شرقية وأندلسية » . وكان من ذلك مقال فى مجلة الثقافة
العدد +#+ للأستاذ على أدهم » وكان من ذلك رسالة أصدرتها
دار الكتب الشرقية بتونس للأستاذ الحبيب الجنحانى سنة 1886 +
وقد حملنى ذلك التقصير فى حق « المقرى » الذى أقام فى
بعيد عن كنبه ومراجعه فى المغرب ونادته منيته فيها حيث
دفن بشراها الطاهر فى قرافة المجاورين أقول حملنى ذلك
وحمانى غيره من اعتبارات الأخوة بين المغرب العربى والمشرق +
أن أكتب هذه الدراسة عن هذا الرجل ء وفاء له ببعض الدين
الذى أسلفه الى القاهرة » بل الى بلاد العرب والأسلام +
وأرجو مخلصا أن يرضى القارىء العربى الكريم عنها » وأن
يلمس الجهد الذى بذلته فيها وبالله التوفيق ٠
محمد عبد الفنى حسن
جاجح وجوه وموجع
* يجدر بنا قبل أن نصور العصر الذى عاش فيه المقرى فى
المغرب حتى خرج منه راحلا الى الشرق سنة 1١77 ه أن نرتد
_ قليلا الى القرن العاشر الذى ولد صاحبنا فى العقد الأخير منه
تلى الراجح 1
وقد شهد العقد الثالث من القرن العاشر الهجرى انتب
السلطان سليم المشانى على مصر والشام وبذلك صا ارتا ولايتين
وقد اتسعت حملات العثمانيين فى آخريات عهد سليم ؛ وعهد
ابنه سليمان القانونى ؛ فامتدت الى الشمال الأفريقى بفضل
قرصنة أسرة بربروس ورئيسها خير الدين الذى كان أكبر قائد
بحرى فى و ٠ وما زالت مطامع الأتراك تمتد فى أفريقيا والمغرب
حتى استولى حسن بن خير الدين التركى على تلمسان من أرض
ا الجزائر سنة ؟88 ه . وتلمسان هى المدينة التى كانت مقر آباء
على السلطان «أبوعبداللهالشيخ» سلطان الدولة السعديةبالمغرب
أن يستولى الترك على تلمسان والمغرب الأوسط .وهم آجاب
عن البلاد دخلاء عليها . فجرد جيشا لاسترداد تلمسان . ونجح
وكان حادث استيلاء الأتراك على تلسان سببا فى توتر
العلاقات بين السلطان العثمانى وسلطان المغرب ؛ وكثيرا ما قام
الوسطاء بالسفارة بينهما ؛ كما كان أمر « أبى عبد الله الخروبى »
الطرابلسى نزيل الجزائر . وامتدت مطامع الأتراك الى فاس من
يلاد المغرب » حتى لقد عاونوا على قتال السلطان أبو عبد الله
الشيخ وطرده من فاس ؛ ولكنه استطاع أن يعود اليها ويستولى
عليها سنة 861 هه . ويصفو له آمر المغرب ٠
ولا بد أن نشيد هنا بشجاعة السلطان « آبو عبد الله
الشيخ » ووطنيته وقوميته العربية . فقد كان من آوائل أهل
المغرب الساخطين على الحكم العشمانى فى مصر والتدخل العشانى
فى الشمال الأفريقى ؛ وكان ناقما على السلطان العشانى سليمان
الترك من أجحارها ... ! ) وبلغ من وقاحة السلطان سليمان
دولة الوطاسيين ؛ واستقر الأمر لدولة السعديين بالمغرب + كتب
الى « الشيخ » يهنئه بالملك ؛ ويطلب منه أن يدعى له على منابر
المغرب ! وبعث له رسولا بذلك . وما سمع « الشيخ » كلام
السلطان العشمانى على لسان الرسول غضب + وحتيى أثقه »
وأبرق وأرعد : فلما طلب منه الرسول الجواب أجابه محتدا :
( لا جواب لك عندى حتى أكون بنصر ان شاء الله وحينئذ
اكتب الى سلطان القوارب !! ) يعنى ستلطان قراصنة البحار !!
