ملحق ( ١ )
نقد القاضي عبد الجبار لأراء بي بكر
ملحق ( ؟ )
رسالة الرافعة للنقاب عن الفرق بين العلل
والأسباب تأليف محمد صادق بن سليم الدمشقي العطار .....-
بعد حمد الله رب العالمين ؛ و الثناء عليه با حر
والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين ؛ وعلى أله وصحبه أجمعين +
أقول :
إنه لابد من الإشارة ؛ في هذا المقام ؛ إلى أن الغاية
المنشودة أو الهدف المرتجى من دراسة الكراث العربي
الإسلامي وخاصة قي جانبه الفلسفي بالمعنى الواسع لهذه الكلمة
إنما تتمثل في الأمرين التاليين :
الأمر الأول : إذا كان من المعلوم أن دراسة تاريخ الفلسفة تعد
دراسة للفلسفة ؛ لأن الفكر الفلسفي عبارة عن سلسلة متصلة الحلقات ٠ إذ لا
الإسلامي ذات أهمية من هذه الزاوية في المحل الأول ٠ وبالأخص إذا كان
الأمر مقتصرا على الدراسة الأكاديمية -
الأمر الثاني : إن أهمية دراسة التراث الفلسفي العربي الإسلامي
تكمن ؛ بالإضافة إلى ذلك . في التعرف على أساليب هؤلاء الفلاسفة أو
المفكرين في طرح المشكلات الفكرية التي كانت مثارة آنذاك وكيفية
معالجتها أو تقديم الحلول لها ٠ ومن هنا يمكن للمفكر العربي المعاصر أن
يحصل على الدروس المستفادة التي بمقتضاها يتطيع مواجهة المشكلات
الفكرية المثارة قي هذه الأيام ؛ وهي لا بد أن تكون مغايرة للمتشكلات
الفكرية القديمة ؛ وذلك لاختلاف الإطار الحضاري وظروف نشأة كل
وفي ضوء ذلك ؛ فإني أستطيع أن أشير إلى أنني إذ أتقدم بهذا
الكتاب المتواضع إلى المكتبة العربية ٠ فإني أحاول بذلك أن أحقق هذين
الهدفين اللذين أشرت إليهما منذ قليل + واللذين ينبغي وضعهما في الاعتبار
عند دراسة التراث الفلسفي الإسلامي +
ذا كان موضوع هذا الكتاب هو * السببية عتد القاضسي
عبد الجبار”؛ فإنه من المعروف أن موضوع السبيبة يعتبر من الموضوعات
الهامة في مجال الفكر الفنسئي عبر مختلف العصور ٠ وربما لا توجد مسالة
لقيت عناية من الفلاسفة ؛ مثل ما لقيته مسألة السببية ؛ فبدونها تستحيل كل
فلسقة في المعرفة ؛ وتبطل كل فلمفة من فنفات الوجود . إذ إن مبدأ
السببية ؛ على حد قول أحد المفكريين ؛ هر الرابطلة الوحيدة التي تربطنا
فوضي . والفكر إلى اضطراب ؛ ونظرا للنك الأسية المعتودة حول فكرة
السببية . فقد اتشغل انفلاسنة على اختلاف مدار سيم ومذاهبهيم ء بقكرة العلية
بقصد تفسيرها ؛ وإماطة اللثام عن حقيقتها وطبيعتها ٠
ويعتبر التعرف على رأي أحد مفكري الإسلام وخاصة إذا كان
منتميا إلى إحدى المدارس الفكرية الهامة في الحضارة الإسلامية ؛ وأعني به
القاضي عبد الجبار المعتزلي ؛ في موضوع السببية إنما هو دراسة لأحد
الآراء الهامة التي وضعت بصدد هذه المسألة +
هذا من جهة . ومن جهة أخرى ٠ فإذا كان من المعلوم أنه توجد في
الفكر الإسلامي اتجاهات متعددة بصدد هذه المسألة ؛ وقد دمت دراسات
مختلفة للعديد منها ؛ قإنه كان لابد من تقديم هذه الدراسة للتعرف على رأي
القاضي عبد الجبار المعتزلي بصدد مسألة السببية إذ إنه من الملاحظ أن
فيما يتعلق بحركتي إحياء التراث العربي وتجديد الفكر الديني الإسلامي .
