مدخل إلى فهم دور الميتولوجبا الثورائبة شبكة اللادينيين الحرب
ومعلوم أيضاً؛ أن الباحثين التوارتيين؛ قد اختلفوا فيما بينهم؛ حول ضبط جمع مادة هذا الكتاب
وتوقيتها؛ وانه لم يكتب بيد مؤلف واحد في عصر واحد لجمهور واحد؛ بل قام بهذه المهمة مؤلفون
ألف عام؛ وقدر البعض تاريخ الانتهاء منها حوالي 440 ق.م!9'؛ وربما في تقدير آخر؛ حتى القرن
الأول قبل الميلادا”".
ولعل أشهر المدارس البحثية في التوراة؛ وهي مدرسة "فلهاوزن :5م1171" التي أكدت
وعميقة إلى حد التنافر التام في اللغة والأسلوب بين هذه الأسفار '8. أما النسخة العربية؛ فتؤكد على
تحمله من تراث رافدي طويل)؛ واللغة اليونانية (وما حملته من علوم جامعة الإسكندرية وتراثها
المصري العريق)".
وقد ساعد اليهود على الاحاطة بشكل واسع بتراث المنطقة وتحميله للتوراة؛ أن هناك ظروف أدت
اصطبغت مع كل ارتحال بلون جديد؛ مما أدى بباحث متحيز لليهود متل "إيغار لسنر” إلى الاعتراف
باحتواء التوراة على متنافرات عديمة الاتساق والتمازج؛ وقوله: "أن تابوت العهد؛ يعود بنا إلى
مساكن آلهة النيل المتنقلة؛ وآثار السحر ترجع بنا إلى مصر؛ كلما تذكرنا قصة الطوفان والأرقام
الغامضة ببابل؛ ويصير الإله البابلي جلجامش نمرود؛ وتصبح ثيران أشور المجنحة كروبيم
العبريين؛ كما أن أسطورة الجنة؛ وشخصية الشيطان أهريمان وعالم الملائكة ورؤساء الملائكة؛
تعيد إلى أذهاننا بلاد الفرس؛ ونتعرف على البعل في إله الفينيقيين والكنعانيين في أسماء إشبعل
مدخل إلى فهم دور الميتولوجبا الثورائبة شبكة اللادينيين الحرب
لبني إسرائيل. إلا أن هناك دراسات أخرى أكثر علمية وتدقيقا وتوثيقا؛ قدمها جلة من العلماء
720عم85” حول تأثير الحضارة المصرية وتقافتها القديمة في التراث التوراتي؛ ودراسات عالم
الآثاريات السومرية؛ "صموئيل نوح كريمر 058دم108 .5.17" أحد أعلام أركيولوجيا الرافدين؛ حول
تأثير السومريين المباشر؛ وغير المباشر - عن طريق بابل وأشور - في التوراة".
مرحلة النمو المتحضر؛ تبلغ أكثر من ألف سنة؛ حينما غزا العبرانييون البلادء وقد عرفنا من النقوش
الراقية النامية؛ السابقة لعهد العبرانيين؛ كما كان للثقافة البابلية .. أثر هام خالد في فلسطين الكنعانية؛
وعن طريق الكنعانيين؛ بوجه خاص؛ وصل أثر البابليين في الفن والأدب والدين إلى العبرانيين؛
بدأ المصريون ييسطون سيطرتهم على الساحل الفينيقي قبل أن يطأ العبرانيون فلسطين بأكثر من
ألفي سنة؛ إذ اقتحمت الجبوش المصرية فلسطين قبل سنة 2500 ق.م. ولما فتح المصريون آسيا
الغربية؛ ووصلوا في فتحهم إلى نهر الفرات في خلال القرن السادس عشر ق.م.؛ بقيت فلسطين
مستعمرة في أيديهم أكثر من أربعة قرون؛ والواقع انهم حكموا فلسطين مدة قرنين بعد دخول
في اليهود الغزاة؛ تعود بدورها إلى أصول مصرية ورافدية؛ لذلك يستطرد "وكان من نتائج ذلك؛ أن
مدخل إلى فهم دوز الميثولوجبا التورائية شبكة الللدينبين العرب
أنشئ معظمها من العناصر البابلية والمصرية القديمة معاً. أما من الناحية الثقافية؛ فإنها كما أوضحنا
كانت داخلة ضمن الإقليم التجاري الذي طلما كانت المعاملات البابلية تسيطر عليه؛ كما كانت في
الوقت نفسه تقع مباشرة في ظل صرح المدنية المصرية العظيمة!!0".
