فصل تمهيدي : تطؤرقانون العقوبات
المتأخر من اتجاه نحو الاتحاد في هذا المجال ولنعطي صورة واضحة منظمة عن تطور نظام
الجرائم والعقوبات رأينا أن نعالج هذا الموضوع ابتداء من العصور القديسة إلى العصر
الحديث؛ مرورا بالعصور الوسطى مع خص الأديان السماوية بمبحث خاص على أساس
الكلام أننا نعالج هذا التطور في أربعة مباحث رئيسية تتناول في أولها الجرائم والعقويات
في العصور القديمة؛ وفي ثانيها نتناول وضع الجرائم والعقوبات في الأديان السياوية؛
وتتناول في الثالث منها الجرائم والعقوبات في أوروبا قبل الشورة الفرنسية. ونمالج في
المبحث الأول
الجرائم والعقوبات في العصور القديمة
مثل الصواب تماماء وكثبرا ما يقسم المؤرخون هذه العصور إلى ترات أو إلى دول أو إلى
تتناول هذه الجرائم في العصر البداثي ثم في الحضارة الفرعونية؛ ثم في الحضارتين الرومانية
المطلب الأول
نظام الجرائم والعقوبات في العصر البداني
إن أهم ما يلاحظ على نظام الجرائم والعقوبات في هذا العصر هو عدم التفرقة بين
,الحق المدني والحق الجنائي وأن العدالة في تلك العصور القطرية لم يكن فا أساس خلقي»؛
بل كانت قائمة عل المصلحة المادية المعززة بالقوة يقتص بها الخصم من خصمه؛ وينال بها
من أموال عده ما يراه عوضا عما أصابه؛ ولم يكن استعيال القوة مقصورا عل الأعمال
فصل تمهيدي : تطورقانون العقوبات.
فالإنسان البدائي لم يكن يحتكم إلى دين أو تشريع أو نظام متيع» بل كان يحتكم إلى
الغريزة والفطرة؛ فهو الذي يقدر ما إذا كان الفعل الذي وقع عليه يستوجب العقاب بن
وانطلاقا من هذه النظرة فكان من الطبيعي أن تكون الجرائم غير محدودة ولا
معينة؛ وكذلك الأمر بالنسبة للعقاب الذي لم يكن هدفه تحقيق المصلحة أكثر ما هو إشباع
بالوحشية؛ وعدم المناسبة؛ فكانت توقع العقوبات لا على أساس جسامة الجريمة وإنما على
أساس قوة المجني عليه الذي ينفذهاء وضعف الجاني الذي تنفذ عليه؛ ولذلك أطلق على
ومع تطور الإنسان واتصاله بغيره؛ أصبحت مسؤولية العقاب والرد على الجرائم
من اخخصاص التجممات التي نشكلت ابتداء مسن الأسرة إلى العشيرة؛ فالقبيلة إلى
وفي حصرها. فبعد أن كان التجريم مرتبطا بمصلحة الفرد لا يفك عنها أصبح مرتبطا
بالمضلحة العامة للجماعة؛ وأصبح التجريم بذلك منصبا على الجرائم التي تمس مصلحة
الجهاعة؛ فاختفت بذلك جرائم وظهرت أخرى إلا أن الملاحظ بعد هذا التطور هو
التخفيف من القسوة والفوضوية الني طبعت العقاب قبل ذلك.
- د- مصطفى سيد أحمد صقر -محاضرات في تاريخ النظم الغانونية والاجتباعية -مكتبة الجلاء الجديدة
جامعة المنصورة 1989-ص75.
فصل تمهيديي: تطورقانون العقوبات.
وفي أثناء هذا العصر أيضا ظهرت جرائم ارتبطت بالطقوس الدينية؛ واصبح
المخالفون لهذه الطقوس عرضة لأنواع قاسية من العقاب كالحرق بالنار» والنشر بالمنشار»
وإلحاق أنواع شتى من العذاب التي لا تليق بالكائنات الحية فضلا عن الإنسان؛ وقد
لازمة لتحقيق العدالة لزوم الأنظمة العقابية ذاعها.
