8 تهذيب السنن لابن قيم الجوزية
بينوه للناس الأمرُ بعبادة الله وحده؛ واتباع أمره وأمر رسله دون
وترك امته على البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها إلا هالك.
ولكن من الناس في كل عصر من كان يبتعد عن ذلك
الهدى؛ ويتخبط في غياهب الدجىء وله في ذلك شبه وحيل؛ قصد
0380 سورة البقرة الآية رقم )١(
.)176( سورة البقرة الآية رقم )1(
مقدمة المحقق 9
ولكن من رحة الله أن يكون في كل عصر من يرد الناس إلى
وسلم تأويل الجاهلين. وانتحال المبطلين.
وجاهدوا في توجيه الناس إلى الكتاب والسنة» الإمام أبو عبد الله
محمد بن أبي بكر بن أيوب الزرعي؛ المعروف بابن قيم الجوزية -
لمختصر "سنن أبي داود" للحافظ المنذري.
هذا الكتاب غزير الفوائد عظيم المقاصد:
التخريج والحكم عليه؛ وما يتصل بالعلل.
والقواعد المرعية.
كما سترى موسوعة من الفروع العملية؛ كعلم اختلاف
الأثمة مع العناية بنسبة كل قول لقائله؛ وذكر أدلة كل منهاء مرجحاً
9 تهذيب السنن لابن قيم الجوزية
وكذلك الحال في علوم اللغة العربية وعلوم القرآن الكريم»
وغيرها من العلوم الشرعية.
ومن خدمة هذا الكتاب للسنة النبوية أن فيه توفيقاً بين بعض
الأحاديث ودفعاً للتعارض عنها.
بأدلة نيّرة من الكتاب والسنة.
مقدمة الكتاب يقول:
"وكيف يوصّل إلى الله من غير الطريق التي جعلها هو
سبحانه موصلة إليه؛ ودالة لمن سلك فيها عليه؛ وبعث رسوله بها
فالباب عن السالك في غيرها مسدود؛ وهو عن طريق هداه
المنهج القويم؛ ووقف مع آراء الرجال» ورضي لنفسه بكثرة القيل
مقدمة المحقق 9
والقال» وأخلد إلى أرض التقليد؛ وقنع أن يكون عيالاً على أمثاله
من العبيد» لم يسلك من سبل العلم مناهجهاء ولم يرتق في درجاته
معارجهاء ولا تألقت في خلده أنوار بوارقه؛ ولا بات قلبه يتقلب
بين رياضه وحدائقه؛ ولكنه ارتضع من ثدي لم تطهر بالعصمة لبانه؛
الحقوق إلى منزّل الشرائع والأحكام؛ فحق على من كان في سعادة
اتخذ غير الرسول إمامه؛ ونبذ سنته وراء ظهره؛ وجعل خواطر
الرجال وآراءها بين عينيه وأمامه؛ فسيعلم يوم العرض أي بضاعة
أضاع» وعند الوزن ماذا أحضر من الجواهر أو خرثى المتاع".اه
وقد أورد في ثنايا الكتاب العديد من النصوص المختلفة في
التعلق بهذا السبب عديم؛ قد استمسك من الباطل بغير العروة
ويرقى» قد أنفق أنفاسه وأوقاته في غير زاد. ووصل صفر اليدين؛
مزجى البضاعة إلى المعاد. طاف عمره في أبواب الآراء والمذاهب.
7 تهذيب السنن لابن قيم الجوزية
بصائر المستبصرين» ولا احسن ظناً بغيره ممن هو على خلاف قوله
فتولد من بين ذلك الخذلان والحرمان؛ والحميّة والعصبية لأقوال
وآراء ما أنزل الله بها من سلطان؛ فيا له من سعي ضائع؛ وعلم غير
عليه من الكلام على علل سكت عنها أو لم يكملهاء والتعرض إلى
تصحيح أحاديث لم يصححهاء والكلام على متون مشكلة لم يفتح
مقفلهاء وزيادة صالحة في الباب لم يشر إليهاء وبسط الكلام على
مواضع جليلة لعل الناظر المجتهد لا يجدها في كتاب سواه؛ فهي
مقدمة المحقق 7"
دواعي تحقيق هذا الكتاب:
هناك عدة أمور تدعو إلى تحقيق هذا الكتاب. منها:
-١ من أهم دواعي تحقيق هذا الكتاب أنه يخدم سنة الي صلى
؟- كثرة الأخطاء والتصحيفات والتحريفات والزيادات في
الطبعة السابقة. ويأتي بيان شيء من ذلك.
