة.
الإسلامي » للدكتور عبدالكريم زبدان: 44 » والدخل لدراسة الفقه الإسلامي » للدكنور حسين افد
حسان: 4 » وتاريخ لفقه الإسلامي + للدكتور عمر سليمان الأشقر: 13-18
الدور الأول
عصر الني 18
كان الفقه في هذا الدور فقه وحي فقط . فكان مصدر الأحكام الشرعية
هو الوحي . سواء أكان من الكتاب أو السنة ؛ وحتى اجتهاد النبي © كان
وني هذا الدور مر التشريع بمرحاتين؛ هما :
أ) التشريع للكي :
وقد انه الوحي في هذه الفتزة إلى ناحية العقيدة» والأمر بمكارم الأخلاق؛
كالعدل والإحسان والوضاء بالوعد وأخذ العدو والمخوف من الله وحاده» ولم
يتعرض إلى الأحكام العملية إلا قليلاً» وبشكل كلي غلبا . وذلك لأن العقيدة
هي الأساس الأول لكل ما تأتي به الشريعة من أحكام وتفصيلات + فلا بد من
أما الأحكام العملية فكان تشريعها على نحر قليل جُمْلي لا تفصيلي +
ب) التشريع الدني :
المجتمع الإسلامي الجديد؛ وتوسس بتمقتضاها شؤون هذه الدولة الإسلامية الفتية .
أدواع ما يصندر عن الإنسان من أعمال العبافات من صلاة وزكاة وصوم
وحج”"» وكذلك لمعاملات من بيع وإحارة وصلح؛ وغير ذلك مما ينظم أمور
() تاريخ لفقه الإسلامي للأشقر: 44
تمهيد نشأة الفقه وتطوره
طريقة التشريع في هذا العصر -
(أ) وقوع حوادث تقتضي حكماً من الششارع» أو ورود سؤال للنبي ل
فينتظر الوحي بالحكم » أو الجواب من السؤال -
(ب) وقد تجيء الأحكام غير مسبوقة بسؤال ولا حاجة معينة؛ ولكن
الشارع يرى أن الوقت قد آن لتشريع هذه الأحكام لضرورتها للمجتمع .
غيزات التشريع في هذا الدور +
فأحكام القرآن والسنة كانت تأتي على مراحل» وذلك لجعل الأحكام
أخف على النفس مما لو نزلت دفعة واحدة» وتكون بذلك أدعى لقبولها
وتطيقها. كما أن في التدرج تسهيلاً وتيسيراً المخحاطبين لمعرفة الأحكام
(ب) رفع الحرج:
جاءت النصوص التشريعية صريحة تدل على أن الشارع يريد لعباده التيسير
والتخفيف » بقوله تعال : لإيريد | لله بكم اليسر ولا يريد بكم العسر»"".
وفي السنة قول َل : «يسروا ولا تعصروا »!".
ومن مظاهر رفع الحرج في الشريعة: ٍ
-١ اعتبار المرض والسفر والإكراه والخطأ والنسيان أعذارا لتخفيف
الأحكام الشرعية والرخص +
»- قلة التكاليف في الشريعة .
وما يدل على رغبة الشارع في تقليل التكاليف ما أمكن التقليل » ما جاء في
السنة من أحاديث ؛ مثل قوله 8: «إن الله فرض فرائض فلا تضيعوها وحد
() سورة البقرة ؛ الآية 186 ,
أنظر: تتح لباري شرح صحيح البخاري :١ 117 ؛ حليث قهز 78.
حدوداً فلا تعتدوهاء وحرم أشياء فلا تتهكوها» وسكت عن أشياء رجمة يكم
غير نسيان فلا تبحثوا عنها »!".