هاتان الحركتان اللتان ينبغي التعامل معهما بدقة وحذر بالغين كما هو
معروف وكما سأتحدث عن هذا الموضوع في دراسة أخرى إن شاء الله .
رلا ينبغي أن أترك هذا المقام دون الإشارة إلى أنني إذا كنت أعتقد
أز مذهب المعتزلة بعامة ومذهب القاضي عبد الجبار الكلامي بخاصة يعتبر
من المذاهب الإسلامية الجديرة بالإحياء ونحن بصدد تجديد الفكر الفلسفي
الإسلامي في هذه الأيام ؛ فإن ذلك ينبغي أن يتركز حول المضمون الفكري
دون القالب أو الأسلوب الذي ربما لم يعد ملائماً للعصر الحاضر .
عن السببية عند القاضي عبد الجبار مقالتين تتعلقان بجانبين من جوانب فكر
القاضي عبد الجبار -
كانت المقالة الأولى بعنوان ” السببية بين القاضي عبد الجبار واين
تيمية " . وقد تبين منها أن ابن تيمية يتفق مع القاضي المعتزلي في العديد
من النقاط التي تتعلق يهذه المسألة ويختلف معه في نقاط قليلة . وذلك على
الرغم من الاختلاف المذهبي والمنهجي بين المدرسة السلفية ممثلة في ابن
تيمية ومذهب المعتزلة ممثلاً في القاضي عبد الجبار ٠ وربما يرجع الاتفاق
بينهما في بعض النقاط التي تتعلق بموضوع السببية إلى أن القاضي عبد
الجبار قد أولى اهتماماً يالنص الديني إلى جانب معطيات العقل وذلك على
نحو يقترب مما كان الأمر عليه لدى ابن تيمية مع وجود القوارق المذهبية
والمنهجية بين كل منها في موضوعات أخرى كثيرة ٠
أما المقالة الثانية ؛ فقد كانت بعنوان " نتد القاضي عبد الجبار لآراء
أبي بكر الرازي * . وقد تبين خلال هذه الدراسة أنه كما أن هناك بعض
جوائب القوة في فكر القاضي ؛ كما تمثلت في أرائه عن السببية وغيرها من
الذي تمثل بصفة خاصة في نقده لأبي بكر الرازي ولغيره من الفلاسفة .
ومن المعلوم أن مثل هذه الجوانب التي تتسم بالضعف أو القصور في فكر
القاضي هي التي يتبغي أن تستبعد من عمليتي الإحياء والتجديد للتراث
الإسلامي -
وبالإضافة إلى هاتين المقالتين ؛ فقد ألحقت بهذا الكتاب مقالة ثالثة
بعنوان * رسالة الرافعة للنقاب عن الفرق بين العلل والأسباب * تاليف محمد
بن سليه الدمشقي العطار ؛ وهي رسالة مخطوطة بدار الككب
المصرية برقم 3173 حكمة وفلسفة طلعت ؛ ميكروقيلم ١19٠06 . وهذه
! إلى عام ١١٠ ه كما هو مدون في
عد القخط العربي
بة بخط النسخ المطابق
يقسميا مؤلفيا إلى فقرات ؛ كما أنه نم يضع علامات الترقيم المناسبة من نقط
وفواصل
همزات القطع وعلامات التنوين . وقد لوحظ أن بها بعض الأخطاء الإملائية
واذا كنت قد نشرت هذه الرسالة دون إجراء دراسة عليهاء؛ فإتي
ارجئ ذلك إلى مناسبة أخرى أرجو أن تتيسر في المستقبل القريب بإذن الله -
فإني أرجو أن أكون قد أسيمت بهذا العمل المتواضع في سد بعض
جوانب الفراغخ في المكتبة العربية وخاصة فيما يتعلق بالموضوعات
ولا يفوتني + قبل أن اترك هذا المقام ؛ أن أتوجه بخالص الشكر لكل
من قدم لي يد المساعدة أثناء إعداد هذا الكتاب +
هذا . وبالله التوفيق .