*- حاجة الكتاب إلى تخريج للأحاديث والآثار.
؛- حاجة الكتاب إلى توضيح لبعض معاني كلماته الغريبة؛
- ما بلغني عن شيخنا العلامة عبد امحسن بن حمد العباد البدر -٠
-٠ أن إخراج الطبعة السابقة من تهذيب السنن مع مختصر
إخراج جديد.
واهم سبب لعدم التوفيق في إخراج الطبعة السابقة -في
نظري- هو أن النسخة الخطية لهذا الكتاب هي عبارة عن تجريد
لزوائد ابن القيم على مختصر المنذري”'". لذا فأي محاولة لإخراج
)١( وياتي بيان ذلك في دراسة الكتاب بعون الله تعالى.
نث تهذيب السنن لابن قيم الجوزية
الكتاب مطبوعاً مع مختصر المنذري ليكونا كالكتاب الواحد
-على هيئة التمازج والانسجام- هي ماولة خاطئة يترتب
عليها تغيير في أصل المخطوط الموجود بين أيدينا'". وفي وصف
تهذيب سنن ابن القيم مزيد إيضاح لهذاء وسوف يأتي.
-٠ أن الإخراج الجديد الصحح للكتاب هو تنجيز لرغبة
محقق الطبعة السابقة -الشيخ محمد حامد الفقي رحمه الله-
حيث قال: "ولعلنا في الطبعة الثانية إن شاء الله نوفق
لوضع وترتيب أجود من هذا؛ لأن هذا الوضع هو أول
إخراج للكتاب. والله الموفق للصواب”".
توسعت في بيان أخطاء الطبعة السابقة؛ ثم يتلو ذلك وصف المخطوط
وعملي فيه.
)١( ووجه ذلك: ان القائم على تحقيق الغاية المذكورة لا بذ أن يستغني عن التكرار
الحاصل من طبع الكتابين -مختصر المنذري وتهذيب السنن- ككتاب واحد؛
بخذف أو استبدال على دفقٍ يمنع القارئ من الملل؛ وقد يحتاج الأمر إلي زيادة
كلمات أو عبارات في كتاب ابن القيم -بعد حذف ما يتعلق بمختصر المتذري-
ليتالف الكلام وليكون على نسق. وهذا ما حصل في الطبعة الأولى للكتاب»
والله اعلم.
(1) مختصر سنن أبي داود ومعالم السنن وتهذيب السنن ١17١/8
مقدمة المحقق ٠”
هذا وأسال لله تعالى أن ينفعني به وأن ينفع به أيضاً كل من
قرا فيه أو طالعه؛ ورحم الله امرءاً رأى خطأ أو سهواً فأشار علي
وكتبه: إسماعيل بن غازي مرحبا
في المدينة النبوية
عنوان المراسلة:
حتمم .10020721720111
١ تهذيب السئن لابن قي الجوزية
شكر وتقدير
أتوجه بالشكر إلى فضيلة الأخ منصور بن عدنان العتيقي
حيث أمدني بصورة خطية للكتاب من مكتبة عارف حكمت»
وداب في حثي مراراً على العمل في تحقيق هذا المخطوط النفيس.
كما أشكر أخي وزميلي ورفيق دربي أبا محمد جاسم بن
كما أشكر فضيلة العلماء المشايخ الذين تخرجت بأيديه»
وتلقيت على ايديهم ما أمكنني من دراسة وإخراج هذه الدرة
فلهؤلاء وغيرهم ممن أمدني بمعلومة أو فائدة أو غيرها مما
أسهم في إخراج هذا الكتاب على هيئته المرضية؛ أقول للجميع:
لكم مني جزيل الشكر والعرفان» ذلك أن شكر الناس على فضلهم