شاء الله تعالى .
نس تصحف مرة
التحقيق إن
آخرها: إن الكتاب قد حوى فقه السُلف في أهمية العقل وما ينبغي أن
يكون عليه العقلاء من الفطئة والحذر والحيطة وخوف الله - عز وجل -
لام
ثم شاورت أخي الدكتور نجم عبد الرحمن خلف في أمر الكتاب فر
بذلك. وأقبل يشجعني ويدفعني إلى تحقيق هذه الرغبة النافعة. ثم أخرج
نسخته الخطية من «كتاب العقل وفضله» ودفعه إليّ - ثم جرى الاتفاق على
معي كما جرت عادته في الإشراف - مقابلة المخطوط. والوقوف عند
فيها من فهارس وافرة ومخطوطات» وأخذ على عاتقه الحكم على الأحاديث
المرفوعة؛ والترجمة لمؤلف الكتاب. أما مسائل التحقيق والتعليق والضبط
فقد قمت بإنجازها إلا النزر اليسير منها وهي من الفوائد التي أضافها أخي
الدكتور المشرف عند مراجعته للكتاب وتقييمه. فجزاه الله عني وعن العلم
خير الجزاء.
وهذا الكتاب القيِّم «كتاب العقل وفضله» للإمام الحافظ ابن أبي الدنيا
يعرض صوراً مشرقة لتوجيهات الأثمة من السلف الصالح في القرون الثلاثة
الأولى الفاضلة. والتي تمثل انطباعاتهم وتأثرهم بالجو الإسلامي العام الذي
الأعلام تجسد الحركة الفكرية عند المسلمين في إطار الرؤية الشرعية؛ ومن
منظورها الرباني .
وبالتالي فهذه النصوص المحفوظة في هذا السفر التراثفي تعالج قضية
جد خطيرة ألا وهي قضية «العقل» في الرؤية الإسلامية.
وقد استغل الكثير من أصحاب الأهواء والفرق الضالّة هذه القضيةء
وكانت هذه المذاهب والأهواء وعلى رأسها المعتزلة. وفي جملتها
الأحيان - في مرتبة الوحي . والعياذ بالله.
فجاءت محاولة الحافظ ابن أبي الدنيا - في تسجيل مواقف أهل الل
من العقل واعتناثهم به» وتركيزهم عليه صفعة قوية في وجوه أهل الأهواء
والبدع كما حاول أن يعالج الإفراط والتفريط في هذا الجانب الهام من تركيية
فنراه يضع العقل في الذروة من الملكات والطاقات بعد معرفة الله
سبحانه فيروي يسئده المتصل إلى عبيد الله قوله: «ما أوتي رجل - بعد
الإيمان بالله عز وجل - خير من العقل»9©.
كما يروي عن عروة أنه قال: «أفضل ما أعطي العباد في الدنيا العقل»
وأفضل ما أعطوه في الآخرة رضوان الله عز وجل
وجعل تفاضل الناس بالعقول. كما تتفاضل الأشجار بالثمار"».
)١7( انظر رقم )١(
)18( انظر رقم )١(
(©) انظر رقم (14)
(4) انظر رقم (0©)
النصوص التربوية التي تعالج قدح زناد الفكر» وتعمل على نضوج العقل
وتطويره وإثرائه. كالحرص على مجالسة العقلاء وأهل الفضل من العلماء
والنبلاء"». وحفظ التجارب وتخزينهاا""؛ والاتعاظ بتجارب الغير»؛ واستعمال
المجاهدة لعقل النفس وضبطها عن الأهواء(*؛ والعناية بالعلم والتعلم فهو
دليل العقل ومرشده!*)؛ والحرص على استشارة أهل الرأي والفطنة "© فهو
عنها. فرأي الجماعة باجتماع عقولهم مبرمة لصعاب الأمور. كما قال سفيان
الثوري !© . إلى آخر هذه السبل والوسائل العملية الكثيرة.
ولم يغفل الحافظ ابن أبي الدنيا الوسائل السلبية التي تشوش العقل
وترديه»؛ وتهبط به. فانبرى للتنبيه عليها. وحذر من أصحابهاء وساق العديد
من النصوص الموضحة لذلك.
