بيت الواتورو.
كما اعترفت لي فيما بعد - أنها قد تكون في المكان الجديد
أكثر نقعاً لخديجة وماجد أولاد صديقتها الراحلة سارة؛
وأقدر - من ثم على الوفاء بعهدها لها.
ولم يكن حزن أهل الدار على فراق أمي بأقل من حزنها على
فراقهم: فما أن شاع خبر رحيلنا عنهم حتى بدأ العتب يأتيها
من كل صوب. والأسئلة تنهال عليها من كل صديق
وصديقة: «أحق انك مللت العيش معنا يا جيليقدان (وكان
إلى آخر هذه الأسئلة. وكان رد أمي إليهم أن النقلة لم تتم
ولريما تصدم كلمة«قضاء من اللَّه: تفكير بعض القراء
وبصائرهم دون عظمة الخالق المتجلية في الأرض والسماء.
وتجاهلوا إرادته العليا معتقدين أن الصدفة لا غيرها هي
التي تقرر مصائر الإفسان.
ولكن من الولجب أن يذكر هؤلاء القراء أن صاحبة هذه
البيوت العربية. حيث لا وجود هناك البتة لكلمتي الصدفة
ليس هو الخالق والحافظ والقابض فحسب بل هو العلي
المهيمن المدبر أيضاً. وأنه لا يكون شيء إلا ان يشاءه وان
إرادته لا إرادة الإنسان هي العليا والسائدة في كل الأمور
صغيرها وكبيرها
ورغم لوعة الحزن واكتئاب الفواد فقد أنهينا في بضعة الأيام
المحددة استعداد اتنا السفر. وأَخَذنا ننتظر عودة ماجد ليشرف
شعور بالحزن لفراق لداتي ورفاق طفولتي وبالأخص أي
حمدان وأختي رولاب , وشعور آخر بالفرح للخلاص إلى الأبد
وكان جناحتا خلال هذه الأيام أشبه ما يكون بخلية نحل كبيرة.
يعج بالزوار المودعين بين غاد ورائع. وكان كل مودع يحمل
معه من هدايا الوداع ما يتتاسب مع مقامه ودرجة عاطفته
نجونا. وهدايا الوداع عادة شائعة عريقة في بلادنا يقدمها
القصيرة. وما من أحد يستطيع إقناع العربي بالمتناع عن
عدد 76 الأربعاء 1 كانون الأول /ديسمير 2004
تقديم هديته إلى صديقه المسافر مهما قلت قيمتها. وأذكر بهذه
المناسبة أنتي وكنت لما أزل طفلة صغيرة- ذهبتمرة مع أي
وجمع من النساء في نزهة إلى إحدى المزارع: ولما أوشكنا
على مغادرة المكان وركوب زو ارقنا للعودة إلى بيت الموتني +
ملفوفة بورق الموز
الأوراق لأجد داخلها رأس ذرة حديث الجني. ولم أكن أعرف
اخخادسات أسي , وقد كانت هذه قتهدية موضع شرحتي
زتجية عجوزاً تحمل بيدها صزة
قاب فٍ جوبدصة 0
في بيت الموتني أقدم قصور أبي في جزيرة زنجبار خرجت إلى هذه الدنياء واكتحلت عيناي
ويبعد هذا القصر زهاء الخمسة أميال عن مدينة زنجيار , ويقع في مكان ساحر على شاطئ
تزدهر فيها أجمل الورود رونقاً وأبهاها ألواناً. ثم تحيط بها بساتين كثيفة متشابكة ترتفع
فيها سامقة شاهقة أشجار التخيل والمانجو والنارجيل وغيرها من الأشجار الاستوائية
وقد أخذ هذا القصن لسمة من نهر الموة
؛ وهو نهر صغير ينبع في مكان غير بعيد عن
القصر ؛ ثم يجري نحوه ويخترق بساتيته, ثم ما يلبث أن يتفرع د اخلها إلى جداول صغيرة.
متعددة, تتساب صافية رقراقة إلى مختلف الاتجاهات تحت ظلال الأشجار الكثيفة الشامقة
أو في مروج الحديقة التي طرزتها الورود والأزهار بمختلف الألوان» ,مياه جميعها
التصب في ذلك الخْضمٌ الأزرق الهادئ الجميل الذي يفصل زنجبار عن القارة الأفريقية.
وكان القصر مكوناً من العديد من الأجنحة والبتايات التي أضيف بعضها إلى البعض الآخر
المنظر العام للقصر جمال المنظر وحسن الاتساق. وكان مما يشده الوالج الجديد إلى هذا
القصر العدد اللامتناهي من المسالك والممرات المتعرجة المتقاطعة التي لا يسلم من اليه
المسالك لتصل بين أجنجة القصر المتباينة المتبا:
وكانت مخيلة الطفولة تصور لي وكأن أجنحة القصر وأقسامه ودهاليزه وممراته من الكثرة.
ولع ستهاء مائزات لمجال يصوي زهو جنا الأسحضام:
ويتكون هذا الجناح من أكثر من اثنتي عشرة غرفة تصطف منفردة متجاورة في طرف بعيد
من ساحة القصر حتى إننا لبعدها كنا تضطر إلى لستعمال المظلات إذا ما رغبنا في التنعم
الحقيقة حمام تركي في معزل عن البقية'
زنجبار من حيث الهندسة والبنيان.
وكان هذا المستحّمٌمراح القوم ومغد اهم؛ لا تنقطع عنه وفود الرائحين والغادين منذ الساعة.
يؤدون صلواتهم ويقومون بما يترتب عليهم من واجبات الكتابة أو القراءة. ويتتاولون أثناء
ذلك كله ما يتيسر من الطعام والشراب.
والد اخل إلى إحدى غرف الاستحمام هذه. وكلها عدا الحمام الفارسي - على طراز واحدء
يجد دكّة على يمينه وثانية على شماله, وقد فرش على كل منهما حصير نظيف دقيق الصنعة.
يستعمل للجلوس والصلاة. وليس في الغرفة شيء من مظاهر الترف والبذغ كالسجاد
والرسوم فهي أشياء مكروه وجودها حيثما يؤدي المسلمون صلاتهم. وصلاة المسلمين
أن تكون بيضاء اللون وأن لا تستعمل. حرصا على استمرار نظافتها- لغير أغراض الصلاة.
لكن الواقع أن هذه القاعدة الأخيرة لا يتقيد بجذافيرها إلا غلاة ١|
ومن هذا المكان يدلف المرء من فتحة وا
؛ وكان في الواقع هو الحمام الوحيد من نوعه في
صغيرة إلى مكان أوسع يحجبه عن صقاء
السماء الزرقاء قبة زجاجية شفافة. ويضم المكان حوضين كبيرين متقابلين سعة الواحد
منهما أربع ياردات طولاً وثلاث عرضاً وينزل المستحم درجتين حجريتين قبل أن يصل إلى
قعر الحوض حيث يغطي الماء الرجل المتوسط اللول حتى كتفيه.
