فلم يكن بمقدوره أن يشترى ما يحتاج إليه من الكتب التى
لا يجدها فى مكتبة أبيه العامرة بكتب المذهب الحنفى الخاصة .
فلذلك توجه شطر المكتبة الظاهرية . وكانت من نعم الله
كان يستعين أحيانا ببعض المكتبات التجارية الخاصة » فقد كان
يستعير منها بعض الكتب مثل : مكتبة سلم القصيبائى رحمه
الله » والمكتبة العربية الهامية لعبيد إخوان .
وأصبح الاههام بالحديث وعلومه شغله الشاغل ؛ حتى
عشرة ساعة ؛ لا يفتر عن المطالعة والتعليق والتحقيق إلا أثناء
فترات الصلاة .
وكان يتناول طعامه البسيط فى المكتبة فى كثير من
إن إدارة المكتبة وافقت على تخصيص غرفة خاصة
ووافقت على منحه مفتاح المكتبة ؛ فكان يدخل قبل
ظهراً » ثم لا يعودون » ولكن لكن الشيخ يبقى فى المكتبة ما شاء الله
البقاء فرما يصلى العشاء ثم ينصرف .
وإن كل من رآه فى المكتبة آنذاك يعرف مدى اجتهاده
كانوا يحملون عليه لكثةٍ انهماكه فى المطالعة والتأليف أثاء
زيارتهم له فى المكتبة ؛ وبالطبع كان للشيخ عذره لأنه لا يريد
إضاعة الوقت بالترحاب بلمجاملة + وكان يجيب عن بعض
الأسعلة التى توجه إليه » وهو ينظر فى الكتاب دون أن يرفع بصو
إلى محدثه بأوجز عبارة تؤدى الغرض .
وكان من ثمرة هذا الجهد المبارك : تخريج أحاديث
الببوع » فى موسوعة الفقه الإسلامى » وغيرما من المؤلفات كا
وإن من يقرأ كلام الشيخ فى مقدمة فهرس مخطوطات
الحديث فى المكتبة الظاهرية حول قصاصة الورقة الضائعة ؛ يقذّر
الدأب الطويل » والجهد الضخم الذى قام به فى خدمة السنة
المطهرة .
ج - الدعوة إلى الله عز وجل :
لقد كان لحديث رسول الله ْله الأثر الكبير فى توجيه
الشيخ الألبانى علماً وعملا ؛ فتوجه الشيخ نحو المنبج ١
وهو التلقى عن الله ورسوله عَكْثَه فقط مستعينا بفهم الأئمة
الأعلام من السلف الصالح دون تعصب لأحد منهم أو عليه +
ل الشيع أنه لا يجوز مسلم أن يرك العمل تحديث رسو الله
بعد أن ثبت عنه ؛ وعمل به بعض الأثمة لقول أحد من
الناس كا
وغيو من الأئمة الكرام رحمهم الله ؛ وهكذا بدأت ١
بين الشيخ الألبانى وغيو من أهل العلم +
ولقى المعارضة الشديدة من كثير من .١ المتمذهبين
المتعصبين » ومشائخ الصوفية والحرافين المبتدعين » وخاصة من
بأنه : ( وهانى ضال ) ويحذرون منه الناس ؛ فى الوقت الذى وافقه
من كان » ويذكر له أن هذا هو منهج ألى حنيفة
على دعوته بعض أفاضل العلماء المعروفين فى دمشق ؛ وحضوه
على الاستمرار قدماً ؛ منهم العلامة : بهجة البيطار » والشيخ
عبد الفتاح الإمام » والشيخ توفيق البرزة » رحمهم الله وغيرهم من
أهل الفضل +
ول يكن الألبانى أسالى بكلام الداس ومعارضة
المعارضي: » ذلك إصراراً على اتمسك لهذا المنهج
الحق . م
وبوطن نفسه على الصبر وتحمل الأذى عملا بوصية
يك بالله إن الشرك لظلم عظيم » ز لقان ١١: ) الآ؛ ت إلى قوله
تعالى : ( حكاية عن لقمان ) : يا بنى أقم الصلاة وأمر
بالمعروف وانه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم
الأمور ( لقمان :17 ]
+ وإنما كان يز
وحقا يصدق عليه قول الشيخ المجاهد عبد الرحمن
عبد الخالق فيه : « إنه كالمطر لا يبال عل أل رض سقط
وقد مل الشيخ راية التوحيد والسنة ؛ وزار الكثيين من
مشايخ دمشق وجرت بينه وبينهم مناقشات حول مسائل التوحيد
والتعصب المذهبى والبدع بصحبة الشيخ عبد الفتاح الإمام رحمه
الله رئيس جمعية الشبان المسلمين يوذ .
أ كان الشيخ حفظه الله يعقد درسين كل أسبوع
يحضرهما طلبة العلم وبعض أساتذة الجامعات ١
)١( فتح النجيد شرح كتاب التوحيد » لعبد الرحمن بن
حسن بن محمد بن عبد الوهاب .