النصوص التوراتية؛ كان أهم نتائجها: أن حكمة الملك المصري الأهناسي المعروفة ب "نصائح إلى
المصرين لمفهوم العدالة تأثيرا لا يقبل شكا في سفر ملاخي وهو يقول: "إليكم يا من تخافون اسمي؛
تشرق شمس العدالة بالشفاء في أجنحتها - ملاخي ص4"؛ ويعقب بأن العدالة في المفهوم المصري
يوجد في أي تصور عبري صورة لإلههم يهوه تمثله بأجنحة. ولم يوجد ذلك إلا في النقوش المصرية
ثم يؤكد أن اليهود - لا شك - كانوا على علم بأنشودة أخناتون العظيمة لإله الشمس؛ بعد أن قارنها
بسفر المزامير؛ وكذلك كانوا على علم بحكم الحكيم المصري "آمن موبي :111013 088د/"؛ بعد أن
عقد بينها وبين أسفار أرميا والمزامير والأمثال مقابلة نصية كادت تكون حرفية؛ استغرقت حوالي
خمس وثلاثين صفحة من القطع الكبير. هذا ناهيك عن العدد الكثيف والجم الغفير مما قدمه "برستد”
أما عالم السومريات "كريمر” فقد قدم جهداً مشابها في مقارنات مدهشة حقا ما بين التراث
السومري وبين التوراة» حتى كاد يجزم أن كل آراء السومريين في الكون والدين قد انتقلت بتفاصيلها
وخصائصهملة!"؛ "الأساطير السومريةا""؛ "من ألواح سومر"(09.
(وعتوها قد دخلت التوراة بالصدفة؛ أو بالتأثير الطبيعي لجماعة بلا حضارة بالحضارات الكبرى في
مدخل إلى فهم دور الميثولوجيا الثورائية شبكة اللادينيين العرب
مصر والرافدين) لم تدخل التوراة بالصدفة وحدها؛ ولا بالتأثير المنطقي الذي يصب الأعلى في
الأسفل؛ إنما ما نراه؛ ونحاول إيضاحه في هذه الدراسة؛ هو وجود العمد والقصد من أهل التوراة؛
اليس مجرد الفائدة العلمية والحضارية؛ إنما لتحقيق أغراض ومقاصد عظمى؛ ستتضح في حينه.
تأسيس -3 -
عن هبوط النبي إبراهيم ضيفا على مملكة شاليم؛ التي كانت قائمة قبل زمنه بزمان؛ وكان يحكمها
مرحلة المُشترك المعبدي حتى هذا الوقت.
وتكلموا_لغة أهل البلاد "الكنعانية"؛ وعبدوا الآلهة الكنعانية؛ لكن الفرصة الحقيقة للسيطرة الكاملة
على الأرض؛ أو التحول على الأقل إلى مواطنين من الدرجة الأولى؛ لم تتح لهم طوال هذه الحقبة,
وظلوا مجرد عصابات مأجورة لملوك كنعان؛ حتى جد جديد تمثل في جَذْبٍ حل بأرض كنعان؛ دفع
بالعصابات العبر
إلى هبوط أرض مصر يستجدون القوت؛ في عهد النبي "يعقوب بن اسحق بن
تزعم التوراة - حظوظا عظيمة؛ انتهت بهم وزراء لخزانة المصريين (؟!)؛ برغم انه لم يوجد نص
عقدها ”"يوسف" النبي مع الفرعون المصري؛ عندما أبهرته قدرة يوسف على تفسير الأحلام
الجديد؛ وقلب حظوظهم رأسا على عقب؛ فأمر باستخدامهم كعمالة رخيصة في الأعمال الشاقة؛
ودخل بنو عابر عهد مذلة مريرة تستشعر مرارتها في كل سفر من أسفار التوراة؛ مصحوبة بللعنات
المرتجاة استنزالا على المصريين من رب العالمين. ومرة أخرى تحين الفرصة لبني عابر؛ فتطراً
الرافدين في صراعات انقسمت فيها البلاد على نفسها؛ مما يعطي الضوء الأخضر لبني عابر
مدخل إلى فهم دور الميثولوجبا الثورائبة شبكة اللادينبين الحرب
للهروب من مصر إلى كنعان مرة أخرى. وفي رحلة الخروج أو الهروب؛ وفي ضوء انشغال اليد
العليا عنهم بشواغلها الخاصة في الداخل؛ يسجل اليهود في توراتهم أبشع صور الوحشية؛ فيأتون
نبات الأرض؛ بعد أن قررته لهم الشريعة الربانية وأباحته بإباحية مطلقة؛ وأسفر الرب العبراني
دخان المحروقات أحب المشهيات إلى نفسه الملتاثة "وقود؛ رائحة سرور للرب؛ متكررات في سفر
فترك عرشه السماوي وهبط يتخبط كرهآ وفظاظة ليمارس رغباته "وأجعل مسكني في وسطكم؛
- اقتلوا كل ذكر من الأطفال؛ وكل امرأة. (عدد 31- 17).
