جاء الاسلام الى أرض الجزيرة العربية » فوجد شعبآً غلبت عليه البداوة»
ليس له في العم والحضارة باع طويل . وكان أن لقي ارضاً صالحة للايمجان
بالشب » مهيأة لتقبل الرسالة » مستعدة لقبول الدين الجديد .
وقد اتفق الباحثون على خلو شبه جزيرة العرب في تلك الفقرة تقريباً» من
معالم الثقافة والحضارة والعلم المبني على اسس ونظريات وتفكير عقلي بمعناه
كذلك لم يكن لدى العرب فلسفة بالمعنى المتعارف عليه - وإن لم يعدموا
نظريات ساذجة مبثية على التجارب الشخصة المحدودة » في مسائل الفلك »
والعبادات الوثنية الساذجة . وكان أمم ما لديهم من معالم التطور والثقافة
لفتهم وشعرمم » فكان اهتاميم منصباً على الفصاحة والبلاغة نثراً وشعراً .
وكان الشعر سجل حياتهم وأخبارثم وحرويهم » والعاكس لطبيعة مجتممهم
وتكوينه ومثله وقسمه . اما التفكير العقلي - نبج - فلم يكن واضفحا
أو متداولاً بمعناه المفهوم ٠
لكن القرآن الكريم ما لبث أن نزل وفيه من الحث على النظر والدعوة
إلى التفكر واعمال الذهن في ملكوت الله وآياته الشيء الكثير » بغية الوصول
إلى إقناع الناس بعبادة الإله الواحد الذي تدل على وجوده ووحدانيته مختلف
وكانت الآيات من امال : « إن في خلى السموات والأرض واختلاف
الليل والنهار والفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس وما أنزل اشمنالسماءمن
ماء فاحيا به الأرض بعد موتها وبث فيها من كل دابة وتصريف الرباحوالسحاب
المسخر بين السياء والأرض لآبات لقوم يعقلون »00١( وفي الأرض آيات للموقنين
وفي أنفسك أفلا تبصرون '؟' » © « أفيالله شك فاطر السموات والأرض»*»
« ستريم آياتنا في الآفاق وفي انفسهم حى يتبين لهم أنه الحتى » 9 » » مثل
هذه الآيات وغيرها كثيرة وواضحة . لكن الغرض منبا كان واضحاً هو
الآخر » إذ هو توجيه النظر نحو الخالق الواحد والإيمان به وبرسوله 6 عن
طريق المعرفة بالعالم .
كا اننا لا يمكن أن نغفل ما في القرآن الكري من قوة التحدي لمعاندين
والجاحدين » وموقفه المستثير للخصوم كان بمثابة داقع لمراجعة الادلةوالبراهين
بالنسبة لأصحاب الديانات الأخرى » كما هو حافز لحاولة النظر واكتثاف
مدى صحة الاعتقاد أو بطلانه من خلال تحليل براهين القرآن وحجج مخالفيه.
(1) سورة البقرةكية 4ج
(») الذاريات آية 6 د
(©) ابراهم آية ٠١
المد لله رب العالمين»والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم المرسلين؛ وبعد:
فإن الناظر في #ربخ الفكر الإسلامي ليرى خضماً متلاطم الامواج
متباين التبارات ولنجد امامه ضروباً متنوعة من النشاط الذي تختلف_ بواعثه
تظهر ما يتمتع به هذا الفكر من خصوبة وتنوع يسرها له ماي الإملام نفسه
من ثورة على مظاهر الجود العقلي ودعوة حارة إلى البحث والتتحيص وإعمال
الفكر إلى ابعد مداه .
وقد كان المعتزلة إحدى اشهر الفرق التي لعبت دوراً بارزاً في توجيه دفة
الشكر الإسلامي » وقدمت نموذجاً رائعاً لما ينبغي ان يكون عليه المفكر من
إقدام على المسائل الخطيرة وجرأة في البحث والرأي والنقد واستخلاص النتائج
والادبي » سواء عندم! كانرا مقربين من اولي الامر أم بعد النكسة التي
أصابتهم يعدئذ .
وإذا قلنا : المعتزلة » فان أول ما يتبادر إلى ذهن السامع هم أولئك
المشكرون الأفذاذ الذين تحرروا من أسار التقليد وانطاقوا خلف شعلة العقل
المتوهجة في بحثهم عن الحق أن كان » وهر أولئك الرجال العظماء الذين_لولا"
ما حاف بهم من مصير مؤسف دفعت بهم إليه الأيدي الرعناء لكان لامسامين
لقد اشته ر أهل الاعتزال - قبل كلرشيء -باحتضائهم للعقل واحتفائهم به
أن نسلط عليه الأضواء وبجلى للناس بقدر الإمكان ولذا كارن هذا البحث
محاولة متواضعة لإظبار ما في تفكير المعتزلة من نزعسة عقلية وميل واضح
استعيال هذا السراج الإهي الذي منحه الله للإنسان في موضعه الصحيح .
وبقدر ما في هذا الأمر من أهمية بقدر ما فيه من عسر وصعوبة ؛ ذلك لأن
وإا هي روح تسري خلال آثار المعتزلة على العموم . وما زاد في هذه الصعوبة
أن المعتزلة لم يخلفوا لنا سوى كتب معدودة لا تكفي للبحث والتقمي» بسبب
ما لقيته مؤلفاتهم الكثيرة مناحراق وإبادة نتيجة لموجة العداء الشديديلهم
المعتزلة لارد عليهم » وخاصة الأشاعرة .
الأخرى كنت أود لو توسعت فيها وتوقفت عندها مدة أطول .
