يسم الله الرحمن الرحم
تقديم
بقلم الأستاذ الدكتور فؤاد أحمد البدرى
أستاذ ورئيس أقسام الأذن والأنف والحنجرة بكلية الطب
جامعة الأزهر
حين بدأت فى كتابة مقدمة هذا الكتاب .. احترت كيف أبدأ ..
هل أبدا بتقديم الكاتب وهو زميل وصديق عزيز لدى أثير لقب + أم
أبداً بتقديم الكتاب وهو يتناول موضوعات طلما اشتقت إلى معرقتها
وكشف أسرارها - فتولى عنى هذه المهمة وقام بها خير قيام » جزاه
الله عنى وعن القراء خير الجزاء . ولما كان الكتاب هو صنيعة الكاتب
ونتاج جهده وتفكيرة فسأبداً بتقديم الكاتب للقارىء .
كاتب هذا الكتاب الدكتور محمد كمال عبدالعزيز طبيب عالم
متفقه ؛ استرعى نظرى أدبه وخلقه وعلمه منذ كان طالباً فى كلية
تقدير وحب قد اختار نفس المادة التى أدرسها فى الكلية والتى درسها
عل" يدى وهى مادة الأذن والأنف والحنجرة » اختارها لنفسه وبنفسه
تخصماً ودراسة . وخلال عمله كطبيب مقي بالقسم استطعت أن
أتعرف على أسرته من خلاله فوجدته ابناً لأسرة طيبة مسلمة » راعيها
رجل تعليم مكافخ أكار ما يكون الكفاح|مثابر عل طلب العلم لنفسه
الأولياء الصالحين © متقبلا قضاء الله وحكمه فى بعض أبن تقبل
الصابرين المؤمنين . واستمر هذا الرجل الصالح راعى هذه الأسرة فى
الدكتوراه بعد أن حصل على أكثر من شهادة عالية وترك من بعده
أسرة من نتاج عمله الصالح وجهده المثابر تضم أكثر من أستاذ جامعى
ف كليات الطب الختلفة . استمر مؤلف هذا الكتاب يصعد درجات
السلم الجامعى بصبر وإمان وجلد حتى حصل على الدكتوراه
فى الأنف والأذن والحنجرة وتولى مكانه اللائق به فى صفوف هيئة
التدريس بالقسم الذى أتشرّف برئاسته .
بنسمه من نسمات الإيمان فكان نتاجاً طيباً لحمته العلم الحديث وسداه
الإيمان الملا فى قلب المؤلف .
من القرن العشرين لشرح بعض إعجاز القرآن
الله نوراً ويقيناً منذ أكثر من أربعة عشر قرناً
ليتضح لنا فى عصر الفضاء والصوار أن الإعجاز العلمى
ما يمكن أن يصل إليه التفكير البشرى فى الأربعة عشر قرناً الماضية »
ولازال فى هذا الكتاب الكريم من الإعجاز العلمى ما سيتكشف لمن
إليه ذل وما أوتيتع من العلم إلا قليلا )» ( الإسراء : دمع .
وأرجو أن يكون هذا الكتاب فاتحة خير لكاتبه فيتلوه يكتب أخرى
تربط بين العلم والإمان إن شاء الله وصدق الله العظم ف إنا يخشى الله
من عبادة العلماء * [ فاطر :18 ]-
أستاذ دكتور
فؤاد أحمد البدرى
أستاذ ورئيس أقسام الأذن والأنف والحنجرة
كلية الطب - جامعة الأزهر
مقدمة المؤلف
الإنسان أكرم بكثير من كل تقدير عرفته البشرية من قبل الإنسان
مستخلف فى الأرض : نإ وإذ قال ربك للملائكة : إنى جاعل فى
الأرض خليفة م [ البقرة : © ومسخر له كل ما فى الأرض :
ف( وسخر لكم ما فى السموات وما فى الأرض جميعاً منه»
بهذا القدر من الكرامة والسمو جعل الله تكريم الإنسان ؛ لأنه
مستمد من النفخة الآلفية الكريمة .
إن هذا التركيب الإنساف ليدعو إلى النئة حقاً + ودفى فكرة
+ ويظهر التقدير الدقيق الذى يعجز البشر عن تتبع
وكلما تقدم العلم البشر: شرى ؛ فكشف عن بعض جوانب التناسق
العجيب فى خلق الإنسان اتسع تصور البشر لمعنى ذلك النص القراف
لامكان فى هذا الوجود للمصادفة العمياء ؛ ولا للفلتة العارضة »
وإن كل أمر لحكمة » وإن الوجود ليس متروكا لقوانين آلية صماء
عمياء .. فهناك دائماً الإرادة المديرة » والمشيعة المطلقة .. والله يخلق ما
يشاء ويختار .
والقرآن يوجه القلوب والعقول دائماً إلى مشاهد هذا الكون »
ومشاهد خلق الإنسان » ويربط بين هذه المشاهد وبين العقول
والقلوب » ويوقظ المشاعر لاستقبالها بحس جديد متفتح ؛ يتلقى
الأصداء والأضواء ؛ ويتفعل بها ويستجيب ؛ ويسير فى هذا الكون
ليلتقط الآيات لمنثورة » ويرى فيها قدرة الصانع » ويستشعر آثار هذه
من هذا كله مادة للتدبر والتفكر والاتصال بالله .
إن تلاوة كتاب الله تعنى تلاوته عن تدبر » ينتبى إلى إدراك وتأثر
ف( إن الذين يتلون كتاب الله ؛ وأقاموا الصلاة وأنفقوا مما رزققاهم
سر وعلانية ؛ يرجون تجارة لن تبور ليوفيهم أجورهم ويزيدهم من
فضله ؛ إنه غفور شكور [ فاطر : 300075 .
