وكان الإمام أحمد أحد هؤلاء الائمة وآخرهم ظهوراً » حيث تتلمذ على الإمام
الشافعي الذي تتلمذ على الإمام مالك ؛ ومحمد بن الحسن تلميذ أبي حنيفة ؛ مع ما من
الله به عليه من العناية الكبيرة بالسنة » فهو أحد أئمة الحديث الكبار . وكان شيخه
لي جاع ود كس مج 2 وقد قيل : إنه يحفظ ألف ألف ٠
وقد شهد له بالفقه من عاصره من أثمة الإسلام . قال الشافعي : خرجت من
يغداد وماخلفت بها أحداً أتقى ولا أورع ولا أفقه من أدبن حبل !" .
وقال عبد الرزاق الصنعاني : ما رأيت أفقه منه ولا أوزع !”
وقال أبو عبيد القاسم بن سلام : انتهى العلم إلى أربعة : إلى أحمد بن حنبل »
فقد جع أحمد بين الفقه والحديث + وبلغ فيهها منزلة فاق فيها أقرائه » وكانت
فتاواه أقرب من غيرها إلى فتاوى الصحابة وكبار التابعين
وقد كان رحمه الله يشترط فيمن يفتي أن يكون من حفظة الحديث ؛ سثل رحمه
الله : يكفي الرجل ماثة ألف حديث حتى يفتي ؟ قال : لا . حتى قيل : خمسائة ألف
وكان لفتاوى أحمد منزلة عظيمة لدى أثمة الفقه والحديث من عصره إلى الآن
طبقاتهم حتى إن المخالفين لمذهبه بالاجتهاد والمقلدين لغيره ليعظمون نصوصه وفتاواه +
ويعرفون لها حقها وقربها من النصوص وفتاوى الصحابة . ومن تأمل فتاواه وفتاوى
الصحابة رأى مطابقة كل منهيا للأخرى ؛ ورأى الجميع كأنها تخرج من مشكاة واحدة
8+ مناقب الإمام أحمد لابن الجوزي )١(
149 المرجع السابق )(
© المرجع السابق 184
(8» المرجع السابق 15١
(ه) حجة الله البالغة 186/1
+ 74/1 إعلام الموقعين )١(
وإن من أعظم الناس جهوداً في حفظ تراث هذا الإمام وتقريبه للناس أبو بكر
الخلال الذي استمر سنين طويلة يتنقل في البلاد الإسلامية » ويتبع الرجال الذين التقوا
بأحمد يسألهم عن فتاوى أحمد في أصول الدين والفقه وعلل الحديث وغيرها ؛ ثم صنفها
رحمه الله في كتب كان منها كتاب « الجامع لعلوم الإمام أحمد بن حنبل » الذي دون فيه
فتاوى أحمد الفقهية ؛ وهو كتاب كبر فَِدَ أكثره .
وقد ساهم قسم الفقه المقارن بالمعهد العالي للقضاء في إخراج المتبقي منه حيث
نوقشت بالقسم عام ١407 رسالة دكتوراه موضوعها : تحقيق ودراسة كتاب الوقوف وهو
اجزء من كتاب الجامع
وسجل طالب آخر كتاب : أهل الملل والرمّة والزنادقة وتارك الصلاة -
والفرائض .
وحقق الأستاذ عبد القادر أحمد عطا كتاب : أحكام النساء وها أنا أقدم بين يديك
أولاً : دراسة الكتاب وتشمل :
(أ) التعريف بمؤلف الكتاب ويشمل :
+ ثاء العلماء عليه
(ب ) التعريف بالكتاب ويشمل :
-١ حول عنوان الكتاب .
*- منبج المؤلف
- قيمة الكتاب العلمية .
- ألفاظ الإمام أحمد المختلف في دلالتها في هذا الكتاب .
(ج) دراسة المسائل الفقهية التي ذكرها المؤلف في الكتاب دراسة مقارنة بين
اللذاهب الأربعة » تجنبت فيها الإيجاز المخل والتوسع في عرض الأدلة والمناقشات
تطغى على الكتاب المحقق ؛ وقد رجعت في ذلك إلى الكتب المشهورة في كل مذهب .