وبهذه النصوص ونظائرها حاول أن يعالج المؤلف - بتوجيهاتها
ودلالتها- جانب التفريط في طاقة العقل» وإعمال الفكر. وهي نصوص
خطيرة وجليلة في بابها تكشف عن الفكر المنهجي عند المحدثين؛ وتميط
اللثام عن عنايتهم الوافرة بهذا الجانب الحيوي من تركيبة المسلم فالإسلام
قد عي بالعقل والفكر عنايته بالروح والجسد. والمحدثون هم أول الناس
)3( انظر رقم )١(
(؟) انظر رقم 0
(©) انظر رقم ند 7
(4) انظر رقم (078 8©)
(9) انظر رقم (41 44 45)
() انظر رقم (47)
() انظر رقم (47)
(ه) انظر رقم (31)
نصوص الكتاب والسنّة. وآيات التفكر والتدبر والنظر وإعمال العقل تمتلأ بها
ذلك من خلال حركتهم المباركة في تمحيص السنة وحملتها في ضوء منهج
فكري وعقلاني منظم ومبرمج وممحص .
أما جانب الإفراط في استعمال العقل فكان له حجمه وأهميته في ثنايا
الكتاب. فقد كان هذا الإفراط آفة العصر آنذاك» وكان يرفع لواءه المعتزلة.
فحرص الحافظ ابن أبي الدنيا أن يضع العقل في موضعه من غير إفراط
فأخرج العديد من النصوص السلفية التي تعالج هذا الشطط والإسراف.
فالعقل كأي طاقة بشرية له حدوده وقدراته» فإذا جاوزها اضطرب وتفاوت
وجاء بكل أمر مريج. وقد أخرج بإسناده المتصل أنه «لا ينبغي للعاقل أن
يعرض عقله للنظر في كل شيء؛ كما لا ينبغي أن يضرب بسيفه كل
والصلاح في منظور السلف رحمهم الله لم يقف عند تألق الجانب
فحسب. وإنما هو امتزاج سوي» وتشكيلة متزتة» ينبغي أن تأخذ حظها في
شخصية المسلم وتكوينه دون اختلال» كل حسب إمكانه واستعداده. وهذا
هو معيار الصلاح وضابطه
أخرج المصنف بإسناده عن الضحاك بن مزاحم أنه قال: «ما بلغني عن
)548( انظر رقم )١(
واسأل عن النعمة العظيمة التي لا نعمة أعظم منها ألا وهي الإسلام؛
فنا كان أحسن احتمال النعمة ولم يُدخلها بدعة ولا زيغ وإلا لم أعتد به
فأظل9» بخلافه أقرب ما يكون من أجله.
رحم الله الضحاك بن مزاحم وإخوانه من السلف الصالح الذين امتازت
شخصيتهم الإسلامية بالشمول والتكامل في كلّ جوانبها. فلا خير في صلاح
ولا فضل في ذلك إن لمٍ يكن له عقل موزون يرشده إلى وضع النصوص في
: ن يأكل بدينه؛ فيتكسَبٌ به ولا ينفق عليه. وقديماً كان يقول الثوري :
«عليك بعمل الأبطال الكسب من الحلال والإنفاق على العيال»
)١( في «الاصل» والمطبوعة: (صلاح عند وقد أثبتنا الأنسب للسياق
0 ا اشتمال الكتاب على هذه المزايا والمحاسن لا يعني رضاؤنا
التام عن كل ما جاء فيه. فإِنّ الحافظ ابن أبي الدنيا وإن وُثق إلى حسن
المقصدء ونبيل الهدف إلا أنه توسع في استعمال الوسيلة للوصول إلى
غايته. فأحوجه الموضوع إلى إخراج جملة من الأحاديث المرفوعة إلى
بيد أن المصنف قد تحمل هذه الأحاديث الواهية عن شيوخ ثقات
أثبات كعلي بن الجعد. ويعقوب بن إسحاق القلوصي» وأبي كريب محمد
ابن العلاء؛ وسريج بن يونس المروزي. وبهذا تكون الآفة في رواية هذه
أسأل الله سبحانه وتعالى - أن يرحم ابن أبي الدنيا على حسن مقصده
دوافع تأليف الكتاب
إن التصنيف عند أولي الججا عادة ما يكون لسبب وضرورة» وأي
تصنيف من غير ضرورة واحتياج إليه غالبا ما تكون الاستفادة منه قليلة؛ بل
ومعدومة أحياناً فالمصنف الموفق هو الذي يُعاين احتياجات المجتمع في
نه ويصنف فيهاء والمربي هو أحوج ما يكون لأن يدرس حاجات المجتمع؛
فالتصنيف إذاً يكون لرغبة في النفسء أو لنصرة هوى؛ أواحباً
الظهور كما يراه البعض - بل هو منطلق من معاناة» ورغبة صادقة مُلحّةِ
لتغيير خطاء أو معالجة مُشكلٍ من مشاكل المجتمع©.
