الماضين والمتأخرين والمحدثين؛ فلم ينزله الله لعصر واحد؛ كما هو حال
جميع الأجيال المتعاقبة إلى قيام الساعة.
وقد جاء الكتاب في فصلين:
السلام
وجاء في نهايةالفصل الثاني التعقيات التي أوردها سبحانه على
حوادث القصة.
يستطيع أحدٌ أن يحيط بهاء فقد أبرزتُ منها ما ظهر لي مع إقراري بقصوري
الدين وينفع به قارته. وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه
والتابعين .
العبر ّ الى يتنزه عن اللغو
والباطل وما لا فائدة
إذ ظهر فيها من الجكم والمواعظ والعبر شيء كثيرٌ لا يمكن
استقصاؤه لتعذر الإحاطة بمعاني كلام الحكيم العليم في القرآن الكريم.
للسائلين ».
وقرّره أيضاً في التعقيب الأخير على حوادث القصة ووقائعها في آخر
يؤمنون ».
وقد بَرَز من بين هذه الحم الكثيرة والعبر البليغة موضوع السورة
تعالى+ ارد على لبي يذ وان الوحيّ مصدرٌ من أعظم مصادر العلم
والحقيقة. فالحقيقة لا تُعرف كنّها بالعلوم التجريبية. وحواس الإنسان
وقد أبرزت الآيات الأدلى في السورة هذا الموضوع وائدته بقولة
كما أكدته أيضاً في التعقيب الأول على حوادث القصة في قوله تعالى:
ون الوحيّ مصدرٌ من مصادره؛ فعلمٌ تعبير الرؤيا وعلومٌ يوسف عليه السلام
علمناه ».
يل هذه العلوم جزٌ من علم الله تعالى الذي وَسع كل شيء علماء
والذي قال: ( وفوق كل ذي علم عليم »» كما سيأتي معنا عند الحديث
عن هذه الآيات في مواضعها إن شاء الله تعالى .
الفتسّل الأول
المح_زالموالي
القرآٌُ الكريم واللغةٌ العربية
ابتدأ الله تعالى سورةً يوسف بالتنويه بفضل القرآن الكريم وشرقه؛
فقال: ف( آلمرلا» تلك آياتُ الكتاب المبين »[1]: أي هذه الآيات المنزلة
على محمدٍ يق آياتُ الكتاب الواضح الدلالة على أنه كلام الله تعالى» وقد
تعقلون 1[6].
فالقرآن الكريم عربي اللغة. أنزله سبحانه على النبي العربي سيدنا
محمد بن عبد الله بن عبد المطلب الهاشمي القرشي قي في أرض العرب»
إذ قد سبحانه أن تكون رسالة كل رسولر بلسان قومه» قال تعالى : فإ وما
يشاء وهو العزيز الحكيم 6
وقد جاء التأكيد على وصف القرآن الكريم بأنه عربي اللغة في عددٍ من
)١( سبق الحديث عن مثل هذه الحروف في بعض أجزاء هذه السلسلة السابقة.
() إبراهيم: الآية 4
(©) الزخرف: الآية *.
ذكراً »ا ومنها: «إنزّل به الروح الأمين. على قلبك لتكون من
وكلّ ذلك يدل دلالةً قاطعةً على أن القرآن الكريم عربي اللغة بجميع
قبل نزوله.
اللغات لأنه سبحانه اختارها لغةٌ لأفضل الكتب وأشرفهاء كما يدل على أن
قال ابن كثير رحمه الله: القرآن المبين. أي الواضح الجلي الذي
للمعاني التي تقوم بالنفوس*».
فكأنه رحمه الله يرى أنَّ القرآن الكريم كتاب مبين واضحٌ جلي لأنه نزل
(١)طه: الآية *11
(©) فصلت: الآية 44
() الزمر: الآية 18
(ه) مختصر تفسير ابن كثير 304/7
اللغة العربية والعلم
وهذا يقد مزاعمٌ القائلين بعجز اللغة العربية عن مسايرة ركب التطور
العربية؛ رؤّجها أعداءً الإسلام من المستشرقين؛ وأخذ بها مع الأسف كثيرٌ
من المثقفين العرب» فعزلوا لغتهم العربية عن مجالات الدراسة والتدريس
في معظم الجامعات والكليات العلمية». وغفلوا عن حقيقة هامة. هي أن
مختلف الثقافات والعلوم التي كانت سائدة في العالي الحضارة التي خلّفت
أكبر تراث علمي وحضاري لأمة من الأمم.
وغفلوا أيضاً عن كون اللغة العربية لغة القرآن الكريم الذي لا تنتهي
العصر الحاضر» وقد ذهب بعض العلماء في مؤتمر الإعجاز العلمي للقرآن
الكريم الذي عُقد في القاهرة سنة 1485 م إلى المطالبة بجعل الكلمات
رآنية العلمية لأطوار خلق الجنين هي المصطلحات العلمية؛ ونادى هؤلاء
بتعميمها على سائر الأوساط العلمية. بسبب ما وجدوا من دقتها العلمية
المتناهية في وصف أطوار الجنين وأحواله.
تدريس مختلف العلوم الطبية والهندسية والطبيعية باللغة العربية؛ وتمكّن
القائمون عليها من تعريب مختلف المصطلحات العلمية. فكانت بحق مثالا
علمياً غربياً يجب الاقتداء به.
وقوله تعالى : ي( إنا أنزلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون » ثم قوله سبحانه
القرآن ون كنت من قبله لمن الغافلين » [©] يدل على مرونة اللغة العربية
وقدرتها على تأدية مختلف المعاني بأفصح المباني وأوضحهاء فحن
القصص أنزلها سبحانه باللغة العربية. وهي في الأصل قصة غير عربية في
القرآن العربي المبين بأرفع_ بيان وأفصح كلام في سورةٍ واحدة» بأداءٍ واقعي
على تأدية مختلف المعاني سواء كانت تاريخية أو علمية أو غير ذلك
يدركوا حكمته سبحانه في اختيار لغتهم للتنزيل الحكيم ويعرفوا بذلك قدرّها
لعلكم تعقلون #.
وإيراد القصة العبرية باللغة العربية يدل أيضاً على أن القرآن الكريم
نزوله عليه يتوقع نزوله ولا يتطلّع إليه» فنزولُ القرآن الكريم على النبي قل
من قبله لمن الغافلين » الذين لم ير ببالهم ولم يقرع سمعهم» فهو كقوله
ظهيراً للكافرين 06
وقوله تعالى : ( أحسنّ القصص » يدل على أن قصص القرآن يغني
عن غيره من القصص» ففيه الأدبُ العالي الرفيع الذي يحكي واقع النفوس
رؤيا يوسف عليه السلام
يوسُف في القرن السابع عشر قبل الميلاد على
وجه التقريب» أي قبل نزولها على النبي يي في القرآن الكريم بأكثر من
وقعت أحداث
بدات القصة في بيت نبي الله يعقوب ابن نبي الله إسحاق ابن نبي الله
وخليله إبراهيم عليهم السلام؛ وكان يعقوب مقيماً في بادية فلسطين من أطراف
بلاد الشام الجنوبية.
ساجدين [4] كانت هذه الرؤيا محور القصة وبدايتهاء وكان تحققها
وعرف نبي الله يعقوب بعين النبوة التي تبصر الحقائق ولا تخطىء أنَّ
ويجتبيه ويكرمه بكرامة النبوة التي أكرم بها من قبل آباءه يعقوب وإسحاق
وإبراهيم عليهم السلام.
وجاء في الحديث الشريف أن رسول الله ف سثل أي الناس أكرم؟