إٍ شكر خاص
من تمام التوفيق والحناية, شكر من أجرى انه
أستاذي الفاضل الدكتور عبد الحميد العلمبي. فقد
نحم المرشد والمعين.
للاقتداء والاهتداء.
اللهم صل على سيدنا محمد النبي وأزواجه أمهات
إبراهيم إنك حميد مجيد.
التعريف بالموضوع وأهميته:
تسعى هذه الرسالة إلى تقديم التصور العام للقضايا المرتبطة بموضوع
المجادلة مع أهل الكتاب.
وقد تناولت الأقلام هذا الموضوع من زوايا متعددة؛ يشهد لذلك ما
- «كتاب المنهاج في ترتيب الحجاج!": للإمام أبي الوليد الباجي
)١( يعود أولها إلى بداية القرن الثالث الهجري. ويعد الدارسون كتاب «الآراء والديانات»
للنوبختي (ت. 7١7ه) أول ما كتب في هذا المجال «مقدمة في علم مقارنة الأديانة:
4. ويرى الأستاذ شرفي أن كتاب «الرد على التصارى» لعلي الطبري المؤلف حسب
المرجح سنة ١؟اه/ اهم» أقدم أثر في ميدانه؛ غير مطعون في صحة نسبته. ينظر
«الفكر الإسلامي في الرد على النصارى». عبد المجيد الشرفي: 157. وللاطلاع على
أهم المؤلفات المرتبطة بالجدل مع أهل الكتاب. ينظر «الفكر الإسلامي في الرد على
النصارى»: ١77 وما بعدهاء و«مقدمة في علم مقارئة الأديان». الدكتور محمد عقيل بن
علي المهدلي: 4 44. و«المناظرة في أصول التشريع الإسلامي». المصطفى
() تحقيق: عبد المجيد تركي . الطبعة الثانية /148م. دار الغرب الإسلامي (دون ذكر مكان
- «شفاء الغليل في بيان ما وقع في التوراة والإنجيل من التبديل»!":
تصنيف إمام الحرمين أبي المعالي عبد الملك بن عبد الله بن يوسف
- «الرد الجميل لإللهية عيسى بصريح الإنجيل»!": تأليف: حجة
الإسلام أبي حامد الغزالي (ت. 808ه).
- «الفصل في الملل والأهواء والنحل»”": للإمام أبي محمد علي بن
أحمد بن حزم الظاهري (ت. 407 ه).
- «الملل والنحل!": للإمام أبي الفتح محمد بن عبد الكريم
- «الإعلام بما في دين النصارى من الفساد والأوهام وإظهار محاسن
دين الإسلام وإثبات نبوة نبينا محمد عليه الصلاة والسلام»!": تأليف:
الإمام القرطبي (ت. 17/1ه).
- «علم الجذل في علم الجدل»!": لنجم الدين الطوفي الحنبلي
)١( تحقيق: الدكتور أحمد حجازي السقا. الطبعة الأولى 1748ه/ 1478م. مكتبة الكليات
الأزهرية. مصر
() اعتنى بطبعه وقف الإخلاص. 1417ه/ 1441م. مكتبة الحقيقة بتركيا
(©) طبعة دار الفكر. 1406ه/ بهقام.
(4) طبعة دار الفكر. 4068اه/ هقام.
(ه) تقديم وتحقيق: الدكتور عبد المجيد النجار. 1487م. دار الغرب الإسلامي. بيروت
(5) تقديم وتحقيق وتعليق: الدكتور أحمد حجازي السقا. دار التراث العربي. القاهرة
- «الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح؛": لشيخ الإسلام ابن
- «هداية الحيارى من اليهود والنصارى»!": للإمام شمس الدين
محمد بن أبي بكر بن قيم الجوزية (ت. 5 8لاه).
إن تنوع الكتابات في موضوع الجدل مع أهل الكتاب يبرز شعور
علمائنا بضرورة امتلاك ناصية هذا العلم علم الجدل لأهميته في التواصل
مع أهل الكتاب؛ حتى أن بعض الدارسين!" ذهب إلى القول إن المجادلة
مع أهل الكتاب قد أخذت شكلها كعلم مستقل منذ بداية القرن الثالث
الهجري؛ ومضمون هذا العلم هو ما يصطلح عليه حاليا بعلم «مقارنة
يقول الدكتور أحمد شلبي: «فلما جاء عصر التدوين في منتصف القرن
الثاني الهجري؛ وبدأ المسلمون يكتبون الفقه اتجهوا إلى الكتابة كذلك في
اعلم مقارنة الأديان»* فهو بذلك علم إسلامي كباقي العلوم الإسلامية؛!*.
