فكرة القانون.
والمسائل القانونية المتعلقة بحرمة حياة الإنسان مثل القتل الرحيم؛ أي قتل
الإنسان الذي يشكو من مرض عضال لا براء منه, والانتحار والإجهاض,
ومسألة ما إذا كان الحق في الطلاق يستند إلى فكرة الإثم آم يتوقف عل
انهيار الزواج. كل هذه المسائل تشير إلى التوتر والتعارض الذي ينشاً بين
الأفكار الخلقية السائدة في مجتمع ما وبين القواعد القانوا
إلى إرساء حقوق وواجبات قانونية دقيقة»
أضف إلى ذلك أن الإيمان بقانون خلقي كان له تأثير هائل على فكرة
الإنسان عن القانون النافذ بالفعل في مجتممه الخاص. ذلك لأن الفكرة
القائلة بأن هناك« من وراء النظم القانونية المعمول بها في مختلف المجتمعات.
قانوناً أسمى يمكن على أساسه أن نحكم على القانون البشري الوضمي»
هذه الفكرة قد آدت إلى نتائج مهمة في الكثير من مراحل التاريخ البشري
الحرجة, ذلك لأنها قد أدت إلى استخلاص نتيجة مؤداها أن هذا القانون
الأسمى يجب و يلغي القواعد الفعلية لأي مجتمع معين حين يتضح أنها
عليها جواز إعفاء الفرد من واجبه تجاء الخضوع للقانون الفملي. بل إنه
يملك الحق الشرعي في التمرد عل سلطة الدولة الشرعية. ويجب آلا
ومازالت له نتائج وتطبيقات عملية. مثال ذلك أن هؤلاء النين يتادون بان
هناك حقوقا إنسانية أساسية يضمنها القانون الخلقي (الأسمى) أوالقانون
الدين أو العرف تتعارض مع المفاهيم الأخلاقية الأساسية وبالتالي لا يجوز
اعتبار هذه القوانين نافئة على الإطلاق, ومن حق المرء قانونيا وخلقيا أن
يرفض الالتزام بها. وستحاول في هذا الكتاب أن تفحص هذه المشكلات
وريما كانت اكثر القضايا حساسية وحيوية في الدولة العصرية هي
قضية ما تعنيه حرية المواطن والإجراءات التي يمكن انتهاجها للمحافظة
على هذه الحرية. فالملاقة بين القانون والحرية
الممكن استخدام القانون كاداة للطفيان كما حدث في العديد من المجتمعات
والمهود. أو كآداة لتحقيق تلك الحريات الأساسية التي تعتبر في المجتمع
3 التي تسعى
جداء ذلك أن من
المقدمة
كهذه أن يقتصر القانون على ضمان أمن المواطن في شخصه وماله. بل انه
من المهم أن يكون المواطن حرا في التعبير عن رأيه دون خوف أو تهديدء
وفي التجمع مع إخوانه من المواطنين. وان يكون له الحق في التنقل حيث
يعرف «بحكم القانون» ويجب ان يكون متحررا من القلق الناتج عن الحاجة
أو سنوء الحظ. كل هذه المشاكل تثير مسائل فاتونية في غاية التعقيد في
إطار دولة الرفاهية الحديثة. . 0
هذه المشكلة الملحة.
العصر الحديث. ارتبط القانون ارتباطا وثية.
بفكرة وجود قوا
ذات سيادة في كل دولة بحيث تكون لهذه القوة سلطة سن القوانين وإلغائها
وفق إرادتها . وقد كان لهذه النظرية نتائج مهمة بالنسبة للأنظمة القانونية
الوطنية والدولية على السواء فإذا كانت الدولة ذات سيادة فكيف يجوز
القول إن هذه الدولة ذات السيادة خاضمة بدورها لنظام أشمل, هو القانون
الدولي؟ فإذا فرضنا أن هذه الدولة ارتبطت بمماهدة دولية تلزمها بقبول
هيمنة سلطة تشريمية لجهاز دولي أعلى مرتبة: كما هو الحال في معاهدة
أثار في الآونة الأخيرة خلافاً حادا حول تأثير هذا الاتضمام على السلطة
المطلقة للبرمان. وما هذا إلا مثل آخر للسبل التي تتخطى بها فلسفة
القانون المسائل المتعلقة بسياسة الدولة. 8
والنشاط البشري. وكان تأثيرها بيناً على التشريع فكرا وتطبيقاء بحيث
يواجه الباحث في علم الاجتماع القانوني ميدان استقضاء واسماً مازال
منظلمه غير مستكشف بعد - على أن مساولات مومة قد بذلت ولا ال
المختلفة من أمثال علم الإنسان >الانتريولوجي< وعلم النفس وعلم الاجتماع
وعلم الجريمة. ولكن المحامي وهو رجل العالم العملي كان يُظهر, وخاصة
فكرة القانون.