المطلب الثاني
نظام الجرائم والعقوبات في الحضاره الفرعونية
حكمت مصر في هذه الفترة إحدى وثلإثون أسرة؛ كان الإعدام في عصورها الأولى هو
عقوبة أغلب الجرائم » ثم أخذ نطاقه يتقلص تدريجيا ابتداء من مين" أول ملوكهم لما
وضعت أول القوانين المكتوبة وكان على نوعين إعدام بسيط وإعدام مصحوب بالتعذيب
» وكان أولهما مقررا لعصيان أوامر الملك ؛ وللتستر عل المؤامرات ضده""؛ وللقهل
وللعيب في المقدسات ؛ وللسحر وللاغتصاب؛ ولمخالفة القوانين العلاجية وللحنث في
اليمين وللبلاغ الكاذب » ولبعض أحوال الكذب؛ بل وللكسب غير المشروع ؛ وكان
الإعدام مع التعذيب عقابا للزنى إذا حصل من سيدات الطبقة الأولى من المجتمع » ثم
- <.رؤف عييد-مبادئ القسم العام من التشريع العقابي-دار الفكر لحري 1979 عرق 59
2 - د رؤوف عبيد- المرجع نفسه- ص59
3 - هو زعيم الأسرة الأول القي حكمت من 004وق.م إلى :475 قم
- د.رؤوف عبيد امرجم السابق ص4
فصل تمهيدي : تطورقانون العقوبات
أصبحت العقوبة هي جذع الأنف ؛ كما كان التعذيب بالنار عقاب جريمة قتل الأب أو
وفي عهد الأسرة الخامسة والعشرين التي حكمت مصر بين 715 و680 ق.م جاء
الملك سباقون الاتيو بي الذي حكم بالعدل وأبدل عقوبة القتل بالأشغال الشاقة؛ وم يكن
نظام التجريم والعقاب على نسق ؤاحد عند الفراعنة بل إنه اختلف باختلاف ملوكهم
والإعدام شائعة في أحيان بالحرق وأخرى بالصلب ؛ ومرة ثالشة بالذبح
وغيرها من ل“ » وقد أخبرنا القرآن الكريم عن بعض تلك العقوبات والجرائم التي
من أجلها وقعت ؛ فقد كان السجن والتعذيب شائعين في عهد الأسرة السادسة عشرة +
كما كان الصلب شائعا في عصر الفرعون الذي حكم في عهد موسي عليه السلام -
والذي صلب امرأنه بسبب كفرها بالوهيته".
والعقاب بالسجن عندهم كان قاسيا أيضا حيث كانالسجونون.
أعيال قاسية مثل استخراج الذهب عند حدود الحبشة » أو بناء المعابد الشاهقة والقبور
وحفر التزع... وكانت السجون عبارة عن قلاع يقيد المسجونون فيها بالسلاسل إلا أنبا
كانت على نوعين ؛ سجون ملكية » حيث كانت القسوة مفرطة » وسجون للدولة وهي
ت المعاملة أفضل منها في سابقتها".
كما كان عندهم عقوبات مالية وأخرى معنوية؛ وثالثة متعلقة بالطقوس الدينية
النظيم دقيق ينظم الدعوى والادعاء بها منذ التبليغ عن الواقعة إلى حين احكم فيهاء
وكانت المحاكم منظمة تنظيما تدريجيا أشبه بالنظم الحديثة منها بالقديمة؛ وقد روعي في
١ محمد فريد وجدي دائرة معارف القرن العشرين دار المعرقة
3 ابن الأثير الكامل في التاريخ دار الكتاب العري - بيروت - الطبعة الخامسة 985دج 1 ص 304
8 رؤوف عبيد المرجع السابق ص 25
فصل تمهيدي : تطورقانون المقوبات
تنظيمها وتشكيلها وإجراءاتها توفير ضيانات جمة لكفالة العدالة لم يجد البحاث نظيرا في
شرائع الأمم التي تلقت إرث الحضارة عن الفراعنة!"
