ابن خلدون ورسالته للقضاة
وأثرها على متوليها- إلا ما رحم ربي وقدم المثل الأعلى الذي يجب أن ينشده
القاضي المسلم من الفوز مجحبة الله ورضاه» فمن ثم استعحقت واجب العناية
ٍ اللهم نسألك الفوز بمحبتك ورضاك» وأن تيسر لنا أنفع العلم وأصلح العمل
فؤاد عبد المنعم أحمد
مزيل الملام عن حكام الأناء
المقدمة
ابن مخلدون ومقدمته محل دراسات وأطروحات كثيرة في
وترك ابن خلدون ترجمة ذاتية”"' تعين كل باحث على دراسته.
ورسالة « مزيل الملام عن حكام الأنام » يتعين أولاً التحقق من نسبتها الى ابن
خلدون قبل البدء في ترجمته؛ ودراسة الرسالة.
تتناول مضه المقدمة ثلاثة فصول:
الأول : نسبة الرسالة ووقت تأليفها
كانت شخصية
ومنهج التحقيق" .
)١( انظر قائمة الأبحاث التي كتبت عن ابن خلدون» مقدمة ابن خلدون تحقيق الدكتور علي
عبد الواحد وافي+ المجلد الأول من ص 747-777 والدكتور على بدوي: مؤلفات ابن
خلدون من ص 740-773
() التعريف بابن خلدون ورحلته غربًا وشرفًاء تحقيق محمد تاويت الطنجي» مصرء لجنة التأليف
() نشرت في مجلة البحوث الفقهية المعاصرة» العدد التاسع عشر» (ربيع الآخر جمادى الآخر
4 ه)؛ وهي مجلة علمية محكمة متخصصة في الفقه الإسلامي» صاحبها ورئيسها الدكتور
مزيل الملام عن حكام الأثام ِ اق
الفصل الأول
نسبة الرسالة ووقت تأليفها
مدى نسبة الرسالة إلى ابن خلدون:
الرسالة (مزيل الملام عن حكام الأنام) محل التحقيق مدون عليها عنوائها
واسم مؤلفها لابن خلدون المؤرخ» كما ذكر ناسخها صالح جعفر فقال: ١ ومن
خطه اللطيف نقلتها . . . » ومن المعلوم في مجال التحقيق أنه لا يكفي هذا
لتحقيق نسبة إلى الرسالة وعنوانها» بل على المحقق أن يجري تحقيقًا تطمئن به
نفسه إلى نسبة الرسالة ومؤلفها"'" وذلك من خلال الوسائل التالية:
في الرسالة محل التحقيق إلى كتب أو رسائل متحققة النسبة له؟ .
هذه الرسالة أو نقلوا نصوص عنها؟
ثالفًا: هل الرسالة محل التحقيق تتفق مع أسلوب ابن خلدون ومنهجه في
الكتابة بعامة وفي القضاء بخاصة»؛ هذا من جهة» ومن جهة أخرى هل تنفق مع
أحكام الفقه المالكي باعتباره فقهيًا مالكيًا ؟
بالرجوع إلى ابن خلدون في كتابه « التعريف بابن خلدون ورحلته غربًا
)١( الشيخ عبد السلام هارون: تحقيق اللصوص» الخانجي» طبعة القاهرة الثانيةء ص 41 قال: « لا
يكفي للمحقق في التراث أن يجد عنوان الكتاب واسم مؤلفه في ظاهر النسخة ليحكم بأن
المخطوطة من مؤلفات صاحب الاسم المثبت بل عليه أن يجري تحقيقًا علميًا حتى يطمئن إلى أن.
1 ابن خلدون ورسالته
لسان الدين بن الخطيب في كتابه « الإحاطة بأخبار غرناطة 8" كما أنه بالرجوع
إلى الرسالة محل التحقيق لا نجد إشارة إلى أي كتاب أو رسالة متحققة النسبة إلى
ابن خلدون» ولكن ابن خلدون بعد عزله عن قضاء المالكية في ولايته الأولى
قراءة كتاب» أو إعمال قلم في تدوين أو تأليف 6" .
ويقول أيضًا: « ومازلت منذ العزل عن القضاء الأول سنة سبع وثمانين مكبًا
على الاشتغال بالعلم تأليقًا وتدريسً ؟".