تجمع كل أمتعتها إلى وسط ساحتهاء وتحرق بالنار المدينة؛ وكل أمتعتها؛ كاملة للرب ألهك.,
(ثنية 15-13 16).
"يشوع" خليفة موسى على القيادة؛ بدقة وإخلاص تحسده عليهما الضواري من كواسر الوحش؛ فهي
الشعب الموجود فيها يكون لك للتسخير ويستعبد لك (؟! وما أشبه الليلة بالبارحة)؛ وأن لم تسألك
وأما النساء والأطفال والبهائم وكل ما في المدينة؛ كل غنيمتها تغتنمها لنفسك؛ وتأكل غنيمة أعدائك؛
مدخل إلى فهم دور الميتولوجيا النورائية شكة اللامينين الحرب
(أما مدن كنعان الفلسطينية؛ فلها في موعظة الرب الحسنة شرعة أخرى؛ فهو يأمر قائلا):
وأمامدن هؤلاء الشعوب؛ التي يعطيك الرب ألهك نصيبا؛ فلا تستبق منها نسمة ما. (تثنية 20 -
وهكذا وجد بنو عابر فرصتهم للتعبير عن طبائعهم وسليقتهم المفطورة بصدق نادر المثال؛
مدهش؛ وقد أكد صدق هذه المفاخر التوراتية ذلك الحجر الذي اكتشف أخيرآً في "نوميديا” ضمن
قاطع الطريق يشوع بن نون بعد أن قتل منا في عشية واحدة عشرة آلاف إنسان 17"
وكان من طبائع الأمور أن تستقر أمور مصر الداخلية؛ وتخرج تلملم شتات مستعمراتها
اتفقت الأغراض السياسية لكليهما على أن تظل دولة سليمان بن داود على حلها؛ كحائل بين الدول
العظمى؛ لكن مع تناوب السيادة عليها حسب الفرص المتاحة؛ ولا يجد بنو عابر من يحرقونه ليكون
رائحة سرور للرب؛ فيحرقون بعضهم بعضاً؛ وتنقسم مملكة سليمان مملكتين: السامرة في الشمال؛
ويهوذا في الجنوب؛ ويكتشف المصريون أن طبع بني عابر اللئيم غلاب؛ فيجرد الفرعون شيشنق
عليهم حملة تجردهم مما يستر عوراتهم؛ ليأتي الآشوريون؛ ومن بعدهم البابليون؛ ليستاقوهم أسرى
وتتغير الأحوال؛ وتجد تغيرات عالمية جديدة مع بروز القوة الفارسية الطلعة؛ فيتحالف
المأسورون في بابل مع "قورش" عظيم الفرس؛ ويسربون له أخبار بابل أولا بأول؛ حتى يفتحون له
أبوابها؛ فيرد صنيعهم بأحسن منه؛ ويعيدهم على دفعات إلى فلسطين؛ ويسمح لهم بإعادة بناء الهيكل
السليماني؛ ويقيمون دولة خاضعة للفرس؛ لكن الأحداث تتلاحق على صفحة المنطقة؛ مع قوة
الإغريق الصاعدة؛ فيصطدم الاسكندر المقدوني بالفرس؛ ويحتل فلسطين لتصبح مستعمرة يونانية؛
ثم تقع بعد موته في قرعة قواده الرومان؛ لتتحول إلى مستعمرة رومانية؛ ويثور اليهود ثورات
متكررة ضد الرومان؛ فيأتي القائد "طيطس" ليكسب في التاريخ شرف إنهاء الوجود اليهودي هناك
ويدمر الهيكل؛ ويشتت أصحابه؛ لييداً عصر الشتات لليهودي التائه. لكن ليكون ذلك بداية بعث جديد؛
واحتلال عالمي للعقول وتهويدهاء مع ظهور المسيحية وانتشارهاء إضافة إلى فرصة أخرى حانت
مدخل إلى فهم دور الميتولوجبا الثورائبة شبكة اللادينبين الحرب
في مكان بعيد في عمق البوادي؛ مع ظهور الدعوة الإسلامية؛ وهو ما سنلمسه لمسا رفيقا إبان
ميثولوجيا الخلق والتكوين
... وشقها كما تشق الصدفة إلى قسمين وثبت
نصفا جعله سققا سماء ..
