إلى والدى رحمه لله وأسكنه الجنة أهدى إليه ثمرة غرسى وثمرة
بحثى .فإلى روحك ياأب ىأهدى هذا العمل . ولعله بك موصول وعد
لنه مقبول . والله الموفق إلى مافيه الخير والصواب ٠
ابنك
عبد البارى
حقوق الطبع محفوطة
حقوق الطبع محفوظة للمؤلف ؛ لايجوز نشر أى جزء من هذا الكتاب»|
أو إعادة طبعه ؛ أو تصويره ؛ أو اختزان مادته العلميه بأى صورة من
الصور دون موافقة كتابية من المؤلف .
مقدمة عامة
يعالم هذا البحث موضوعاً على جانب كبيد من الأحمية وهو؛
" الإرادة عند المعتزلة والأشاعرة " . دراسة فلسفية إسلامية ٠ وموضوع
عامة والإسلامى بصفة خاصة .
ولا شك أن الخلاف فى موضوع : ” الإرادة ' قائم بين علماء الأديان
والفلاسفة والكلام فيه متشعب كثير . ولكن المتامل فى القرآن الكريم والحديث
وتتحصر معالجتنا لهذا البحث فى جانب من جوائب الفكر الإسلامى عند
المتكلمين من المعتزلة والأشاعرة حيث انصبت الدراسة على هاتين الفرقتين
الإسلاميتين . دراسة تاريخية تحليلية مقارنة ٠ وكان هذا منهجنا فى البحث +
اتساع المجال الذى يشغله فى الفكر الإسلامى وعمق المعانى التى يهدف إلى
إبرازها .
ولقد حاولت فى هذا البحث تتبع أقوال المتكلمين من المعتزلة والأشاعرة
ومقارنتها بعضها بالبعض الآخر وعلاقته بما ورد فى الكتاب والسنة +
إختلفوا فى معنى الإرادة +
فى الصفات الحقيقية ٠
ولما كان الفصلان الأول والثانى من هذا البحث يتناولا استعراضاً لمفهوم
الإرادة الإلهية والإنسانية فى الفكر الإعتزالى ؛ كما يتناولا مذهبهم بالشرح
ويناقشان بشئ من الدقة والتركيز الإرادة عند أصحاب هذا الفكر. لذلك فقد
استخدمنا المنهج التاريخى مع الإستعانة ببعض التحليلات والمقارنات التى تقوم
على مواجهة النصوص نفسها .
أما الفصل الثالث من هذا البحث فيتعرض لدراسة موضوع : "الإرادة عند
الأشاعرة ' ويقوم على دراسة تاريخية تجليلية عند متكلمى الأشاعرة +
وفى هذا الفصل ركزنا فيه على المنهج التاريخى التحليلى المقارن بين
أما عن المنهج النقدى فإننا نلاحظ فى هذا المقام من أرخ للفكر الإعتزالى
والأشعرى وأخص بالذكر الإمام الشهر ستانى بإعتباره مورخاً قدم لنا انتقاداته
النقدية فى تحليله لموضوع الإرادة عند المعتزلة والأشاعرة . هذا ليس فقط
ولكن أيضاً الإنتقادات من جانب الباحثين الآخرين فى هذا الموضوع ٠
لدراسة الإرادة عن المعتزلة والأشاعرة ؛ فكانت تاريخيته فى بعض الجوانب
التى أشرنا إليها من خلال عرضنا لهذا البحث ؛ نقدية فى جوانب أخرى كلما
دعت الضرورة لتقديم أوجه النقد . لذلك جاءت المقارنات التى أوردتها فى ثنايا
عرضى لهذا الموضوع ملائمة لسياق هذا البحث +
ولما كانت أيضاً دراستنا لموضوع الإرادة فى الإطار الإسلامى كان لايد
لنا من استخدام المنهج القرآئى حكماً فى كل ما تعرضت له ؛ بعيداً كل البعد
عن أى حكم ظنى»_فالظن كما يقول منهج العقل القرآئى لا يغنى عن الحق
شيئاً. وبناء على ما تقدم رتبنا فصول البحث على الوجه التالى +
الفصل الأول ؛ جاء بعنوان : " الإرادة عند المعتزلة ” استعرضنا فيه :
التعريف اللفوى والاصطلاحى للإرادة ؛ والإرادة الإلهية عن
المعتزلة ؛ ومذهب المعتزلة فى عموم تعلق الإرادة الإلهية +
الفصل الثاني : يدور حول : الإرادة الإلهية والإرادة الإنسانية عند المعتزلة +
والأسس الجوهرية للإرادة الإنسانية فى الفكر الإعتزالى +
الفصل الثالث : ويأتى متناولاً : " الإرادة عند الأشاعرة " . وينقسم هذا الفصل
إلى عدد من المباحث مجملها على الترتيب التالى ؛ منهوم
الإرادة عند الأشاعرة ؛ وعموم تعلقها عندهم ؛ ونظرية الكسب
عند الأشاعرة ونقدها ؛ وعلاقة الإرادة بالأمر والمحبة والرضاء
والإرادة عند بعض شخصيات الأشاعرة +
نتابع عامة البحث : وفى نهاية البحث قدمنا النتائج التى أمكن التوصل إإيها
من خلال ما استعرضناه من موضوعات معرضاً فيها وجهة