ويقول بعد عزله من ولاية القضاء للمرة الثاذ
ويحق لنا أن نتساءل ما هي المؤلفات التي ألفها بمصر وأشار إليها؟ ؛ قديقول
قائل بحق : إنه نقح كتابه الكبير « العبر »» لأن هناك أكثر من إبرازة لهذا الكتاب
وأخرى لحاكم تونس!*"
في منتصف المحرم سنة ثلاث
)١( يلاحظ أن لسان الدين الخطيب توفي سنة 17/1 ه أي قبل كتاب « العبر » لابن خلدون» انظر
الإحاطة» المجلد الثالث» ص/01 28
(4) التعريف» نفس المصدر السابق» ص +18
(0) النسخة المهداة إلى الملك الظاهر برقوق موجودة برقم 871 في مكتبة داماد إبراهيم باشاء إحدى
مكاتب السليمانية باستانبول» وتاريخ انتهاء نسخها سنة /47/ ه؛ والنسخة المهداة إلى أمير
المؤمنين أبي فارس عبد العزيز بن السلطان أبي العباس أحمد بن السلطان أبي سالم إبراهيم بن
السلطان أبي الحسن من بني مرين . هذه النسخة هي التي وقفها ابن خلدون على طلبة العلم
خلدون ص 74-76
وإذا رجعنا إلى كتب التراجم التي ترجمت له في مصر لا نجد إشارة صريحة
لهذه الرسالة فالسخاوي يقول: « وله من المؤلفات غير الإنشاءات النشرية
والشعرية التي هي كالسحر التاريخ العظيم 0
إذن السبيل إلى تحقيق النسبة هو الرجوع إلى منهج ابن خلدون في
والقضاء وأسلوبه؛ ومدى اتفاق الرسالة مع شخصية ابن خلدون وأحكام الفقه
نقسم هذا الفصل إله المباحث التالية:
المبحث الأول: مدى اتفاق منهج ابن خلدون في التأليف مع رسالة ١ مزيل
الملام 6 .
المبحث الثاني : مدى اتفاق منهج ابن خلدون في القضاء مع رسالة ١ مزيل
الملام ) .
المبحث الغالث : مدى اتفاق رسالة « مزيل الملام » مع الفقه المالكي وشخصية
ابن خلدون
المبحث الرابع: مدى اتفاق أسلوب ابن خلدون مع رسالة « مزيل الملام ٠»
اللبحث الخامس: وقت تأليف رسالة « مزيل الملام 4+
144 6148 الضوء اللامع في أعيان القرن التاسع » المجلد الرابع؛ ص )١(
المبحث الأول
مضه اتفاق منهج ابن خلدون في التأليف مغ
وسالةمزيل الملا
لابن خلدون منهج خاص في التأليف» يسير ما وسعه سير منطقيًا فييرهن
يقول الدكتور علي عبد الواحد وافي في منهج ابن خلدون في البحث
وطريقته في عرض الحقائق : «. . . وبحثه للظواهر الاجتماعية يجتاز مرحلتين
تتمثل أولهما . . . في جمع المواد الأولية لموضوع بحثه من المشاهدات ومن بطون
وتتمثل الأخرى في عمليات عقلية يجريها على هذه المواد الأولية ويصل
الاجتماعية من قوانين . .
