مؤمنون وانه لا تضر مع الايمان معصية كما لا تنقع مع الكفر طاعة .
والتيارات حتى ان بعض المغامرين وجدوا في الانتساب الى التشيع والمرور عبره
خير مساعد على اغراضهم» وبذلك تعقدت آراء الشيعة واضطربت
عقائدهم وتعددت فرقهم وابتعد الكثير منهم عن معين الإسلام وعقائده الخالصة
الإسلام لا يقل عن خطر اليهود وأصحاب ماني ومزدك .
وإلى جانب ذلك فقد ظهر واصل في عصر امتدت فيه الدولة الإسلامية الى
اليهود والنصارى ينشرون عقائد التشبيه والتجسيم والحلول وكان المانوية
والمزدكية والسمنية يشيعون افكار التعدد في الألوهية والتناسخ ونكران النبوة +
وقد استغل اصحاب هذه المذاهب سماحة الإسلام ورحابة صدره بل
واقراره لمبدأ الحوار مع المخالفين » كما استغلوا انشغال الدولة الأموية بقمع
العقلية والبراهين المنطقية حتى كادوا أن يصلوا إلى درجة التحدي .
وأمام هذا الصراع الفكري الحاد والجدال العنيف ن محتلف الملل والنحل
كان السلف من التابعين معتصمين بالكتاب والسنة عاضين عليهما بالنواجذ لا
يبحثون عن العلم في غيرهما حتى أنهم قالوا « العلم ثلاثة آية محكمة وحديث
مسند ولا ادري » 0
فكان لا بد من ظهور مفكرين يجادلون اصحاب هذه العقائد الدخيلة
والآراء الغريبة بنفس السلاح الذي يمتلكونه ؛ فضلاً عن مناظرتهم لتلك الفرق
التي غالت في بعض آرائها والتي زاغت عن عقائد الإسلام وأحكامه.
مصادر المعرفة الى جانب الكتاب والسنة والإجماع» واعتمدوا في استدلالهم على
السمع والعقل وعضدوا الأدلة الشرعية بالأدلة العقلية وهذا ما مكن رئيس المعتزلة
من التصدي لأصحاب المذاهب فرد عليهم وهتك اسرارهم وأبان عن زيف
والمانوية والدهرية وغيرهم ونتيجة لهذا الجهاد المقدس الذي قام به واصل فإن
اراءه سواء الكلامية منها أو المتعلقة ببغض المسائل الدينية كانت في الغالب رد
فعل على مقالات دعا اليها أصحاب تلك المذاهب فقول واصل بالعدل رد على
المجبرة وقوله بالوعيد رد على المرجثة وقوله بالتوحيد رد على المانوية والنصارى ومن
تأثر بهم من الرافضة ؛ وقوله بعدم جواز نسخ الأخبار رد على الكيسانية +
وهذه الآراء التي قال بها واصل وخاصة تلك التي اسس عليها مذهب
الاعتزال وجدت من التأييد والمناصرة ما جعلها نحل مكانة كبرى في الفكر
هذه الآراء وعلى اتم استعداد لتقبل هذه ١ بة العقلية التي قام بها واصل فضلاً
عن ان القرآن هو المنبع الأعظم الذي استقى منه هذه الآراء » ولكن على الرغم
من أهمية الآراء القي قال بها واصل والتأثير الذي أحدثته سلبا وايجاباً
النسيان » ولعل السبب في ذلك يرجع إلى اتلاف جميع ما صنفه شيخ المعتزلة
الأول من طرف أهل السنة الذين رأوا في مثل هذا العمل قضاء على المعتزلة وعلى
مقالاتهم ؛ فلم يبق له الررسوى بعض الخطب والمواعظ؛ وحتى اقواله لم ينقل
واضافة الى هذا السبب فقد رزق مذهب الاعتزال بشخصيات غنية كلها
ثراء عقلٍ وجرأة علمية ونقدية كالعلاف ,والنظام» والجاحظ ؛ فغطت شهرتهم
شخصية واصل بن عطاء ولم يعد الباحثون يتحدثون عن مؤسس الاعتزال بل
والطرافة ما يدعوا إلى التفكير والتأمل .