عدد 78 الأربعاء 1 كانون الأول /ديسسير 2004
وكل غرفة من هذه القرف مستقلة عن الأخرى وتفصل ب
يتخلى حدوده: فقد كانت اللبقية َم ار في بيت الموتني يلتزم بها الجميع كباراً وصغاراً
ولم يكن هذا كل ما في جتاح الاستحمام: بل كانت هناك أشجار البرتقال - وهي بارتفاع
أشجار الكرز في ألمانيا تملأ الساحة أمام الجتاح بشكل كثيف, وكم كنا نحن الأطفال
الصغار نجد بين أخصانها العطوفة الحانية ملجأً لنا وملاذاً يخفينا عن رقابة مربيقنا
الصارمة المرعية؛
وكان هذا الم
فيها فهو علوها غير المتناهي وانتصابها الشاقولي المخيف, ثم ارتفاع المسافة بين درجات
تصعد وتصعد عمودياً دون عطفة في السلم أو مكان للاستراحة فيه ودون ما جدار للاستنا؛
حمداً كثيراً. وإذا هان الصعود فإن النزول عليها أكثر مشقة وأكثر رعباً: فالواقف على رأس
السلم العسودي الانحدار يصيبه الدوار ولاشك إذ يجد الأرض عنه بعيدة نائية وهو لعمودية
السلم لا قدميه. وأشبه ما يكون حاله بمن يحاول أن
يرمي بنفسه إلى البحر من صارية شاهقة الارتفاع في مركب شراعي.
ومن الصور التي لا أنساها صورة الغزع الهائل القي تملك سكان جتاحتا حين استيقظوا
صباح أحد الأيام ووجدوا أن جهتي الدرابزين في سلما قد انهارتا أثناء الليل. وما زالت
حتى اليوم أعجب كيف مر الأمر بسلام مع كثرة الصاعدين والنازلين على ذلك السلم في كل
دقيقة من دقائق الليل والتهار.
ولم يكن علم الأمصاء معروفاً في زتجبار . اذك فلا لحد يعرف بالضبط عدد السكان في بيت
عددهم بألف نسمة على الأقل. وليس هذا فحسب الساحل - وهو قصر أبي في
المدينة- كان في الواقع أكثر ازدماماً من بيت الموتني. ولا يستفرين القارئ هذا العدد , فإن
ضخامته ستتضاءل أمام عينيه إذا أخذ بالحسبان أن من مظاهر السيادة والإمارة في الشرق
أن يحيط الناس أنفسهم بأفواج من الخدم والعبيد.
وكان من عادة أبي أن يقي في البيت الأول ثلا أيام من كل أسبوع ؛ ويقضي الأربعة
وكان أبي السيد سعيد ييممل لقي إمام مسقط وسلملان تجبار. والإمامة لقب ديتي لاي
للسلاطين. لكتنا ورثناه عن جدي الأكبر الإمام أحمد بن سعيد . وظل اللقب وراثياً في أُسرتنا
ولأني كنت من أصغر أطفال السيد سعيد فلم تتسنٌ لي رؤيته إلا في شيخوخته. وعلى هذا
فإني لا أتذكر صورت» إلا بلحيته البيضاء الوقور: وكان طويل القامة. نحيل القوام» وقور
الهيبة والاحترام. ورغم أنه كان من رجال الحرب والقتال: ويجد متعته بالغزو والفتوح , فقد
كان لنا جميعاًمثلاً أعلى والدأ وأميراً. وكانت العدالة مبتغاد. والمساواة في المعاملة ديدته
وقد فرضها في بيته وبين رعيته. وكان لا يتأخر عن إيقاع العقاب بأعز أبنائه إذا ما ثبت
من الملوك والسلاطين بسيطا متواضعاً.بعيداً بطبعه عن التعالي والكبر والجفاء ولكم كنا
وكان من عادة أَبِي أن يناديني «بيبي» أي السيدة العجوز وذلك لأني كنت مغرمة بنوع من
حساء الحليب وهو الأكلة المفضلة للعجائز الدرداوات.
في إحدى مزارع أييها. لكن حبل الأمن ما لبث أن لختل, ونشيت الحرب
تعني على الأرجح القبو أو السرد لب. ولم يكونا معروفين في زنجبار يومنذ لكن الغزاة المغيرين
والواقع أنها لا تذكر من الحادث وما قبله إلا أطيافاً شاحية. فقد كانت أنئذ طفلة صغيرة في حدود
قاب جوبدصة
الثالثة أو الرابعة من العمر ولكنها إذا ما ذكرت أهلها اكتسب صوتها نبرة شجو وحنين تكشف
السامع تواً عدا يضطرم في حنايا ضلوعها من حزن عميق وأسى دفين لم يبددهما مر السنين.
ولابد أن أمي دخلت بيت أبي وهي في سن صغيرة جداً ل تتجاوز السابعة, فقد خلعت أولى أستاتها
تطلمت القراءة والكتابة. وهو أمر ذو بال في مجتمعنا ظل في مستقبل أيامها يميزها عن نظيراتها
الطموح للتعلم, أو يأنقن من مشاركة الأطفال الجلوس على مقاعد الدرلسة.
ذات عينين سود اوين جميلتين وشعر أسود ناعم طويل ينسدل حتى ركبتيها. وكانت رة
ومخيراً. ولم يكن يستهويها في الحياة شيء مثل عمل الخير وبذل العون للسائل والمحتاج.
وكثيراً ما كانت تزور الم
مقدار عبوسها وشموخها حين تمرّمن أمامنا دون أن ينطق فوها بكلمة أو تحية. ودون أن
تنفرج شفتاها عن بسمة أو يختلج عضو في وجهها بالبشر أو الرقة... وأذكر عظم الفارق
بينها وبين أبينا الشيخ الرقيق العطوف؛ الذي لم يكن يمر على أحد سواء أكان من علية القوم
أو من أدنى الخدم إلا ووجد كلمة طيبة أو تحية حلوة يلقيها إليه بكل ابتسام وبشر.
وكانت زوجة أبي المتعاظمة النكتبرة تعرف كيف تفرَض على الجميع مقامها وهيبتهاء فما كانت
أذكر أنها خرجت مرة إلى ساحة القصر إلا محاطة بالعديد من المرافقات والخدم.. اللهم إلا حين
داخل القصر فإن على من يصادفها أن يقف جانباً ليخلي لها الطريق. وكأنه جندي صغير صعق إذ
اد العام. وقداستطاعت بهذا الأسلوب أن تفرض نفسها على الجميع
وفوق الجميع, وأن تحفظ لها المقام السامي الذي تريده لنفسها. ولكننا نحن الصغار لم تكن
نعم وسيلة لإظهار تمردنا عليها: فق كان العرف الجاري في بيقنا أن نذهب كل الأو والأخوات
إليها مبكرين صبيحة كل يوم لنلقي إليها بتحية الصباح ؛ ولكننا لكرمنا لها كنا َعم التأخير في
الذهاب إليهاحتى يحين وقت الإفطار الذي كان يقدم عادة في جناحها. وبهذه التصرفات الطفولية
وجد نفسه فجأة في حضرة
سعود لبن أختي الكبرى زينة كان يكبرتي بعشرات السنين. ولما رأيته لأول مرة - و؛
أختي زينة قد عادت إلى السكن بدار أبيها بعد أن استشهد زوجها في إحدى حروب أبي.