مهمته هي البحث عن حل للمشاكل العملية. وأنه من هذه الناحية وبفضل
خبرته القانونية اكثر استمدادا وكفاءة من أوائك النين يفتقرون إلى سعة
العلم الأخرى. وتعلى آية حالة فإن مظالبة الطلوم الاجتماعية بان يسمع
صوتهاء حتى في أعمق جوانب القانون ذاته؛ لايد أن تتوقف» آخر الأمن
يمكنها ان تسديه في حل المسائل القاتونية الفعلية لعصرنا وجيلنا .
إن الدور الذي تضطلع به السلطة القضائية في النظام القانوني الحديث
طبيعة العملية القضائية والمساهمة الفعالة التي تسديها ليكون القانون
فالا عند التطبيق. ويرتبط بهذه المسائل ارتباطا وثيقا طبيعة الاستدلال
القانوني ذاته وبنيائه, القانون في تغير وتطور مستمرين. ومع أن الفضل
الكبير في هذا التطور يعود إلى ما يسته المشرع نفسة, إلا انه لا يمكن
تجاهل الدور الأساسي الذي تضطلع به المحاكم ويقوم به القضاة في تظوير
القانون وتكييفه مع حاجات مجتمعهم . وقد عرضنا في صفحات هذا الكتاب
تنطوي عليه عملية تطبيق القواعد والمبادئ القانونية وتفسيرها في إطار
النظام القانوني الحديث. ا
وفي الجزء الأخير يتناول هذا الكتاب بإيجاز بعض المسائل الملحة التي
سوف يتوجب على الفكز القانوتي ممالجتها في المستقبل القريب. وقد
شددنا على إبراز أهمية الممالجة الخلاقة المبدعة لفكرة القانون في عصرنا
يتصدى لها . ولا شك في أن من واجب جميع الذين يهتمون بتفسير القانون
هذاء إذا أريد. للقانون أن
جيل متو
هل القانون ضروري؟
قد يبدو مستفربا أن يثار السؤال في مستهل
بحثنا عن فكرة القانون عما إذا كان القانون ضروريا
فعلا .
ولكن الحقيقة هي أن هذا السؤال ذو أهمية
به؛ ذلك لأنه ينبع من الشك القلق والمحير ليس
فقط في أن القانون يمكن أن يستغفني عنه أو قد
يكون غير ضروري لخلق مجتمع عادل, بل إنه أيضا
قد يكون شرا في ذاته؛ وبالتالي فهو عقبة خطرة
في سبيل تحقيق طبيعة الإنسان الاجتماعية. ومهما
بدت وجهة النظر هذه غريبة لدى أولئك الذين
يعيشون في مجتمع ديموقراطي منظم - مهما تكن
ذلك أن نتذكر بآن سريان القانون قد يبدوفي
مظهر غير محبب في العديد من المجتمعات الأقل
١ تنظيما .كما أن الشعور بأن القانون ضروري فطريا
ابونيسي- سرعب أو يجب أن يكون ضروريا للإنسان في مجتمع منظم
ضحبا هوجب- لا يحظى بتشجيع الكثيرين من السلسلة الطويلة
«إن كمال الجتمع في أرق من قادة فلاسفة الغرب من أفلاطون إلى ماركس
سدق ودين ١ لعب العداء للقانون دورا بارزا في العديد من
فكرة القانون.