ومما تجدر الإشارة إليه أن هذا العلم مر بمراحل عديدة!؟ شأنه شأن
)١( الطبعة الأولى 1774ه/ 1484م. مطبعة المدني المؤسسة السعودية بمصرء
الأولى 487١م. دار الكتب العلمية. بيروت.
(©) ينظر «مقارنة الأديان»: 116/1,
(4) رغم ما قيل عن أصل هذا العلم؛ وتسميته» إلا أن مضمونه يعد في الحقيقة من أعمال
المسلمين؛ يقول السيد سعود في نشأة علم الآديان : «الكتابة في علم الأديان؛
وتفصيل عقائد الناس وعباداتهم؛ وكذلك عقد المقارنات بين الأديان أول ما نشأ في بيئة
إسلامية: إذ المسلمون هم أول من كتب في هذا النرع من العلم وأفرده بالتصنيا
استوحوا هذا من القرآن الكريم الذي ورد فيه كثير من عقائد الناس وعباداتهم السابقة
واللاحقة رتت نزوله». «دراسات في الأديان اليهودية والنصرانية». الدكتور سعود بن
عبد العزيز الخلف:
(ه) مقارنة الأديان: 77/1
(9) مر على الجدل زمن لم يكن فيه سوى أبحاث متفرقة غير منسقة؛ وغير كاملة. <
بقية العلوم الإسلامية» فبعد مرحلتي التكوين والتدوين»؛ عرف هذا العلم في
مرحلة ثالثة هبوطاً واختفاء نتيجة لمجموعة من الأسباب. واليوم تعرف
العودة؛ نتيجة اطلاعه على مؤلفات المسلمين من خلال الوفود التي
التي ينوون السيطرة عليها .
«وهكذا عاد علم مقارنة الأديان للظهور في معاهد العلم الإسلامية؛
لكنه في الحق لم يأخذ مكانه اللائق»(".
ثم إن طبيعة الرسالة الإسلامية وبعدها العالمي» ساهم في الاحتكاك
المباشر مع أهل الكتاب منذ فجر الدعوة الإسلامية؛ فكان الانفتاح على
اليهود والنصاري - باعتبارهم يمثلون بقايا التدين في المجتمع الجاهلي -
لتذكيرهم بعهد الله وميثاقه؛ ودعوتهم إلى الأخذ بصورة الحق الأخيرة.
وتعرض آيات القرآن الكريم»؛ وأحاديث سيد الأنام لهذا الان
تبرز كتب السيرة جانباً من مواقفه ييه مع أهل الكتاب» في
كتب الفقه بجملة من الأحكام التي تضبط التعامل معهم. وتضعنا كتب
- كانت موزعة في شتى العلوم التي يدخل فيهاء كالمنطق والفلسفة؛ وعلم الكلام؛ وعلم
أصول الفقه؛ وعلم الفقه؛ واختلاف المذاهب فيه؛ وغير ذلك. ثم اقتضى الأمر ضبط
المحا ن المتجادلين» فوضعت فواعد وآداب لفن الجدل. وكان أول من أفرد هذا
الفن - فن تفعيد الجدل بالتأليف ركن الدين أيو حامد محمد العميدي الفقيه الحنفي
(ت319 .ه) ووضع فيه كتاباً سماء «الإرشاد»؛ وأخذ العلماء بعد ذلك يضبطون
مناظراتهم وجدلياتهم وفق قواعد هذا الفن. ينظر «ضوابط المعرفة وأصول الاستدلال
السياسة الشرعية أمام صورة للعلاقات الخارجية التي تربط المسلمين بأهل
سليم؟ لطبيعة العلاقة مع أهل الكتاب» ذلك أن تنوع المجالات العلمية
التي تعرض لطبيعة العلاقة مع أهل الكتاب لا يعني بالضرورة أننا أمام
إمكانية الظفر بتصور واضح لهذه العلاقة عند الدارسين. ولعل التضارب في
الموقف من مجادلة أهل الكتاب» بين مؤيد ومعارض» يبرز هذه
من هنا كانت الضرورة ملحة لإعادة النظر في هذه الثزوة العلمية
يقصد البحث تحقيقه في الخطوة الأولى؛ من خلال استخراج الآيات
القرآنية المرتبطة بالموضوع» ودراستها في سياقها التاريخي»؛ مع التمسك
بالبيان النبوي عبر تتبع الأحاديث الواردة في الباب؛ وتدبر مواقفه كيه مع
)١( «الفهم نعمة من الله على عبده» ونور يقذفه الله في قليه قلب العبد يعرف به؛ ويدرك
وفهم أصل معناه. قال علي بن أبي طالب وقد سثل هل خصكم - آل البيت
- رسول الله كَل بشيء من دون الناس؟ -: «لاء والذي فلق الحية وبراً النسمة؛ إلا فهماً
يؤتبه الله عبده في كتابه». «تهذيب مدارج السالكين». كتبه ابن قيم الجوزية. وهذيه
صالح العلي العزي: 47. فاللهم افتح لنا في فهم كتابك» ومنهاج نيك آمين.
