فإنه ما زاات جميع الدول في العام جري نظمها على الدساتير غير
المدونة إلى القرن الثامن عشر » ولا تزال دولة كبيرة من دول
لعالم - بربطانيا - مجري شثونها إلى يومنا هذا من غير ما دستور
لما وسعها إلا أن ترتب مواد دستورها باقتباسها من مختلف المصادر
لدستورها غير المدون . وها نحن اليوم نواجه مثل هذه الحاجة
مصادر الدستور الاسلامي
فأول مصدر من مصادر الدستور الإسلامي هو القرآن +
وقد بين الله تعالى فيه أحكامه وقواعد شريعته . وهذه الأحكام
والقواعد شاملة الجميع شئون الحياة البشرية + وهي لا تتضمن
هداية الانسان في أعماله الفردية وسيرته الشخصية فحسب + بل
تتضمن أيضاً مبادىء أسانية وأحكاماً قاطعة لاصلاح كل شعبة
من شعب حياته الجماعية وتنظيمها . وكذلك قد أوضح للمسلمين
دولتهم + والأهداف التي - من أجلها - ينبغي لهم أن بقيموها .
() سنة الرسول
والمصدر الثاني من مصادر الدستور الاسلامي. هو منة
الرسول يل ؛ التي يتبين با كيف قام الني يَثٍ ب- أحكام
القرآن ومبادثه في أرض العرب + وكيفث أفرغ فكر الاسلام
في قالب العمل ؛ وكيف شكل مجتمعاً إسلامياً على أساس هذه
الفكرة » نكيف نظم هذا المجتمع وأبرزه في صورة دولة كاملة
وحدها + وبها نعرف وجهة القرآن الحقيقية . فكأنها انطباق
لمبادىء القرآن على الأحوال العملية يزودنا بسوابق ( 8066608015 )
ثمينة للدستور الإسلامي + ونحصل به على مجموعة مهمة كبيرة
للتقاليد الدستورية ( 708611600 6008111060081 )
(©» أعمال الخلفاء الراشدين :
والمصدر الثالث من مصادر الدستور الإسلامي هو تصرفات
الخلفاء الراشدين من بعد النبي يَثوٍ . ونحن إذا رجعنا إلى كتب
الحديث والتاريخ والسيرة » وجدناها حافلة بالنصوص والسوابق
من أعمال الصحابة الي جاءوا بها لتسبير أمر الدولة الإسلامية
فهمه والعمل به من أحكام الدين وأوامره - وهو ما نسميه
اصطلاحاً بالاجماع وأنكل ما قضى به الخلفاء الراشدون
في مختلف المسائل الدستورية والقانونية بعد مشاورة الصحابة
رضوان الله عليهم + هو حجة لمن بعدهم من المسلمين لا بد لهم
اليوم من التسليم بها كما هي . ذلك لأنه لا معنى لاجماع الصحابة
ز الأخذ منه إلا بالسلوك
يصح فيه إلا تعبير واحد . ولا ©
المستبعد اتفاقهم على خطأ في أمر الدين © أو تتكبيم عن محجة
الصواب في فهمهة
(4) مذاهب المجتهدين :
ابع المصادر للدستور الاسلافي هو ما ذهب إليه المجنهدون
في الأمة على حسب معرقتهم للدين وبصير تهم في أحكامة
عرضت لحم مختلف المسائل الدستورية . فهذه المذاهب + وإن لم
تكن حجة في الدين سوف تساعدنا كثيراً في فهم روح الدستور
الإسلامي وقواعده .
هذه هي المصادر الأربعة لدستورنا . فإذا أردنا أن ندون
الدستور الاسلامي ؛ فلا بد أن نقتبس قواعده من هذه المصادر
(بلها 54800 ) وقانونهم العرني (ها 60000000 ) وسلوكهم
الدستوري ( 9898لا 6009800160031 ) ويستخرجوا منا مادة
النظر في أقضية محاكمهم ويستنيطوا منها كثيراً من الأحكام
والقواعد الدستورية .