ونشير في آخر هذه اللمحة عن نظام الجرائم والعقوبات في هذه الحضارة أن أكشر
فكت طلاسمها وكتاباتها في العصر الحديث إلا أن كل ما توصل إليه الباحثو؛ فيهذا
المجال لايزال قليلا بالنظر إلى عظم هذه الحضارة وديمومتها لما يقارب الخمسة آلاف
اسنة فلا شك أنه كانت هناك جرائم لم يعرف عن عقوباتها شيء لأن الجرائم هي نفسها
في كل زمان ومكان. كما أن هناك عقو أتينا على ذكرها دون تحديد دقيق للجرائم
المقابلة لهاء وإنما كان غرضنا من هذه النظرة هو بيان أن هذه الحضارة شأنها شأن
المطلب الثالث
الجرائم والعقوبات في ظل الدولة الرومانية.
خيانة الدولة؛ والحريق العمد والقشل والإدلاء بشهادة كاذبة؛ والتهرب من الجندية؛
والاعتداء على الديانة وأماكن العبادة؛ والآلهة؛ وهذه الجرائم تقام فيها الدعوى من أي
موظ في الدولة؛ ولا توقع العقوبات إلا بعد تقريرها من المحاكم» أما الجرائم الخاصة
فقد حددت بجرائم السرقة والأضرار بأموال الغير وعدم الوفاء بالدين والضرب
والجرح» وهذه ترفع الدعوى فيها من طرف المجني عليه؛ فجريمة السرقة مثلا إذا قبض
فيها السارق متلبساء وكانت السرقة قد ارتكبت ليلا تكون عقوبتها موكولة إلى الشخص
المسروق نفسه الذي يجوز له قعل السارق بنفسه... والحقوا بالجرائم الخاصة الاعتداء على
الأشخاص بالذم والقدح والقذف وانتهاك الشرف؛ فاعتبر الاعتداء على شرف الابن
1- رؤوف عبيد -المرجع نفسه -ض 26
فصل تمهيدي : تطورقانون المقوبات
والزوجة أو الرقيق اعتداء غير مباشر على رب الأسرة واعتداء مباشرا على من وجه إليه؛
وكان بترك للمجني عليه نفسه تقدير التعوبض عن هذه الأفمال!".
ولقد طال أمد حكم الدولة الرومانية لعدة قرون كما طال قبل ذلك حكم الفراعثة
الحاكم الأشراف بالقتل؛ و البريء والمجرم بلاتمبيز لأقل شبهة؛ وكان بحضر
قتل المحكوم عليهم متلذذا بذلك!*» وفي عهد كاراكلا الذي تولى الحكم سنة 211م أمر
وكان لنظام الطبقات عند الرومان أثر في تطبيق العقوبة؛ فإذا كان الجاني من
الأشراف -أرباب الوظائف الحكومية- رفع عنه القتل واكتفى بنفيه؛ وإذا كان من أواسط
إن الذي يتأمل اريخ الدولة الرومانية بصفة عامة بلاحظ أن هذه الدولة قد
أهقمت بالقضاء. وتعيين الجرائم والعقويات ولكن معيار الجرائم كان يضيق حينا ويتسع
جلا بجر ؛ كما أن العقوبات تلين أخرى. وذلك يختلف باختلاف الأباطرة
ف حكموا هذه الدولة؛ والملاحظة العامة بجانب الجرائم والعقوبات يلاحظ أن
المتعلقة بالسلطة والدين كانت أكثر جسامة؛ وعقوباتها أقسى من عقوبات غيرهاء
هيوصا لي فترات الجنون التي تعتري بعض الأباطرة مشل '"نيرون''"ا؛ الذي أحرق
7- الففلاوي المرجع السابق -ص 196-195
8 وجدي محمد فريد - المرجع السابق -ج4- ص 50-455
[* وجدي محمد فريد نفس المرجع والصفحة.