والعلماء هم الذين يتديرون هذا الكتاب العجيب ؛ ومن ثم يعرفون
حقاً ؛ ويتقونه حقاً بالمعرفة الدا » والعلم المباشر وهذا هو الطريق
إلى العلم الحقيقى والمعرفة المستنيرة » فمن يدرك اللب ويعرف »
الكبرى الثابتة من وراء المشاهدات ؛ أما الذين يقفون عند حدود
التجارب المفردة » والمشاهدات الظاهرة فهم جامعو معلومات وليسوا
بعلماء ف إنما يتذكر أولو الألباب 6 ( الزمر :4 .
هذا المخلوق الإنسانى هو العجيبة الكبرى فى هذه الأرض ؛ ولكنه
الإيمان » وحين يحرم نعثمة اليقين .
ونزعم أنك جرم صغير وفيك انطوى العالم الأكبر
ولا يدرك هذه العجائب إلا القلب العامر باليقين .. فلمسة اليقين
المشاهد جوفاء جامدة وكثيرون يمرون بالمعرض الإفى اللفتوح عمى
العيون غلف القلوب » وفى اذائهم وقر لا يحسون فيه حياة +
ولا يفقهون له لغة ؛ لأن لمسة اليقين لم تمس قلوبهم » وقد يكون فيهم
علماء ولكنهم ف( يعلمون ظاهراً من الحياة الدنيا الروم :297 +
وحيثا وقف الإنسان يتأمل عجائب نفسه ؛ التقى بأسرار تدهش
وتحير : تكوين أعضائه وتوزيعها » وظائفها وطريقة أدائها هذه
الوظائف .. كيفية السمع وكيفية البصر ودورة الدم فى القلب »
وتناسق هذه الأجهزة كلها وتعاونها الكامل الدقيق .. وكل عجيبة من
هذه تنطوى تحتها عجائب ؛ وفى كل عضو بل كل جزء من عضو
خارقة تحير الألباب .
المعلومات والصور المختزنة أين ؟ .. وكيف ؟ .. هذه الصور والمشاهد
فى الجانب المعلوم من هذه القوى ؛ فأما المجهول منها فأكار وأكبر . '
الظاهر من الغيب المجهول .
ينفصل عن أمه ؛ ويعتمد على نفسه لتحير العقول وتدهش الألباب :
إن وقفة أخرى أمام اللحظة التى يتحرك فيها لسان الوليد لينطق
هذه الحروف والمقاطع والكلمات ثم بالعبارات بل أمام النطق ذاته »
نطق هذا اللسان ؛ وتصويت تلك الحنجرة ؛ إنها عجيبة ؛ عجيبة تفقد
وقعها لأنا تمر بنا كثيراً » ولكن الوقوف أمامهاالحظة فى تدبر يحدد
وقعها . إنها خارقة مذهلة تنبىء عن القدرة التى لا تكون الا لله .
فى هذا المتحف الإهى العجيب الذى يضم ملاين الملايين » كل
فرد نموذج خاص ؛ وطبعة فريدة لا تتكرر ؛ فكما لا توجد بصمة
أصابع ممائلة لبصمة أصابع أخرى فى هذه الأرض فى جميع الغصور »
لا توجد حنجرتان تحدثان صوتين متاثلين على الرغم من تشابه
تركيبهما التشريحى » وكيفية أدائهما ؛ للعمل ؛ فهذا صوت عذب +
وذاك صوت أجش » وهذا له نبرة ذات رنين رقيق » وذاك له نيرة
مزعجة .
هذه العجائب لا يحصرها كتاب » فالمعلوم المكشوف منا يحتاج
تفصيله إلى مجلدات » والمجهول منها ما يزال أكثر من المعلوم » والقران
لهذا المتحف الإلى المعروض للأيصار والبصائر .
ف( سنريهم آياتنا فى الآفاق ؛ وفى أنفسهم حتى يتين هم أنه
الحق # . ( فصات : 6*7 ] .
السمع دليل على قدرة الله ووحدانيته
لل : أرأيم إن أخذ الله جعكم وأبصارم وخم على قلويكم »
من إله غير الله يأتيكم به ؛ انظر كيف نصرف الآيات ؛ ثم هم
يصدفون ز الأنعام :45 ]
ذلك مشهد تصويرى رائع يجسم فيه القرآن عجز المشركين أمام
بأس الله من جانب ؛ وحقيقة ما يشركون به من دون الله من جانب
آخر . إنه مشهد يهزهم من الإيمان . إن خالق الفطرة البشرية يعلم أنها
تدرك ما فى هذا المشهد التصويرى من جد » وما وراءه من حق +
فهو قادر على أن يأخذ الأسماع والأبصار » وأن يتم على القلوب ©
فلا تعود هذه الأجهزة تؤدى وظائفها ؛ وإنه - إن فعل ذلك - فليس
هناك من إله غيره يرد بأسه . إنه مشهد يبعث الرجفة فى القلوب
والأوصال
قل من يرزقكم من السماء والأرض أمن ملك السمع
والأبصار ؛ ومن يخرج الحى من الميت ويخرج الميت من الحىء
ومن يدبر الأمر فسيقولون _الله . . فقل. أفلا تتقون 6 ؟!
[ يوني : +17١
إن مشركى العرب لم يكونوا ينكرون وجود الله ولا أنه
الخالق » إنما كانوا يتخذون الشركاء للزلفى + » أو يعتقدون أن لجم قدرة
إلى جانب قدرة الله » فهو هنا يأخذهم بما يعتقدونه هم أنفسهم »
ليصحح لحم ؛ عن طريق إيقاظ وعيهم وتدبرهم ومنطقهم الفطرى
ذلك الخلط والضلال .
أم من يملك السمع والأبصار ؟