(؟) وهذا ما حذا بالدارسين إلى البحث عن التصور الإسلامي لموضوع المجادلة مع أهل
نيام بالمهمة في كتابه «الحوار مع أهل الكتاب؛ أسسه ومتاهجه». وتبقى
محاولة المشارقة عموماً رائدة في هذا الباب؛ ومرد ذلك إلى كثرة النحل والملل
المحاولات مساهمة نوعية لاكتشاف معالم الخط الإسلامي في مجادلة أهل الكتاب.
القاسم
أهل الكتاب. وهذه عملية أساسية لاكتشاف معالم التصور الإسلامي
هذا وتبقى تجربة السلف الصالح ومواقفهم مع أهل الكتاب؛ صورة
حية لتمثل الخط الإسلامي في مجادلة أهل الكتاب.
والتجربة الإسلامية المعاصرة في هذا البابء وإن كانت محصورة في
الجهد الفردي!'" مهمة وتستحق التقدير والاعتبار. ١
وحتى تكون المساهمة في هذا الباب نوعية؛ اخترت أن أعبر عن
نتائج هذه الدراسة من خلال قواعد تضبط التصور» حتى يتيسر الفهم»
وتسهل عملية التتزيل. وتلك هي الخطوة الثانية التي يريد البحث إنجازها .
دواعي اختيار اللوضوع:
ضرورة معرفية: تبرز الحاجة إلى توسيع النقاش في أهمية الانفتاح
على أهل الكتاب؛ وتكثيف المحاولات العلمية الرامية إلى تأصيل هذا
الانفتاح وضبطه؛ من خلال استقراء آي القرآن الكريم» وأحاديث إمام
المرسلين» لاستخلاص المعاني المرتبطة بالموضوع» ومحاولة صياغتها في
قواعد تضبط التصور العام لعملية المجادلة» وتقدم الفهم السليم في الباب.
في أفق توسيع الاقتناع بمكانة هذا العلم علم الجدل مع أهل الكتاب -
ودوره في استشراف آفاق رحبة للدعوة» وتبليغ الرسالة للناس أجمعين.
ولن تكتمل هذه المحاولة إن لم تسهم في الإجابة عن الأسئلة الكبرى
)١( «الواقع أن أجهزة الدعوة الرسمية والشعبية أصابها عطب رهيب» وقعود عن أداء حق الله
في البلاغ؛ونبيين الرشد من الغي». «مستقيل الإسلام خارج أرضه». محمد الغزالي
- من هم أهل الكتاب؟
ما حكم مجادلة أهل الكتاب؟
- ما المقصود بالمجادلة وما غايتها؟
من يجادل من؟
- كيف نتجادل؟
* ما يشهده العصر من ثورة في الاتصال والعلاقات» والقفزة النوعية
في نقل الأفكار والمعلومات» واختصار الزمان والمكان بحيث أصبح العالم
جهة؛ وتبليغاً لكلمة الحق؛ وبشرى الإسلام من جهة أخرى.
وأرى أن المجادلة تحقق هذه الأغراض» فوجب إذن خوض غمارها .
* ثم إن تزايد الهجرة في اتجاه الغرب التي عرفها العالم الإسلامي
- خاصة دول شمال إفريقيا - حتم على المسلمين المهاجرين احتكاكاً مباشراً
قيدة (الغرب النصراني)؛ وهذا يضعنا أمام مسؤوليتنا في إسماع كلمة الحق
إلى الناس أجمعين. قال رسول الله تَ: «والذي نفس محمد بيده؛ لا
يسمع بي أحد من هذه الأمة؛ يهودي ولا نصراني؛ ثم يموت ولم يؤمن
وغيرهم صوت الإسلام؟ إنهم لا يسمعون عن الإسلام إلا شتم أعداء
)١( أخرجه الإمام مسلم عن أبي هريرة كتاب الإيمان+؛ باب وجوب الإيمان برسالة نبيتا
محمد كَل إلى جميع الناس؛ ونسخ الملل بملته. ينظر «صحيح مسلم بشرح النووي؟: