مقدمة
سبق أن رأينا أن القانون هو الذى يقيم النظام فى المجتمع ويحكم نشاط
الأفراد وعلاقاتهم فيه عن طريق فرض التكاليف والواجبات على الأفراد من
ناحية وتقرير حقوق لهم من ناحية أخرى؛ وذلك ليحقق التوازن بين المصالح
المتعارضة للأفراد ليسود الأمن والسلم الاجتماعى فى المجتمع-
وبذلك تبدو الصلة الوثيقة بين القانون والحق» فالقانون هو الذى يقر
الحقوق ويرسم حدودها ويفرض احترامها ليسود النظام فى الجماعة. ولتكتمل
الدراسة ينبغى إذن دراسة نظرية الحق»
ودراسة نظرية الحق تقتضى منا أن ندرس:
في باب أول ؛ التعريف بالحق»
نتعرض فيه لفكرة الحق؛ ثم الوقوف على أنواعه.
في باب ثان ؛ أركان الحق-
ونعرض فيه لصاحب الحق ولمحل الحق»
وفي باب ثالث؛ نشوء الحق واستعماله وإنقضاؤه.
ونقف هنا على مصادر الحق وكيفية إثباته؛ ثم نعرض لاستعمال الحق
وكيفية حمايته؛ وأخيراً نبين أسباب انقضاء الحقوق؛ سواء كانت حقرقاً عينية
التعريف بالعق
وللتعريف بالحق يجب أن نقف أولا علي فكرة الحق« ثم
تعرض بعد ذلك لأتواعه.
- الفصل الأول
ذكرةالحق
بالرغم من أن كلمة الحق كثيرة التردد ثُى اللغة البومية؛ ولايجد
الشخص العادى صعوبة فى الإحماس بمدلولها؛ إلا أن هذه الفكرة فى
ة القانونية كانت مثار خلاف شديد بين الفقهاء.
الفقهاء من ذهب إلى عدم جدواها؛ بل إلى عدم وجودها
القانونى. لكن الممارسة العملية والغالبية العظمى من الفقهاء مازالت
المبحثالأول
وجودالحق
صمود فكرة الحق فى القانون الحديث بالرغم من كل هذه الانتقادات»
المطلبالأول
انتقاد فكرةالحق
فى الحقيقة إن الفقهاء الذين يذهبون إلى حد إنكار فكرة الحق كان لكل
أولا؛ مدرسة القانون الطبيعي التقليدية وانتقاد فكرة الحق؛
من الثابت تاريخياً؛ لدى فقه تاريخ القانون السائدء أن القانون الرومانى
لم يكن يعرف فكرة الحق بالمفهوم الذى نعرفه الآنأ"). وقد كانت كلمة
تحترى على مركب من المزايا والأعباء. فالعدالة كانت تتمثل حينلذ فى مت
كل واحد حصقه!").
هذه الفكرة كانت تقابل تماماً فلسفة القانون الطبيعى التقليدى كما عرفت
ابتداء من أرسطو والقديس توماس الأكوينى. فطبقاً لهذه الفلسفة فإنه يوجد
نظام طبيعى يستلزم أن يوضع كل عنصر من عناصر الكون فى
)١( انظر بصيغة خاء
نل تقاض ما 5ك 201 م ,1946 بتتمته نه غننوةماكط سلاف
داك 104 لم اعم .65 0.97 ,1964
علاقات بين الأفراد؛ والاشياء» والأنظمة!')؛ فالعدالة تقتضى أن يوضع
شئ فى مكانه؛ فى عالم متآلف؛ حيث يسود العدل الكونى الذى
للسلطات؛ للمكنات أو المزاياء الممنوحة للإنسان. لأن التفكير فى السلطة
لايكون إلا من خلال التفكير فى الفردء بينما القانون يمثل علاقة أعلى+
علاقة بين الأفراد. هذه العلاقة لا تنشأ بطريقة تحكمية من جانب المشرع+
ولكن تجد مصدرها العميق فى السعى للصالح العام» الذى يفرضه نظام
أنها تكشف عن الأنانية الفردية التى تهدف إلى الاستئثار» وبالتالى نشويه ما
تم بناءه من أجل العدالة والصالح العام؛ وكذلك مسخ العلاقة وحصرها فى
بلا شك فكرة الحق سمحت بتأكيد ما للفرد من سلطات فى
بما حققته هذه الفكرة من مزايا حينذاك» وذلك باعتبارها أداة هامة فى
الصراع بين الأفراد وبطش الدولة. لكن ألم يحن الوقت للعودة مرة أخرى
للأفكار الصحيحة. فالنظرة الشخصية المحضة للحق تؤدى إلى تكريس
مجموعة من المزايا الفردية بدلاً من البحث عن العلاقات العادلة بين
فمواجهة الحق بالنظر إلى صاحبه ومصالحه فحسب تعتبر أساساً فكرة
بل .واتحاط حم ,نامريه تتمصل ع1 نه 1/0101 لممتاختيط© ,7000100 (2)
داه 153 .م ,1964 ,اتوي
ضد ما هر قانونى “عدوتلة«زننمم"('). لأنها تتجاهل الوظيفة الأساسية
وأفكارنا كلمة «الحق. والأخذ فى الاعتبار فقط العلاقات القانونية
الموضوعية؛ علاقات كل واحد مع غيره؛ التى تشمل بالتأكيد المزايا ولكن
فى نض الوقت تشمل الواجبات.