وقد جزع الرسول عق قضب < الطيخ © بوخقى. أن ضيه
وكانت تتيجة موقف (« الشيخ » من السلطان سليمان القانونى
له شبكة من نحاس ؛ ويوضع فيها » ويعلق على باب القلعة ...
الآستانة ولدا أبى عبد الله الشيخ المقتول ؛ ليستعديا السلطان
حسن خير الدين بربروس » ولكن الهزيمة كنبت عليهم . وكا
المتنازعون على الملك من أبناء أسرة « الشيخ » يلجأون الى
ديثهم ؛ مما جر عليهم البلاء وا تقضاء . وكان نزاع الأخوة
وأبناء العم والأبناء من دولة السعديين بالشرب ظاهرة
تلفت النظر » حتى استغلها العدو العشمانى : والعدو المسيحى
الآخر القريب منهم لمصلحته . ولم تستطع هذه الدولة
أن تهدأ بعض الهدوء النسبى الا فى عهد السلطان أبى العباس
أحمد الملقب بالمنصور » والمعروفا بالذهبى + بسبب كثرة الذهب
فى عهده بما فتح الله عليه من التملك والفتوح فى قلب البلاد
السودانية ؛ ( حتى كان المنصور لا يعطى فى الرواتب الا النضار
الصاف ؛ والدينار الوافى . وكان ببابه كل يوم أربع عشرة مائة
مطرقة لضرب الدينار الوافى » دون ما هو معد لغير ذلك من صوغ
الأقراط والحلى © وقد أدرك صاحبنا المقرى عصر المنصور
لم تكن الا سنة ٠١1٠ + أى بعد وفاة المنصور بعام واحد .
وقد شهد المقرى فى عهد المنصور السعدى أمورا كثيرة الا أن
1 .. ولعل أغرب ماشاهده المقرى فى عهد
نعي هر فونة ولده المسمى « بالمأمون » عليه » وخروجه على
والده السلطان ؛ والاستجارة بهم » للتخلص من أبيه ؛ والاستيلاء
على الملك بدلا منه . وكان ذلك سنة 1١٠١ ه أى قبل رحيل
المقرى الى فاس بثلاث سنوات »
على أن المقرى شهد فى عصر خلفاء السلطان المنصور السعدى
أمورا كثيرة من الفتن والمنازعات والحروب الداخلية بينهم » طمعا
فى الملك ؛ وا افسا على السلطان . وكان فى مراكش جبهة ء وف
فاس جبهة ؛ ينشب من كل منهما الصراع المرير بين أبناء البيت
الحاكم الواحد . حتى السلطان أبو المعالى زيدان بن المنصور +
الخاصة ... هذا السلطان انحرفت عنه مراكشش بجبهتها المعادية له.
هذه لمحة خاطفة عن الحالة السياسية فى العصر الذى عاش
فيه المقرى بالمغرب . ولقد كان أعداء المسلمين من الأسبان
والبرتغاليين يفيدون من هذه الاضطرابات والفتن والمنازعات بين
الأبناء والأخوة وأبناء العم على السلطان حتى اتتهى الأمر بسقوط
دولة السعديين وقيام دولة أخرى بالمغرب .
وليس الهم أن تسقط دولة وتقوم أخرى ؛ ولكن الهم أن
هذه الأحداث المتتاد لم تدع لبلاد المغرب سبيلا الى الهدوء 4
والاستقرار » والتقدم الى الأمام .
من هو المقرى ؟
هو شهاب الدين أحمد بن محمد بن أحمد بن بحى
ابن عبد الرحمن بن أبى العيش بن محمد المقرى . ويكنى
أبا العباس » ويلقب بشهاب الدين
أما نسبه ابتداء من جده أبى عبد الله محمد الذى كان من أكابر
شيوخ الوزير الأديب لسان الدين بن الخطيب ؛ فنحن تنقله عن
المقرى صاحب تفح الطيب الذى ثقله عن كتاب « الاحاطة » » كما
جاء فيه : ( محمد بن محمد بن أحمد بن أبى بكر 6 بن بحيى +
ابن عبد الرحمن ؛ بن أبى بكر ؛ بن على القرشى المقرى ) !9 .