4 »وهب توفي علي الجرائم والعقويات في الشريعة الإسلامية-دار ععكاظ للطباعة-جدة الطبعة الأول
8 حكم بين مور » م.اضطهد المسيحيين وانهمهم بإحراق روما- المنجد في الإعلام - الطبعة السابعة ص70
فصل تمهيدي : تطورقانون المقو؛
وعلى الرغم مما توافر لدينا من معلومات متعلقة ببعض العقوبات؛ والجرائم
المؤرخون كثيرا بنظام التحريم والعقاب. إضافة إلى تباين الأنظمة العقابية؛ وتذبذ
لتباين طبائع الحكم التي سادت هذه الدولة.
والعقاب؛ فقد كانت عندهم الجرائم؛ وعقوبات مقابلة لها وإن اختلفت وتذبذبت
يوقع العقاب إلا على من أدائته تلك المحاكم؛ ونشير في الأخبر أن القانون الروماني هو
أحد الشرائع الثلاثة التي لا تزال تسود العالم؛ وهو المصدر الأول لكل تشريع أوربي-
المطلب الرابع
الجرائم والعقوبات في البلاد العربية.
ليس من السهولة بمكان أن نجد شيئا منظها أو مفصلا عن نظام التجريم والعقاب
لدى العرب» وكل ما يوجد عبارة عن نتف متفرقة ذكرت عرضا في معرض الحديث عن
أيامهم وغزواتهم وتاريخهم؛ ويمكتنا أز في تاريخ العرب عدة دول مثل دولة
حمورابيء ودولة المناذر في الحيرة؛ والغساسئة في الشام» وأما العرب في الحجاز فلم تكن
لهم دولة بل كانوا جرد قبائل. ولذلك فمن الناذر أن يكون هم قوانين ثابتة أو واضحة لا
في جال التجريم والعقاب فحسب بل في كثبر من النظم التي تقوم عليها الدول.
ففي دولة حمورابي أو الدولة البابلية الأول» كانت هناك بعض القوانين التي تنظم
الجرائم والعقوبات فالمجروح إذا مات من جرح وكان حرا فالدية نصف من فضة وإذا
عشرة شواقل فضة وإذا كسر أحد عظم رجل حر يكسر عظمه. فإذا كان الملكسور عظمه
فصل تمهيدي: تطورقانون العقوبات.
مولى يغرم الضارب منا من الفضة» وإذا كان عبدا فنصف من" ونلاحظ م "خلال هذه
الأحكام وجود نمبيز في هذا النطاق بين الأحرار والعبيد والموالي؛ مما يعني أن نظام الجرائم
والعقوبات لا يسير على وثيرة واحدة؛ والشأن في ذلك هو شأن الدول القديمة التي تطرقنا
إلى بعضها؛ كما كانت لهم تشريعات مدنية بالمفهوم الحديث له طابع الجناية أحياناء
فالطبيب إذا عالج مريضا بسكين من معدن فأتلف عينه بها تقطع يده؛ والبناء إذا بنى بينا
أما العرب في الحجاز فكان أغلبهم يعيش على شكل قبائل يسير على مكاسبهم ما
بعد جرائم عند غيرهم كالتهب والغزو والسبي؛ ولم تعرف عقابا معينا على جريمة ماعدا
ني أو ضعفه؛ وكذلك الأمر بالنسبة للمجني عليه؛ فقد روي أنه
ني كان بين حيين من أحياء العرب دماء في الجاهلية؛ وكان لأحدهما طول عل الآخر
والقصاص الذي كان شائعا عند العرب هو في الحقيقة أقرب إلى الانتقام مثه إلى
7 «جورجي زيدان -العرب قبل الإسلام -1969-صن ١
جورجي زيدان -المرجع نفس ص51 8
الكشاف. عن حقائق التنزيل وعبون الأقاويل في وجوه التأويل دار الفكر-بيروت الطبعة يرشقترلا
فصل تمهيدي : تطورقانون العقوبات. ال
والأعراف القبلية التي كونتها التجارب والمعنقدات أواما وصل إليه عن طريق اليهود
