على الكتاب وأغوص فى بحاره لاكشف النقاب عن جواهر لآلثه اللفية وقد كنت أتهيب
الكتاب لمعرفتى لقدر نفى وأنى أبلغ من صاحب الكتاب حتى أحقق كتابه ولكن الرجل
عمل بقوله كَيةٍ المرء مرآة أخيه » فاصر على أن أحقق الكتاب وأوضح ما أبهم فيه
من قضايا فقهية ولغوية فتطلب الأمر منى جهدا كبيرا أسال الله أن يجعله فى صحائف
قال وكتبه
إبراهيم بن أحمد عبد الحميد
الحنبلى الاثرى
منهج التحقيق
بعد أن تم الاتفاق بينتا على تحقيق الكتاب تطلب الأمر منا عدة أمور هى التى نتبعها
فى التحقيق :
)١( عمل الدراسة اللازمة لمؤلف الكتاب والتعريف به
(1) توثيق نسية الكتاب إلى مؤلفه .
(©) تصحيح الاخطاء اللغوية التى وقعت من النساخين .
(4) تقسم الكتاب إلى عدة أبواب وفصول حتى يسهل على القارئ الرجوع للكتاب فى
البحث الذى يبتغيه وقد تطلب الأمر وضع عناوين للأبواب والفصول تتفق وما تهدف
إليه من مادة علمية حتى يستطيع القارىء أن يصل إلى غرضه بأقرب معنى مناسب +
(ه) التعريف بالاعلام الوارد ذكرهم بالكتاب مع الدلالة على ذكر المصادر التى
() تخريج الأحاديث النبوية تخريجا شاملا مع إعطاء القارئ صورة عن كل حديث .
(1) تخريج الآيات القرآنية الوارد ذكرها بالكتاب .
(/) عمل الفهارس العلمية اللازمة للكتاب .
(4) شرح المفردات اللغوية وذلك بالرجوع إلى أمهات كتب اللغة ومعاجمها وتوصيل
المعنى المراد للقارئ بما يتفق وأساليب العصر .
خير الصدقة . وإن يكن غير ذلك فحبى أنى مأجور بفضل الله تعالى لقوله كيُةٍ : «من
اجتهد وأصاب فله أجران . ومن اجتهد وأخطأ فله أجر واحد » .
إبراهيم بن أحمد عبد الحميد ( آل عجلان )
الحنبلى الاثرى
ترجمة صاحب كشاف القناع
مولده فى نهاية القرن العاشر من الهجرة الحمدية على صاحبها أفضل الصلاة وأتم
التسليم وفى كنانة الله فى أرضه وعلى ثرى مصر الطيب ولد المترجم له بقرية بهوت من
أعمال محافظة الغربية التى يتشرف كاتبه بالانتساب إليها مولدا وإقامة وقرية بهوت كما
يقول صاحب الخطط ا! اقرية من مديرية الغربية بمركز المحلة الكبرى
اسمه تكاد تجمع كل المصادر التى وقفت عليها وترجمت له على أنه :-
منصور بن يونس بن صلاح الدين بن حسن بن أحمد بن على بن إدريس الشهير
المترجم له كتب بخطه فى إجازته للشيخ عبد الباقى الحنبلى أنه منصور بن يونس +
يقؤل صاحب النعت الاكمل : هو شيخ مشايخ الإسلام إلى أن قال : وكان صاحب
الترجمة إماما هماما علامة فى سائر العلوم فقيها متبحراً أصوليا مفسراً جبلاً من جبال
الفقه والعلم وطوداً من أطواد الحكمة وبحراً من بحار الفضائل » له اليد الطولى فى الفقه
والفرائض +
ويقول عنه الأمين المحبى فى تاريخه : هو شيخ الحتابلة بمصر وخائمة علماتهم بها +
الذائع الصيت البالغ الشهرة . كان عالما عاملا ورعا متبحرا فى العلوم الدينيه + صارفا
أوقاته فى تحري المسائل الفقهية ؛ ورحل الناس إليه من الآفاق لاجل مذهب الإمام أحمد
رضى الله عند فإنه انفرد به فى عصرة .
. الشيخ يحبى بن الشرف الحجاوى الدمشقى - ١
؟ - الشيخ محمد الشامى .
© - الشيخ عبد الله الدتوشرى الشافعى .