الأنظمة الدينية العظمى في الشرق والغرب؛ وكان عتصرا حاسما في
ايديولوجية «الكنيسة المسيحية». في مرحلة تكوينها. وبصرف النظر عن
الماركسية فإنه ما يزال هناك مؤيدون متحمسون للمذهب الفوضوي كحل
لمشاكل الإنسان الشخضية والاجتماعية. إن كل عشدر- وفصرنا هذا كين
استثناء بالطبع - يوجد أفراد وجماعات يشمرون باستياء عام من كل سلطة
ويستجيبون لمشاعر الاستياء هذه بالتنفيس عنها بمختلف الأعمال
والتظاهرات ضد قوى النظام والقانون. ولا ريب في أن هؤلاء الناس يندفمون
بإخلاص وراء فكرة غامضة بان عرض قواهم سيؤدي بطريقة خفية إلى
منح الجنس البشري حياة فضلى. بيد أن هذا الفوران والهيجان كان له
بصفة عامة تأثير ضئيل على المجرى الرئيسي للفكر والشعور الإنسانيين
ولهذا يجب علينا أن نتمعن فيما وراء المظاهر الخارجية للتذمر الاجتماعي
عندما نحاول اسكناه الأسس الايديولوجية للاستياء من فكرة القانون ذاتهاء
ثقافيا ومنفصلة جغرافيا عبر مراحل التاريخ البشري. إلى أن تنبذ القانون
وسوف نوجه عنايتنا في موضع لاحق من هذا الكتاب إلى دور القانون
كظاهرة اجتماعية, وكذلك إلى وظيفته من حيث هو جزء من لحمة الضبط
الاجتماعي وعلاقته بمفهوم أو تصور المجتمع العادل. غير أننا هنا لن
إلى الرفض المطلق للحاجة إلى القانون من جهة.؛ أو إلى الفكر:
راغب أو عاجز عن تحقيق المجتمع العادل من جهة
طبيعة الإفسان:
عندما تقول عن فكرة أو مفهوم إن له طابعاً «ايديولوجياً». فإتنا تعني
والمجتمع بمختلف مظاهره. وفكرة القانون تشترك بالتأكيد في هذا الطابع
هل القانون ضروري؟
الإنسان في العالم؛ وبفكرتنا عن طبيعة الإنسان, أو «الوضع البشري» كما
يحلو لبعض الكتاب المعاصرين أن يسموه. وبالأهداف والأغراض التي على
الإنسان أن يحققها أو المدعو إلى تحقيقها . وحين نجزم بأن القانون إما
ضروري للإنسان أو غير ضروري له فإننا لا نحاول فقط ذكر حقيقة
وإنما نحن نكون بصدد عملية تقويم . وما نقوله بالفعل هو أن طبيعة الإنسان
من شأنها أن تمكنه من أن يصل إلى وضع بشري حقيقي حول فكرة وجؤد
الغانون أو عدمه. وها يحتوي على اتراش ضمني من هدف الإنسان
ولا شك في أن انشفال الإنسان الدائم والمكثف بهذه المسائل دفع المفكرين
في كل العصور والمجتممات إلى جدل لا ينتهي حول الصفة الأخلاقية أو
ليس جدلا لا ينتهي فحسب بل فو ايضا بدون ممنى. ومهما يكن من أمر
فان الموقف المتخذ حيال هذه المسألة قد شكل المقدمة المنطقية الر
التي أدت إلى الاستنتاج فيما إذا كان القانون ضرورياً للإنسان والى أي
مدىء وهذا يجمل أهمية الجدل حول هذه المسألة غير قابلة للإتكار
الحالات مزيجا من الدوافع الخيرة والشر 7
ويتكرر فيها انتصار الشر على الخيره يبدو جلياً أن قوى الظلام الخطرة
مفروسة في ظبيعة البشر مما يسنتوجب كبحها بحزم حتى لا تؤدي إلى
دمار النظام الأجتماعي الذي بدوته لا تكون حياة الإنسان أرقى من حياة
الحيوان. ومن وجهة النظر هذه يظل القانون الرادع الذي لا غتى عنه لكب
جماح قوى الشرء وان الفوضى أو غياب القانون هو الخطاً الأكبر الذي
بالفطرة يحاولون رد اصل نوازع الشر في الإنسان إلى الأوضاغ الخارجية
الإنسان الاجتماعية
باعتبارها مصدر الشرور التي يعاني منها . و
تتجلى بالطبع في حكومة السلطات الحاكمة والنظام القانوني الذي تمارس
فكرة القانون.
سلطتها السياسية من خلاله, فليس من المستغرب أبدا أن يتركز النقد على
هذه الملامح باعتبارها مصدر المحن البشرية..
في عصر الإصلاح الاجتماعي. كما هو الحال في مائة السنة الأخيرة
في الغرب بدا أن نقدا كهذا يفضل أن يوجه سهامه إلى إصلاح القانون
القائم بدلا من الدعوة إلى إلغائه. ولكن يجب أن نعي في الذهن أن مساوئٌ
وان استبدال أي نظام آخر بنظام يستند إلى القمع الشرعي سيؤدي إلى
المآسي ذاتها والقمع ذاته. ولهذا فان السبيل الوحيد في رآيهم هو القضاء
على الرادع القانوني جذرا وفرعا ء
القانون وقوى الشر:
من متطلقين مختلفين انطلق الذين يرون في القانون وسيلة لتحقيق
الانسجام الاجتماعي عن طريق كبح مشاعر
انطلق البعض من فرضية أن الإنسان شرير بطبعه وأن أي
لا يمكن تحقيقه دون وجود قانون العقوبات الزاجر»
ومن جهة ثانية انطلق الفريق الآخر من فرضية أن الإنسان خير بطبعه.