الميراث مثلاً فإن هذا التمييز القانوني لا وجود له البتة في المعاملة البيتية للأطفال. ولكن كما
يحدث فنا في ألمانيا أو في غيرها من بقاع العالم يحدث في ذلك البلد الشرقي أيضاً. وذلك بأن
والرعاية يفوق ما يخصّان به أولادهم الآخرين. وهذه كما أراها عاطفة إنسانية طبيعية لا غبار عليها.
وخولة. وفي مرة من المرات كنت ألعب مع أخي الحبيب حمدان فأصابتي مته دون قصد سهم
لم يسبب لي والحق ألما كبيراً. حالما وصل الخبر إلى علم أبي - ولا أعلم كيف ناداني قائا.
سالمة ابعشي لي بأخيك حمد ان إلى هنا.
دون
وكان أطيب مكان لنا في بيت الموتني هو المنظرة. وكان اسمها الشائع بيتنا هو البنجلة.
كالخيمة تشبه إلى حد ما أرجوحة الخيل في مدن الألعاب: وكانت أرضيتها وسقفها
ولم يكن في البتجلة من الأثاث والمتاع شيء سوى العدد العديد من كراسي الخيزران. ولعلني
لا أبالغ إذا قلت انها تبلغ عدة عشرات, وسوى منظار مكبر (تلسكوب) منصوب في طرف القاعة.
وكان من عادة السلطان أن يقصد هذا المكان مرتين أو ثلاثاً في اليوم لتناول القهوة فيه
ومعه زوجه عزة بنت سيف والبالغون من ذريته ومن يتيسر من أمهات أولاده.
ولانتظام أوقات حضوره إلى هذا المكان فقد أصبح مقصد أفراد الائلة ممن بريدون أن
وكان يحلو لأبي العزيز أن يتمشى في هذا المكان: فكان يقضي فيه الساعات الطوال أطراف
عدد 76 الأربعاء 1 كانون الأول /ديسمير 2004
النهار يقطعه جيئة وذهاباً مقطب الحاجبين غارقاً في تأملاته وأفكاره. وكان يضلع بعض
الشيء في مشيته من أثر شظية مدفع أصابته في إحدى حروبه؛ واستقرت في إحدى فخذيه»
له في الظاهر من وظيفة إلا إيقاظنا بمدافعه الهادرة في ليالي رمضان لتناول السحور. أخر
بجولة بحرية صغيرة.
البحرية التي ترشد السفن في قدومها وإقلاعها. والتي تستعيل أي
المراكب ونوتية السفن والقوارب.
أما بالنسبة إلى جناح المطابخ فكان شأنه شأن المطابخ في بيت الساحل: يع بالعاملين فيه
من مختلف الجنسيات؛ وكانت أطباق طعامنا الشائ
وأخيراً وصل إلينا ماجد وأعلن أن سفرتنا ستكون في مساء
اليوم التالي: وأن أوامر أبي قد صدرت إلى قبطان الرحماني
ليرسل إلينا مساء الغد مركبين شراعيين: يخصص الأول
لركوبنا والثاني للحراسة ونقل الحاشية والمتاغ.
الحظ فقد كان أبي في بيت الموتني يوم رحيلنا : واريما تعس
المكان جيئة وذهاباً. ولكنه ما إن رأى أمي مقبلة عليه حتى
تقدم تحوهاء واستقبلها هاشاً باشاً, ثم انفسا في حديث
ودي هامس أمر السلطان خلاله أحد القوم أن يقدم لي
ويستطيع القارئ طبعاً- أن يتصور مقدار انفعالي
وفضولي حول سفرتنا المرتقبة وعن بيتنا الجديد والحياة
فيها بصورة عامة. فلم أكن حتى ذلك اليوم قد رأيت المدينة
بالسلام على العدد الكثير الذي كان ينتظرتا من الأخوة
وبعد وداع السلطان انتقلنا إلى جناح صاحبة الحول والعظلمة.
عزة بنت سيف حيث تنازلت بالوقوف على قدميها حين
ت لنا أن نمس أناملها الدقية
قبل أن ندير إليها ظهورنا... للمرة الأخيرة.
الأبهاء والاجنجة صعوداً ونزولاً لتودع ساكنيها من
أصدقائنا. ولكن حين لم نجد إلا البعض القليل منهم قررت
صاريته راية بي وشعاره, وهو علم أحمر اللون خال من كل
شارة أو نقش. وفي نهاية المركب أعدث مقصورة الجلوس.
وهي عبارة عن مكان فسيح تعتد فيه المقارش الحريرية الأنيقة
ويتسع لحوالي عشرة أشخاص. وتغطيه مغظلة ولسغة تاصعة
البياض لها أطراف تنسدل عند الحاجة على جوائب المكان
لتقاء للريح أو المطر أو تأميناً للسرية والاتفراد.
وبعد دقائق من وصول المركب جاءنا جوهر العجوز ليعلن
لتابده الرحلة. وجوهر هذا من قدامى الرجال في خدمة أبي؛
وقد أمره ورفيقاً له بمصاحبتنا في السفرة والإشراف على
راحتنا خلالها. وقد ظل أبي طيلة الوقت في البنجلة يشرف
من بعيد على ترتيبات السفر.
وإذ أن أوان الرحيل فقد ودعنا أصدقاؤتا وودعناهم.
بالقبلات التي تخالطها دموعنا الجارية وما زالت كلمات
ولأن الماء كان ضحلاً قرب الشاطئ فقد رسى المركب بعيداً
عنه بعض الشيء. وكان لابد للعبور إليه من إختيار أحد سبل
وإما أن تجلس على كرسي يحمله بك اثنان من أشداء الوجال
فيخوضا الماء بالحمل النفيس الثقيل إلى المركب. وإما أن
المركب. وهذ ما اختارته أمي , وكان يسنندها في سيرها أحد
الخدم الكهول في حين رفعني بين ذراعيه خادم آخر وتقلني
إلى مقصورة المركب إلى جانب أمي وجوهر.
وكانت النجوم اللماعة في السماء والفوانيس الملونة في
المركب تنعكس ظلالها على سطع الماء فتضفي على البحر
ترائيمهم الهادئة على إيقاع مجاديفهم في الماء. كما هي عادة
الملاحين العرب. ولم تك تترك الشاطئ حتى رحت في حضن
أمي في نوم عميق لا أدري أطال أم قصر, ولكتي أذكر أني
أستطع أن أتبين مصدرها. فلما فتحت غيني المثقلتين بالنعاس
أدركت أن الرحلة قد انتهت, وأننا في سبيل مغادرة المركب.