أردنا أن نخدم مجتمعنا بصدق
فالمحقق المُونق هو ذلك المحقق الذي يبحث عن موضوع يمس المجتمع
ويعالج مشكلاته؛ ويقدم له شيئاً في طريق عودته للنهج السليم» وتخليصه من
الأمراض التي فتكت به ويا حبذا لو تساءل كل محقق قبل أن يهم بتحقيق مخطوط
وهذا مطروح على الناشرين والمؤلفين أيضاًء
المذهبية والسياسية في بعض العصور» والكتب التي تبحث في حركات ومذاهب
والمتبع لتصانيف ابن أبي الدنيا يجد هذه الناحية متجلية فيهاء حتى
القرن الثالث الهجري - نجد التناطح بالأفكار بين المذاهب الفكرية
بعض تلك المذاهب وأميها المعتزلة؛ تضع العقل في مرتبة تفوق مرتبة
الوحي+ زتْ م أهلّ الس بعدم اعتبار العقل» ومساواة العاقل والمجنون» بل
بتفضيل المجنون على العاقل معتمدين على حديث لا يصح يدندن به جهلة
المتصوفة وهو «أكثر أهل الجنة البله»"» فانبرى ابن أبي الدنيا للدفاع عن
- والإسماعلية. والكتب التي تتناول التصوف بغلو وغير ذلك من الكتب, ما الفائدة من
نافعة للمحقق والناشر ضاة للمجتمع والأمة؛ تاي ا معاشر المحققين
يروه عن عقيل غير سلامة. وأخرجه الذهبي في ترجمة سلامة في «ميزان الاعتدال»
817 وسلامة هذا قال عنه أبو زرعة: منكر الحديث.
وأوردة الغزالي في «الإحياءه. وفال العراقي: رواه البزار من حديث أنس
ضعيف وصححه القرطبي في التذكرة وليس كذلك فقد قال ابن عديٍّ: منكر؛ وذكر
الزرقاني في «مختصر المقاصد الحسنة» ص 54.
فالذي يتبين لنا أن مدار هذا الحديث على سلامة بن روح» وسلامة هذا وإن -
فجمع ما استطاع إليه سبي من نصوص مرفوعة وآثار موقوفة ومقطوعة»
بالإضافة إلى الأشعار ليؤكد سداد نظرة أهل السلّة إلى العقل» وأنهم أنزلوه
المنزلة اللاثقة به
ولئن استطاع ابن أبي الدنياء إظهار رأي أهل السنّة في «العقل» وما
يجب أن يكون عليه العقلاء من حزم وحلم وعصيان هوى. من خلال
النصوص الموقوفة والمقطوعة التي جمعها والتي تصل نسبتها إلى أكثر من
فقد كلفك مؤونة البحث والنظر في الأسانيد» وسأعالج هذا الأمر أثناء
التحقيق» وسأستوفي - بإذن الله - الكلام على الأحاديث المرفوعة من حيث
السند والمتن
ذكره ابن حبان في الثقات فإن عدداً لا بأس به منهم قد ضعفه خاصة إذا تفرد.
النقل والعقل» فالله تعالى عندما خاطب الناس كان يعقب خطابه بتذكرة أولي الألباب
ودعوتهم للتفكر والتدبر وغير ذلك