وأن تعقد الندوات العلمية» والحلقات الدراسية» والمؤتمرات العامة؛ لمواجهة
وبطبيعة الحال لا بد في هذا الموقف من بروز سؤال كبير يقول: ما موقف
الدين بصفة عامة؛ والإسلام بصفة خاصة من قضايا البيئة؟
ولقد كتب عدد من الإخوة الفضلاء ممثلين لهذه الوجهة الإسلامية؛ ولا
اللجال متسع لقول قائل» ولكل شيخ طريقة ؛ ولكل مجتهد نصيب. وإغا
لكل امرئ مانوى .
هذاء وقد انتشرت كلمة (حماية البيئة) حتى غدت شبه مصطلح فيما ينب
عمله نحو البيئة . ولكني آثرت عليها كلمة أراها أحق وأولى في هذا المقام من
كلمة (الحماية) وهي كلمة (الرعاية) فكما تقول : (رعاية الطفولة») أو (رعاية
ذلك أن كلمة (الحماية) تقتضي المحافظة على البيئة من جهة العدم أو
أما كلمة (الرعاية) فهي تقتضي المحافظة على البيئة من جهة الوجودء ومن
فمن جهة الإيجاب أو الوجود: ينبغي العناية بالبيئة من جهة ما يرقى بها
ومن جهة السلب أو العدم : ينبغي حمايتها من كل ما يعود عليها بالضرر
والتلوث والفساد. وكل هذا يدخل تحت مفهوم العناية.
ولقد طلب مني المنتدى العالمي للبيئة من منظور إسلامي» الذي انعقد في
جدة في الفترة ما بين 76و18 رجب ١47١ه الموافق 4 197-7/ /1١ ١٠٠1م
عن موقف الشريعة الإسلامية من قضايا البيئة؛ فتوكلت على الله وشرعت
الدوحة في : شعبان ١647١ه الفقير إليه تعالى
نوفمبر ١٠٠7م يوسف القرضاوي
ما المراد بالبيئة؟
البيئة بعيدا عن التعريفات اللغوية والاصطلاحية هي المحيط الذي يعيش
النهاية ومثابته؛ شاء أم أبى ٠
وهذه البيئة تشمل البيثة الجامدة والحية .
كما تشمل البيئة ( الأرضية)» والبيعة (الفلكية) أو (السماوية) من الشمس
والقمر والنجوم.
والبيئة الحية تشمل الإنسان والحيوان والنبات .
الأمر الأول : أن هذه البيشة مهيئة بكل ما فيها لمصلحة الإنسان» وخدمة
فقد كان الإنسان في الجنة قبل أن يهبط إلى الأرض مكفول الحاجات؛
بيد
مؤْمَن المطالب» دون أن يجهد جهده في تحصيلهاء كما قال تعالى لآدم
وزوجه محذرا له من عدوه إبليس اللعين : ؤي آم إن هذا عَدُوٌ لك ولرَوْجِكٌ قلا
ولكن حين خرج آدم من الجنة» وهبط إلى الأرض» التي استخلف فيهاء
ومن فضل الله على الإنسان أنه حين حمله عبء تأمين عيشه بالكد
والسعي» قد هياً له كل الأسباب التي تعين على ذلك .
لسكا وقال تعالى : لض
ومن لوازم ذلك : أن الله جعل تربة الأرض خحصبة قابلة للزراعة
والإنبات»؛ فلو كانت الأرض كلها من الصخر الجامد أو من الفضة أو
الذهب» أو الماس» ما أمكن الإنسان زراعتهاء وهذا معنى جعلها ذلولا .
ثم هياً الله الماء الذي يحبي الأرض بعد موتهاء وهو أساس الحياة للإنسان
وكما أنزل الله الماء من السماء وهو المطر. سخر للناس الأنهار تجري من
تحتهم» كما قال تعالى : فإ وَسَخْر لَكُمْ الْأنْهَار (إبراهيم : 27
ومن ذلك تسخير الشمس والقمر للإنسان قال سبحانه: ل وَسَخْرٌ لَكُم
بعض» ويتكامل بعضها مع بعضء ويتعاون بعضها مع بعض» وفق سنن الله
تعالى في الكون.
فالشمس في السماء تعطي الأرض من ضوتها وحرارتها ما لاتقوم الحياة
بدونه؛ وهي تعطي هذا العطاء بلا توقف ولا مولا أذى» وفق نظام لا
يتبدل .
