الكئية التى توضح مهمة العالم ومسئولية الحا وخطر الكلمة الصادرة عن كل منهما
وأهميتها فى إصلاح المجتمع أو إفساده ولا أريد أن أستطرد هنا فى بيان أهمية العالم ودوره
فى صلاح حال الأمة وكذلك الحم . إذ الأهر فى ذلك لا يحتاج إلى مزيد من
الايضاح . وانما مادعانى الى هذه الكلمات ما آل اليه أمر الأمة الاسلامية من تخلف
وترد وهوان . ونكوص بعض علمائها عن النبوض بواجيهم وتحمل أعباء المسئولية التى
حملوها . ومن إستبداد بعض الحكام وظلمهم وطغيانهم وعبثهم بمصير الأمة وتاريخها
وعمالتهم المكشوفة لأعدائها كلء هذا وا واقع يعيشه المسلم المعاصر ويحس بطعم مرازّه
وقسوة مذاقه صباحا ومساء . وأصبح أمر الاسلام فى معظم أمصاره ا قال
الشاعر :
ويات إحساس الفرد بالمجتمع وقضاياه وبالأمة ومصيرما معدوما أو غائبا وما
زاد الْامر خطورة أن الكلمة أصبحت على لسان البعض سلعة تجارية فى أسواق
المزايدات السياسية والنفاق الاجتماعى . وأخذت تباع وتشترى شأن أى سلعة
شباب العصر وتمزقه ونتج عن ذلك فقدان الثقة فى كل ما يقال . وفيمن يقول
فى حد ذاته أخطر ما تصاب به الأنم والشعوب . عزوف أبنائها عن المشاركة فى
صنع مستقبلها . وعدم الاحساس بقضايا الأمة .
غبو . ولا يتصور حال الأفراد والجماعات بدون ذلك ولا يستقيم حال امة من الأئم
المرسلين . فقال سبحانه وتعالى :« يا أيها الذين آمنوا كلو من طيبات ما رزقنك
وأوجب على هذه الأمة أن تأمر وتنبى بما أمرت الرسل به وما نهت عنه . فقال
المنكر » . وجعل مكانة هذه الأمة بين الأم مرتبطة بقيامها يواجبها فى الأمر والنبى +
فقال سبحانه : « كنم خير أمة أخرجت للناس تأمرون بالمعروف وتبون عن
المنكر» . م دلت السنة النبوية المطهرة على وجوب تحمل هذه المسئولية . قال
فبقلبه . وذلك أضعف الإيمان . وجاء فى الحديث الصحيح . لتأمرن بالمعروف
المنكر أو ليسلطن الله عليكم بذنويكم فندعون فلا يستجاب لكم :8
الكريم أن سقوط بنى إسرائيل وطردهم من رحمة الله كان من أهم أسبابه
أنهم كانوا لا يتناهون عن منكر فعلو . ونما اصبح المنكر عندهم عرفا والرذيلة
عادة . وجاءت قصص الأنم السابقة فى القرآن الكيم لتعتبر بم الأمة الاسلامية
ولتعلم علم اليقين أن سنن الله فى كونه لا تختلف اذا وجدت أسبابها +
تهمل أو تتوانى فى القيام بها واذا لم يقم بها أحد أثم الجميع بذلك . وحاق بالأمة
المطهرة . ومن هنا فلا يجوز لأحد أن يأمر أو ينبى بغير ما أمر الله به أو نبى عنه
بما يغلب عليه الظن أنه مما أمرت به الشريعة لأن الظن لا يقوم مقام اليقين فى الأمر
ويتبغى أن يتحقق الأمر ان أمره بالشىء وان كان معروفا لن
يقدى الى مفسده أو إحداث فنة تفرق بين أفراد الأمة وأن نبيه عن الشىء لا يُدى
الى مفسدة أعظم منه لأن در المفسدة مقدم على جلب المصلحة .
وهذا زفة الآمر التامة بالظروف الأحوال ال يجب فيها الأمر وان
وكيف يقوم بالأمر ومتى ..؟ لأن اختلاف الظروف والأحوال يقتضى اختلاف النظرة
والوسيلة تبعا لتبدل الأحوال . فما يجب الأخذ به فى عصر قد لا يجب فى عصر
وينبغى أن يعلم هنا أن دفع أعظم الضررين يجوز بإرتكاب أخفها دفعا للضرر
الأعظم إذا لم يمكن الأمر إلا بذلك وهذا يقتضى من الآمر أن يكون عارفا بعلل
الأحكام ومناط الأمر والنبى ( الحكم ) . حتى لا يأمر أو ينبى بدون معرفة لسبب
الأمر والنبى . وهذه نقطة مهمة ينبغى أن يلتفت إليها الدعاة والمهتمون بأحوال
المسلمين . حتى يتعرفوا على موقع أقدامهم من الصواب والخطأ .