ثانياً : التحقيق ويشمل :
_-١ عرض مفضّل عن نسخ الكتاب المخطوطة يشتمل على عدد النسخ ومكان كل
نسخة ورقمها في المكتبة . واسم ناسخها وسنة فراغه من نسخها وعدد صفحاتها وعدد
أسطر كل صفحة ووصف حالة المخطوطة .
7 عرض موجز يبين المنبج الذي سلكته في ١
: وضعت فهارس عامة لموضوعات الكتاب ٠
ويوضح أهم ملاعه .
وبعد . . . فإني لم أدخر وسعاً في إفادة القارى» ؛ وإخراج الكتاب في أحسن
صورة أرادها المؤلف ؛ مع علمي بأن التقصير من طبيعة البشر » والله أسأل أن يجعل
عملي صالاً ؛ ولوجهه خالصاً » وأن لا يجعل فيه لأحد شركاً .وصل الله على نبينا محمد
وعلى آله وصحبه وسلم .
المؤلف
أ . د : عبد الله بن محمد المطلق
ولد الخلال في النصف الأول من القرن الثالث المجري ؛ ومات في
النصف الأول من القرن الرابع » وذلك يوافق بداية القرن الثاني من عمر
الدولة العباسية في بغداد .
فقد ولد في خلافة المتوكل جعفربن محمد المعتصم بن هارون
الرشيد بن محمد المهدي بن أبي جعفر المنصور ؛ وكانت الدولة العباسية قد
ابتلي بتسلط العنصر التركي الذي قربه المعتصم على بيوت الخلافة وحكمه
في السلطة + وكان منهم الوزراء والأمراء والقواد ؛ وقد مرت الخلافة
الإسلامية في هذا العصير 4راخل برقاب طاول + واستقلت بعض الأقاليم »
فقامت الدولة الطولونية" في مصر ء ثم امتد نفوذها إلى الشام .
وظهرت دولة الفاطميين في أفريقيا واستولوا على المغرب الأقمى
أما في الأندلس فكانت الدولة الأموية في عز شبابيا ٠
ولم يسلم المشرق لسيطرة الخلافة » بل تعاقبت فيه ثورات العلويين
الذين استقلوا ببعض المناطق فترة من الزمن ومنها :
. ثورة يحجى بن عمربن بحبى العلوي بالكوفة سنة 100 ها -١
7 ثورة الحسن بن زيد بن محمد العلوي في طبرستان سنة 168 هه ٠
)١( نسبة إلى أحمد بن طولون التركي » تولى إمارة مصر 104 ه ثم استقل بها حتى مات سنة
» وبقيت الدولة الطولونية بعده حتى سقطت سنة 747 ه » انظر النجوم الزاهرة
١/٠ والكامل 408/77 - 4:4 . والبداية والنهاية 46/1١ - 87 +
*- ثورة الحسين بن أحمد العلوي بناحية قزوين وزنجان سنة
١ 1 ثور صاب الائج الذي زعم أندمن ارلاة عل بن أي طالب
فزعم أن اسمه على بن محمد بن أحمد بن عيسى بن زيد بن علي بن
الحسين بن علي بن أبي طالب + ولم يكن صادقاً + وإنما كان أجيراً من عبد
القيس + واسمه علي بن محمد بن عبد الرحيم » وقد خرج في منطقة البصرة
من ات واستمر في حرب مع جيوش الخلافة حتى قتل في عام
بات زعزع أمن الدولة في تلك الفترة ثورة القرامطة '"" وكان أول
ظهورهم سنة 388 ه ء ثم تغلبوا على هجر ( الأحساء ) وما حوها من
البلاد » ودخلوا البصرة وأفسدوا فيها وأخافوا عاصمة الخلافة » واستولوا
على اليمن والشام في فترات من هذا العصر .
