الجزء بعد العجز عن الكل .
استطعتم من دون الله إن كنتم صادقين 4"
يستطيع من المخلوقين أن يتطاول لهذا المقام مقام التحدي لكلام الله ؟
ولذا نادى الله عليهم بالعجز ؛ وقرر ذلك بقرآن يتلى في قوله تعالى « قل لشن
لبعض ظهيراً 4"
وبذلك وغيره ثبت إعجاز القرآن على أبلغ وجه وآكده؛ وإذا ثبت عجز العرب
فغيرهم بالعجز أخرى وأولى .
فهو النور المبين. والحق المستبين , لا شيء اسطع من أعلامه. ولا أعدل من
وقد أنزله الله على رسوله محمد تنه ليقوم المؤمنون بتلاوته فتنشرح صدورهم
وتستنير أفثدتهم وقلوبهم. وينالوا به مشوبة الله يوم القيامة. وما تقرب أحد إلى الله
تعالى بأفضل من كلامه لأنه دستور حياتهم؛ ونظام مجتمعهم. ليرسم لهم طرائق
أو علاقات داخلية أو دولية أو غير ذلك .
فقد قال تعالى « من عمل صالحاً من ذكر أو أنشى وهو مؤمن فلنحيينه حياة
طيّة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون 4!'"
وقال تعالى # ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكاً ونحشره يوم القيامة
فالقرآن الكريم كتاب هداية وإرشاد وتوجيه إلى أمهات المناهج والتي في سلوكها
سعادة البشر في دنياهم وفوزهم بالجتة والنعيم المقيم في اخراهم ٠
قال تعالى « قد جاءكم من الله نور وكتاب مبين * يهدي به الله من اتبع رضوانه
سبل السلام ويخرجهم من الظلمات إلى النور بإذنه وبهديهم إلى صراط مستقيم4'”"
ويقول تعالى تنويها بقدره. وحضاً للأمة على التمسك بهدايته * إن هذا القرآن
يهدي للتي هي أقوم ويبشر المؤمنين الذين يعملون الصالحات أن لهم أجراً كبيراً *
ولهذا كله كان القرآن الكريم موضع العناية الكبرى من الرسول عن وصحابته -
والقرآن الكريم كله خير وفضل وبركة؛ وقد وردت في السنة أخبار وأحا
وكثيرة في ذكر فضل القرآن وفضائله وبعضها صحيح جاء في الصحيحين وغيرهما +
)14( سور طهالآية ١
110081 (لااسورة الإساء الآيتان
وهذا ما سنعرض له بالتفصيل بمشيئة الله تعالى - خلال تحقيق هذا المؤلف
«فضائل القرآن الكريم» للعلامة ابن تيمية رحمه الله. والله أسأل أن يجعل عملي
الفضل والفضائل
يقتضي المنهج العلمي أن أببّ معنى الفضل الذي سكت عنه غيري ممن كتب أو
ألف في فضائل التنزيل وأذكر الفرق بين « فضائل القرآن » وه فضل القرآن »
فأقول :
معنى فضل لغوياً : الفضيلة : إذا قصد بها صفات الكمال من العلم ونحوه
للإشعار بأنها لازمة دائمة .
والفضائل : هي المزايا غير المتعدية
والفضل : كثرة الغواب في مقابلة القلة .
منه''' , ولقد وردت كلمة في القرآن الكريم في سورة النساء في أربعة
مواضع؛ وفي سورة التحل في موضع واحد +
مثل قوله تعالى في سورة النساء # ولا تتمنوا مافّل الله به بعضكم على
بعض 4"
وجاءت كلمة فضّلنا في موضع واحد في سورة البقرة وكذلك في سورة الأنعام»
وفي موضعين في سورة الإسراء . مغل قوله تعالى # تلك الرسل فضلنا بعضهم على
بعض 4
646 الكليات لأبي البقاء المكيري ص )١(
18١ (؟) الصباح امثير ص
() سورة النساء الآية 7١
() سورة البقرة الآية 7871)
وجاءت كلمة « الفضل » في خمسة وأربعين موضعاً؛ مثل قوله تعالى *ويؤتي
كل ذي فضل فضله 4 0
ولقد فضّل الله عز وجل بعض الأماكن على بعض؛ ففضّل مكة على سائر بقاع
الأرض
وفضل بعض الرسل على بعض وفضل سيدنا محمد ننه على سائر الرسل .