وأنت ترى من هذه النسبة التى ذكرها لسان الدين بن الخطيب
اللغرب وأصحابه الأولين + بل هم وافدون عليه من الجزيرة
العربية فيمن وفد الى الغرب والأتدلس .
والطريف فى أمر هذا النسب القرشى أن صاحبنا أحمد المقرى
١01٠١ نفح الطيب ج 7 ص )١(
يشير الى أن أحد المغاربة لما اطلع عن نسخة كتاب « الأحاطة »
الذى فيه هذا الكلام ؛ كتب على هامش الكتاب فى هذا الموضع
عبارة تفيد أن ابن الخطيب واهم فى ذكره لهذا النسب القرثى .
ولم يزد هذا المعلق المغربى على هذا أكثر من قوله أمام هذا
الموضع من الاحاطة : القرثى وهم +
من أين جاء الوهم الى هذا النسب . وقد أتيح لهذه النسخة
من كتاب الأحاطة أن يطلع عليها عالم قديم من علماء الملغشرب
اسمه أبو الفضل التلمسانى » ووقف عندما علق به المغربى من
اتكار النسب القرشى على بيت المقرى . فكتب تحته ما نصه :
( بل صحيح ! نطقت به الألسن والمكاتبات والأجازات ؛ وأعربت
عنه الخلال الكريمة . الا أن البلدية أى المشاركة فى البلد
الواحد يا سيدى أبا عبد الله والمنافسة تجعل القرشية فى
امام المغرب أبى عبد الله المقرى وهما ! والحمد لله ) 9 .
وام يسكت صاحبنا أحمد المقرى على هذا الأذكار لنسيهم
القرشى من بعض المغاربة . فأتى : أبى الفضل التلمسانى
السابق وزاد عليه قوله : ( وممن صرح بالقرشية فى حق الجد
المذكور » ابن خلدون فى تاريخه » وابن الأحمر فى « ثثر الجمان »
وفى « شرح البردة » عند قوله :
() نفح الطيب ج ؟ ص ١٠١
لعل رحمة ربى حين ينشرها .
والشيخ ابن غازى ؛ والولى الصالح سيدى أحمد زروق +
والشيخ علامة زمانه سيدى أحمد الوانشرشى ؛ وغير واحد -
وكفى بلسان الدين يعنى لسان الدين بن الخطيب شاهدا
وقد جمعت أسرة المقرى القديمة الى شرف النسب القرثى ء
كثرة الولد ؛ وارتفاع الأحوال ؛ وسعة الأموال . ورشسي
أبو عبد الله محمد جد المقرى الى هذا ؛ واصفا كيف اشتهرت
ذرية جدهم عبد الرحمن بالتجارة » فيهدوا طريق الصحراء ف
المغرب بحفر الآبار ؛ وتأمين التجار . وكان لهم من سمات الامارة
ما جعلهم يتخذون لهم طبلا عند المسير ؛ وراية تقدم على رواحلهم
اشارة اليهم ؛ وتخصيصا بهم . واتخذوا بأقطار المغرب الحوائط
الواسعة المبلوءة بأشجار الفاكهة ؛ واتخذوا الدور والمصائع .4
وتزوجوا النساء » واستولدوا الاماء .. واتصل هؤلاء المقربون
بأمراء أفريقية وسلاطينها » فتذللت لهم الأرض للسلوك كنا
يقول جد المقرى ( فخرجت أموالهم عن الحد ؛ وكادت تفوق
الحصر والعد ) +
ولكن هذه النعمة الوافرة » والثروة الطائلة لم تدم ؛ فأسرفهة
الأبناء فى النفقة » ولم يقوموا بأمر تثمير المال كما قام آباؤهم >
وأصابتهم الفتن المتوالية التى كان المغرب لم يسلم منها ؛ وتناقص
حالهم وأمرهم » الى حد أن آبا عبد الله محيد جد المقرى -