وأما طريقة عرضه في المقدمة لما انتهت إليه بحوثه فتشبه من وجوه كثيرة
الطريقة التي يسير عليها المحدثون من علماء الهندسة في عرض نظرياتهم؛ فهو
يعنون كل فقرة من بحثه بقانون أو فكرة من القوانين أو الأفكار التي انتهى إليها+
كما يفعل علماء الهندسة المحدثون أن يجعلوا نص النظرية نفسه عنوانًا للفصل
ثم يأخذ في بيان الحقائق التي استخلص منها هذا القانون أو هذه الفكرة؛ أي
يأخذ في الاستدلال عليها كما يفعل علماء الهندسة المحدثون في الاستدلال على
التاريخ من ظواهر اجتماعية تدل على صحة القانون الذي هو بصدده» بل يلجأ
كذلك أحيانًا إلى الاستدلال المنطقي الخالص إن كان في الموضوع بعض عناصر
يقتنع بها الإنسان عن طريق الدليل العقلي» وإلى التعليل بحقائق العلوم الطبيعية
أو علم النفس إن كان في الموضوع بعض عناصر يقتنع بها الإنسان عن طريق هذه
وقدم لهذا بمثال في الفقرة التي جعل اين خلدون عنوانها « فصل في الأمة إذا
غلبت وصارت في ملك غيرها أسرع إليها الفناء ٠٠١ 8"
هذا المنهج وطريقة العرض ثابتة في رسالة: «مزيل الملام عن حكام الأنام»+
فبعد مقدمة وجيزة في رسالته تضمئت قواعد:
* أن القاضي العادل مستجاب الدعوة» مسدد بنصر الله وملائكته» وفي ظل
الله تعالى يوم لا ظل إلاظله.
* وأن القاضي العادل يحكم مما أنزل الله » ويحكم الرسول ف في جميع
الأمورء ويرضى نما قضى ويسلم .
ثم يقسم ابن خلدون رسالته إله د
باب ما سبقه برباط .
في الباب الأول : التنبيه لمهمات الحكم الفاصل بين الخصوم الدافع لشرورهم .
وفي الثاني : التنبيه لمهمات الرعاية الجالبة لمصالح الخلق وصلاح أمورهم
1002707 المقدمة جاء ص )١(
ا -'- __ ابن خلدون ورسالته للقضاة
وفي الشالث: التنبيه على رذائل أخلاق وأحوال تولدت من الولاية أوقعت
في ذم الحكام وانكساف نورهم.
ثم يقسم الباب الأول إلى فصول منطقية ثلاثة هي:
كل فصل يضع القواعد التي تحكمه والدليل عليه - ِ
ففي السوابق تنبيهات وقواعد هي:
* أن يؤسس الحاكم أموره على النيات الصالحة في توليه وتقلده للقضاء أولاً
ثم في تفاصيل ذلك ثانيًّا؛ ويستند إلى الكتاب الكريم والسنة الشريفة ويبتكر من
شعره ويمثل لسان حاله .
# إذا وصل إلى مجلس الحكم أن يتصف بقول الرسول تنه : ؛ إن السمت
الحسن والتؤدة والاقتصاد جزء من أربعة وعشرين جزءًا من النبوة 6.
و في الفصل الثاني : في المقاصد يضع القواعد الآتية:
* أن الأناة من الله تعالى والعجلة من الشيطان .
* تصور الواقعة كالشمس ليس دونها سحاب.
# يستحضر حكم تلك الواقعة بالنقل الصريح أو ببذل الجهد في درك الحق
من أهل الاجتهاد وبطرقه المعتبرة.
# إذا لم يتبين له القضاء . . لعدم استحضار الحكم أو اعتياص تطبيقه على
مزيل الملام عن حكام الأنار
الواقعة . . . راجع من يثق بعلمه ودينه وعقله ولو في مدينة أخرى .
* . . . إذا بقى في النفس حزازة فالورع لا يخفي . . . التوقف .
وفي الفصل الثالث: اللواحق:
# محاسبة النفس بعد القيام من المجلس» وتأمل ما حكم فيه . . . والرجوع
إلى الحق خي رمن التمادي في الباطل
وفى الباب الشاني: التنبيهات لمهمات الرعاية الجالبة لمصالح الخلق وصلاح
الأول : في المولى عليهم» ويضع القواعد الآتية:
* الأوقاف: أموال الله تعالى» ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه .
قوب (سورة الحج : الآية "2
* أهل الحبس: أخوان الحاكم» وأسراء حكمه؛ وهم من عيال الله؛ وخير
الخلق عند الله تعالى أنفعهم لعياله .
* طلبة العلم: حملة الشريعة لمن يأتي؛ وبهم الاهتداء؛ وهم وصية رسول الله كه
ووارث النبوة فليوصل إليهم ميراثهم.
* أرامل البلدء والفقراء والمساكين وأبناء السبيل : يحسن إليهم بقدر الإمكان
# من في باب الحكم . . . يستجودون. . . . ويتفقد أحوالهم في كل وفت