والأسفل ثبته في الأرض؛ خلق منه الأرض-
من ملحمة الخلق البابلية (إينوما إيليش)
تقول قصة الخلق التوراتية إن الرب العبراني؛ بعد أن قضى على فوضى الماء أو الغمر البدائي
لوياثان. (مزمور 74).
المنشفة البحر مياه الغمر العظيم. (أشعيا 51 - 9؛ 10).
في البحر. (أشعيا 1-727).
وقال الله ليكن جلد في وسط المياه؛ وليكن فاصلا بين مياه ومياه؛ فعمل الله الجلد؛ وفصل ببن
مدخل إلى فهم دور الميثولوجبا الثورائبة شبكة اللادينبين الحرب
الإله بصفة الخلد لأنه كان يتعاطى في هذه الجنة من شجرة الحياة التي تمنح الحياة الأبدية؛ كما اتسم
حرم عليهما ثمرة شجرة المعرفة؛ ففضل أن يكون رب جاهلين لا رب عارفين. وتشرح التوراة
ثم كان ضباب يطلع من الأرض؛ ويسقي كل وجه الارض؛ وجبل الرب الإله آدما تراب من
الأرض؛ ونفخ في أنفه نسمة حياة؛ فصار آدم نفس حية؛ وغرس الرب الإله جنة في عدن شرقا»؛
ووضع هناك آدم الذي جبله؛ وأنبت الرب من الأرض كل شجرة شهية للنظر وجيدة للأكل؛ وشجرة
الحياة في وسط الجنة؛ وشجر معرفة الخير والشر ... وأخذ الرب الإله آدم ووضعه في جنة عدن
ليعملها ويحفظها؛ وأوصى الرب آدم قائلاً: من جميع شجر الجنة تأكل أكلا؛ وأما شجرة معرفة الخير
المرأة للحية: من ثمر شجر الجنة نأكل؛ وأما الشجرة التي في وسط الجنة؛ قال الله: لا تأكلا منه ولا
كلثه عارفين الخير والشر .. ودعا آدم اسم امرأته حواء لأنها أم كل حي (تكوين - إصحاحات 2؛ 3).
وهكذا؛ وبرغم محاولة الرب إيهام الزوجين أن ثمرة المعرفة ثمرة سامة وقائلة؛ فقد فضل
الزوجان العلم بالشيء على الجهل به؛ فغضب الرب لفضولهما المعرفي؛ وخشي أن يدفعهما
منافسة غير مضمونة النتائج؛ ومن هنا:
مدخل إلى فهم دور الميثولوجبا الثورائبة شبكة اللادينبين الحرب
الإنسان؛ وأقام شرقي جنة عدن الكروبيم؛ ولهيب سيف متقلب لحراسة طريق شجرة الحياة (؟!)
(تكوين 23-3؛ 24).
وقد كان المظنون؛ حتى عهد قريب؛ أن الكاتب التوراتي هو الناظم الأولى لمثولوجيا الخلق بهذا
حتى بدأت الكشوف الأركيولوجية المعاصرة في آثاريات المنطقة تأتي بثمارهاء وتم فك رموز
الزمان سيرته؛ وبداً نفض غبار الأيام الغبراء عنها.
وبرغم عدم تناسق الدراما التوراتية في التكوين؛ وتنافرها بعضها مع بعض؛ ومع أبسط البداهات
العقلية؛ كنتيجة لسلب التراث دون إدراك لمرامي تركبباته الأصلية؛ ولنزعه من سياقه البيئي
والظروف التي بنى عليها الأقدمون تصوراتهم الكونية؛ كناتج طبيعي لمشاهدات الإنسان وتراكم
خبرات تفاعله البيئي؛ ومحاولته تفسير ما يجري من جدل بين عناصر الطبيعة؛ ودوره ككائن متميز
في هذا الجدل. ولنعد معا إلى البداية نستطلع أحوال هذا الإنسان في ضوء ما سنطرحه من تصورات.
في مناطق الخصب؛ التي بدا الاقدمون يستقرون فيها؛ بدأ صراع إنساني رفيع القدرات؛ بين
الإنسان والطبيعة؛ من أجل أن يثبت أقدامه في مقرهاء رافضا التراجع إلى طور البداية والبداوة؛
تطلعا إلى حياة أقدر على تحدي مزاج الطبيعة المتقلب؛ وتحديها المستمر لهذا الكائن الذي نشأ من
وفي مناطق الخصب تنتاب الطبيعة تقلباتها المزاجية؛ ما بين جذب يزهق الأرواح جوعآً؛
ويقضي بجفافه على الزرع والضرع؛ وبين إفراط في السخاء فتدمر الفيضانات جهود سنين مضنية