المشاكل
وهذه المصادر الأربعة للدستور الاسلامي وإن كانت مدوئة
في الكتب + ولا تزال في متناول أيدي الناس . فالقرآن
محفوظ ؛ والسنة النبوية والوقائع. عن أعمال الخلفاء الراشدين
وآراء المجتهدين كلها مدونة. موجودة في الكتب . فلا شيء
منا مفقود . غير أن هناك بعض صعوبات ومشاكل تواجهنا
إذا أردنا أن نقنبس منها قواعد دستورنا غير المدون وثرتا
ونبرزها في صورة دستور مدون . وقبل أن أتقدم في ايان +
أربد أن نستعرض هذه المشاكل ونتبين حفيقتها
غرابة المصطلحات
المشكلة الأولى جاءت من جهة اللغة . وبيان ذلك أن الناس
عامة في هذا الزمان ؛ قليلاً ما يتفطنون لا ورد في القرآن وي
كتب الحديث والفقه من الصطلحات عن الأحكام والمبادىء
الدستورية » ذلك بأن نظام الاسلام السياسي قد تعطل فيئا منذ
أمد غير يسير ؛ فلا يكاد اليوم يسمع بتلك المصطلحات . ففي
القرآن الكريم كثير من الكلمات نقرؤها كل بوم ولكن لا نكاد
نعرف أنها من المصطلحات الدستورية كالسلطان والملك
والحكم والأمر والولابة + فلا يدرك مغزى هذه الكلمات
الدستوري الصحيح إلا قليل من الناس . ومن ثم نرى كثيراً
لهم الأحكام الدستورية في القرآن : « أو في القرآن آية
بالدستور » ؟ والحى أنه لا داعي إلى العجب لحيرة مثل هؤلاء
الأفراد » فإن القران ما نزلت فيه سورة سميت « بالدستور » +
ب الغريب للكتب الفقهية القديمة
والمشكلة الثانية جاءت من جهة أن المسائل الدستورية لا
توجد في كتبنا الفقهية مجموعة أي موضع واحد تحت ابواب
وفصول مستقلة ؛ بل قد اختلط الدستور فيا بالقانون . ومن
العلوم أن الفكرة الفائلة بأن الدستور شيء مستقل مختلف عن
القانون + ما نشأت إلا في العصور المتأخرة » وما بدا الناس
في استعمال كلمة الدستور بمعناها الجديد إلا حديثا . لاشك
أن فقهاء الإسلام قد بحثوا جميعاً المسائل التي نسميا اليوم
بالمبائل الدستورية . إلا أننا جد أبحائهم مبعثرة في مختلف
الأبواب القانونية في كتبهم الفقهية . فإن وجدنا مسألة من مسائل
الدستور في كتاب القضاء مثلاً ؛ جد الثانية في كتاب الامارة
والثالثة في كتاب السير والرابعة في كتاب النكاح والطلاق
والخاضة في كتاب الحدود والسادسة في كتاب الفيء . ثم إن
الذي لا يكون متضلعاً في مختلف فروع القرآن ومائله ولا
متمكناً من أساليب اللغة » لا يمكن أن يعرف مسألة من سائل
القانون الدولي إن جاءت ضمن_قوانين البلاد الداخلية + أو
مسألة من مسائل القانون الدستوري إن جاءت مختلطة بقانون
الأحوال الشخصية
فاد النظام التعليمي
» المشكلة الثالثة جاءت من جهة نظامنا التعليمي الذي لا يزال
قائماً عندنا على أسس غير صحيحة منذ أمد طويل . فالذين
يدرسون العلوم الدينية عندنا لا يعرفون علم السياسة الجديد
ومسائله ؛ ولا القانون الدستوري وما يتعلق به ؛ فثراهم يصرفون
أعمارهم في درس القرآن والحديث وكتب الفقه وتعليمها
ولكن بصعب علييم أن يفهموا المسائل السياسية والدستورية
الجديدة باللغة والمصطلحات الشائعة اليوم ثم ببينوا للناس ما
للاسلام فيا من المبادىء والأحكام . فهم في حاجة إلى أن
تين لهم هذه المسائل باللغة والمصطلحات الي يعرقولها +
وعندئذ يمكنهم بنهولة أن يتبينوا فيها مادىء الاسلام وأحكامه
وأين مرجعها من القرآن أو كتب الحديث والفقه . ومن جهة
هذه المسائل . وهم لا يعلمو نكل ما يعلمون عن الدستور والقانون
والسياسة إلا بواسطة تعاليم الغرب ومناهجه وتماذجه العملية + في
حين أن معرقتهم بالقرآن والآثار ١ 1808800 ) الدينية ضئيلة جداً.
