غير منظورة.. تست الزرقة تحت لساني وفي الأوعية الشعرية تحت الجلده ثم تفتٌ قطعاً
زرقاء تتطاير قطن لاوزن لها.. لم أعد موجوداً.. أو لعل من الأنسب أن أقول؛ لم
أشعر بمثل هذا الوجود الحق من قبل» ولن أشعريه إلا مرات قليلة بعد ذلك .لاأدري كم
يقبض على كتاب الفيزياء ويحاول النهوض في ذهول عما حوله.
كانت تجربة ساحقة ومفرحة في آنا معآً؛ ساحقة لأنها تغمرك دون إرادة منك أو
استدعاء لهاء لتذهب بأناك العزيزة وتمحو حدودها في دقائق تبدو دهراً. ومفرحة لأنك إذا
داهتمك» فلن تشعر بالوحشة أو الوحدة بعدها أبداًء
ة الكستناء إياه» كنت أستعيد تجربة ذلك الأصيل تح رواق الجامع وأتمنى لو أنها تأني
كرة أخرى. ذهبت إلى المكان» دخلت الحرم وجلست أستمع إلى شيخ يتحدث بعد صلاة
لمرة السابقة لم يحدث. وعندهاء خطر لي بما يشبه اليقين أن تجربة ذلك الأصيل لم تكن
إلا دعوة للصلاة. عدت إلى البيت» وأخرجت كتاب مقرر الديانة المدرسي فراجعمت
مجدداً قواعد الصلاة بدقة؛ ثم تشمرت وتوضأت؛ ومددت سجادة الصلاة نحت شجرة
التفاح القديمة في باحة البيت» وشرعت في الصلاة. ولكن.. عند السجود ؛ ظهرت أمامي
صورة الرجل الحازم ذي اللحية البيضاء الطويلة؛ فشعرت بالخوف وأسرعت في إمام
أكداس المجلات والدوريات القديمة تملا المكان؛ والكتب موزعة على الرفوف القليلة؛
ومتجمعة عند الزوايا في أكوام غير منتظمة. في الأوقات الآمنة؛ كنت أتسلل إلى ١
لتقليب صفحات كتب مصورة أحبهاء ثم أنسحب عند اقتراب الخطر. وفي إحدى المرات»؛
تسمر بصري على لوحة تملا صفحتين متقابتين من كتاب حاشد بالصور الملونة الأخاذة
كتب تمتها ” لوحة خلق آدم”. في اللوحة شيخ مهيب سابح في الفضاء يرتدي جلبايا
صحا لتوه من النوم. أطبقت الكتاب وخرجت؛ وفي ذهني أكثر من سؤال لايجيب عليه
سوى والدي» ولكن كيف أكشف عن سر دخولي إلى الغرفة ال محرمة؟
يتخير كلماته بدقة وحذره لأن وجهي قد تحول على ما يمدو من إشارة إستفهام إلى بركان
دهشة لاحدود لها. وعندما انتهى من حديثه» زودني يبعض المجلات القديمة المصورة»؛
أهضم فكرة التصوير الديني. ووجود مصورين لايتحرجون من رسم صورة للخالق.
لوحة مايكل أنجلو هذه؛ صارت من أعمال عصر النهضة المحببة إلي بعد ذلك. وعندما
إنفعالي الأول وابتسمت» كما تذكرت كيف حالت صورة الرجل الحازم ذي اللحية
البيضاء بيني وبين الصلاة في تلك الفترة المبكرة.
حديئة الإستقلال» تحاول أن تجد لها موطيء قدم في عالم شيمته التقدم العلمي. لم نكن
تسمح لأنفسنا بالنظر إلى العالم إلا من خلال المحاكمات الذهنية الباردة. وكان السلاح
الذي نشهره في وجه بعضنا هو شعار : "كن علميا”؛ كلما آنس واحدنا من زميله
لطرح لايلتزم المنطى العلمي في أضيق أشكاله. فكان من الطبيعي أن أكف عن |.
أحوول نفسانية لاتخضع للمفاهيم العلمية يب فإلى جانب الخوف من أن تصنف
» كان في داخل كل منا يش منعقدة على الدوام؛ يصرخ
ييا أملقة 2 غير علمي” بالمفهوم
كنا تتجول مساءٌ في ساحة مونمارتر وأزقتها. بباريس» عندما أنذر الرذاذ الخفيف بتحوله
قداس من نوع ما متعقد بعد الغروب. جلسنا في الصف الحلفي؛ وصديقي المقيم فير
لفحل محلها كلمات الكاهن الذي يقود القداس.. كنت وكأني أسمع لأول مرة قصة
في نقطة التقاطع.
محكمة التفنيش في داخلي قد أخلت مكانها لهيئة محلفين من مشارب شتى؛ لاممانعون
في إجراء المداولات الحرة قبل إصدار القرار.