والخلاصة التي نستشفها من خلال الإطلاع على تاريخ العرب الاجتماعي هي أن
العرب الذين عاشوا في كنف الدولة كانت لهم نظم وقواثين معلومة؛ ومنها المتعلق
بخلاف العرب الذين كانوا يعيشون على أشكال قبائل؛ كما هو الحال عند البدو؛ فهؤلاء
كانوا أقرب إلى الأمية منهم إلى التعليم والتظام؛ وحياتهم إنيا تقوم على النهب والسلب
والشجاعة والكرم» ولم يكن إتيان أحد منهم هذه الأفصال من المتكرات فضلاعن أن
يكون جريمة تستحق العقاب؛ إلا إذا كان ذلك الاعتداء قد وقع من بعض أفراد القبيلة
المبحث الثاني
الجرائم والعقوبات في الأديان السماوية
يغفل الكثير من الباحثين في جال الجريمة والعقاب ما جاء في الأديان السماوية
لاجس جا للف ة في التجريم والعقاب إن قامت عل أنقاضها
كما هو الحال في المسيحية؛ أو أ: أنهم انطلقوا في دراساتهم على خلفية تعاليم هذه الأديان كما
هو الشأن بالنسبة للإسلام؛ ثم إن بعض أصحاب هذه النظريات كانوا متدينء
الشأن بالنسبة ل'"روسو"؛ وستفصل القول في ذلك لاحقاء ثم إن الكثير من الباحثين في
أوربا وتبعهم في ذلك بعض الباحثين العرب ينطلقون في ظهور النظريات والقواصد
الحديثة في التجريم والعقاب ابتداء من المدارس ١! في أوربا والثورة الفرنسية في حين
التجريم والعقاب في كل من اليهودية والمسيحية والإسلام على التوالي.
- حسن مغني. قضاء العرب - مؤسسة عز الدين للطباعة والنشر - بيروت - لبنان ص07.
فصل تمهيدي : تطور قانون العقوبات
المطلب الأول
نظام التجريم والعقاب في اليهودية
ا تحفل الديانة البهودية بكم هائل من التشريعات مما لا يتوفر بتلك التفاصيل»؛
وذلك الكم في الأديان السماوية الأخرى وقد تناولت هذه الديانة من خلال أسقارها
! ؤورد في التوراة ما نصه أيضا (وإذا أمات أحد إنسانا فإنه يقتل . ... وإذا أحدث إنسان في
لقره عيها فكي فعل كذلك يفعل به كر لأ وجزة بعجل روسن يمن حكم واحد
لكم الغريب كالوطني)" ؛ وورد في موضع آخر: (لا تشفق عينك نفس بنفس»
وأكثر الجرائم المقر قوبتها القتل أو الرجم حتى الموت؛ فكانت
هومة؛ وكذلك فإن بين المتنازعين دون الاسترشاد بالكاهن أو القاضي فإن
بعت ونفس العقوبة تطبق على من سرق من إخوته بني إسرائيل واسترقه
عد آهة أخرى ويسجد لها أو الشمس أو للقمر أو لكل من جند السماء- .حين التأكد
8 سفر اللاريين إصحاح 4د
سفر الثنيف إصحاح 19
4 الاديئفة ثنية يدوا
فصل تمهيدي : تطورقانون العقوبات
ورأت عورته فذلك عار» يقطعان أمام أعين بني شعيهيا...؛ وكذا من أنى امرأة طامث
فإنه يعاقب بالعقوبة ذاتهاا""؛ ويفهم من نصوص التوراة أن القائل خطأ لا يعاقب بالموث
فإذا هرب فليس لأحد تسليمه؛ بخلاف من قتل متعمدا فإنه يقتل؛ ( ولكن إذا كان إنسان
مبغضا لصاحبه فكمن له وقام عليه وضربه ضر
فقد تصت التوراة على مبدأ تسليم المجرمين أو استردادهم وهو من المبادئ الملنصوص
عليها حديثاء كما اشترطت في إثبات هذه الجرائم شهادةّ شاهدين عل الأقل ولاتقوم
الشهادة بواحد.