النظر النقدية بالإضافة إلى ما تضمنه البحث من استنتاجات +
وقد ذيلنا البحث بقائمة تحوى أهم المراجع التى استخدمناها ؛ بالإضافة إلى
مجموعة المراجع والأصول التى اعتمدنا عليها ٠
والله سبحانه وتعالى أسأل أن يجعله خالصا لوجهه وأن يتقبله بقبول حسن
وأن يجعله صدقة جارية وينفع به المسلمين إنه سميع قريب مجيب الدعاء +
الدكتور
عبد البارى محمد داود
القسل الأول
"الإرادة "
الكلام فى هذه الصفة والبحث فيها له خطورته وأهميته بالإضافة إلى ما يحيط
به من صعوبات ؛ ولذا فقد كان الحديث عن هذه الصفة مزلة لكثشير من الأقدام»
وحيرة لكثير ممن خاضوا غمار الحديث عن هذه الصفة دون أن تؤوهلهم عقولهم
حيث إنه من المسائل التى ظهر فيها الجدل بين الفرق الإسلامية ؛ وقد نشأت
الأبحاث الدينية حول هذا الموضوع ٠
وما دمنا بصدر دراسة موضوع '"الإرادة" فإنه يتعين علينا أن نتعرض لتعريفها
اللغوى والإصطلاحى ٠
التعريف اللغوى للإرادة :
الإرادة فى اللغة تعنئ القصد . ويفرق بينها وبين الإختيار بأن المختار يلاحظ
التعريف !! الاق
أما عن تعريفهاالإصطلاحى فإن الباحثين لم يتففوا على وضع تعريف محدد
الإختلاف جاء أيضاً نتيجة لصعوبة هذه المسألة ؛ ووعورتها من جائب؛ والعنت
والمغالطة من جائب آخر مع ملاحظة أنهم جميعاً اتفقوا على أن الله تعالى مريد؛
)١( الفزالى ؛ أبوحامد : الأربعين فى أصول الدين + تقيق محمد مصطفى أبو العلا
(القاهرة : مطبعة الجتدى؛ 1740ه) :11+
الممكن ببعض ما يجوز من الأمور المتقابلة؛ ومعنى يخصص الله بها الممكن؛ أن
الإرادة صفة تخصيص وتحديد.(١)
إلهية أخرى تتصل بالموضوع . وبادئ ذى_ بدء نتساءل : هل الإرادة الإلهية هى
ونتساءل أيضاً:هل إيجاد العالم كان وفقاً لإرادة الله تعالى كما هو الحال
عند المتكلمين ؛ أم هو مجرد علم فقط كما هو الحال عند الفلاسفة . وعلى ضوء
ما تقدم يتضح لنا أن موضوع الإرادة إذن موضوع متشعب وتنحصر دراستنا
لموضوع الإرادة عند فرقتين من الفرق الإسلامية آلا وهما المعتزلة والأشاعرة +
"الإرادة الإلمية عند المعنزلة "
ذهب المعتزلة إلى أن الله تعالى مريد فى الحقيقة؛ وأنه مريد بإرادة حادثة +
إرادته توجد لا فى محل. (") +
ولكى يبرهن المعتزلة على كون الإرادة حادثة رأينا ان نقسم هذا الموضوع
)١( عبد السلام محمد عبده : علم التوحيد في ثوب جديد ( القاهرة ؛ مطبعة الاجر الجديد ؛ +48 1م).
(؟) القاضى عبد الجبار : المقنى فى أبواب التوهيد والعدل ؛ تحيقيق الأب جورج قنواتى ٠ مراجعة الأستاذ الدكتور
إبراهيم مدكور؛ إشراف الأستاذ الدكتور/ له حمئين (القاهرة ؛ وزارة الثقافة والإرشاد القوسي؛ عنت؛ جساء
سلا
إلى عدد من المسائل يمكن أن نوضحها فى المباحث التالية :
أولاً : ما معنى المريد عند المعتزلة ؟ وما الفرق بينه وبين المريد عند الصوفية ؟
ثانياً : لا يجوز أن يكون الحق تعالى مريداً لذاته ٠
ثالث : لا يجوز أن يكون الحق تعالى مريد لا لذاته ولا لعلة +
رايعاً: لا يجوز أن يكون الحق مريداً بإرادة قديمة ٠
خامِسا؛ الإرادة حادثة عند المعتزلة +
وسوف نتناول كل مبحث من هذه المباحث بالشرح والتحليل +
أولا : المريد عند المعتزلة :
المريد عند المعتزلة هو المختص بصفة لكونه عليها يصح منه الفعل على وجه
دون وجه.() كما يذهب المعتزلة إلى أن الحق تعالى لا يكون مريداً لأنه فعل
الإرادة بوجوه :
أن يفعل فى كل جزء من أجزاء قلبه إرادة لحدوث شئ بعينه؛ ويفعل فى كل
فى يمينه والسكون فى يسارة +
(*) والدليل على أن المريد لم يكن مريداً لأنه فعل الإرادة ؛ لكان العلم بأنه مريد
)١( أهمد عبد الفتاح البرى ؛ مشكلة الحرية وعلاقاتها بالسببية علد المعتزلة ؛ رسالة. ماجستير بإشراف الأستاذ
الدكتور / محمد عاطف العراقى ؛ كلية الآداب جامعة الزفازيق ؛ ٠484 © غير منشورة ؛ م 6 141