وفضل الرجل على المرأة +
وفضل بعض الأطعمة على بعض .
وفضل بعض القرآن على بعض. فجعل قراءة * قل هو الله أحد 4'"' تعدل ثلث
القرآن "' .
لذلك شارك شيخ الإسلام ابن تيمية في هذا الفضل فألف رسالته التي سنتعرض
لها بالتفصيل ونتناولها بالتحقيق بفضل الله وتوفيقه ٠
كما نلاحظ أيضاً أن هناك فرق واضحاً بين كلمتي « فضائل » و« فضل » من
لاتدخل تحت الحصر؛ فهناك الإعجاز اللغوي. والبياني. والتشريعي؛ والقصصي في
إخباره عن الماضي والمستقبل وما بينهما +
كما أن القرآن ناسخ لكل الكتب السماوية السابقة؛ وهو أمين ومهيمن على
جميع الكتب التي أنزلت قبله .
كما اجتمع للقرآن شرف الزمان والمكان. فنزل في أكرم الشهور قال تعالى * شهر
)4( سورة الإخلاص الآبة )1(
(7) أغرجه ملم في صحيحه كتاب المسافرين برقم 11١ ؛ والترمذي . كتاب ثواب القرآن . باب ما جاء في سورة
الإخلاص 17/11 40
رمضان الذي أنزل فيه القرآن 4 !9
وأما المكان فهو أحب البلاد إلى الله ورسوله كته وإلى المؤمنين وهو مكة المكرمة
والمدينة المنورة وما جاورهما .
وقد تكفل الله أيضاً بحفظ القرآن الكريم دون غيره من الكتب السماوية قال عز
هذا بيان موجز عن « فضل القرآن »
وأما فضائله : جمع فضيلة وهي ما جاءت عن النبي نه من ثواب ذ تعلم
القرآن وتعليمه عموماً أو في بعض السور أو الآيات من الثواب الأخروي؛ أو
وهذه الفضائل هي عنوان بحشي. وفضائل القرآن هي جزء من علوم القرآن؛ لأن
اسم جامع يقصد به أنواع شتى من البحوث التي تعلق بالقرآن العظيم
وهي كثيرة ومنها : المحكم والمتشابه ؛ والمطلق والمقيد. وعلم القراءات؛ والتجويد؛
والناسخ والمنسوخ والتفسير وغيرها ؛ مما يتعلق بخدمة هذا الكتاب المجيد؛ وكل فرع
من هذه العلوم يطلق عليه اسم علم من علوم القرآن ٠
أهمية الموضوع
إن أهمية أي بحث تكمن في أهمية الموضوع الذي يتناوله بالدراسة.
الموضوع يكون شرف الدراسة؛ والموضوع الذي أعالجه - دراسة وتحقيقاً - متعلق
بالقرآن الكريم الذي أنزله الله تعالى هدى ورحمة للعالمين ولسعادة البشرية في
الدنيا والآخرة
() فضائل القرآن للقساتي مص 1١
غير أن هنالك ملابسات أخرى تجعل التحقيق والدراسة في فضائل القرآن جديرة
باهتمام زائد أوضحها فيما يلي :
أولاً : إن الهدف من الكتابة في « فضائل القرآن » هو التوصل إلى فهم كتاب
الله تعالى كما أنزل على نبينا محمد تن لأن في ذكر فضائل القرآن
حث على قراءته وتدبره وفهمه ؛ والإيمان به ؛ ثم العمل به للفوز بسعادة
الدارين؛ وأي عمل أشرف من هذا العمل الذي يدعو ويرغب الناس للأخذ
من هذا المنهل والمعين الذي لاينضب. والبلسم الشافي لأمراض البشرية
في كل زمان ومكان .