ل للَيل وَالنْهَارَّ» (إبراهيم : ) وتأمل قوله تعالى (لكم) التي كررها في
الآية» ليدلنا على أن هذه الأجرام العظيمة هيئت لمصلحة الإنسان المستخلف
يعلمون 6 (يونس :5).
والأرض بغلافها الجوي» قد هيأها الله تعالى لسكنى الإنسان» منذ أهبط
وقد جعل الله هذه الأرض ذلولا للإنسان ليمشي في مناكبهاء ويأكل من
ويصنع» فقد وضع الله فيها من العناصر اللازمة لحياة الإنسان» وهياً فيها من
الأسباب المعيئة له على القيام بمهمته في الأرض» فهي مهيأة لإنبات النبات»
وإعاشة الحيوان» وحياة الإنسان.
ومن قديم قال نوح لقومه ما حكاه عنه القرآن : ألم روا كَيْفَ خَلَق الله سيم
وقال تعالى ممتنا على خلقه: فوَالأَرْضَ ذلك دحَاها جيه أخرج منها
وفي الآية إشارة إلى أن ماء الأرض مخرج أساسا من الأرض» أي من
بحارها وجوفها .
عند خَرَاُومَ تر لأ قد مط 44577 (الحجر و١١
الأولى : قوله تعالى : من كُلّ شي مُوْزُونِ» فهي حقيقة علمية؛ دلت
عليها حقائق العلم الحديث : أن كل نبات مكون من عناصر محددة من المعادن
والأملاح والماء وغيرها وهي موزونة بالجرام والملي جرام.
والثانية : أن هذا الكون لا يسير جزافاء ولا يمضي اعتباطاء بل كل شيء فيه
بمقدار وحساب وميزان» فلو زادت كمية الماء في البحار عما هي عليه» أو
سرعة دوران الأرض حول نفسها أو حول الشمس أو نقصتء ولو زادت
وقال تعالى ران :
اوسا 0 قباد
ولا ينافي تنزيل الماء المبارك من السماء أنه مُخْرج أصلا من الأرض ٠ فهو
يخرج ويتبخر ويصعد إلى أعلى» ويُكوّن السحاب المسخر بين السماء
والأرض» ومن هذا السحاب ينزل الماء» وهو من جهة السماءء لا من السماء
نفسهاء كما هو معلوم اليوم لتلاميذ المدارس.
وقد قال الشاعر العربي قديما في ممدوحه:
وقد امتن الله تعالى في آيات عدة بتسخير البحر للإنسان؛ كما في قوله
وبهذا نرى التكامل والتعاون بين السماء والأرض في خدمة الإنسان:
السماء بشمسها وقمرها ونجومهاء والأرض بمائها وبحارها وأنهارها ونباتها
ماع لم وَلأنْمَاِكُّمْ 2 4 (عبس : 17-74
ولقد عرفنا العلم الحديث كيف تتكامل المملكة الحيوانية؛ وكيف تصدر
إحداها إلى الأخرى ما تستغني عنه» وتستورد منها ما تحتاج إليه؛ فهذه تتنفس
ثاني أكسيد الكربون» وتفرز الأكسجين» ولا تقوم حياتها بغير ذلك»
والأخرى عكسها تماماء فلو كان الجميع يحتاج الأكسجين مثلا؛ لنفدت
نظم التعامل بين المملكتين على هذا النحو الرائع .
والأمر المهم والضروري في البيثة أن تظل عناصرها ومكوناتها الأساسية
وما أجمل ما قاله العلامة المناوي في (فيض القدير) في شرح حديث «مانع
الزكاة يوم القيامة في النارة!".
«واعلم بأن الوجود كله متعبد لله على أداء الزكاة . انظر إلى الأرض التي
هي أقرب الأشياء إليك تجدها تعطي أقرب الخلق إليها . وهم من على ظهرها -
وكذا الحيوان والسماء والأفلاك» الكل متعاون بعضه لبعض» لا يدخر شيعا
مماعنده في طاعة الله ؛ لأن الوجود كله فقير بعضه إلى بعض» قد لزم الفقر
فمانع الزكاة قد خالف أهل السماء والأرض وجميع الموجودات» فلذلك
وجب قتاله وقهره في الدنيا وأدخل النار في العقبى»!".
في الصغير عن أنس بن مالك وقال الهيشمي فيه سعد بن سئان وفيه كلام كثير وقد وثق .
قول ابن الصلاح: لم مجد له أصلا. انظر : فيض القدير للمئاوي (8/ 08 9) ط ؛ دار المعرفة بيروت +
١ 05 /8( انظر : فيض القدير )١(