- الجمال عبد القادر الدنوشرى الحنبلى +
٠ النور على الحلبى - ٠
- الشهاب أحمد الوارثى الصديقى +
وبعد أن تلقى المترجم له العلم عن هؤلاء الشيوخ وعن غيرهم ممن لم أجدلهم ذكر
أخذ عنه أكثر المتاخرين من الأصحاب الحنابلة مثل :
+ الجمال يوسف البهوتى - ١
.)173/4( عبد الرحمن البهوتى وكذا ذكر على مبارك فى الخطط التوفيقيه
- الشيخ محمد الشامى المرداوىق +
ويقول الشمس السفارينى عنه ٠
وهو أحد أعلام المذهب المتأخرين كان كثير العبادة غزير الإفادة والاستفادة » رحل إليه
من مفاخر وبعد ذلك يذكر له تلامذة آخرين منهم :
- أبى المواهب بن عبد الباقى الدمشقى ولكن الأستاذ عبد السلام الشطى يقول أن فى
رواية أبى المواهب عن الشيخ منصور نظر ويؤكد على أن الذى روى عنه هو والده الشيخ
الحدث عبد الباقى الدمشقى +
ويستطرد الشمس السفارينى فى ذكر تلاميذه فيقول +
ومنهم الشيخ محمد الخلوتى +
والشيخ محمد المرداوى +
والشيخ عبد الحق بن عمة +
والشيخ يوسف الكرمى +
والشيخ محمد بن السرور وآخرين ٠
١ - كشاف القناع عن الإقناع وهو كتابنا الذى بين أيدينا والذى نحن بصدر تحقيقه
وتخريج أحاديثه وتبويبه بحيث يهل الانتفاع بالكتاب وقد سبق أن شرحنا منهجنا فى
تحقيق الكتاب .
والكتاب كما أسلفت القول درة كتب المتأخرين وعليه المعول فى المذهب وقد طبع
الكتاب عدة طبعات كلها جاءت عارية عن تخريج أى حديث أو توضيح مبهم ولقد يسر
الله لناجمع أربع نسخ مطبوعة بيانها كالآتى :
أ - مطبوعة دار الفكر ووضع على مقدمتها أنها حققت بمعرفة الشيخ هلال مصلحى
مصطفى ولكن الرجل سامحه الله تصدى لما لايحسن فخرجت تلك مشوهة .
ب - مطبوعة مكتبة المعارف بالرياض وهى أدق تصحيحا من سابقتها +
ج - مطبوعة المكتبة السلفية بالقاهره ( محب الدين الخطيب ) وهى بحق أدق اللسخ
وأقومها لفظا وهى التى اعتمدت عليها فى التحقيق +
د - نسخة مطيوعة بمعرفة شرف الدين الكتبى بالهند وهى تتفق مع مطبوعة السلفية
بالقاهرة غير أنها تقع فى أريعة أجزاء ضخام ٠
؟ - حاشية على الإقناع وهى غير الكتاب الأول ولم اتمكن من الاطلاع عليها غير أن
كل من ترجم له ذكرها فى ثبت مصتفاته .
© - دقائق أولى النهى فى شرح المنتهى للتقى الفتوحى وهو تحت الطبع بتحقيقنا ويقع
فى أريعة أجزاء .
؛ - حاشية على المنتهى وهى غير الدقائق ولم أطلع عليها بل ذكرها المترجمون له +
* - الروض المربع بشرح زاد المستقنع للشرف الحجاوى صاحب الإقناع وقد طبع
بتحقيقنا بمعرفة المكتبة التجارية بمكة ( نزار مصطفى الباز ) ويقع فى جزأين +
+ - منح الشفا الشافيات بشرح المفردات للشيخ محمد بن عبد الهادى المقدسى وقد
طبع الكتاب بمعرفه المؤسسة السعيدية بالرياض ويقع فى جزأين أيضاً +
- عمدة الطالب ولا أعرف عنه شيئ .
يقول الشمس السفارينى وصاحب النعت الاكمل +
كان رضى الله عنه جواداً كريما له مكارم دارة وبشاشة سارة وكان فى كل ليلة جمعة
ومرّضه أحسن تمريض إلى أن يشفى +
وكان الناس يأتونه بالصدقات فيفرقها على طلبته بالمجلس ولا يأخذ منها شيئا +
شنادت إرادة الله سبحانه أن يجعمل لكل حى بداية ونها؛
عمر الإنسان ولا يبقى بعد هذه الرحلة سوى الذكرى +
وصدق القائل : هلك خرن الال وبقى خزان العلم ١ أعياتهم مفقودة وأشخاصهم فى
القلوب موجودة ٠
الكلام لتليمذه العلامة ١|
فيقول عند قراءتى على المنتهى وعند قول المصنف فى كتاب الحجر
َ نا وأستاذنا علامة زمانه وفريد عصره وأوانه خاتمة المحققين وعمدة
المدققين مََنْ طلَّتْ حصاته فى جميع الأقطار واتفقت الكلمة على أنه لم تكتحل ولن
على ذلك يوم السبت رابع شهر ربيع الثانى سنة إحدى وخمسين وألف من الهجرة ثم
انقطع يوم الأحد التالى له ومات يوم الجمعة العاشر من الشهر والسنة المذكورين بمصر
القاهرة ودفن بتربة الجاورين تجاوز الله عن سيئاته ورفعه من الفردوس أعلى درجاته ٠
كتب مراجع الترجمة +
١ - خلاصة الأثر 477/5 2
اية وبين البداية والنهاية رحلة
محمد الخلوتى رحمة الله .