وبالإضافة إلى هذه الجرائم؛ فقد عاقبت التوراة شاهد الزور بنفس العقوبة المقسررة
دخل بها بالزنى يجب أن يدفع مائة من الفضة نعطى لأبي الفتاة؛ وأما من زنئ بعذراء غير
الخروج: من ضرب إنسانا فيات يقتل قتلا» ولكن الذي لم يتعمد بل أوقع الله في يده فأنا
أجمل لك مكانا هرب إليه؛ وإذا بغي إنسان على صاحبه ليقتله بغدر فمن عند مذبحي
بحجر أو بلكمة ولم يقتل بل سقط في الفراش» فإن قام وتمشى خارجا على عكازه يكون
فصل تمهيدي : تطورقانون المقوبات.
رجال وصدموا امرأة حبلى فسقط ولدها ولم تحصل أذية يغرم كما مضع عليه زوج المرأة
ورجلا برجل وكيا بكي وجرحا بجرح ورضا برض"
إن ما ذكرناه من جرائم وعقوبات في اليهودية ليس على سبيل الحصر والإحصاء؛
وإنما على سبيل المثال حتى نرسم صورة واضحة عن نظام التحريم والعقاب. ونلاحظ من
خلال هذه النماذج التي أسلفنا أن هذا النظام يمتاز بالصرامة والشدة مقارنة بالأدبان
الأخرى. وحتى بالشرائع الوضعية؛ وإنما جاء التشديد على اليهود خاصة بسبب ما جبلوا
عليه من ظلم وخلال غير معتدلة؛ والقرآن الكريم قد أخبرنا عن جانب من الأسباب التي
أدت إلى التشديد حيث ورد في القرآن قوله تعالى:
وما يزال اليهود إلى اليوم يميلون إلى القسوة والتشديد حتى أصبحت تلك
سجيتهم وفطرتهم.
المطلب الثاني
نظام التجريم والعقاب في المسيحية
لا ينفك الحديث عن موضوع نظام التجريم والعقاب في المسيحية عن العشريع
تعتبر التوراة وأسغار النبيين السابقين كتبا مقدسة تسميها كتب العهد
21 سفر الخروج إصحاح ١
فصل تمهيدي : تطور قانون العقو؛ ِِ
ولما أنشثت محكمة التفنيش لخكمت بين مسنني 1481 و1499 م على عشرة آلا
ومائتين وعشرين شخصا بأن يحرقوا وهم أحياء؛ فأحرقواء وعل ستة آلاف وثمانيائة
وستين بالشئق بعد التشهير فشهروا وشنقواء وعلى سبعة وتسعين ألفا وثلالة وعشرين
عليها في الأناجيل الأربعة إلا النزر القليل مثل ما ورد في إنجيل لوقا (أما أعدائي أولشك
وخلاصة القول أن المسيحية الأصلية فقيرة جدا إلى نظام واضح في مجال التجريم
إصلاحية متعددة؛ وظهور المدارس أورباء والآراء الحديشة في مجال التحريم
والعقاب لم تكن بمنأى عن هذه الأنظمة القمعية؛ ولو كانت الكنيسة والمسيحية تتوفر عل
نظام واضح في التحريم والعقاب لسادت أحكامها واطمأنت النفوس ليها خصوصا أيام
نشأت في الحقيقة على أنقاض الأحكام الكنسية؛ حيث كان القضاة بسبب افتقارهم إلى
تشريع واضح في التجريم والعقاب ينطلقون في إصدار أحكامهم انطلاققا من التحكم
المطلب الثالث
نظام التجريم والعقاب في الإسلام؛
عالجت الشريعة الإسلامية الجرائم والعقوبات بنظام خاص غير مسبوق من خلال
التقسبيات للجرائم من جهة؛ والعقوبات المرصودة لا من جهة ثانية؛ فهي لم تعالج
+ محمد عبده الإسلام والنصرائية بين العلم واللدتية- المؤسسة الوطنية للكتاب -الجزائر 1988 ص30
3 إنجبل لوفا إصحاح 19 رقم 7د
وجرائم الحدود وأخيرا جرائم التعزير؛ وسوف نفصل القول في هذه الأقسام:
وهذا يقنضي منا أن نعرف بهذه الجرائم» واصلها وفيا تكون دون توسع إلى
الحديث عن كبفيتها والحكمة من مشروعيتها.