في وقت متأخر من الليل» طرق باب منزلي في دمشق؛ جار وصديق لايخلو من غرابة
الأطوار» تعود زيارتي بين الحين والآخر. كان يحمل في يده شريط تسجيل. قال وهو يتجه
فلعله يعجبك أيضاً. جلسنا أكثر من ساعة نستمع إلى فرقة معروفة بإنشاد الألحان الصوفية»
حلقات رقص فسيحة يدور فيها الدراويش بأذرع مرفوعة نحو الحقائق المستورة؛ وأرجل
تلف بخفة على الأرض التي ترتفع بهم للقاء السماء. رأيت بعين خيالي» كيف بتوسط
الراقص بين عالمين» وكيف تمتد روحه شرارة برق تصل المنفصل وتجمع المقطع. وفي
حى أبعدها عند حواف الكون تدور وتدور. صار الكون إنساناً؛ والإنسان صار كوناء
وبمرور الأيام» كان التساؤل القديم الذي حملني من حصيرة رواق الجامع إلى سجادة
الصلاة تحت شجرة التفاح» ينمو وبتحول من تساؤل عرضي إلى سؤال أساسي: هل نجربة
ما أسميته بالوجود الحق هي تجربة دينية؟ فإذا كانت دينية» فما الفرق بينها وبين ما تحققه
الصلاة المعتادة؟ لماذا يلجأ البعض إلى طقس مؤسس ومتعارف عليه والبعض الآخر إلى
تدريجياً أن معالجة هذه الأسثلة ستدور في حلقة مفرغة؛ إذا لم نشرع قبلها في الإجابة على
سؤال أكثر أساسية يتعلق ب : ماهو الدين؟ فلكي نستطيع تصنيف أمر ما في زمرة الدينء أو
الدين بالنسبة إليه. وليس الفلاسفة ودارسوا الأديان من شتى المشارب بأفضل حالاً منا؛
فلدينا اليوم تعريفات للدين بعدد من تصدى لدراسته؛ وحاول الإحاطة بهذه الظاهرة
هذه الدرجة من الغموض والزوغان عن التعريف؟ وهل من الممكن فعلاً أن يختلف الدين
بإختلاف الأفراد وتنوع نظرتهم إلى الحياة؟ أم أن وراء هذا التنوع الظاهري وحدة صميمية؛
وأن التعريفات لا تقصد إلا أن تقول شيئاً واحداً؛ وتعبر عن تجربة إنسانية واحدة؟
أما بعد. فهذا كتاب في وصف الظاهرة الدينية؛ عند نوع من الأحياء معروف باسم
قبل أكثر من مائة ألف عام من عصرنا هذا. وقد رافقته» منذ ذلك الوقت المبكر لاستقلاله
التام عن بقية الأنراع الحية على هذا الكوكب ؛ كمحرض أساسي وهام في حياة البشرية
عبر عصورها. وأريد أن ألفت النظرء إبتدا إلى أن المقدمة الشخصية التي ابتدأت بهاء
لاتطرح منهجاً لبقية الكتاب» وأن الفصول القادمة ليست تأملات انية في مسألة الدين
بل العمكس هو الصحيح تماماً. فإذا كان لكل مشروع دافع شخصي؛ فإن ما يبز مشروع
البحث الموضوعي عن غيره» هو قدرة صاحبه على الانتقال من الشخصي إلى الموضوعي»
وتعديل الأول مما جلاءم ومعطيات الثاني.
كنابه:!"؟ ممممصعيرظ وميناءة اه معناعامه لا 70 بين نوعين من المحاكمة في دراسة
الظاهرة الدينية؛ يدعو الأول محاكمة وجود 008600804( [15160118©. والثاني
محاكمة قيمة 8عتلةلا 08 008ن20059. في المقترب الأول» يقوم الدارس بتقصي
وبرى وليم جيمس» أننا لاتستطيع اشتقاق أحد هذين المقتربين من الآخر لأنهما مستقلان
تمام الاستقلال, وينشأ كل منهما عن مواقف فكرية متغايرة؛ فمحاكمة الوجود موضوعية
لاتحمد معايير موضوعة مسبقاً؛ أما محاكمة القيمة فذاتيه تعتمد معايير يقوم الدارس بتبنيها
محاكمة وجود لاعلاقة لها تان بالتساؤل عن قيمة الكتاب كموجه روحي»فهذه محاكمة
باختلاف مشارب الباحثين ومواقفهم الفكرية المسبقة.
ولقد تبنيت في كنلي هنا القترب الأوله ووفقت في منهجي عند الحد الفاصل تماماً
إن ما أهدف إليه: هو التعرف على الظاهرة الدبية كما هي» وعلى حقيقتهاء وذلك عن
طريق وصفها وصفاً دقيقاً؛ وعزلها عن بقية ظواهر الثقافة الإنسانية الأخرى المتعددة؛ وهو
أمر على قدر كبير من الصعوبة والتعقيد» على عكس ما يخطر في البال للوهلة الأولى.