- مختصر طبقات الحنابلة )٠١4( 2+
© - معجم المطبوعات (944) .
؛ - الأعلام للزركلى 144/8 +
ه - إيضاح الكثرة ١/لت 117/١ ٠ف 4ف
- هدية العارفين 7/ 517/1 .
ل - الكشاف 47 6 44 2
م - معجم الؤلفين 17/17 +
- النعت الاكمل أول الطبقة السابعة ص 7٠١ +
٠ - الخطط التو
ية ( الطبعة الثانية ) الجزء التاسع ص 113 © 737 +
بسم الله الرحمن الرحيم
مقدمة المإلف
الحمد لله الذى شرح صدورنا بالهداية إلى الإسلام ؛ ووفقنا للتفقه فى الدين وما
شرعه من بديع محكم الاحكام أحمده سبحانه وتعالى على جزيل الإنعام وأشكره أن علم
بالقلم علم الإنسان مالم يعلم فاتقن وأحكم أى إحكام + وأشهد أن لا إله إلا الله وحده
لا شريك له ذو الجلال والإكرام ؛ وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله المبعوث
رحمة للأثام + والهادى إلى سواء الصراط وإيضاح الحلال والحرام + صلى الله عليه
أما بعد : فإن أجل العلوم قدراً » وأعلاها فخراً » وأبلغها فضيلة ؛ وأنجحها وسيلة +
علم الشرع الشريف ومعرفة أحكامه » والاطلاع على سر حلاله وحرامه» فلذلك تعينت
إعانة قاصده + وتيسير موارده لرائده » ومعاونته على تذكار لفظه ومعانيه » وفهم عباراته
ومبانيه » ولما رأيت الكتاب الموسوم «بالإقناع» تاليف الشيخ الإمام ؛ والحبر العمدة
العلام شرف الدين أبى النجا موسى بن أحمد بن سالم بن عيسى بن سالم المقدسى
العليا من جنانه » فى غاية حسن الوقع » وعظم النفع + لم يات أحد بمثاله © ولا نيج
ناسج على منواله » غير أنه يحتاج إلى شرح يسفر عن وجوه مخدراته النقاب + وييرزذ
من خفى مكنوناته بما وراء الحجاب » فاستخرت الله تعالى وشمرت عن ساعد الاجتهاد +
رجلا ويؤخر أخرى + وسألت الله أن يمدنى يذارف !*؟ لطفه + ووافر عطق © سميته
بشرحه حتى صارا كالشيء الواحد لا بميز بينهما إلا صاحب بصر أو بصيرة +
ومزج
الإثلام هو الإنقطاع
() أنظر ترجمته فى صدر تحقيقنا لكتاب الروض المربع طبع مكتبة تزار الباز +
(©) الصلى : فى اللغة الفرس الثانى فى السياق +
(؟) اللجلى : فى اللغة هو السابق فى الحلبة +
(ه) ذارف : ذرف فى اللغة سال وذارف سائل -
الحل ما قد يكون من التراكيب العسيرة + وتتبعت أصوله التى أخذ منها كالمقنع والمحرر
والفروع والمستوعب وما تيسر الاطلاع عليه من شروح تلك الكتب وحواشيها + كالشرح
الكبير والمبدع والإنصاف وغيرها مما منّ الله تعالى بالوقوف عليه كما ستراه + خصوصاً
شرح المنتهى والمبدع + فتعويلى فى الغالب عليهما » وربما عزوت بعض الأقوال لقائلها
خروجاً من عهدتها ؛ وذكرت ما أهمله من القيود » وغالب علل الاحكام وأدلتها على
طريق الاختصار غير المردود . وبينت المعتمد من المواضع التى تعارض كلامه فيها + وما
خالف فيه المنتهى . متعرضاً لذكر الخلاف فيها . ليعلم مستند كل منهما . وأستغفر الله
تعالى مما يقع لى من الخلل فى بعض المسائل المسطورة . وأعوذ بالله من شر حاسد يريد
أن يطفئ نور الله ويأبى الله إلا أن يتم نوره . ومن عثر على شيء مما طغى به القلم + أو
زلت به القدم . فليدراً بالحسنة السيئة » ويحضر بقلبه أن الإنسان محل النسيان + وأن
الصفح عن عثرات الضعاف من شيم الاشراف » وأن الحسنات يذهين السيآت . وما