ولكنه بسبب الخطيئة أو الفساد أو بعض نواحي الضمف الداخلي كالجشع؛
الأصيلة. ولهذا اصبح من الضروري وجود نظام
قانوني رادع لضبط هذه الطبيعة البشرية . ومال الذين يحبذون هذه الفرضية
المتفائلة عن العيوب الإنسانية إلى العودة القهقرى إلى عهد ذهبي من
البراءة البدائية حينما كان الناس يميثنون حياة بسيظة سعيدة ومنظمة
جيدا لم يكن فيها الإنسان بحاجة إلى نظام قانوني خارجي أو زجري لكبح
نزواته التي كانت سليمة من عيب الأنانية وموجهة نحو الخير العام للبشر
«سنيكا» إلى «روسو» بل حتى يومنا هذاء وهذه اللوحة الوردية عن ماضي
[ الإنسان البدائي الذي لم تتأ
بعوامل الفساد. ففتحت بذلك آفاق مستقبل اسعد للمجتمع؛ تمل يد
الحوافز الطبيعية التي لم تدئس محل النظام القانوني الزجري.
هل القانون ضروري؟
ويمكن استخلاص الأمثلة عل هاتين الفكرتين الايديولو.
هنا . ففي الصين القديمة, نجد في القرن الثالث قبل الميلاد مدرسة مشهورة
. وان الطريق البجيزة التي يتصرف الإتساق:سببها في الغااب تأثير
البيئة الاجتماعية, وخاصة تعلم الطقوس الدينية وضوابط قواتين المقوبات.
ومن بين المبادئ المقررة التي تؤمن بها المبدأ القائل
الإنسان بطبعه عاطفي وجشع, وانه إذا ما ترك له العنان فإن العالم سيتحول
إلى «ورشة للشيطان» يسود فيها «منطق السمك»: أي أن الكبير يأكل الصغير
ونجد تظيرا لهذ الآراء في مؤلفات عدد من كتاب أوروبا الغربية الحديثة.
فبالنسبة «لبودان؛ 80018 كانت حالة الإنسان الأصلية هي حالة الفوضى
عن طبيعة
حالة حرب مستمرة وان حياة الفرد كانت فظة قذرة وقصيرة أصبح الوصف
الكلاسيكي. ويرى «هيوم؛ 110248 أيضا أن المجتمع البشري لن يكون له
وجود بدون القانون والحكومة والقمع. ومن هنا فإن القانون ضرورة طبيمية
للبشر. وتصح «ميكافيلي» الأمراء «بحنث العهود عندما تتعارض مع
ولهذا على الأمراء عدم احترام وثائق الوفاء لهم» وقد لعبت فرضية «العصر
الذهبي» البدائي بشكل أو بآخر دورا مهما في تاريخ الايديولوجية الغربية
ونجد أفضل ما كتب حول هذه الفرضية في التاريخ القديم في كتابات
«اوفيد 0110 و «سينكا 5885008» فقد كتب اوفيد في الجزء الأول من
في البدء كان العصر الذهبي - عندما كان الإنسان جديدا - لم يعرف
الحكم بل العقل السليم
وكان بالفطرة ينهج نحو الخير
لم يعرف رهبة العقاب ولا الخوف
فكرة القانون.
وكان القانون المدون غير لازم لعدم وجود مضطهدين
كان قانون الإنسان مكتوبا في صدره
ولم تظهر جموع الناس آمام القاضي
ولم تكن المحكمة قد أنشئت؛ ولم يسمع بكلمة دعوى
وكان كل شيء بأمان لأن الضمير كان هو الحامي
فكتب يقول: في المجتمع البدائي عاش الناس مما بسلام وسعادة. وكان كل
على أن العبودية لم تكن موجودة. وكذلك الحكومة المستبدة. وكان النظام
على احسن ما يرام لأن الناس اتبموا الطبيمة بشكل حتمي؛ وكان حكامهم
وكانوا يطاعون برضى لأن أوامرهم كانت حكيمة وعادلة, وبمرور الزمن
اختفت البراءة البدائية. وأصبح الناس جشعين ولا يكتفون بالمتعة العامة
ويمتلكوها. ومزق الجشع المجتمع السعيد إرباً إرباء وحل الطفيان محل
مملكة الحكماء واضطر الناس إلى خلق القواتين التي تقيد حكامهم.
لا الفضيلة فإنه يعزو الشرور الاجتماعية اللاحقة وضرورة قيام حكم القانون
إلى فساد الطبيعة البشرية, وزوال حالة البراءة, و يؤكد أن سبب الفساد
يعود بشكل رئيسي إلى رذيلة الجشع. وقد أصبحت فكرة الرذيلة والفساد
هي الأساس في اعتماد المؤسسات القمعية لدى الفكر الأوروبي الغربي
الإنسان». ففكرة الفردوس في التو كرة حالة البراءة البدا
لدى إنسان سينيكا. كما إن ضرورة القانون والمؤسسات الشبيهة به كالدولة
والملكية الخاصة والرق استقت أسسها من طبيمة الإنسان الخاطثة التي
نتيجة «السقوط» لأنها تمثل السيطرة القسرية للذكر كبديل عن الحرية