إدا كانت هده الدراسة مخصصة للحديث عن موضوع ” السببية عند
القاضي عبد الجبار ” ؛ باعتباره أحد أعلام مذهب المعتزلة الذي لا يمكن
إغفال قيمته كمؤرخ للفكر الاعتزالي وممثل الدور الذي يمكن أن يسمى بداية
النهاية لهذا المذهب ٠ فإنه يمكن الإشارة إلى أن أهمية البحث في موضوع
السبيية إنما ترجع إلى أن تحديد موقف المفكر أو الفيإسُوف من هذه الفكرة
هو الذي يحدد الإطار الفكري الذي ينتمي إليه صاحب هذا الموقف +
فإذا كان من المعلوم أن مبدأ السببية يعد مبدأ عقلياً عاماً ؛ بمعنى أن
أشباب معينة ؛ فإن أساليب تفكير الإنسان تختلف بصدد تقرير هذا المبدأ ء
الذي يبتعد فيه الإنسان عن الالتزام بميادئ العقل وقوانين المنطق ؛ كما أنه »
في صورة أكثر تحديداً ؛ هو ذلك الأسلوب من التفكير الذي يستند فيه
الإنسان إلى أسباب أو علل غير صحيحة ( أو بالأحرى غيبية ) لا يكون في
مقدوره أن يحددها تحديداً دقيقاً أو أن يتحكم فيها أو أن يتحقق من علاقتيا
العقل ومعطيات الحس والتجربة .
وإذا لم يكن من مقاصد هذه الدراسة الحديث عن تاريخ البحث في
هذا المفهوم قيد البحث والمناقشة فإنه يمكن الإشارة إلى أنه قد ظطهر في
الفكر الإسلامي عدة اتجاهات بصدد السببية -
- فقد ظهرت في الفكر الإسلامي بعض الآراء التي تفسر حدوث
بعض الأمور بعلل أو أسباب خفية أو مبهمة ؛ وهؤلاء هم المشتغلون يعلوم
السحر و الطلسمات والتنجيم وما إلى ذلك . ومن المعلوم أن هذا الاتجاه
الفكري قد ظهر في الفكر الاسلامي على يد بعض المفكرين ؛ وكار على
رأسهم جماعة إخوان الصفا ومن تأثر بهم -
> كما ظهر من يفسر حدوث هذه الظواهر بالاققصار على
العلل أو الأسباب المادية ؛ وهؤلاء هم القائلون بالطبع سواء أكانوا من
المتفلسقين أو من المتكلمين ( بعض المعتزلة ) +
الفاعلية الإلهية المباشرة والدائمة في الكون باعتبارها السبب الوحيد الحقيقي
لكل الظواهر الكونية ؛ وهؤلاء هم الأشاعرة ومن وافقهم من أهل السنة +
الطبيعية باعتبارها مسببات تصدر عن أسباب طبيعية مع الإقرار بأن الله هو
خالق الأسباب والمسيبات إما على نحو مباشر أو غير مباشر . وقد تبنى هذا
الاتجاه الأخير بعض أعلام الفكر الإسلامي الذين أعلو من شأن العقل
مع الإقرار بفاعلية الله وتأثيره في الكون ؛ مع تفاوت بينهم في نقاط
بهذه المسألة ٠ وسيتضح من خلال هذه الدراسة أن القاضي عبد
الجبار كان أحد ممثلي هذا الاتجاه الأخير +
وعلى أية حال ؛ فإنه لا ينبغي أن أترك هذا المقام دون الإشارة إلى
أن. مسألة السببية ( أو العلية ) قد تناوليا مقكرو الإسلام ١ على اختلاف
اتجاهاتيد الفكرية ونزعاتهم المذهبية ٠ من خلال بحثهم في المسائل الطبيعية
والإنسانية والإلهية . فمنهم من توسع في الحديث عن هذا الموضوع في
مجال البحث في المسائل الطبيعية ؛ وإن تطرق بعد ذلك الحديث عنه في
معرض بحثّه في المساثل الإلبية والإنسانية ؛ وهؤلاء هم معظم الفلاسفة
المشائين في الحضارة الإسلامية . ومنهم من تناول موضوع السببية في
إطار بحث المسائل الإلهية والتأكيد على الفاعلية الإلهية المباشرة في الكون ؛
وان تطرقوا إلى الحديث عنه في معرض تناولهم للمسائل الإنسانية وبعض
المسائل الطبيعية ١ وهؤلاء هم الأشاعرة على وجه الخصوص ٠. ومنهم من
توسع في الحديث عن مسألة السببية في إطار مناقشة المسائل الإنسانية ؛ وإن
لم يهملوا الحديث عنها في إطار تتاولهم لبعض المسائل الإنهية وما يتعلق
بهذين المجالين من مسائل طبيعية ؛ وهؤلاء هم المعتزلة ومنهم القاضي
عبد الجبأر .