وقد رسى المركب أمام بيت الساحل القائم كما يظهر واضماً
مكتظة بجمع حاشد من النساء والأطفال كانوا في الواقع
والترحيب ينا وكان الأطفال منهم أصبفز متي سئاًء وبالتاني
فقد كان تلهفهم على التعرف بي أكثر من تليفي إليهم؛ وحالما
رأى هؤلاء الصقار وصول المركب وفي غمرة فرحهم
'بوصولي فقد اطفقوا حداب رم الصعيزة بالتدابات فقي
وغادرنا المركب بنفس الطريقة التي صعدنا فيها إليه. وما إن
والحق أن قرار أمي بمتعي من مصاحبة أخوتي على التو
أجرؤ طبعاً على مكاشفة أمي بأفكاري لأنني أعلم علم اليقين
قوية الإرادة. لا تتساهل في الواجب أبداً. ولعلها
ويحرص الرجال على تزيين غرفهم بالأسلحة التذكارية
الثمينة كالبنادق والسيوف والخناجر سسواء منها العربية أم
ويقوم في غرفة النوم سرير كبير
الغالي. ومزين بنقوش محفورة من صنع الهند. ويغطي
السرير من جميع تواحيه بكلة من التول أو الموسلين الناصع
لا يُستطاع الوصول إلى الفراش إلا بالصعود على كرسي
ويُستفل الفراغ الموجود تحت السرير لأغراض المنام أيضاً
بالتسبة إلى مربيات الأطفال أو ممرضات المرضى.
ويتدر وجود الموائد في البيوت العربية باستثتاء سراة
القوم, وعلى العكس من ذلك فإن الكراسي متوافرة أعداداً
وأنواعً. وكذاك لا وجود لخزائات الملابس ودوالييها في
الغرف العربية. ويستعاض عنها «بالسحارات» وهي
'سري لوضع النقود والحلي. وقد تجد في القرفة الواحدة.
.ع في الهند من خشب نقي
تزينه النقوش المحفورة وبعضها من صنع محلي أو مجلوب
دغ عادة من الحث
تقريباً مزينة بمسامير نحاسية صفراء ذات رؤوس مدورة
كبيرة وقد صفت غلى أشكال الأملة والنجوم.
وثشة ظاهرة غريبة في بلادنا وهي ان النوافذ تترك مفتوحة.
طول الوقت إلا في حالات المطر, ولهذا فإن تعبير «التعرض.
ولم يرق لي مكاننا الجديد أول الأمر ء فقد بدا لي بيت
في البيت الجديد لداتي وأقراني من أضوة وأخوات
الكثيرة الواسعة في بيت الموتني, وأكثر من هذا وذاك فقد
افتقدت نهر الموتني الجميل الهادئ الذي كنت أسيّر في
سواقيه العديدة زورقي الشراعي الجميل والعزيز إلى
وهل كتب علي أن أسيّر قاربي في حوض الغسيل» ولأني
طليت إليّ قبل رحيلنا أن أهدي هذا الزورق الجميل إلى أحد
وبالاجمال فقد مررت بتجربة نفسية جديد:
أعرفها من
أحسن حالات طبعها الرضي دوماً. وقد انقصست مع خديجة
في إدارة شؤون الدار حتى لم أعد أراها في النهار إلالماماً
ومن الجانب الثاني فقد كان أخي الحبيب ماجد كثير الرعاية
عدد 76 الأربعاء 1 كانون الأول /ديسمير 2004
لي: والاهتفام بأموري فقد اصطحبني بعد وصولنا بأيام
إعجابي, فقد كان تعلقي وإعجابي ببيت الموتني يغشيان على
تفع وفائدة في البيت الجديد.
الأرائب البيقناء» وبقدن ما كانت مصدر أنسي وابتهاجي
الصراع جمعها من مختلف أقطار الأرض .لم أر مثلها عدا
الحيوانات؛ وقد قبل بكل
أ من ديوك القتال خففت علي حياة الوحدة في.
تأر العبيد أن يطلقوا سراح الديكة من أقفاصهاء
تعرض أبطالهاء وتشهد بعض النزالات بيتها قبل أن
يعود بها العبيد إلى الأقفاص ثائية.
واشتدت بعد ذلك الألغة بيني وبين ماجد فأخذ يعلمني
المبارزة بالسيف والرمع والخنجر؛ كما كنا تخرج إلى بعض
المزارع لتمارس الرمي بالبندقية والسسدس رغم عدم رضى
الوالدة. التي لم تكن لتقر أعمال المبارزة والرماية وتخشى
قضاء الوقت الطويل في أعمال الإبرة والخياطة.
ولم أففل في أثناء هذا كله دروس الفروسية: فقد أمر ماجد
لم يعثر في البيت الجديد على معلمة جديدة لي» فساعد هذا
كله على انتعاش معتوياتي واستعادة بهجتي وزوال
كبير. وقد تعلمت منها بعض مبادئ اللغة الحبشية التي
أصدقاؤنا القدامى بأصدق عواطف الود والترحاب. إلا أن
صلتنا الدائمة بهم كانت عن طريق الرسائل الشفوية التي
ينقلها العبيد بيننا وبينهم. والناس في الشرق لم يتعودوا
يستخدمون عبيدهم لتبادل الأخبار بينهم سواه العائلية متها
أم أمور الدولة المتغلقة بالخروب وتنقلات الجيوش أق.
المفاوضات. وقد قلت من قبل إنَّ من مظاهر الرئاسة والجاه
في تلك البلاد أن يمتلك المرء أكبر عدد ممكن من العبيد
الذين يكون بين
الحياة البومية في
تستطيع النساء العيش في بلادكم دون شقل أو عمل»»
والسؤال ليس بعد بالمستغرب من وجهة نظر أهل الشمال الذين لا يستطيعون تصور الحياة
بلا عمل, بالإضافة إلى أنهم باتوا مقتنعين بأن المرأة في الشرق لا تكلف نفسها طيلة التهار
تحريك أنملة. وإنما تقضي وقتها في خمول وعزلة وفراغ في بيت الحريم.
ولهذا وذاك فإني لم أكن لأضيق ذرعا بالرد بكل لذة وسرور على فضول السائلين مراث.
'تختلف في بعض بقاع العالم عن بعضها الآخر . وهذه الظروف هي التي تتحكم في تكوين آرائنا
وعاداتنا وأساليب معيشتنا ومتطلبات حياتن.
أهل الجنوب. فبرودة الجو وقسوة الطبيعة في الشمال قد زادت في متطلباء وكثرة
لنفسه وأهله ضرورات الحياة؛ وأن يرهقها أكثر وأكثر إن أراد التنعم بالترف والكماليات.
ينعمون وأكرر كلمة ينعمون - بالقناعة وبساطة العيش؛ والعرب الذين كثيراً ما تتهمهم كتب
الغرب بالكسل والخمول هم بعد الصينيين أكثر شعوب الأرض قناعة. وحين يقول العربي
«القناعة كنز لا يفتى» فإنه يعني أن في بساطة العيش والاكتفاء الذاتي توفيراً واقتصاداً.
لكن الشماليين وقد تملكهم الغرور والازدهاء ينظرون باستعلاء وازدراء لسكان المناطق
الاستوانية. وهي حالة فكرية ونفسية غير محمودة في نظري على الأقل ؛ غير ناظرين إلى
حقائق الأمور وأسبابهاء وهي أن العئل في أورويا أمر فقتضيه غزيزة البقاء» ولولاه لكان
يحق له أن يجعل من هذه الظروف المفروضة عليه بحكم الطبيعة فضيلة يفخر بها على
الأخرين الذين كانت الطبيعة أرحم بهم منه.