وعل الرغم من اندثار مصنفات واصل وضنين المصادر بالمعلومات المتعلقة
بآرائه . فانني اقدمت على هذا البحث وكلي عزم على أن أتخطى الصعاب يحدوني
في ذلك توفيق الله وحسن عونه وبحة
بوضع تصميم لهذا الموضوع + وارتأيت ان اقسمه الى أربعة أبواب:
الباب الأول ؛ يتعلق بحياة واصل ؛ لأن دراسة مفكر ما تقتضي - ما في
بعد التعرف على الظروف التي أحاطت به تطبيقاً لاحدى حقائق علم الاجتاع
وهي ان كل أثر مادي او معنوي إن هو الا ظاهرة اجتماعية ينبغي ان نرجعها إلى
اصولها ونعيدها إلى مصادرها ؛ حتى نتعرف على أسبابها ونكشف عن عللها +
وتبعاً لذلك فالانسان في حقيقة امره صنيعة عوامل عديدة؛ اذ لا يوجد شيء في
العالم الا وهو نتيجة من جهة وعلة من جهة اخرى تيجة لعلة سابقة ومقدمة لأثر
يأتي بعده .
فيها واصل والشيوخ الذين اخذ عنهم والاشخاص الذين احتك بهم وتأثر
بآرائهم كأبي هاشم عبد الله بن محمد بن الحنفية والحسن البصري وغيلان
الدمشقي كما تعرضت إلى علاقة واصل ببعض معاصريه وخاصة اولثك الذين"
اختلف واياهم في الرأي مثل بشار بن برد وضرار بن عمرو +
وفي نطاق هذا الباب. درست العوامل السياسية والاجتاعية والفكرية
التي كان لها الأثر المباشر في توجيه فكر واصل تلك الوجهة التي صار اليها + وفي
ولكن هذه العوامل لم افردها بفصل خاص وانما ادرجتها في ثنايا البحث
حتى ابرز مدى تأثيرها في جل القضايا التي ابدى واصل رأيه فيها كالمنزلة بين
نزلتين والتوحيد والعدل والنسخ . . .
أما الأبواب الثلاثة الباقية فقد خصصتها لمختلف آراء واصل » ونظراً إلى
تنوعها وتباعد اغراضها فقد رأيت من الأجدى ان ارتبها على النحو التالي :
الباب الثاني خاص بآراء واصل الكلامية ويعتبر هذا الباب مركز الداثرة
فى البحث ولذلك قسمته الى خمسة فصول. تناولت في الفصل الأول تأسيس
واصل لمذهب الاعتزال وأثرت ضمن هذا الفصل جملة من المسائل مثل تسمية
المعتزلة وهل ان القول بالمنزلة بين المنزلتين هو السبب المباشر لنشأة الاعتزال او ان
هذه الحركة امتداد لحركات سياسية سابقة ؟ وهل صحيح ما يدعيه اصحاب
الطبقات من المعتزلة من أن لمذهب الاعتزال سندا ينتهي الى الرسول قر ؟
اما الفصل الثاني» فقد خصصته للاصول التي قال بها واصل وبحثت
ضمن هذا الفصل عدد الاصول التي قال بها واصل والترتيب الذي وضعه لها +
اما تحليل هذه الاصول وهي التوحيد والعدل والوعد والوعيد والمنزلة بين المنزلتين
والامر بالمعروف والنهي عن المنكر فقد افردت لا الفصل الثالث ثم تناولت في
الفصل الرابع موقف واصل من بعض القضايا الكلامية الأخرى كعذاب القبر +
وعذاب اطفال المشركين. وفي الفصل الخامس تحدثت فيه عن جهود واصل في
نشر مذهب الاعتزال.
أما الباب الثالث ف يتعلق بآراء واصل في بعض المسائل الدينية كرأ
المحكم والمتشابه ورأيه في النسخ » وآخر هذه الأبواب وهو الباب الرابع جعلته
المسألة الأخيرة وان كانت في أصلها متولدة قول واصل في المنزلة بين المنزلتين
حتى تكون المسائل المتعلقة بالإمامة في باب واحد.
وإلى جانب هذا العمل فقد جمعت خطب واصل ومواعظه وأقواله وجعلت
لها ملحقاً .
وأرجو ان يكون هذا البحث قد اوضح جانباً غامضاً من الفكر الإسلامي
استعراض المصادر وتحليلها
نقل أبو هلال العسكري عن الجاحظ انهقال: لم تعرف في الاسلام كتب
كتبت على أصناف الملحدين وعلى طبقات الخوارج وعل غالية الشيعة والمشابهين
في قول الحشوية قبل كتب واصل بن عطاء؛ وكل اصل نجده في ايدي العلماء في
الكلام في الاحكام قانما هومئه .