هذه الانتقادات لفكرة الحق كانت نتيجة طبيعية لاتخاذ موقت فى
جانب القانون الطبيعى كما صوره أرسطو والقديس توماس الأكوينى. ومن
العجيب أن ما انتهت إليه هذه المدرسة من إنكار لفكرة الحق يتقق مع فقه
مدرسة معارضة لها تماماً من الناحية الفلسقية؛ وهى المدرسة الواقعية. وهذا
هو موضوع الفقرة الآتية:
ثانيا ؛ انتقادات المدرسة الواقعية لفكرة الحق؛
بعد ذلك موقف كلمن من فكرة الحقء
١ تظرية ديجي )آناينا0: الاتوجد حقوق وإنما مراكز قانونية:
أشهر الاندقادات التى وجهت ضد فكرة الحق تلك التى قال بها
ونقطة الانطلاق لديه هى رفض فكرة الحقوق الطبيعية للإنسان
الناحية الفنية.
في الواقع أن الحق. بالتسية له يقابل التأكيد على علو إرادة صاحب
الحق على إرادة الآخرين'"'. وعلى ذلك فإن مشكلة الحق تتمثل فى التساؤل
10 لم ملك مه لعلاا/ا .34 (1)
(7) بصفة خاصة فى كتابه:
السلطة فى أن تفرض نفسها على إرادات الآخرين!'!. الإجابة لاتكون إلا
بالنفى لأنه يستحيل إيجاد تفسير علمى لهذا التدرج فى الإرادات.
القواعد القانونية. هذه القواعد من خلال تطبيقها على الأفراد يمكن أن تحدد
مراكزهم. وعلى ذلك فإنه لا محل إذن للكلام عن الحقوق وإنما عن المراكز
شخص معين. ٠ فالأمر يتعلق إذن بموقف الشخص؛ سلباً أو إيجاباً» إزاء
القاعدة القان
- ويميزديجي في هذا الصدد بين المراكز الققانونية الموضوعية. والمراكز
القانونية الشخصية أوالذاتية: فالأولى تنشأ عن القاعدة القانونية التى
مركز الزرجين» رمركز المالك . والثائية تنشأ عن تصرفات فردية؛ لتتلائم
بصفة خاصة مع شخص أو أكثر؛ وتسم بالخصوصية والتأقيت؛ مثال ذلك
العلاقة بين أطراف عقد معين. ويؤكد على أن المراكز الشخصية أو الذاتية
ليست هى الحقوق فى المفهوم التقليدى؛ حيث أن هذه المراكز تبقى كأ
للقانون أيضاً ولكنها لاتترتب فى الواقع إلا نتيجة لتصرفات أصحاب الشأن
ولذلك حينما لاينفذ المدين ما يسمى «بحق الدائنية؛ فى مواجهة الدائن فإنه
بذلك يخالف القانون الذى يأمر بتنفيذ التعهدات المبرمة. فإذا قامت السلطة.
العامة بجبره على التنفيذ بناء على طلب الدائن فإنها لم تفعل ذلك استجابة.
لما للدائن من حق وإنما تقوم به طبقاً للقانون الذى منحها سلطة جبر المدين»
- نظرية كلسن 16461560 لاتوجد حقوق وإنما تدرج لقواعد وضعية؛
يبدأ كلسن من زاوية نظر أخرى للموضوع ليصل فى النهاية إلى فكرة
قريبة من فكرة ديجى.