ثانياً : لقد كانت الكتابة في فضائل القرآن متضمنة في كتب التفسير والحديث.
ولم تفرد له أبحاث مستقلة؛ وذلك كالشأن في كثير من المعارف آنذاك.
وهذا ما يجعل إفراد أية دراسة في فضائل القرآن في بحث مستقل أمراً
هاماء ومحاولتي هذه مساهمة متواضعة في إظهار إحدى الدراسات
القيمة, فلعلها تكون بإذن الله تعالى في متناول الدارسين والباحثين
بفضل الله وتوة
ثالثاً : إن كثيراً مما كتب في عهد السلف الصالح رضوان الله عليهم أجمعين لم
مثل هذا الجهد في الدراسة والتحقيق .
: إن ورود أحاديث كثيرة موضوعة في الفضائل عموماً؛ وفي فضائل القرآن
أنية الفاحصة الدقيقة لكل ما كتب أوبعضه لمعرفة
صحيح الأحاديث من سقيمها؛ ولايكون ذلك إلا بالتحقيق والدراسة
وهذا العمل يعتبر إسهاماً في جانب يسير من المطلوب . والله الموفق .
يستدعي الدراسة ١
أسباب اختياري لهذا الموضوع
هناك أسباب شتى لاختياري لهذا الموضوع أذكر هنا بعضاً منها بإيجاز :
)١ العلاقة القوية بين هذا المخطوط والسئة. مما يجعلني أرجع لكتب السنة وارتبط
بها وأعيش معها +
؟) منزلة المؤلف العلمية .
)٠ إضافة كتاب إلى المكتبة القرآنية التي تفتقر لمثل هذه الكتب المتخصصة في
فضائل القرآن
) صلة هذا الكتاب القوية بكتب التفسير .
) وقبل هذا وذاك القيام بخدمة كتاب الله تعالى. وحتى لاندخل تحت قوله
)١ إحياء التراث الإسلامي لاسيما ما يتعلق بالمصدرين الأساسيين كتاب الله تعالى
الكتب المؤلفة في فضائل القرآن
إن الكتب المؤلفة في فضائل القرآن كثيرة يصعب حصرها والإحاطة بها بدقة
)70( سورة الفرقان الآية )١(
الإجمال وليس على سبيل الإحاطة والحصر؛ وهي ؛
)١ منافع القرآن
الإمام محمد بن ادريس الشافعي المتوفى سنة ٠١ ها"
؟) ثواب القرآن
محمد بن عثمان بن أبي شيبة المتوفى سنة ١١ لاه !".
)٠ فضائل القرآن
القاسم بن سلام الهروي الأزدي الخزاعي المتوفى سنة 34 هه"
+ ) فضائل القرآن
خلف بن هشام البزار الأسدي المتوفى سنة 8ه"
)٠ فضائل القرآن
أيوب بن يحيى بن الضريس المتوفى سنة 144 ها"
)١ فضائل القرآن
جعفر بن محمد بن الحسن القريابي المتوفى سنة 0٠ هل"
) فضائل القرآن
يحيى بن اسحاق بن يحيى بن أحمد بن يحيى الليشي المتوفى سنة ١٠“ ها"
1177/5 كشف الظنون )١(
اريخ التراث ٠ 311/١ معجم امطبوعات 7١
للذهبي 191/١ النجوم الزاهرة 343/1
() معجم المؤلفين 123/1 , الفهرست 341 ؛ تاريخ الترا
0 الدبياج امذهب 11/1 ؛ جذوة القنيس 9لا , بغية الملقمس 48