السر ان طبيعة الجو في بلاد الأولين أكثر اعتدالاً. وأشهر القيظ فيها أطول من أشهر البردء
وبالتالي فهم أقل حاجة للكفاح من أجل البقاء. فالجو البارد يستوجب التحسب والاحتياط
لطوارئ ومفاجنات لا تخطر لأهل الجنوب ببال. لأن الظروف الطبيعية التي تفرضها هناك
هي نفسها تنفي احتمال حدوثها هنا
ولتأخذ مثلاًلمقارنة ضروريك الحيلة الأولية في الشمال والجنوب: فالطفل في الشمال يحتاج
الجو في هذه البلاد: في حين أن الطفل الأسمر المولود في الجنوب لا خوف عليه حقى وإن تام
في العراء. والطفل ابن السنتين في ألمانيا يحتاج إلى قائمة طويلة من الملابس الضرورية.
كالحذاء والجوارب والقسيص والسروال والمعطف والملابس الداخلية وضروريات أخرى من
الصوف أو الفرو لتلف يديه ورجليه ورقبته ورأسه. في حين أن كل ما يحتاجه صتوه الطفل في
زنجبار حتى ولو كان ابن السلطان هو قميص خفيف وغطاء للرأس فقط.
والظروف أيضاً قد غيرت حاجات المرأة وطبيعة وطريقة إدارتها للبيت, فالشمس الساطعة.
دوماً والهواء العليل دوماً في الجنوب يقتي رية البيت الجنوبية عن يوم الغسيل الذي تقلق له
المرأة الأوروبية. فنحن في الجنوب نغسل كل يوم ما يحتاج إلى الغسيل, ولا يستغرق جقافه
أكثر من نصف ساعة؛ كما أننا في الجنوب تستقتي إلا في القليل التادر - عَن سقائر
تحتاج إلى جهد كبير ليس في بلادنا ضرورة
والمرأة الشرقية مهما علا مقامها لا تحتفظ بأعداد كثيرة من الثياب. وهذا أمر طبيعي؛ لأن
تنقلها داخل البيت قليل وزياراتها إلى خارج البيت أقل وأندر, وهي بعد لاتكشف عن نفسها
في الشوارع والأسواق.
والزوج أو ولي الأمر يكفي المرأة وصول المؤن والطعام إلى بيتها كل يوم. فما عليها إلا أن
تشرف على الطبخ إن كانت من ذوي اليسار أو أن تقوم به بتفسها. إن كانت دون ذلك مقاماً.
يفهمن حياة الحريم على حقيقتهاء ولم يشهدن منها إلا
يمكن على وجه العموم القول إن نهار المسلم تضبطه أوقات الصلاة وتسيطر عليه فالصلاة
فريضة على المسلم يؤديها بيث يسجد ورعا خاشماً أمام الخالق
الأكبر. وتستهلك أوقات الصلاة هذه مع ما يسبقها من موجبات الطهارة والوضوء ثم ما
يستحب أن يليها من الأدعية والنوافل حوالي ثلاث ساعات من النهار.
وعلى كل حال فان ال ليومية تبد ا عند الفجر إذ يستيقظ الناس جميعهم ما بين الساعة.
الرابعة والخامسة لأداء أولى فرائض الصلاة وهي صلاة الفجر. وهذه الصلاة لا تستقرق
طويل وقت. ويذهب بعدها الناس مذاهب شتى, فأما ذوو اليسار فيعودون إلى فراشهم
لاستنتاف الرقاد؛ أما المتديتون وأهل الورع والتقوى فيطيلون الصلاة. ويظلون يتلون
القران ولا يعودون إلى النوم الابعد بزوغ الشمس وانتشار الضياء. أما غير هؤلاء وأولئك
من عامة الناس فيبد أون عدلهم بعد الصلاة مباشرة.
وفي بيتنا الواسع الذي يضم المئات من الناس من مختلف المشارب والأذواق ومن مختلف
اليومية؛ بل كان لكل فرد من أفراد البيت أن يتبع ما يحلو له في هذا الشأن. لا يضبلهم إلا
وجوب الحفاظ وبدقة صارمة على أوقات الصلوات الخمس, وعلى حضور الوجبتين
الرئيسيتين. وكانت هذه المواعيد هي الاطار العام للنظام في البيت
وعلى هذا فقد كنا نعود بعد صلاة الفجر إلى النوم وتستمر فيه حتى الساعة الثامنة, حيث
حيويتها بعد طول السبات وما ان ينتهي التدليك حتى يكون الماء جاهزاً للاستحمام, كما
وتكون ملابسنا قد أعدت أيضاً بعد أن ضمخت أثناء الليل بأزهار الياسمين. والقداح وطيبت
بالمسك والعنبر.
وتستقرق عنلية الاستصام والزينة ساعة كاملة تخرج بقدها للسلام على والدنا بتحية
الصباح, ثم لمشاركته تناول طعام الافطار: حيث يكون الطعام معداً من قبل على السفرة فلا
نستغرق في تناوله الوقت الطويل الذي يستغرقه الأوروبيون.
عدد 76 الأربعاء 1 كانون الأول //ديسمير 2004
وبعد الافطار يبدأ عمل اليوم فيتصرف الرجال إلى أعمالهم خارج القصر أو د اخله؛ ويكاد
عمل أخوتي على حضور البرزة أي مجلس السلطان. أما النساء فيتصرفن إلى
شققهن فرادى أو جماعات يتسلين بتطريز ثيابهن بخيوط الفضة والذهب أو ثياب أبنائهن أو
اليهن من حين إلى آخر من نظرات اللهفة
مصدر قلق للأمهات والعمات المجريات والفتلنات إلى نتائج أمثال هذه الجلسات. واللواتي
كن يتلطفن بأنواع الحيل لإبعاد الجالسة عن مرصدها الممتع.
وهكذا يتتصف النهار. ويكون الرجال قد أكملوا واجباتهم وزياراتهم والنساء قد أرسلن
رسلهن برسائل شفوية إلى صديقاتهن. يخبرهن فيها عن مواعيد المساء. وتكون الساعة قد
قاربت الواحدة بعد الظهر وتكون صلاة الظهر قد أن أوانها. وحين تنتهي الصلاة تكون
الشنمس قد توست كيد السماء, فينصرف كل فرد إلى غرفته الخاصة حيث يطيب له أن
بالآيات الكريمة تصيداً لقيلولة خفيفة. وبين التناوم والحديث وتناول الفاكهة والحلويات
يزحف الوقت إلى قرابة الرابعة حيث يحل أوان صلاة العصر (الصلاة الثالثة)؛ وبعد أدائها
نعود إلى غرفنا لنتزين بكامل زينتنا . وتعاود زيارة الوالد لتحيته تحية المساء. وكان الكبار
ويحل الأن وقت الوجبة الثانية والأخيرة والتي تجتمع من أجلها العائئة كلها. وبعد انتهائها
يرتب الخدم الكراسي في الشرقة الواسعة, ولكن لجلوس الكبار فقط؛ أما صغار القوم
فيغلوا واقفين توقيراً لمن هم أكبر منهم سناً. وللسن احترام بالغ في الشرق ليس لدى
وهناك في الشرفة تتحلق العائلة حول السلظان» ويقف بع
عن غروب الشمس باطلاق الرصاص وضرب الطبول من قبل الحرس الهندي الخاص؛ وهذا
المحدد لينصرف بعدها كل إما لزيارة الفير أو استقيال الزوار من الأخوان وزوجات الأخوة
أو زوجات الأبء حيث يزجى الوقت بالمرح والسرور؛ بين أحاديث تدار ونوادر تروى
وقصص تقرأًء أو بين الخياطة والحياكة والتطريز أو لعب الورق في بعض الأحيان (ولكن دون
نقود أو رهان) أو بين الغناء والاستماع إلى عزف الزنجيات على الات طربهن الوطنية. وتدور
بين هذا وذك فناجين القهوة وكؤوس عصير الليمون وصحون الفاكهة والحلويات.