وناك أمور أخرى ينبغى أن يتجلى بها من يتصدى لأمر الناس ونبيهم
ذلك لأن الداعية لا بد أن يتعرض لكثير من ١ ذى الناس » وهذا أمر لا بد له منه
وأن يروض نفسه عليه فما من نبى أرسل أو مصلح حمل لواء دعوة أو مذهب إلا
تعرض لكثير من الأذى فى المال أو النفس أو الاهل . فما لم يكن له من رداء الصبر
لباسا يتحلى به فلن يهدى الغرض الذى نصب نفسه لأجله وقد يؤدى إلى مفسدة
ضررها على المسلمين أكثر من نفعها .
وكذلك أن يكون رفيقاً حليماً بالناس عند الأمر والنبى . اذ الرفق
والحلم من لوازم دعوة الناس حتى نحصل على الغرض المطلوب من الأمر والى . والله
إلا شانه . وهذا تحقيقا لقوله تعالى : « أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة
وجادهم بالتى هى أحسن » . وهذه الأمور الفقه الصبر ب الحلم الرفق
يؤكد شيخ الإسلام على ضرورتها لمن يتقصدى لأمر الناس ونبيهم . كذلك الشجاعة
الشجاعة المطلوبة هنا فى قوة الجسم أو شدة العضلات وانما هى شجاعة القلب
ورباطة الجأش وذلك مصدره قوة الثقة فى الله واليقين به فكم من رجال أشداء البنية
ضعفاء القلوب تجدهم أول الناس فرارا ؟واخرهم اقداما عند مواطن الرجال .
وشجاعة القلب هنا مطلب أساسى للداعيه . لأنها القوة التى تدفعه الى أن يقول
للظالم والطاغية . قف لا تفعل غير هياب ولا متوجس . وهى التى تجعله يقول
للقوى والمستبد أعط الضعيف حقه وأنقى الله فى عباد الله . وهى التى تجعل الكلمة
صادرة منه عن صدق وإخلاص فى النية وليس تزلفا ولا نفاقا ولا متاجرة بها حتى
نخرج الكلمة من قلبه لستقر فى قلب المسلم فتقوده إلى حيث أراد له من خير الدنيا
والكتاب الذى أقدمه اليوم للداعية المسلم . واحد من سلسلة التراث السلفى التى
والفكرية المنحرفة » تعبث بعقول الشباب ونزين لحم الحق باطلا والباطل حقا .
وكتاب الأمر بالمعروف والنبى عن النكر يعتبر واحدا من الأعمال التى تضع المسلم
المعاصر على موطن علته ومكمن مرضه وسبب داء أمته ويصف له نوع الدواء
الخاسب هذا الداء والمستأصل لتلك العلة .
وقد عالج هذه القضية كثيرون قبل وبعد ابن تيمية من علماء الكلام والفقهاء
والمحدثين , لكن جاء كتاب مختصر العبارة دالا على المقصود مجسدا لأخطاء
الداعية أحيانا ومرشدا الى ما ينبغى أن يتجلى به أحيانا أخرى شارحا الظروف
والملابسات التى ينبغى أن يتغير تبعا لموقف الداعية وأسلويه .
وهذا الكتاب هو الكتاب الثالث من القسم الأول ( المخطوطات ) فى سلسلة
التراث السلفى . حيث ظهر قبله :
التفسير الجامع لتفسير شيخ الإسلام ابن تب
٠ كتاب التوحيد واخلاص الوجه والعمل لله . ظهر منه طبعتان وظهر
من القسم الثانى ( دراسات يبحوث ) +
+ الامام ابن تيمية وموقفه من قضية التأويل .
ن عند المدرسة السلفية .