فعبادة الموتى لدى بعض ثقافات العصر الحجري والعديد من الثقافات البدائية؛ قد صنفت
خارج دائرة النشاط الديني من قبل بعض الباحنين المحدثين لأنها لاتتوسل إلى قرى خالقة
السحرية التي تفع في بؤرة الحياة الروحية لشعوب بدائية كثيرا َ
غامضة غيرمشخصة تتوسط بين الأسباب ونتائجها في حركة الطبيعة» وهي قوى لاتشية
الآلهة من قريب أو يعيد. وهناك أكثر من دين واسع الانتشار لايؤمن أهلوه بإله ما
حد نستطيع أن نطلق صفة الدين على هذه الطرائق الروحية المغايرة لطرائقنا؟ ومن ناحية
العديد من العقول الجبارة» جعلت من فكرة الألوهة بورة اهتمامهاء ومن الإله لأسن
الذي تعرفت عليه قطب الرحى في بنائها الفلسفي» » فكان لها من الأتباع ما لأي نحلة دينية
الدراسة
الدراسة
وخارقة
لاف
حوله. ولكن قبل الشروع في ذلك؛ لابد من كلمة حول منهج البحث.
لقد حاولت بشكل أساسي تجنب أمرين؛ الأول فلسفة الدين» والثاني تاريخ الأديان.
فالفلسفة تبقى بعد كل شيء» امتداداً لفكر صاحبهاء وتعيراً عن توجهاته ومواقق؛
إنها أمر شخصي بحت ولدينا من الفلسقات قدر ما لدينا من الفلاسفة. ومما أني راغب
عن تقديم وجهة نظر شخصية في مسألة الدين راغب في وصفه وتحديده موضوعيا؛ فقد
ابتعدت قدر المستطاع عن فلسفة الدين وفلاسفته؛ وعن إفحام أي رأي شخصيء ممايمكن
في اكتناه الواقع لافي وضع هذا الواقع ضمن إطار ذهني مرتب مسبقاً. أما تاريخ
يحاول الكشف عما حدث فلاً؛ ودون العناية بفهم عميق لما حدث؛ أو تقديم تركيب
منظم يجمع الظواهر الدينية التي يدرسها إلى ظاهرة واحدة. في محاولتي الابتعاد عن
هذين التوجهين» وجدت نفسي مع أصحاب المنهج الفينومينولوجي ( - الظاهراتي )
إنشغال الفلسفة التفليدية بتحليل المفاهيم» والتركيز على العقلاني» فإن الظاهرائية تركز على
كلية التبدي الظاهراتي في التجربة الإنسانية؛ والتوجه إلى موضوع بحثها كأمر قائم في
السيكولوجية؛ التي يحاول علماء النفس من خلالها إرجاع كثير من الظواهر ( ومنها
إلى الخصوصية والدوع في الظاهرة التي يدرسهاء وهذا ما يعينه على توسيع وتعميق تجريته
على دراسة تاريخ الدين؛ أي أنها تشغل مكان الوسط بين الفلسفة والتاريخ» وتطرح منهج
بحث عملي» لا فلسفة بالمعنى التقليدي +
ماهو مشترك وعام بين الظواهر الدينية. وهي إذ تصف وتنظم وتتمذج موضوعاتها» إنما
تعمل على إستقصاء البنية الجوهرية والمعنى في الظاهرة الدينية. ورغم أن الظاهراتي بحاش
فرض أحكامه وقيمه على موضوع بحثه؛ إلا أنه ينطلق في الوقت ذاته من موقف متعاطف
مع هذا الموضوع؛ وبشكل خاص مع الجانب الإنساني فيه. فهو في وصفة
وهذه نقطة يترجب علي منذ البداية أن أجعلها واضحة تماماً. عن هذا الموقف المتعاطف
الذي لابنشأ عن أفكار مسبقة: يقول كارل غوستاف يونغ؛ منشىء علم النفس التحليلي
” بالرغم من أنني كثيراً ما أدعي فيلسوفاًء إلا أنني امرؤ تجرسي» وانطلق
والخبرات؛ ونقوم حقيقته على الوقائع لاعلى الأحكام. فحين بتحدث علم
وجود مثل هذه الفكرة» ومن دون التطرق إلى مسألة صحة الفكرة أم
والوجود السيكولوجي هو وجود ذاتي بقدر ما تخطر الفكرة على بال إنسان
واحده وهو وجود موضوعي بقدر ما يترسخ باجماع الناس والحق»؛
فإن أفكاراً معينة تكاد توجد في كل مكان وكل زمان؛ وهي قا على أن
تخلق نفسها بصورة تلقائية وفي معزل عن النقل أو التقليد. هذه الأفكار
لايصنعها الفرد بل تحدث له؛ حتى لتفرض نفسها على وعيه فرضاً إن ما
أقوله هنا ليس فلسفة أفلاطونية؛ بل علم نفس تجرييي”"؟
نظ ينا الوجنة
اين في ضوه علم الس ترحمة تياد عياط عن م 1١1١ شق 1148
عملاً يأتي في هذا الوقت المتأخر عن فرة إزدهار هذا النوع من البحث على المستوى
المفكرين زوداني بالإطار اله ليم اللازم لإنجاز هذا الكتاب؛ وهما: ١|
0 أنسط ا ا ل الذي أعطى لدرامة الدين ذ 0
وفريتجرف كابرا بوه 2مزان:ط. الفيزيائي الذي أعطى الفيزياء الحديثة نكهة الحكمة
الباب الأهل
مسائل أولية في الصطلح والتعريف