وفي حوالي الساعة السابعة والتصف يرتفع الاذان لصلاة العشاء. وهي الصلاة الخامسة
والأخيرة. ولكن هذه الصلاة لا تقطع اجتماعات القوم وأحاديثهم فقد أباح الشرع تأجيل أدائها
إلى أي وقت قبل النوم.
ويبدا وقت النوم في الساعة العاشرة للذين لم تقع لهم فرصة الزيارة أو استقبال الزوار, أما
من عداهم فقد يمتد بهم السهر إلى منتصف الليل أو بعده بقليل.
وليس للأطفال عادة النوم المبكر أو في ساعة معينة, بل ينام كل في الوقت الذي يريد :بل وفي
وقبل الذهاب إلى الفراش يصرف الخدم من الرجال للالتحاق بعوائلهم التي .
اليسار إلى فراشها وصيفة أو وصيفتين, وكما تسل أصابع الوصيفات في الصباح الباكر على
بعث الجيوية والنشاط في جسم السيدة الراقدة وايقاظها من سباتها االطيف وأحلامها اللذيذة
فإن أصابعهن تعمل في هذه الساعة المتأخرة من المساء على بعث الراحة والاسترخاء في جسم
سيدتهن حتى تستسلم لسلطان الرقاد ولذيذ الأحلام, وتنسحب بعدها الوصيفات إلى فراشهن.
أنها لا تعمل خارج بيتها لعدم حاجتها للعمل . وصحيح أنها لا ترسم أو تعزف على البيانو أو
ترقص (كما هو مفهوم الرقص عند الغربيين) أو ترتاد حفلات الليل. ولكن هذه الأمور ليست
هي كل الوسائل المتيسرة لقضاء الوقت, بل ان هناك وسائل أخرى غيرها. واذا كانت المرأة.
الأوروبية تمارس هذه الهوايات والأعمال بحثاً عن السعادة أو جرياً وراء اللئة, فنحن
الجنوبيات سعيدات وراضيات بجياتناء ولا تعرف هذا اللهاث المسعور وراء المال والملذات»
واستكمالاً للحديث عن حياتنا اليومية لا بد لنا من تفصيل الكلام عن الطعام ومراسمه في قصر
نجتمع في البهو الكبير لثقبل يد الوالد. والقاعدة العامة أن يجتمع كل أنجال السلطان وأحقاده
إلى مائدة الافطار حين يكون السلطان في القصر حتى بالنسبة لأولئك الذين يسكنون في بيوتهم
الخاصة خارج القصر. ولا أذكر أن أبي ذهب يوماً إلى بيت أحد منهم لتناول الطعام.
وتصف عليها أصناف الطعام, والسفرة هي ما يقوم مقام طاولة الطعام وهي طاولة تشبه طاول
منها كثيراً إذ لا ترتفع عن الأرض أكثر من ثلاثة إنشات.
ومع أن بيتنا يحوي الكثير من الاثاث الأوروبي كالكراسي والأرائك والطاولات وحتى خزانات
الأرض فوق السجاد أو المصران.
وكانت أفضلية السن والمقام أمر واج الاتباع بكل دقة وصرامة. فكان السلطان يجلس إلى
تجاوزوا السابعة من أعنارهم: وتجوي المائدة أصتاف عديدة من لطبلق الطعام تبلغ الخمسة. 2
عشر صنفا وأكثر. والرز هو قوام الطعام وسيد كل وجبة ياستئناء الافطار. وتتنوع أشكال
طهيه وإعد اده تنوعاً لاحصر لها. وبالنسبة للحوم يفضل لحم الضأن والدجاج, وتقدم الأسماك
بكثرة كما يقدم الخبز الشرقي والمعجنات والحلاوة. وخلافاً للطريقة الأوروبية فان الطعام
الخدم إلى طرف ناء من المكان؛ ولكنهم يظون متأهبين لتلبية الأوامر. وكثيراً ما برسل
السلطان أحدهم
كان يعج بالناس والحيوان معاً يتعايشون بمحبة ووثام, لا يعكر أحد الفريقين
صفو الفريق الآخر مطلقاً: فكانت هناك الغزلان والتعام والبيغوات والطواويس والغرائيق
وديوك الهند والروم والبط والوز والغراغر تتهادى في سبيلها بألوائها الزاهية أو ريشها
الحيوانات ونطسها بمحبة ووداد . وكانت متعتنا تحن الصغار في أن نتحرى عن البيض القي
تتركه الطيور وخاصة منه بيض التعام الكبير الحجم - ونجمع ما تيسر منه لنقدمه إلى كبير
وكان لنا نحن الأطفال الذين جاوزا الخامسة من أعمارنا درسان في ركوب الخيل كل يوم:
أولهما في الصباح الباكر وثانيهما في المساء. وكنا تمارس هذه الرياضة المحببة لنا برفقة
للبنين منا حق اختيار إحدى الخيول العربية العتاق التي تزخر بها اصطيلات السلطان؛
وعدا عما في ركوب الخيل من رياضة الجسم فقد كانت دروس الفروسية تسلية ممتعة لنا
في بلد تتعدم فيه المسارح والحفلات؛ كما كانت السباقات العامة للخيل تادرة فيه جداً.. وإن
أن يحطم رأسي؛ ولو لم أرم في غمرة الفزع والذهول بنفسي أرضاً لما نجوت في اللحفلة
الأخيرة من كارثة محققة.
رضى من سكان قصرنا بل وكانت تحرص على تمريض البعض
منهم بنفسها إن اقتضى ذلك. وما زلت أذكر صورتها وهي تنتقل من مريض إلى آخر وفي
الهدايا والعطاء لتدخل على قلوبهم البهجة والسرور.
وقد أكسبها طبعها الرضي وسجيتها السمحة صداقات الكثيرين من سكان بيت الموتني
رجالاً ونساء. وهو أمر يندر حدوثه لامرأة في قصور الحريم العربية.
وكانت أمي رية بيت ماهرة. دقيقة في أداء واجباتها. حسنة الذوق والترتيب. مجبة للنظام.