1-تعريف القصاص: يؤخذ تعريف القصاص الاصطلاحي من تعريفه اللغوي
وهو التتبع؛ أي تتبع الجاني والفعل به مثل ما فعل تماما بالمجني عليه. فإن قتله يقخل؛ وإن
2- أصل القصاص: ما ورد في القر
آلمِيّوَالْجْرُوحَ قِصَاصنٌ 6" فهذه الآية وإن كانت تتحدث عن بني إسرائيل في عهد
3- فيا يكون القصاص: من خلال ما ورد من نصوص نجد أن تطبيقه متوقف
على شرطين؛ وانعدام أحدهما كاف لإلغاء القصاص أوشيا أن تكون الجناية عمداء وثانيهيا
إمكانية المائلة بين العقاب الذي يلح بالجاني مع الجرم الذي اقترفه.
فصل تمهيدي : تطورقانون المقوبات.
وهذالقوله تمصال: ا
5 جريمة شرب الخمر: تيل جارلاكل مر وت وعقوبتها الجدد ثمائين
جلدة كي فعل ذلك علي بن أبي طالب في خلافه؛ في حين كان يجلد في أول الإسلام
بأربعين: وإنما اقترح علي - رضي الله عنه -رفع العقوبة بسبب فسوق شساري الخمرء؛
صريح في القرآن أو السئة يجدد عدد الجلدات؛ وعليه فالأمر يكون موكولا إلى القاضي أو
الحاكم يوقع العقوبة ويتدرج فيها حسب حال السكران
م حد البغي: ا قوم مؤمتون. يخرجون عن قبضة الإسام؛ ويخالفون الجهاعة
ويتفردون بمذهب ابتدعوه لتأويل سائغ في نظرهم؛ وفيهم منعة. يحتاج في كفهم إلى جع
وراد
الورك
فصل تمهيدي: تطورقانون العقوبات.
البفي وظهر الفساد في الأرض 8 مسي 1 ّ
كوه لوم للرر د انول عيمس السام
يستتاب ثلاثة أيام فإن لم يتب فإن عقوبته القتل؛ بخلاف الأنثى فإنها تبر عل الرجوع إلى
الإسلام بالحبس والضرب ولا تقتل» كما قال بذلك أبو حنيفة استناد إلى الحديث الذي
ينهي من قثل النفساء
ال ل ا يثبت الجرم على الجاني إثباتا جازماء وأنها تدرأ إذا وجدت
ثالثا: جرائم التعزير
العقاب بالتعزير أنواع متعددة قد يكون بالضرب أو بالحبس أو بالنفي أو بالمال أو بالقتل
كذلك» وموجب التعزير المعاصي كالمنكرات وإيذاء الناس وغير ذلك مما لاحد فيه ولا
قصاص؛» ومقذاره يكون بحسب المصلحة وعل قدر الجريمة فيجتهد فيه ولي الأمرا"»
ويعافب بالتعزير أحد ثلاثة أشخاص:
بهنسي -المرجع السابق - ص9
الرحيلي وهيه الفقه الإسلامي وأدلته دار الفكر-الطبعة الأول معو ج6 ص 197
منصور رجماني -حفظ النفس في الشريعة الإسلامية -رسالة ماجستير ص 138
فصل تمهيدي : تطورقانون العقوبات
الثلاميذ اجتمعوا بعد مضي أثثنين وحشرين سنة من تركه شم؛ وخطب يعقوب فيهم
مقترحا عليهم أن يحصروا المحرم على الأمم في أربعة؛ وهي الزنى وأكل المخنوق؛ والدم»
وقد نص المسبح نفسه على أنه إنيا جاء لإنمام شريعة موسى لا لينقضهاء وذلك في
قوله(ما جنت لأنقض بل لأكمل)!" ؛ ومفهوم هذه العبارة يتهاشى مع اعتقاد المسيحيين
أنهم مخاطبون با في التوراة أيضاء ولذلك فإنهم انبعوا الوحسايا العشر وشرعة اليهود في
عهودهم الأولى. ومن أجل هذا م يأت عيسى بتشريع جديد وكل ما اهتم به هو الوعظ
والوصية والتسامح!".