ولعل هذا ناتج عن ارتباط التفكير الممتزلي الديني والفلسفي بتيارات
الحياة السياسسة 4 ا يزيد ذو دائرة البحث والتنقيب وقراءة جوانب
ولما كانت النزعة العقلية - كما قلت - روحاً سارية في تفكير المعتزلة +
«فقد توجب عزٌ متابعة تطورم التاريخي منذ نشأتهم حق نايتهم » مع التعرض
العلاقاتهم بغيرهم من ذوي الفكر في الإسلام وسواه » ومحاولة تلن التار
والتأثير في مختلف مراحل هذا التطور . كذلك يلحظ القارىء أنني حرصت
على تقصّي مقدمات نشأة التشكير العقلي في الإسلام بصفة عامة » ثم الفرق »
ثم المعتزلة بصفة خاصة - بشيء من الاسهاب - لأنني أرى أن هذا التفكير
العقلي لم يبرز فجأة » وإنما قام بناؤه حجرا فوق حجر » وتشكل طوراً
بعد طور .
كما وجدت نفسي مازماً - في بعض الأحبان - بعقد مقارنات 6 وت
كانت عابرة؛ بين المعتزلة وسواهم من المدارس الفكرية بغية الوصول إلىتوضيح
موقف المعتزلة بيبان مواقف غيرهم منهم في عديد المشكلات الفلسفية والدينية
والسياسية وغيرها ٠
الفلسفة الاسلامية » وم يكن معدا للنشر في الأصل»لكن ابت « دار الفكر »
ممراته في ١١/76 1>تحدام علي فهمي خشمم
بلا لشت اقبي السام
يعتمد الدين في أول نشأته على الإيمان القلي العميق والتسليم بما جاء به
دون مناقشة جزئيات الاحكام وتفاصيلبا » ولا يكون هناك غالبا مجال للنقد
وإبداء الرأي وتحكيم العقل البشري - ممن يعتنقون الدين الجديد - خاصةفي
المسائل العقائدية الكبرى 0١ .
لكن فورة الحماس الإيماني لا تلبث أن تهدأ » وتبداً من بعدها الامثل :
وتظهر الفرق الدينية المتبايئة » بل المتضاربة في كثير من الأحيان .
في ماهية الاحكام وفي اسرارها والاصول التي تقوم عليها !م يكن في العصر
الأول '"' للإسلام الذي حدث له نفس ما حدث لغيره من الديانات .
فقد نشأت الخلافات بين المسامين بمجرد موت الني ( علكمٍ ) . وأغلب
مؤرخي الفرى الإسلامية يرجعون الاختلافات بينهم إلى مسائل محددة !""
. أحمد امين ضحى الاملام + جاص 6 * اط سابعة )١(
١ 6 اص ١ الملل والتحل من ص )»(
يرجع بدايات النظر العقلي - بمعنى استعال الرأي الشخصي وإبدائه - إلى زمن
« اعتبر حديث ذي الخويصرة التميمي إذ قال : اعدل يا محد فانك لم
تعدل . حتى قال عليه السلام : إن لم أعدل فمن يعدل 9 .. فعاود اللعين
وقال : هذه قسمة ما أريد بها وجه الله ... قولاً بتحسين العقل وتقبيحه
وحكما بالهوى في مواجهة النص واستكباراً على الامر بقياس العقل .
واعتبر حال طائفة اخرى من المنافقين يوم أحد إذ قالوا: هل لا من الأمر
وقول طائفة من المشركين : لو شاء الله ما عبدنا من دونه من شيء ٠
وقول طائفة : أتطعم من لو شاء الله أطعمه .... تصريحا بالجبر .
.والمنافقون يخادعون فيظهرون الإسلام ويبطنون الكفر !"' . »
أن رسول الله قال وهو مريض: إيتوني بورق وقرطاس أكتب لك كتاباً
لا تضلوا بعدي . فعارض عمر بن الخطاب متعللا بمرض الرسول (علل) .
) سورة الرعد آية : ١+
(») يلاحظ ان مؤرخي العقائد المسامين ينحون باللائمة داثماً عل المنافقين واليبود ويرموئم
بأنهم سبب الخلاف ونشأة الفرى المتصارعة في الاملام .
والخلاف في تسيير جيش أسامة » وإنكار عم ل
في موضع دفنه ؛ مكة ام المدينة ام بيت المقدس +
قتال مانعي الزكاة » وفي نص ابي بكر على عمر في الخلافة » واختلافات في
الجل وصفين - وظبور ( الخوارج ) و( الغلاة ) وفيمقدمتهم عبدالله بن سبأ-
وكانت هذه - كما يقول - بداية الضلالة والبدعة .
ويجعل اول خلاف بين المسامين في مسألة (الامامة)!١' بيئا يجعل الاسفراييني!""
في وفاة البي ( ص ) ... ثم تعدد باقي الاختلافات .
« إن الخلاف لا يكون خطراً إلا اذا كان في اصول الدين !"' + ولم يكن
بتلاف بينهم في ذلك © بل كان اختلاف من يختلف في فروع الدين » مثل
خلاف الفرائض فلم يقسع خلاف يوجب التفسيق والتبرّي .... وظهر في أنام
المتأخرين من الصحابة خلاف القدرية وكاذوا يخوضون في القدر والاستطاعة +
كمعيد الجبني وغيلان الدمشقي والجعد بن درم . وكان يشكر عليهم من كان
وجابر وأنس وأني هريرة وعقبة بن عاصر الجهني وأقرانم »
اما عبد القاهر البغدادي فيقول :
مقالات الاسلاميين . ص 6 ؟ - 64
) التبصير في الدين ,ص :3 - 4+ ؟
) فلبلاحظ القارىء تشابك الخلافات الديلية إخلافات
ب النزعة العقلية -؟