أضعفت سلطة الخلافة . فظهرت دعوات إلحادية تجدف إلى هدم الدين وبث
الزندقة كالتي نشرها ابن الراوندي '" وأحمد بن حمدان الورسامي '"“ وفضل
44 - و43 18 18/1١ انظر البداية والنهاية )١(
() القرامطة : نسبة إلى حمدان قرمط » أحد دعاة الإسياعيلية الباطنية » أقاموا لهم دولة
بالأحساء » وحاربوا الدولة العباسية » واستولوا على بعض أقاليمها . ودخلوا مكة +
وقتلوا الحجاج في المسجد الحرام » واقتلعوا الحجر الأسود » وخرجوا به إلى الأحساء سنة
7ه ء وبقي عندهم اثتتين وعشرين سنةٌ . انظر الملل والتحل 141/1 - 148 +
والبداية والنهاية 11/11 131
© هو أحدين يحى بن إسحاق المشهور بابن الراوندي » أحد مشاهير الزنادقة المجاهرين
بالإلحاد . صنف كتاباً أسماه الدامغ » يرد به على القرآن الكريم » وكتاباً أسماه الزمردة +
يرد به على شريعة الإسلام » وقد اعترض على النبي 8 في مواضع » وصنف كتاباً في قدم
الصانع » وقد رد عليه أبو علي الجبائي شيخ المعنزلة في زمانه . مات سنة
8 ه ء وقيل بل قتل وصلب . انظر « البداية والنهاية » 113/11 - 117 » ووفيات
الأعيان 17/1 .
(4) أحمدبن حمدان بن أحمد الورسامي » كان من أهل الفضل والأدب ثم أظهر القول <
ولاك
أوكان مذهب المعتزلة قد انتشر » وكان منه الخلفاء والقضاة والعلماء في
عهد الأمون والمعتصم والواثق من خلفاء الدولة العباسية .
ولا جاء المتوكل نصر السنّة » وأبعد المعتزلة ؛ ولكن ذلك لم يمت نشاط
هذا المذهب بل ظل له علماء ينصرونه ويدافعون عنه .
واهتم الفاطميّون بنشر المذهب الإساعيلي في البلاد التي سيطروا
رئيس القضاة في الدولة يقسم المواريث ويعقد الأنكحة » ويصدر الأحكام
تبعاً لهذا المذهب .
أما الفقه فإنه قد أخذ في هذا العصر شكلدٌ آخر لم يكن له من قبل +
أنصار بجمعون أقوال إمامهم ويخرجون عليها ويجتهدون في دراستها
والاستدلال لها .
وقد ظهر في علماء كل مذهب من يناقش أدلّة المذاهب الأخرى +
التقليد » وتتبعوا نصوص الشرع » ورجحا ما أيّده الدليل » ومن هؤلاء :
« لسان الميزان» 154/1 » والأعلام 113/1 .
النظام المعتزلي » ثم غلا في الإلحاد » فزعم أن للخلق ربين أحدهما يم هوالله سبحاته +
بين الفرق »+ 710 + والفصل في الملل والأهواء والنحل 167/7 .
() أحمد بن حايط القدري ؛ زعيم فرقة الحايطية . كان من أصحاب النظام المعتزلي » وقال
بتناسخ الأرواح » وشارك فضلاً الحدثي في قوله : إن للخلق ربين خالقين . انظر ه الفرق
بين الفرق» 710 » والفصل في الملل والأهواء والنحل 189/7 .
محمد بن نصر المروزي المتوفى سنة 7144 ه » ومحمد بن جرير الطبري المتوفى
سنة ١٠7ه ء ومحمد بن إسحاق بن خزيمة الملقّب إمام الأئمة المتوفى سنة
١ه ء ومحمد بن إبراهيم بن المنذر المنوفى اسنة 318 ه .
وقد انتشر في دولة الخلافة في هذا العصر المذهبان الشافعي والحنفي +
وكان انتشار مذهب الإمام أحمد الفقهي محدوداً في العاصمة ؛ وبعض المدن
التي برز فيها تلاميذ الإمام » وكان الخلفاء في دولة بني أمية في الأندلس على
مذهب الإمام مالك فكانوا ينشرونه .
وكان علماء السنة في القيروان والمغرب الأقصى ينشرون المذهمب
المالكي مع كونهم تحت قهر الفاطميين الشيعة .