فالقانون لديه هر نظام قائم فى مكان وزمان معين تتدرج قواعده فيما
بينها على شكل هرمى بحيث تستمد القاعدة الأدنى قوتها من القاعدة
القانون "غنوت ةزه" .
- وقد طبق كلسن هذه الفكرة على الفرد؛ والحق؛ ولم ينكر كلمن كلية
هذا المصطلح ولكن رفض أن يعطى له خاصية المكنة أوالميزة الفردية
لأنه يرى أنه من الضابط المنشْ للجبر يتو لد الالتزام بالنسبة للضرد بأن يسلك
الأحيان القدرة على وضع بإعلان عن الإرادة. قاعدة خاصة وملموسة»؛
كما هو الشأن بالنسبة للحالة التى يعطى فيها القانون العقوة الملزمة للعقدء
فإنها تفوض الأطراف للقيام بأنفسهم بتجديد القواعد الخاصة التى تحكمهم.
فالأفراد يساهمون عندئذ فى خلق القاعدة؛ وفى هذه الحدود فقط» يمكن
الكلام عن الحق. ولكن ينبغى النظر على أن هذا لايعدو أن يكون قواعد؛ أى+
مكنات الشخص. فالأساس عندهم هو الخضوع للنظام القانونى +
تقدير هذه الانتقادات:
قبل أن نعرض لصمود فكزة الحق نكتفى بأن نسجل فى خذا الصدد
أولا : بادئ ذى بدء يجب أن نسجل أن هذه الانتقادات المختلفة لفكرة
الحق كان لها الفضل فى الكشف عن الأوضاع المركبة الناشئة عن تطبيق
للفكرة التقليدية للحق" .
الل اضغ لافلقا عه #لمطمقع مماط عميكل بسوتعمم ,صعقاءا )١(
أن النظريات التى تذهب إلى حد إنكار فكرة الحق لاتسلم أيضاً من
النقد. ونكتفى هنا بتسجيل بعض الانتقادات لهذه النظريات للكشف عن
قصورها وعجزها عن استيعاب حقائق الحياة القانونية
١ - فبالنسبة لنظرية ديجى فإن نقطة الإنطلاق التى بدأ منها لم تكن
تستوجب إنكار فكرة الحق من أماسهاء؛ إذ كان يكفى رفض التسليم بما تدعيه
بعض المذاهب؛ كالمذهب الفردى. من قيام القانون على أساس الحق أومن
وجود حقوق لا تستند إلى القانون لأنها سابقة عليه بتولدها عن الطبيعة
كما أن المقدمة غير الصحيحة التى بنى عليها ديجى تظريته فى إنكار
فكرة الحق؛ وهى علو إرادة صاحب الحق على غيرها من الإرادات» لم بقل
بها أحد حتى أصحاب مذهب الإرادة أنفسهم» قد أدت إلى فساد النتائج ألتى
انتهى إليها. لذلك نجد أنه فى الوقت الذى ينكر فيه فكرة الحق والتقابل بينها
قابلاً آخربين «القانونه وبين ما يسميه المركز
وبين ا
؟ - أما بالنسبة لنظرة كلمن للقانون فإنها مغرقة فى التجريد وأ انشكلية
وتتجاهل حقائق الحياة الاجتماعية التى تكون جوهر القا.
أن انتقادات كلسن تقوم أيضاً على أساس فض التعارض بين فكرة الحق و
«القانون؛ وهذه الانتقادات تستند إلى تصوير معين للحق فى ظل المذهب
الفردى لا إلى فكرة الحق ذاتها. كما أن كلسن قد أكد ذلك بعدم إنكاره للحق
ذاته وإئما إنكاره لمفهوم الحق باعتباره مكنة أو ميزة لفرد معين»
ثالثا : أنه مع التسليم بأن للقانون غاية اجتماعية؛ لكن هذا لايتفى أن
مواجهة القاعدة القانونية فى مجرد تبعيةً
كيرة؛ المدخل إلى القانون؛ منشأة المعارف؛ 01134 فقرة 4097614076772+
,75 118.00 .م 173 00 ,1977 .1.0.0.1 ,ولمع 00ناعنه100:00
(©) انظر فى تفصيل أكثر حسن كيرة؛ المرجع السابق؛ فقرة 710+ صن 408 +