١ - دقائق
من أربعة أجزاء
؛ أسس اليا
ولقد طبع هذا الكتاب قبل ذلك ضمن مجموعة شزرات البلاتين جمعها
المرحوم الشيخ محمد حامد الفقى كا طبعها بالقاهرة أخيرا صاحب المكتبة القيمية
ونا نوه بالجهد المشكور الذى بذله من اشرف على هاتين الطبعتين وأن يقبل منهما
خالص عملهما . بيد أن الحاجة بدت واضحة لتحقيق هذا النص اغام بأسلوب
علمى دقيق خاصة أن الطبعات السابقة قد ظهر بها سقط فى بعض المواضع أخل
صاحبا فجاء تخريج الأحاديث مغلقا برموز من المعلق نقلها من المعجم المفهرس
لألفاظ الحديث دون النص على أصحاب السند والصحاح فى مواطنها . وهذا فيه
صاحب مكتبة دار المجمع ة الذى طلب منا تحقيق هذا النص لإعادة طبعه +
فجزاه الله خير الجزاء . وتقبل منا ومنه صالح أعمالنا وجعلها خالصة لوجهه الكريم و
نفع بها الاسلام والمسلمين .
وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله سيدنا محمد وعلى آله وصحبه
وسلم أجمعين .
دكتور
محمد السيد الجليند
١٠ شعبان سنة 1١407 ه
إمام وتاريخ
هو الامام تقى الدين أبو العباس احمد بن عبد الحليم بن الامام مجد الدين الى
البركات عبد السلام بن أنى محمد بن عبد الله بن أنى القاسم محمد بن الحضر بن
الحضر ابن على بن عبد الله بن تيميه الحرانى . ولد بحران فى يم الاثنين
العاشر من شهر ربيع الأول سنة 171 هاء الموافق 2 يناير 777١م . هاجر به
والده إلى دمشق عندما أغار التتار على بلاد الاسلام 1667 ه الموافق ١7548 م
وفى دمشق استقر المقام به وبأسرّه وهو ما زال غلاما يافعا فى باكورة الصبا
فلم يكن قد تجاوز السابعة من عمره . نشاً محا للعلم والعلماء» لا يلوى على
شويمغير الاشتغال بالعلم ومجالسة العلماء . وكان والده عالما مقدما فى الحديث وعلومه
واشتهر أمره وكانت له حلقات للدرس بمسجد دمشق . وتو مشيخة الحديث بدار
السكرية التى كان مقيما بها والتى كانت أولى مدارس العلم التى احتضنت ابن تميمة
وهو ما زال فى سن الصبا .0 .
حفظ القرآن الكريم وهو ما زال فى سن الصبا ثم اتجه إلى تحصيل العلوم فى
الحديث والفقه والأصول وعلم الكلام . سمع كثيا من الفقهاء و المحدثين وقرأ علييم
30818 ابن كثير» البداية وباي ١
واخذ عنهم وناظرهم جميعا وهو ما زال فى حداثة سنه وكان إذا أراد الذهاب إل
المكتب يعترضه يبودى كان منزله فى طريقه ويسأله عن أشياء لما عرف عن ابن تميمة
اليهودى وتكررت هذه المسألة من اليبودى بقصد تشكيك الشيخ فيما هو عليه ولكن
ولقد انبهر بذكائه أهل دمشق لقوة حافظته وسرعة إدراكه . قال عنه الذهمى
: كان يحضر المدارس والمحافل فى صغره ويناظر ويفحم الكبار . ويأنى بما يتحير منه
أعيان البلد فى العلم » فأفتى وله تسع عشرة سنه » وشرع فى الجمع والتأليف من
وأتننى عليه الموافق والمخالف » وسارت بتصائيفه الركبان لعلها بلغت ثلاث
مائة مجلدة 0
يقول الذهبى فى معجمه : جلس ابن تيمية مكان والده بالجامع الكبير أيام
الجمع لتفسير القرآن العظيم . فكان يورد من حفظه فى المجلس نحو كراسين
أو أكار » وبقى يفسر فى صورة نوح عدة سنين أيام الجمع .
ولقد غاص ابن تيمية فى دقيق من معالى القرآن بطبع سيال ونظر ثاقب وعمد
إلى مواطن الاشكال أزال ما فيها من عموض » واستنبط من معان القرآن أموراً ل
يسبق إليها فى ذلك . وبلغ شأوا كبا فى حفظ الحديث بأسانيده » والفقه وأصوله
. وبرع فى معرفة المذاهب واختلاف الفقهاء وفتاوى الصحابة والتابعين مع شدة
استحضاره لرأى الصحانى أو التابعى وقت إقامة الدليل بشكل يبر القارئة .