فى البسملة للمصاحبة أو الاستعانة متعلقة بمحذوف . وتقديره فعلا أولى + لآن الأصل
فى العمل للأفعال . وخاصاً لانه أمس بالمقام » ومؤخراً لإفادة الاختصاص ولأئه أوفق
للوجود وأدخل فى التعظيم . ولا يرد (اقرأ باسم ربك ) لكونه مقام أمر بجعل الفعل
مقروناً باسم الله » فتقديمه أى الفعل لكونها أول سورة نرلت » على أن فى الكشاف أن
معناه : مفتتحاً يسم الله اقرأ . وكفى به شاهداً على أن البسملة مأمور بها فى ابتداء كل
قراءة إذ هو أمر بإيجاد القراءة مطلقاً يدون تعلقه بمقروء دون مقروء » فتكون مأموراً بها
فى ابتداء غير هذه السورة أيضاً . وكسرت الباء . وإن كان حقى الحروف المفردة الفتح
(1) الحديث ذكره السيوطى فى الجامع الصغير بلفظ كل أمر ذى بال لا بيده فيه يحمد الله والصلاة
على . وقال عنه ألخرجه الرهاوى عن أبى هريرة ؛ راجع مختصر شرح المناوى على الجامع الصغير
جزء 7 ص 167 طبع عيسى الحلبى طبعة أولى تحقيق عماره
(؟) هو الإمام الحافظ أبى محمد عبد القاهر بن عبد الله بن عبد الرحمن الرهاوى بضم الراء نسبة
إلى الرها مدينة بالجزيرة بين الموصل والشام ؛ ذكره الكتانى فى الرسالة المستطرفة ص 1 طبع الكليات
الأزهرية .
للزومها الحرفية والجر » ولتشابه حركتها عملها . وحذفت الألف من اسم الله دون اسم
ربك ونحوه لكثرة الاستعمال » وعوض عنها تطويل الياء . وه الله » أصله إله حذفت
همزته وعوض عنها اللام +وإله اسم لكل معبود بحق أو باطل. ثم غلب على مفهوم
كلى هو المعبود بحق وه الله » علم خاص لذات معين هو المعبود بالحق . إذ لم يتعمل
فى غيره تعالى . قال تعالى . ( هل تعلم له ميا !© ومن ثم كان لا إله إلا الله »
توحيداً » أى لا معبود بحق إلا ذلك الراحد الحق ؛ فهو من الأعلام الخاصة من حيث
الشفاء . ود الرحمن » خاص لفظاً إذ لم يسم به غيره تعالى وما شذ لا يعتد به + عام
معنى لانه صفة بمعنى كثير الرحمة ثم غلب على البالغ فى الرحمة والإنعام بجلاثل
النعم فى الدنيا والآخرة » فهر لوقوعه صفة لا موصوفآً وكونه بإزاء المعنى دون الذات من
والرحمة عطف ١ أى تعطف وشفقة وميل روحانى لاجسمائى ومن ثم جعل الإنعام
مسبباً عن العطف والرقة لا عن الانحناء الجسمانى + وكلاهما فى حقه تعالى + محال .
فهر مجاز إما عن نفس الإنعام فيكون صفة فعل » أو عن إرادته فيكون صفة ذات ء وإما
تمثيل للغائب أى تمكنه تعالى من الإنعام بالشاهد » أى تمكن الملك من ملكه فتفرض
حاله تعالى على سبيل التمكن منه بحال ملك عطف على رعيته ورق لهم فعمهم معروقة
فاطلقا عليه تعالى على طريق الاستعارة التمثيلية . وقدم « الرحمن » لانه علم أو كالعلم
يتوهم كون دقائق الرحمة لغيره تعالى .
( الحمد لله ) أى الوصف بالجميل الاختيارى على قصد التعظيم ثابت له تعالى +
والحمد عرفا فعل ينبيء عن تعظيم المنعم من حيث إنه منعم على الحامد أو غير بدأ
بذلك لقوله صلى الله عليه وسلم من حديث أبى هريرة « كل آم ذى بال لا يبدأ فيه
68 صورة مريم الآية )١(
() راجع تخريج حديث ١ فى ص 201١
(©) الحديث أخرجه أبو داود فى كتاب الادب باب الهدى فى الكلام 4/ :484 طبع الريان وعند
ابن ماجة فى كتاب النكاح باب خطبة النكاح 1844/1 وقال الستدى قد حسنه ابن الصلاح والثووى <