وظهر علماء مجتهدون في المذاهب الأربعة المشهورة خدموا هذه
أحمدبن محمدبن سلامة الطحاوي الحنفي المتوفى اسنة ١77هاء
وإسماعيل بن إسحاق بن حماد بن زيد الأزدي المالكي المتوفى سنة 187 هاء
وأحمد بن عمر بن سريج الشافعي المتوفى سنة 700 ه ؛ وعمر بن الحسين
الخرقي الحنبلي المتوفى اسنة 4 ه80 .
الخلال" حتى صار علا له في كتب الفقه الحتبلي © لاينافسه فيه على
الإطلاق أحد .
774 771/1 انظر الفكر السامي 11/7 - 15 . وحجة الله البالغة )١(
انظر طبقات الحخنابلة 17/9 وسير أعلام النبلاء 347/18 » والبداية والنهاية )(
والخلال : صانع الخل وبائعه ''' » وقد أطلق هذا اللقب على عدد
من العلماء . كان منهم في عصر الخلال :
١ أحمدبن خالد الخلال المنوفى سنة 747 ها ء روى مسائل عن
الإمام أحمد ء ترجم له أبو الحسين في طبقات الخنابلة 47/١ .
7_ عباس بن محمد بن موسى الخلال » من أصحاب أحمد المتقدمين »
وكان رجا له قدر وعلم وعارضة » وروى مسائل عن الإمام أحمد » ترجم
له أبوالحسين في طبقات الحنابلة 174/١ .
* الحسن بن إبراهيم بن توبة الخلال » حدث عن أبي بكر المروذي
صاحب الإمام أحمد » ترجم له الخطيب في تاريخ بغداد /١ 787 .
- الحسن بن محمد بن الحسن أبو محمد الخلال . المحدث الحافظ
المؤرخ + ترجم له الخطيب البغدادي في تاريخ بغداد 7475/١ .
واعتمد عليه القاضي أبو الحسين في طبقات الحنابلة كثيراً في معرفة من
روى عن الإمام أحمد » انظر على سبيل المثال في كتاب طبقات الحنابلة :
47/١ ترجمة إبراهيم بن نصر الحذاء -١
2174/١ وترجة جعفربن محمد النسائي ٠
2 174 / ١ وترجمة الحسن بن مومى الأشيب ١٠
وترجمة الحسن بن مخلد بن الحارث /١ *14 2
ولد الخلال في سنة أربع وثلاثين ومائتين » وقيل في سنة خمس وثلاثين
ومائتين . وقد أدرك الخلال من حياة الإمام أحمد ثاني سنين أو سبع ؛ فيجوز
أن يكون رأى الإمام أحمد في صغره ؛ ولم يتكلم الذين ترجوا للخلال عن
2 717/١١ لسان العرب )١(
ودأ
الخلال » وإن كان يغلب على الظن أنه ولد في بغداد لنسبته إليها دون
قد استوطنت عاصمة الدولة الإسلامية قبل ولادته . ا
نشأ رحمه الله في بيئة دين وعلم » وحفظ القرآن وهو صغير » وأقبل
على طلب العلم ولزوم الحلقات .
فتاواه . فهو إمام السنة الذي صمد في وجه فتنة المعتزلة » وثبت على الحق في
وجه السلطة المنحرفة » وقد نشأً الخلال وهو يسمع الثناء على الإمام في
بغداد » فأحبه وتتلمذ على تلاميذه ؛ واهتم بجمع مسائله . وكان لم يتجاوز
الحنابلة » في ترجمجة عصمة بن أبي عصمة - : روى عن أب غبد الله مسائل
كثيرة جياداً ؛ أول مسائل سمعتها بعد موت أبن عبد الله مسائله ٠١ . ها .
وقد ذكر في الطبقات أن عصمة بن أبي عصمة مات سنة 144 هاء
فيكون بين وفاته وولادة الخلال عشر سنين » وقد سمع الحديث من
الحسن بن عرفة وحرب الكرماني » وعبد الله بن الإمام أحمد » وسعدان بن
واهتم بجمع مسائل الإمام أحمد بن حنيل + فطاف البلدان » وتتبع
تلاميذ الإمام » واجتهد في نقل المسائل بالإسناد العالي ١ فإذا لم يستطع
)١( اتظر سير أعلام النبلاء 3427/14 .
() طبقات الحنايلة 745/1