ولكن يد الاتلاف قد اصابت كتب واصل بالاحراق والتدمير ولم تبق منها
الا كباقي الوشم على ظاهر اليد.
منها آراء واصل ثم نتولى دراستها وتحليلها واستنتاج احكام في شأنها .
ولكن على أي المصادر سنعتمد ؟ هل سنعتمد على ما تبقى من اللصادر
الاعتزالية ككتب القاضي عبد الجبار التي الفت بعد واصل بكثير والتي لم تشر الى
اراثه الالماما ؟ اوسنعتمد على المصادر السنية التي لا تخلومن تعصب مقيت ومن
عداء سافر لمذهب الاعتزال وشيوخه؛ وهوما يولد في نفس الباحث الشعور بعدم
الاطمثنان تجاه ما تنقله من آراء عن المعتزلة ؟.
ان الطريقة التي سلكتها في هذا البحث هي الاعتاد على مختلف المصادر
سواء كانت اعتزالية اوشيعية او اشعرية حتى نظفر بحقائق موضوعية سالمة من
فضلاً عن المقارنة والمقايسة » وتطبيقاً هذا المنهج وجدت في عدة مصادر خلطا في
الآراء وتهافتاً في الروايات » وسأشير إلى البعض منها اثناء تحليل المصادر
واتعرض الى باقيها في ثنايا البحث.
والملاحظ ان المصادر التي سنتناوها بالتحليل والنقد هي تلك المصادر التي
اقتصرت فيحديثها على حياة واصل فسوف لا اقف عندها لانها لا تمثل مشكلا
ان أقدم مصدر اعتزالي اعتمدت عليه هو كتاب « البيان والتبيين » للجاحظ
المتوفى سنة255 ه » 868 م تحقيق عبد السلام هارون.
لقد تحدث الجاحظ في الجزء الاول من كتابه هذا عن لئغة واصل وعن
علا ببشار واعتقد ان اعظم شيء استفدته من هذا المصدر هوما رواه الجاحظ
من اشعار عن بشار بن برد في مدح واصل او هجائه وما رواه عن شاعر المعتزلة
صفوان الانصاري فقد تضمنت تلك الابيات معلومات جمة مثل فصاحة واصل
الرسائل وان لم يتحدث فيها الجاحظ عن واصل الا انه ضمنها معلومات مفيدة
مثل موقف الخاصة من المسلمين من افعال العباد قبل ظهور الاعتزال واسباب
اعتناق الرافضة لعقيدة التجسيم .
أما المصدر الثالث فهو كتاب « الانتصار والرد على ابن الراوندي المللحد
لابي الحسين الخياط المتوفى سئة 290 ه902 م تحقيق البير نصري نادر مع ترجمة
بالفرنسية ومقدمة للاستاذ نيبرج الذي نشر الكتاب لأول مرة سنة 1925 .
وهذا الكتاب وان كان عبارة عن مجموعة من الردود في قضايا كلامية ختلفة
لا تربط بينها وحدة موضوعية» فانه مصدر اسامي لا غ عنه لكل باحث في
مقالات معظم شيوخ الاعتزال وخاصة الاوائل منهم مع الاسهاب في
برأي لواصل في ثناياها وفعلاً فقد تعرض الخياط الى مقالة واصل في موضوعين
هامين هما موضوع النزاع على الخلافة وموضوع المنزلة بين المنزلتين .
كما أفادني أيضاً في توضيح علاقة المعتزلة يجهم بن صفوان تلك العلاقة
ومن المصادر الاعتزالية الهامة التي استفدت منها فوائد جمة كتاب (باب ذكر
المعتزلة ) لابي القاسم البلخي المتوفى سنة319 ه -931 م وقد نشر هذا الكتاب
ضمن كتاب فضل الاعتزال وطبقات المعتزلة للقاضي عبد الجبار بتحقيق فؤاد
سيد وهذا المصدر ضمنه مؤلفه تراجم القائلين بالعدل في مختلف الامصار
ذلك فقد أشار البلخي الى سبب تسمية المعتزلة بالاعتزال ويعتبر رأيه في هذه
المسألة اقرب رأي الى الصحة والصواب ولذلك رجحته على غيره من الآراء.