ومعنى النسخ : رفع الحكم السابق بحكم لاحق . والنسخ من مميزات هذا
الدور فقط . فلا يوجد في المراحل التالية. والسبب فيه رفع الحرج ورعاية
-١ نهى البي 8 عن زيارة القبور» ثم أباح ذلك» فقد جاء في الحديث
- ونهاهم البي في عن ادخار لحوم الأضاحي لأجل الوفرد الي جاءت
إلى المدينة» ثم أباح لحم الادخار بعد ذلك"
لا اختلاف في هذا العصر +
لقد كان البي هي هو مرجع الفتيا والقضاء؛ وهو المبلغ عن الله أحكام
الإسلام. فلا مصدر للتشريع في هذا العصر إلا القرآن والسنة . أما اجتهاد
مصدرا مستقلا للفقه ؛ وحيث لا اجتهاد فلا اختلاف ولا تعدد أقوال في المسألة
الواحدة .
التدوين في هذا العصر :
أما القرآن فقد اذ النبي قا كناب للرحي فقاموا بحفغظه .
(1) أخرجه الحاكم في مستدركه 187:7 كتاب لتفسير ؛ وأخرجه اليهقي في السنن الكيرى 11 17
وأخرجه الزمذي في جامعه » أبواب المنائر » باب ما جاء في الرخصة في زيارة القبور » ولفظه: (( فإنها تذكر
الآخرة ».انظر » عارضة الأحوذي 4: 3178-
(©) إشارة للحديث الذي أخرحه ابن ماحه في سنته عن عائشة رضي الله عنها ؛ قالت: («إما نهى رسول الله
رسو الله 08ل كنت نهيتكم عن لحوم الأضاحي فوق ثلاث أيام فكلوا وادتخروا ))!
تمهيد الفقه وتطوره
الأمرء خحشية اختلاطها بالقرآن» ثم أباح لحم كتابتها . فكان بعض الصحابة
والسنة وإن لم تدون فقد كانت محفوظة في صدور الصحابة» وبلغرها
محفوظ بحفظ الله قال تعال : «أإنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظوت»'". ومن
تمام حفظه حفظ السنة له.
() سور تسر أي
تمهيد نشأة الفقه وتطوره
الدور الثاني
عصر الطلفاء الراشذين+
بعد انقضاء عصر البي يي الذي تم فيه التشريع الإلحي في الكتاب والسنة +
لأن الفقهاء بعد وفاة البي يق واجهوا وقائع وأحداث ما كان لهم بها عهد في
أيام البي م فكان لابد من معرفة حكم الله فيها .
وقد قام فقهاء الصحابة ممهمة التعرف على أحكام هذه المسائل والوقائع
العامة ؛ ومعرفتهم تمقاصدها. وهكذا ظهر الاجتهاد بالرأي كمصدر مستقل
للفقه » بعد أن لم يكن له وحود في عصر البي 88
حصل في هذا الدور . حيث كان فقهاء الصحابة إذا لم يجدوا في الكتاب أو السنة
حكماً للمسسألة المستجدة تحولوا إلى الاجتهاد بالرأي . والتحول إلى الاجتهاد
يودي يل التنوع في وجوه الرأي عند الفقهاء. فإن المتبع لاجتهادهم يلحظ أنه
المفسدة . وعلى هذا الأسن لم يطبقوا بعض الأحكام النصوص عليها لزوال
الشروط متحققة» أو لغرض الردع والزجر عن الوقوع في للفسدة . كما أدي
بهم اجتهادهم القائم إلى استتباط الأحكام الجديدة تحقيقا للمصلحة ودفعا
للمفسدة . ولقد كان فقهاء الصحابة جميعاً لا يلجأون إلى الرأي إلا إذا لم يجدوا
الحكم في الكتاب أو في السنة . إلا أنهم لم يكونوا سواء في رجوعهم إلى الرأي
في هذه الحالة: فمنهم المكثر من الرأي ومنهم اللقل . وكان على رأس المكثرين
تمهيد
الإكثار من الرأي ونزعة الإقلال منه . ولا شك أن مرد هاتين النزعتين ليس
اعتقاد القلين حرمة الأخذ بالرأي» وإنما مرده أمر آخر» هو على ما ترجح؛
طبيعة الفقيه نفسه؛ وما خطر على ذهنه ونمط تفكيره.