غير الدأب المتواصل على قراءة القرآن, وهو كتابنا السماوي المقدس. وفي الحق اني لم
أشهد طيلة حياتي امرأة أكثر متها تقى وورعاً وإيماناً الله وطاعة له. واني لأذكر الآن إحدى
الليالي المقمرة شديدة الريع. وقد شبت فيها نار قوية في جناح الاصطبلات. وكان أبي وكبار
إخوتي غائبين عناء فارتبك الخدم؛ وحاروا في أمرهم. فاشتد لهيب النار, وهددت بالامتداد
إلى القصر؛ وبلغ الذعر بأحدهم أن أتذرتا خطأ بأن التاررقد علقت في القصر فعلاً. وب إلينا
في الحياة بعد أن فقدت طفلتها الأولى قبل مولدي بقليل, وإن لم يمنعها هذا من إنزال العقاب
علي حين يبدر مني ما يست
يكلّفها به الأخرون. وكان أبي يقدّر لهذا هذه الميزة. وكان من مظاهر تقدير السلطان لها
والتقدير لا يحثلى به إلا البعض القليل من زوجاته الكثيرا
شرعية واحدة. أما الأخريات - وقد ترك متهن عند وفاته خمساً وسبعين - فقد كن من
المطلق والكلمة العليا في بيته. ورغم ضألة حجمها وقلة حظها من الجمال, فقد كانت لها
تختص وحدها بلقب السيدة - ويقابلها كلمة بيبي في اللغة السواحلية وهو
كانت تحظى بالمقت الشديد لها والخوف الكثير
يع من في البيت من كبير أو
لأذكر اليوم
عند 76 الأربعاء 1 كانون الأول/ديستير 2008
عة تتنوع بين العربية والقر:
ا لاستداء بجار
كية والفارسية
والروسية تنوع الأفواج العديدة من سكان هذين القصرين.
الظهور فيه في بيت الموتني, فإذا ما وصلت القصر شركسية بثيابها الوطنية المزر:
وكما أن من مظاهر الجا هنا أن تظهر المرأة بالقبعة والقفاز. فإن من مظاهر الحياة في بلأدنا
أن تتزين المرأة بالحلي والمصوغات, والواقع أن الزينة بالحلي عندنا أمر شائع إلى حد أن
وكان أبي يحتفظ في قصريه في زنجبار وفي قصره في مسقط بعمان:
الأشياء إلى التيجان المرصعة بدرر الملس والأحجار الكريمة. وكانت هذه الكنوز محفوظة
للإهداء والعطاء وفي نطاق العائلة, عدا عن هدايا الضيوف والزوار والأغراض السياسية -
زرائعة من الذهب
أ انفتحت أبواب خزائن
وكان من عادة السلطان إذا ما ولد له طفل جديد أن بزوره وأمه في اليوم السابع حاملاً إليهما
القصر. كا ويخصص لهم كبير ناظري القصر السكن والخدم والضروريات الأخرى.
ورغم أن والدي كان يتوخى منتهى البساطة في ملبسه ومظهزه فقد كان شديد ١١
والحزم مع أفراد عائلته: فلم يكن ليسمع لأحد من سكان القصر سواء أكان من الخدم أم
الأولاد أو الزوجات أن يظهر أمامه في غير كامل زيه وزينته.
وقد كانت العادة أن تجدل نحن البنات الصغيرات شعورنا على شكل ضفائر
تبلغ العشرين عدداً في بعض الأحيان, ثم تربط هذه الضفائر بأشرظة رفيعة ملوتة, ثم تجدل
تهايتها في ضفيرة واحدة تتدلى من وسطها على قفانا القطع الذهبية الدقيقة الصنع
والمقصصة بالأحجار الكزيمة والجواهر النفيسة. وكانت التسريحة الأخرى - وهي الأجمل
والأليق - أن تترك الضفائر ونهايات الأشرطة مدلاة على ظهورنا دون ضفر ويعلق في نهاية.
يطرز أحياناً بخيوظ من الذهب والفضة. فيكشف عن جمال الفستان. ولكنه يحجب مفاتن
أطفاله كل صباح. ولكتي بدلاً من أن أتسلم الحلوى المرتقبة أوماً والدي إلى أحد الخدم
ومن يومها تعلمت أن لا أظهر في الحضرة الأبوية إلا بكامل زينتي ولباسي.
قرأت
الساحل حالما يعود أبي إليه.
وقد استقبلتنا أختي خديجة عند مدخل الدار بالعناق والقيلات:
دار الخدم علينا بأنواع المرطبات» في حين خال ماجد وصحيه
خديجة من أمي, كما تقضي العادة بذلك. وما كان أروع سرور
وماجد وأصدق عواطفه إذ تحقق له أن يضمنا في بيته.
وقد خصصت لنا في البيت الجديد غرفة واحدة فقط, ولكتها
واسعة المساحة كاملة الفرش والأثاث على الطراز العربي
المألوف فكانت في الواقع تفي بكل متتلباتناء وكان أبرز ما
تضم به مصناقبة إحدى ترافتها لمتازة اسهد المجاور
للبيت. وكان من عادة القوم - حقى أصحاب الشراه
الملايس ليل تهار. وكانوا لفرط اهتمامهم بالنظافة والطهر
يستطيعون الاستغناء عن غرف خاصة للتوم.
وكان الطراز المألوف في ترتيب البيت لدى علية القوم
يفطي السجاد الفارسي أو البسط الناعمة الدقيقة الصفع
أرضية الغرف, وتقسم الجدران الناصعة البياض إلى
فجوات مقوّس أو مزخرف أعلاها. ويفصل بين الفجوة
والأخرى نتو» عريض من البناء. ويقطع القجوة الواحدة
عدد من الرفوف المظبية خضراء اللون تصطف عليها
أنفس انية البلور والفخار وأثمنها. والعربي حريص على
اقتناء أمثال هذه التحف وتزيين غرفه بها »لا ييخل من أجلها
حجن تادر من الفخار الصيني أى كلس دقيق الصنتغ من
ثراء الوجل وعلو مقامه.
ويعنتى عناية خاصة بالنتوءات بين الفجوات فتوضع عليها
المراياء وهي تظلب من أوروبا خصيصاً وحسب الأحجام
والأبغانء وت الم فلم بنقف الغرقة ننتى متننتوى الجلؤني:
وتخلو الغرف عادة من الصور والتماثيل التي يحرمها
المسلمون لأن فيها تحدياً أو محاكاة لعملية الخلق التي ينقرد
بها الخالق وحده - إن كان التشدد في وضع الصور قد فقد
حدته مع مضي الأيام. ولكن النقص في الصور تغطيه وفرة.
كبيرة في عدد الساعات التي توجد في كل بيت بأعداد كبيرة
وأنماظ مختلفة. وهي تعلق عادة في رؤوس المرايا أو
عند 76 الأربعاء 1 كانون الأول/ديستير 2004
هم عدد من العدائين الممتازين الذين
يستظيعون أن يطووا أطول المسافات في يوم ولحد. وهؤلاء
هم نقلة الرسائل والأخبار من مكان إلى آخر حسب ما
يدهم ورعايته
والمشرب تفوق ما يتمتع به أقرانهم الغبيد الآخرون: فعلى
مقدار كتمانهم للأخبار ودقتهم في تقلها تتوقف خطط
تمتلئ به جعبتهم من أسرار البيوت وأخبار العوائل. وكم
أدت خيائة أمثال هؤلاء بدافع الحقد والانتقام أو الرشوة
والإغراء إلى هدم صداقات طويلة, وإلى حدوث كوارث
وبيلة. وهذا ما أدى بالبعض من رجالات البلد إلى تطلم
الكتابة والقراءة ليستفنوا بهما عن أمثال هؤلاء العدائين.