وطبقاً لما سبقت الإشارة إليه فيما يتعاق بدراسة مفهوم السببية في
الفكر الإسلامي ؛ فإنه يمكن الولوج في الحديث عن هذه المسألة لدى
القاضي عبد الجبار ؛ باعتباره أحد متأخري المعنزلة الذي يرجع إليه الفضل
في توضيح وتعميق العديد من المفاديم الأصيلة الي يتضمنيها
مذهب المعتزلة .
ولابد من الإشارة إلى أنه مع أن القاضي عبد الجبار يعتبر من أكثر
المعتزلة تأليفاً في مجال علم الكلام ١ إذ لم تصل إلينا مؤلقات لأحد أعلام هذا
المذهب تضاهي ء أو على الأقل تقارب ؛ ما وصل إلينا من مؤلفات القاضي
وخاصة كتابه الرئيسي " المغني " ؛ فإنه من الملاحظ أن الرجل لم يتحدث
من أجزاء مؤلفاته ؛ أو على الأقل في أي فصل من فصولها ١ وإنما جاءت
التضى أن يحاول الباحث بذل ما يستطيعه من جهد ممكن للعثور على آراء
الفاضي في هذا الموضوع .
هذا . ولابد من الإشارة إلى أنني قد حاولت أن ألتزم بالموضوعية
العلمية فيما قدمته من تحليلات لآراء القاضي أو تعليقات عليها
كما أنني قد حاولت أن ألتزم بالإيجاز في عرض هذا الموضوع إذ
إللي لم أتطرق إلى الحديث عن بعض التفصيلات التي تتعلق بهذا الموضوع
تعلقا عير مباشر . ولذلك فقد عرصت ها الموضوع على النحو الثاني
فلقد تضمن المبحث الأول نبذة عن القاضي عبد الجبار
أما المبحث الثاني ؛ فقد خصصته للحديث عن أهم المؤثرات
الدينية والفلسفية التي يمكن أن تكون قد أثرت في فكر القاضي ؛ وخاصة
فيما يتعلق بموضوع السببية ؛ سواء أكان هذا التأثير إيجابياً ٠ يتمثل في
قبولها او الاتفاق معها ؛ أو سلبيا ؛ يتمثل في رفضها أو الاختلاف معها ٠
٠ وقد تحدثت في المبحث الثالث عن مفهوم السببية عند القاضي عبد
الجبار . حيث أشرت إلى تعريف السبب لديه ؛ وإلى تفرققه بين السيب
والعلة ٠ وإلى رأيه في العلاقة الضرورية بين الأسباب والمسببات .
وقد خصصت المبحث الرابع للحديث عن علاكة رأي القاضي في
السببية برايه في مسؤولية الإنسان عن أفعاله .
أما المبحث الخامس ؛ فقد تحدثت فيه عن رأي القاضي في السببية
من حيث علاكتها بالأفعال الإلهية ٠
- ثم كان المبحث السادس والأخير عن رأي القاضي في السببية من
حيث صلتها بالعالم الطبيعي .
وقد جاء التعقيب على هذه الدراسة متضمنا بعض القضايا الهامة
وبعد . فإني أدعو الله أن يكون قد وفقني لإنجاز هذه الدراسة
المتواطعة على النحو المنشوداء والنمس منه تعالى العو و التوفيق