وكان إذا أفتى لم يلتزم بمذهب معين بل يفتى بما يقوم عنده دليله » فقصر
طريقة السلف وانتصر لا من المتكلمين والفلاسفة والصوفية ورد على هؤلام جميعا +
وبين خطاهم فى كثير من المسائل ؛ ونصر السنة بأوضح برهان واقوم دليل +
14-18 الأعلام العلية فى مناقب ابن تميمة ازاز من ١
+ 4 العقود الدبية مص -
الات
يقول كال الدين بن الزملكاق :
كان إذا سكل ابن تيمية عن فن من المعلم ظن الرافي والسامع أن الرجل لا
يعرف غير ذلك الفن » وحكم أن أحدا لا يعرفه مثله ؛ وكان الفقهاء إذا جالسه
استفادوا منه فى مذاهيهم » ولا يعرف أن الرجل ناظر لاحدا فانقطع عنه ؛ ولا تكلم
فى علم من العلوم إلا برع فيه . كان فارغا عن الشهوات الدنيا » لا لذة له فى غير
طلب العلم ونشو والعمل به ٠
تامة بالرجال وجرحهم وتعديلهم ؛ وطبقاتهم ؛ ومعرفة بفنون الحديث والعالى منه
والنازل » والصحيح والسقيم » مر حفظه لمونه وأسانيده » يقول البزار عنه « أما
دواوين الاسلام الكبار كمسند الامام أحمد وصحيح البخارى ومسلم وجامع الترمذى
وعنه سمع كل واحد منها عدة مرات ..
وَل كتاب من فنون العلم إلا وقف عليه وكان الله قد خصه بسرعة الحفظ
فكان مرجع علماء عص فى عزو الحديث إلى الكتب السته والمسند » يقول عماد
فى الحق انتصارا له » وأسخاهم كفا » واكملهم اتباعا لنبيه محمد عه ؛ وما رأينا فى
عصرنا هذا من تتجل النبوة المحمدية من أقواله وأفعاله إلا هذا الرجل بحيث يشهد
القلب الصحيح أن هذا هو الاتباع الحق .
وكانت دمشق فى عصر ابن تيميه مهد العلماء من أمثال النووى وابن دقيق
العيد والمزى وابن جماعة » وكانوا جميعا يتوافرون على دراسة الحديث واسانيدها لبيان
الضعيف منها والحسن وغير ذلك من علومه . وكان بجوار مدارس الحديث توج
مدارس الفقه والكلام التى جذبت إليها ابن تميمه وصرف إليها كثيرا من وقته وجهده
والأشاعرة من منازلات ومناظرات » فلقد لجا الحخابلة فى دراستهم للعقائد إلى المنيج
الذى سلكوه فى دراسة الفقه والمسائل الفرعية ؛ فكانوا يستخرجون العقائد من
النصوص كا يستخرجون منها الأحكام الشرعية فى مسائل الفقه لأ الدين قد أق
بصريخ ما يحتاج إليه الناس فى كلا الأرين جميعا بيها سلك الأشاعرة وغيهم فى
ذلك مسلك الفلاسفة والمعتزلة حيث كانوا يستدلون على أصول العقائد بالأدلة
العقلية والبرمان المنطقى . وثارت دائرة الخلاف بين منهج الأشاعرة والحتابلة فى
أصول العقائد مواقف ابن تيميه ومنازلاته . وكانت محنه وأيامه . فلقد أراد الرجل أن
يعود بدراسة العقائد الاسلامية إل مصدرها الأول خالية مما علق بها من فلسفات
جدلية وآراء تقليدية فى الوقت الذى انتصرت فيه الدولة لخصوم ابن تيميه من رجال
الفقه وعلماء الكلام » ومن هنا كانت حياة ابن تيمية سلسلة متصلة الحلقات مع
أتون محنة أخرى . ولقد ذكر ابن كثير فى تاريخه كثيا مما وقع للشيخ من ذلك" .
ترجمة ابن تيمية وحياته ومناقبه » ومناظراته ومحنه ؛ ولكن يعنينى هنا أن أعرض
بالحديث لجانبين هامين من حياة ابن تيمية أزى أنهما كانا أكبر عاملين فى توجيه
عينيه فوجده صريعا بين اعدائه من الخارج والداخل ؛ فهناك على حدود البلاد
يزحفهم المتكرر على البلاد . ولا شك أن ابن تيمية ما زال يتردد فى ذهنه بين الحين
والآخر ما حل به وبأسرته من أثر غارات التتار على البلاد ؛ وما لاقته من مشقة وعناء
4-1706 البداية ولناية اج 14 حوادث منة - ١