والمسيح قد خقف كثيرا من التشريع في اليهودية؛ وانتقل من مجرد النهي إلى النهي
عا هو أقل ولكنه لم يتص على عقاب معين لكل ما نهى عنه؛ فإذا كانت شريعة موسى قد
نبت عن القتل؛ فإن المسيح قد نبى عن مجرد التفكير في الإساءة على العموم؛ حيث قال:قد
سمعتم أنه قيل لأولين لا تقتل فإن من قتل يستوجب الدينونة» أما نا فأقول لكم إن كل
من غضب على أخيه يستوجب الدينونة""؛ وورد في موضع آخر قوله :
قد سمعتم أنه قيل العين بالعين والسن بالسن؛ أما أنا فأقول لكم: لا تقاوموا
الشربر بل من لطمك على خدك الأيمن فخول له الأيسرا"".
بهذه النباذج نطلع على نظام التجريم والعقاب في المسيحية؛ فالجرائم في هذه
المراحل التي واكبت وجود عيسى عليه السلام كثيرة؛ بل أكثر من اليهودية نفسهاء غير أن
ائم لا يقابلها عقاب؛ ويجب أن نفهم عدم النص على العقاب في المسيحية إلى
سربان التشريع اليهودي بعقويانه على المسبحيين أيضا؛ خصوصا وأن الرسالتين جاءنا إلى
« أبو زهرة محمد -محاضرات في الصرانية-شركة الشهاب الجزاثر-صن 391
د شلبي أمد مقارنة الأديان! لمسيخية) - مكتة النهضة الصرية-الطيعة اثالث :196-ص 192
فصل تمهيدي: تطورقانون العقوبات.
ر'"بولس'" الذي أعطى للتشريع نفسا جديداء وكذلك كان دور الرؤساء
الروحانيين والمجامع والكناتس بعد ذلك» وظهرت جرائم لاوجود شا في الأناجيل
وضعت لا الكنيسة عقوبات قاسية مثل المرطقة التي ثعني مخالفة ري الكنيسة» فرأي براه
عالم في العلوم الكونية هرطقة؛ ومحاولة فهم الكتاب المقدس لرجل غير كنسي هرطقة؛
بالكنيسة هرطقة؛ ومساعدة واحد من هؤلاء أو الرضاعن اتجاهه
هرطقة واستعملث الكنيسة القتل والحرق ومحاكم التفتيش, فأحرق يوحنا هوس
والأبرياء دون تمييز"“وعرفت المسيحية المتأخرة ألوانا شتى من أقسى العقوبات لم يذكر
شيء منها في الكتاب المقدس عامة؛ والعهد الجديد بصفة خاصة؛ كالإعدام البطيء مبالغة
في التنكيل» فتسلط الشموع على جسم الضحية؛ وتخلع أمسنائه كما فعل ببنيامين كبير
أساقفة مصر لأنه رفض الخضوع لقرار مجمع خلقدونية الذي يرى أن للمسيح 1
إهية وإنسانية؛ وكان الإعدام يسبق بصور من التعذيب» كالكي بالشار والضرب لعل
مجرما حتى تثبت براءته؛ وهيهات أن تثبت؛ وإذا اعترف المتهم بجريمته استمر تعذيبه قبل
محكمة التفتيش للنار أكثر من واحد وثلاثين ألف نسمة؛ وحكمت على أكثر من مائتين
وتسعين ألفا بعقوبات أخرى تلي الإعدام؛ وفي عام 1568 أدين جميع سكان الأراضي
الواطئة وحكم عليهم بالإعدام؛ واستثني من الحكم بضعة أفراد نص القرار على أسمائهم»
وبجد عشرة أيام من صدور الحكم دقع للمقصلة ملايين الرجال والنساء والأطفال!".
وانتقاد شيء بت
. شلبي -المرجع السابق-هن 211
2 - شلبي- المرجع نفسه-ص 63 وانظر الاضطهاد الديني في لمسبحية والإسلام-ض76 وما ب
عدها.
3 شلبي - المرجع السايق حص 83