الاختلاف في الرأ؛
كما سبق فإن الفقهاء من الصحابة اجتهدوا . والاجتهاد يتبعه اختلاف أو
اتفاق . فالاختلاف في الرأي نتيجة حتمية للاجتهاد» وهو دليل حيوية الفقه؛
كما أنه دليل إعمال الفقهاء عقوهم وشدة حرصهم على معرفة الصواب . وما
كان الخلاف أمراً طبيعياً للاجتهاد بالرأي لأن العقول ليست واحدة؛ ومدارك
أسباب اختلاف الفقهاء في هذا العصر +
-١ اختلافهم بسبب علم البعض بالسنة وعدم علم البعض الآخر
؟- اختلافهم بسبب تفارت فهمهم للنصوص .
7- اختلافهم بسبب الاجتهاد فيما لا نص فيه . فمنهم من يستعمل
القياس » ومنهم من يأخذ بالمصلحة » أو بسد الذرائع» أو غيرها" .
الاختلاف قليل لا كثير ا
كثيراء لأن الاجتهاد كان يأخذ شكل الشورى» لا سيما في زمن أبي بكر
وعمر . وهذا للسلك يقرب وجهات النظر » ويقضي على الاختلاف في معظم
الأحيان . إن الفقه كان في هذا العصر فقها واقعيا ؛ معنى أن الفقهاء ما كانوا
(1) مدعل للفقه الإسلامي » لعبدالله الدرعان: 417-44
تمهيد نشأة الفقه وتطوره
وظهرت الحاجة إلى معرفة حكمها» مما جعل الإفتاء قليلاٌبالنسبة إلى ما حدث
فيما بعد » ومع قلة الإفناء يقل الاختلاف .
التدوين في هذا العصر +
في هذا العصر تم تدوين القرآن الكريم في بجمرعة واحدة أي في مصحف
أبي بكر وقال له : إن القتل استحر بقرّاء القرآن في لقتال وأخحشى أن يكثر القتل
فيهم في مواطن الجهاد الأخرى» فيذهب كثير من القرآن» وإني أرى أن تأمر
بجمع القرآن . فقال أبو بكر : كيف تفعل شيئاً لم يفعله رسول الله 8؟ فقال
لذلك . فأمر أبو بكر زيد بن ثابت بتتبع القرآن وجمعه . قتم له ذلك . وكان زيد
أما السنة فلم تدون في هذا العصر . وظلت محفوظة في صدور الصحابة بلا
تدؤين . وقد روي أن عمر بن الخطاب همٌ بكتابتها إلاأنه ترك ذلك .
)١( التعريف بالقرآن والحديث ؛ محمد الزنزاف ص14
نشأة الفقه وتطوره
الدور الثالث
عصر ما بعد الراشدين إلى أوائل القرن الثاني للهجرة:
يبدأ هذا الدور من نهاية عصر الخلفاء الراشدين أي من سنة 1ه إلى
أوائل القرن الثاني للهجرة . أي إلى قبيل سقوط الدولة الأموية
وقد سار الفقه في هذا الدور على نهج الصحابة في الفقه» لأن التابعين
العصر يرجعون إلى الكتاب ثم السنة ثم إلى الاجتهاد بالرأي بأنواعه » ناظرين إلى
علل الأحكام ومراعاة المصلحة ودفع الفسدة'". إلا إن هذا الدور استجحدت فيه
أولا؛ اتساع دائرة الفقه؛ وكثرة الخلاف في مسائلة:
دائرة الفقه تتسع بازدياد الحرادث والوقائع . فكل واقعة لابد لها من حكم
في الشريعة : إما بالنص وإما بالاستنباط . وقد ازدادت الحوادث في هذا العصر .
وهذا هو شأن الحياة» فأحدائها بازدياد مستمر وتطور وتغيّر . يضاف إلى ذلك
والأحوال الاجتماعية والاقتصادية وغير ذلك من أنماط العيش . فكل هذه الأمور
تدعو إلى تنوع الوقائع وبالتالي كثرة مسائل الفقه واتساع دائرته .
هذا من جهة اتساع دائرة الفقه . أما الاختلاف في مسائله فيرجع إلى
أسباب كثيرة ؛ منها :
)١( انتشار الفقهاء من الصحابة والتابعين في الأمصار الإسلامية
واستيطانهم فيها +
+11١ للدخل لدراسة الشريعة الإسلامية » لعد الكريم زيدان: )١(