وقد كشفت لي حياتنا الجديدة عن مقدار كلف أختي خديجة
بالحياة الاجتماعية واستقبال الزائرات: فقد كان بيتنا يمع
بهم مثل خلية التحل. فلا يكاد يمر يوم واحد في الأسبوع
دوت أن يمتلئ الدار بأفواج الزائرات. يصلن ابتداء من
تستقبلين ربة الدار في الساغة الثامئة أو التاسعة صباحاً:
وكن يقضين فترة الانتظار هذه بالنوم تعويضاً عدا فاتين مته
ومع أن علائق الود والتفاهم بيني وبين أخي ماجد كانت
تجاه أختي خديجة. فقد كانت أخلاق هذين الشقيقين متباينة
وأن يعرف من منهما أكثر ودأ وبشاشة وأكثر استحقاقاً
للسحبة والاحترام. فعلى حين كان ماجد مثال الطيبة
والتواضع والتسامح كاثت خديجة حادة الطبع قاسية
التفقد للأخطاء والانتقاد لها محبة للسيطرة والظهور: وكان
الرغم من ضيافتها المشهورة فقد كانت تتضايق حين تطلب
لم تكن تطول لأكثر من نصف ساعة أو أربعين دقية
نشطة مدبرة ذكية. دؤوبة على العمل, لاتعرف الراحة
والبطالة لحقلة ولحدة في اليوم» وكانت إذا توفر لها فراغ من
الوقت اشغلت نفسها بتطريز ثياب أخيها ماجد أو خياطة
الملابس لأطفال خدمها. وكنت أعرف ثلاثة أخوة من هؤلاء
سناً بكثير, لكن لعدم وجود من هم في مثل سني في البيت.
قاف جو بدك
مظاهرها الخارجية في غرف الاستقبال
المعدة خصيصاً على النمط الأوروبي.
فإذا انتقلنا من النساء إلى الرجل, فانني لا أستطيع أن أنكر أن بتي قومي بعيدون عن الحماس
للعمل والاندفاع من أجله. فهم قد اعتادوأ حيلة الدع والتواكل وترك الأمور تجري في أعنتهاً
« والأيام تفعل ما تروم». وعلى هذا لم يكن للعربي ميل للتجارة والصناعة, بل كل هواه في
غيرهم» وليس مرد هذا إلى قصور ذلتي في قدراتهم الفكزية أو لتفوق ذاتي في قدرات
الآخرين. وإنما مرد هذا إلى الطبيعة الخيرة المعطاء ورزقها الوافر الذي تجود به عليهم كل
يوم دون جهد أو تعب؛ ومرده أيضاً إلى هذا الطقس الاستوائي الذي يبعث على الراحة
والاسترخاء. ومرده أيضاً إلى إيمانهم بالقدر, وكل هذه العوامل علمتهم القناعة والرضى
باليسير وصرفتهم عن التفكير في غد مجهول قد لا يجيء. فإن جاء فسيجيء معه رزقه وافراً
كثيراً. ويتعكس هذا الطبع على الزراعة أيضاً: فلا يزرع العربي إلا ما يستطيع حصاده وأكله
في أقرب وقت مستطاع ولا صبر له على زراعة الأشجار كالنخيل والتارجيل إلا مضطراً.
وعلى هذا المنوال الوأدع الرضي تنساب الحياة الشرقية بصورة غامة. وسأحاول أن أصف
فقطء والتي تختلف ولا شك من نواح عدة عن أشاط في الأقطار الشرة
عند 76 الأربعاء 1 كانون الأول/ديستير 2004
يداً عنهم صف من البعيد المسالخين
من الصندوق الموسيقي ؛ أو قد يستعاض عن هذا كله بقناء شجي حنون ترثمه
عمياء . اسمها عامرة وهبها الله صوتاً جميلاً وأداء شجياً
البيتل هواية شائعة في أوقات الفراغ في مثل هذا الوقت من النهار, وهو عادة سواخلية
يمجها العرب سكان شبه الجزيرة العربية. ولكننا تحن الذين نشأنا بين الزنوج والمولدين
وفي غياب السلطان الذي حرم تداوله.
قاف جوبحكة د
بصحن مختار من الطعام أو بقطعة من الحلوى اللذيذة إلى أحد أطفاله الذين لا
يؤهلهم سنهم للجلوس إلى مائدة السلطان. أو لأحد المرضى من أفراد عائلته. وإني لأذكر ركني
السلطان, ومع أننا نحن الصغار كنا تأكل نفس أصناف الطعام الذي يقدم على المائدة للكبار»
إلا أنه من دواعي الفخر والسرور للواحد منا أن يكون طعامه مما يختاره ويخصه به السلطان
نفسه, وكان هذا العمل يدخل السرور والبهجة إلى قلب السلطان أيضاً.
وعند الجلوس على المائدة وقبل البدء بتناول الطعام يردد الجميع بصوت خافت ولكن بنبرات.
واضحة «بسم الله الرحمن الرحيم». وعند الانتهاء من الأكل يردد المرء كلمات الحمد والشكر
صحون صغيرة تُصفٌبانتظام في جميع أطراف السفرة. بحيث يستطيع أن يشترك كل اثنين بالاكل
منصحن واحد. ولا تدار المشرويات مع الأكل, وإنما يقدم الشريات بعد الطعام. كما أثنا لا تعرف
عادة وضع الزهور أو الفواكه على السفرة. وليس من العادة تبادل الحديث أثناءالأكل إلا إذا أواد
وقبل تناول الطعام وبعده. يطوف علينا العبيد حاملين أباريق الماء والطشوت الصغيرة
والمناشف لتغسل أيدينا قبل الأكل وبعده. وذلك أن أداة الأكل ١!
الأوروبيين حين يتناولون معنا الطعام. وبعد غسل الأيدي بالماء تعطرها بماء الورد أو الكولوتي.
وبعد اتام الوجبة بحؤالي نصف ساعة يدور الخدم علينا بالقهوة المكاوية الأصيلة في فتاجين
الشوائب تماماً, وتشرب لوحدها بلا حليب ولا سكر. وتصب القهوة في الفنجان قبل شريها
مباشرة. وهي عملية تحتاج إلى مهارة خاصة لا ينيض بها إلا قليلون. ويحمل المقهوي دلة
'صحنه, ويسير إلى جانبه مساعده الذي يحمل صينية ملأى بالفناجين الفارغة مع دلة أُخرى
ملو تفرق القوم فعلى هؤلاء المقهوية أن يدوروا عليهم فردا فرداً ويسقوهم هذا
الشراب الأسود اللذيذ. والكل يعرف مقدار أهتمام الشرقي بالقهوة وعنايته بصتعهاء فهي
ولا تختلف وجبتنا الثانية وهي الأخيرة التي تكون في حوالي الساعة الرابعة بعد الظهر عن
الوجبة الأولى في مراسيمها وترتيباتها. ولذا فلا حاجة إلى إعادة الكلام عنها.
وفيما عدا هاتين الوجبتين هناك أطباق من الحلويات وكؤوس العصير تدار على الحاضرين بين
الحين والآخر في مجالسهم واجتماعاتهم.
عدد 76 الأربعاء 1 كانون الأول/رديسمير 2004