ومن بين المصادر التي استفدت منها استفادة كبيرة كتاب « الأوائل » لأبي
هلال العسكري المتونى سنة 395 ه / 1004 م وهذا الكتاب ما زال خطوطاً»
وتوجد منه نسخة بالمكتبة الوطنية الفرنسية تحت رقم 5986 . وقد تضمن هذا
المصدر مجموعة من آراء واصل كرأيه في مصادر المعرفة ورأيه في النسخ ورأيه في
الخبر وغير ذلك من المسائل المفيدة.
وإلى جانب هذه المصادر اعتمدت على كتب القاضي عبد الجبار المتوفى سنة
5 ه /1025 م وأهم هذه الكتب :
(© كتاب «شرح الاصول الخمسة » تحقيق عبد الكريم عثيان ؛ وهذا
المصدر قد تناول فيه القاضي عبد الجبار اصول الاعتزال الخمسة بالشرح
والتحليل ولكنه لم يشر إلى واصل اطلاقاً؛ ولعل السب في ذلك يرجع الى ان
الكتاب ليس تأريخاً لاصول المعنزلة وانما هو تفسير لها واستدلال عليها ورد على
وعل الرغم من عدم ذكر القاضي لآراء واصل فقد جنيت منه اطيب
المعتزلة وعن مكانتها في العقيدة الإسلامية وعما بلغه الفكر الاعتزالي من تطور الى
عهد القاضي عبد الجبار. ِ
() كتاب « فضل الاعتزال وطبقات المعنزلة » تحقيق فؤاد سيد + اشتمل
هذا الكتاب على تراجم القاثلين بالتوحيد والعدل + وقد صنفهم المؤلف الى عشر
طبقات واضعاً في الطبقة الاولى علي بن أبي طالب وابا بكر وعمر ؛ وابن مسعود
اما واصل بن عطاء فقد صنفه في الطبقة الرابعة. مع الاطناب في الحديث
عنه وافاضة القول في ذكر اخباره غير انه لم يتعرض الى ارائه الالماماء كما تعرض
القاضي في هذا الكتاب الى بيان مواقف المعتزلة من بعض القضايا الكلامية التي
هي محل نزاع بينهم وبين خصومهم معتمداً في ذلك على آراء ابي علي الجبائي وما
زاد في اهمية هذا الكتاب ما تميز به التحقيق من دقة وضبط واحالات على عديد
من المصادر والمخطوطات .
ولكن لا يغرب عن بالنا ان القاضي قد حشر في كتابه هذا بعض الأقوال
التي لا يمكن ان يقبلها العقل او يقرها المنطق مثل قوله بان للمعتزلة سنداً يصل
الى علي بن أبي طالب وبالتالي الى الرسول و8 : وقوله ان اصل المنزلة بين
المنزلتين قد قال به امير المؤمنين علي بن أبي طالب» وايراده لرواية يدعي فيها ان
جهم بن صفوان قد ارسل الى واصل يستنجد به على السمنية . ولذلك لابد من
التحري في بعض الأحيان .
ومن المصادر الاعتزالية القي رجعت اليها كتاب « المعتمد » لأبي الحسين
البصري المتوفى سنة436 ه / 1044 م تحقيق محمد حميد الله ومن معه ؛ وتكمن
فائدة هذا الكتاب في تحليل مؤلفه لعديد من القضايا الاصولية من الوجهة
واعتادا على هذا المصدر وغيره من المصادر السنية تمكنت من اخذ فكرة عن النسخ
عند المعتزلة او بالاحرى عند واصل بن عطاء.
مؤلفوها بين الاعتزال والتشيع مثل كتاب « فرق الشيعة » للنوبختي المتوفى بسئة
7 ه /938 م تحقيق ابراهيم الزين تعرض مؤ لف هذا الكتاب الى سبب
تسمية المعتزلة بهذا الاسم وإلى رأي واصل في الإمامة "
كما رجعت إلى كتاب « غرر الفوائد ودرر القلائد » المعروف بأمالي
المرتضى للشريف المرتضى المتوفى سنة436 ه /1044 م تحقيق محمد ابوالفضل
ابراهيم وقد تعرض المؤلف في الجزء الأول من هذا الكتاب إلى علاقة واصل
ببشار وسرد مناظرة واصل لعمرو بن عبيد في المنزلة بين ا
اختص المرتضى بذكرها عن بقية المصادر الأخرى .