(1) الروضة الندية شرح الدرر الهية +
(©) منباج الإسلام فى الحكم لمحمد أسد .
(4) أصول الفقه لحلاف .
(5) مصطلح التأريخ لأسد رس .
(5) الحلال والحرام للدكتور يوسف القرضاوى .
() فقه السئة لسيد سابق ( ثلاثة أجزاء فقط ) -
(/) الباعث الحثيث شرح اختصار علوم الحديث لابن
كثير لأحمد شاكر .
(9) الترغيب والترهيب للحافظ المنذرى .
. رياض الصالحين للنووى )٠١(
. الإلام فى أحاديث الأحكام لابن دقيق العيد )١١(
ولكنه لم يم الكتابين الأحوين ؛ بسبب سعى بعض
وكان قد سجن مرة أخرى قبل ذلك عام ( 1837م )
لمدة شهر واحد .
ولقد كان للشيخ رحلات شهرية منظمة » بدأت أسبوعيا
من كل شهر ؛ ثم استقرت على نحو ثلاثة أيام » كان الشيخ يقوم
ثم حمص ؛ ثم حماة » ثم الرقة » ثم رحلات إلى الأردن قبل أن
ولقد كانت لتلك الجهود والرحلات ثراتها الطيبة مع
المعارضة من أهل الأهواء ؛ لكن ذلك لم يثن الشيخ عن عزمه .
د - التدريس فى الجامعة الإسلامية بالمدينة الممورة :
بتوفيق الله تعالى » ثم بفضل ذلك الجهد المتواصل » ظهر
للشيخ مؤلفات نافعة فى الحديث ؛ والفقه » والعقائد » وغيرها +
اتدل أهل العلم والفضل على ما حباه الله من فهم صحيح +
وعلم غزير » ودراية فائقة بالحديث » وعلومه ؛ ورجاله » بالإضافة
إلى منهج علمى جديد يجعل الكتاب والسنة حكما وميزانا فى
كل شىء مسترشدا بفهم السلف الصالح وطريقتهم فى التفقه
واستنباط الأحكام
هذا المنبج الذى سار عليه كثير من ا حققين من أهل
العلم ؛ خاصة شيخ الإسلام ابن تيمية وتلامذته ؛ ومن تبعهم
على ذلك ؛ كل هذا جعل الشيخ علما ذائع الصيت + يرجع إليه
أهل العلم » ويعرف قدره المشرفون على المراكز العلمية مما دفع
المشرفين على الجامعة الإسلامية حين تأسيسها ؛ وعلى رأسهم
الشيخ العلامة المرحوم محمد بن إبراهيم آل الشيخ رئيس الجامعة
الإسلامية آنذاك » والمفتى العام للمملكة العربية السعودية ؛ أن
بالجامعة .
وبقى الشيخ ثلاث سنوات من عام 1381 ه حتى
آاخر عام 13873 ه يدرس الحديث وعلومه ؛ وكان خلالمها مثالا
جلوسه مع الطلاب خلال أوقات الراحة بين الدروس وق
الرحلات التى تنظمها الجامعة .
ه - عودة الشيخ إلى دمشق :
ولا رجع الشيخ إلى دمشق ؛ رجع أشد همة ؛ وأمضى
عزيمة إلى مكانه المخصص له فى المكتبة الظاهرية ؛ وأكب على
الدراسة والتأليف وفرغ له كل وقته وترك محله ( إصلاح
وقد أتاح له هذا التفرغ أن يتحف العالم الإسلامى المزيد
التقى الشيخ الألبانى بكثير من العلماء وطلبة العلم +
)١( المرحوم الشيخ محمد حامد الفقى رئيس جماعة
أنصار السنة المحمدية بمصر .
(1) والمرحوم العلامة أحمد شاكر ؛ وجرت بينه وبينهم
أبحاث علمية مفيدة .
(©) كا التقى بالشيخ عبد الرزاق حمزة رحمه الله
(©) وبالدكتور العلامة تقى الدين الهلال حفظه الله .
(5) وبالعلامة الشيخ الحافظ محمد الجوندلوى حفظه الله
خلال تدريسه بالجامعة الإسلامية بالمدينة
(6) وقد رغب العلامة الشيخ محمد راغب الطباخ رمه
لله مؤرخ حلب بلقاء الشيخ ناصر وكان ذلك بواسطة الأستاذ
محمد ميارك رمه الله .
وكان الألبانى يومئذ شابا فى مقتبل العمر » وقد أظهر
الكتاب والسنة » واشتغاله فى علوم الحديث ؛ ورغب فى إجازة
بمروياته » وقدم إليه ثبته : ( الأنوار الجلية فى مختصر الأثبات
(10) وأما صلة الشيخ الألبانى بفضيلة الشيخ عبد العزيز
ابن عبد الله بن باز حفظه الله » رئيس إدارات البحوث العلمية