النظام السياسي الاسلامي من جديد + هم في حاجة شديدة الوم
إلى أن نبين لهم هداية الإسلام في هذه المسائل باللغة والأساليب
التي يعرفونها . فلا شك أن هذه عقبة كؤود تقدم اليوم في سبيل
تدوين الدستور الإسلامي الصحيح .
ادعاء الاجتهاد مع الجهل
والمشكلة الرابعة هي أحدث المشكلات وأدناها أن تكون
أضبحوكة من الأضحوكات أو فكاهة من الفكاهات . فقد نثأت
في أيامنا وجهة جديدة للتفكير تقول : أن لاكهنوتية في الإسلام +
فليس للعلماء من اختضاص بالقرآن والسنة والشريعة حتى يكون
لهم وحدهم الح في التعبير عنا ؛ بل المسلمون جميعاً يتمتعون
بهذا الحق معهم » وما عند العلماء من حجة مجعل آراءهم ارجح
من آرائنا وأقوالهم أكثر وزنا من أقوالنا في أمر الدين , فمثل هذه
الأقوال بتشدق با الدين ما أوتوا أدنى حظ من معرفة القرآن
والسنة ؛ ولم يطلعوا على النصوص الدينية + ولم يصرفوا يوم من
أيام حياتهم في الدراسة الوافية للدين وتمالجة . بدلا سنِ أن
يشجروا بقعورهمٍ في معرفة تعالم القرآن ويذلوا جهداً في
تداركه + أبوا إلا إنكار ضرورة هذه المعرفة وأصروا أن
يُتركوا وشأنهم ليشوهوا وجه الدين الحنيف وبموهوا تعاليية
التزبية بتأويلائهم السخيفة من غير ما علم ولا معرفة
وتثور ١ لا يبعد أن بقوم.غداً رجل منا فيقول أن لا قضاء في
الاسلام ؛ فيجوز لكل أحد من الناس أن يدلي برأبه في القانون +
ولو لم يكن يعرف منه الألف والياء . ويقوم بعده رجل آخر
ويطلن أن لا هندسة في الاسلام ؛ فمن حتى كل رجل أن يتكلم
في الفندمة + ولو الم يكن على أدنى معرفة يمبادثها . ثم يقوم
بعده رجل ثالث ويعلن أن لبس هناك من حاجة إلى حذق في
مهنة الطب » فيشرع في معالجة المرضى ومداوائهم من غير أن
يكون على صلة بالطب .وليت شعري ما الذني جعل هؤلاء
بممنون في السفاهة وتسول نوسهم أن بخادعوا الأمة +
ويظنوها مصدقة لآرائهم الوامب: وأقواهم الباطلة ؟ .نعم لا
جرم أنه لا كهنوتية في الاملام ؛ ولكن هل يعلم هؤلاء اليوم
ما معنى ذلك © إنما معناه أن الاسلام ليس كاليبودية حتى
ينحصر فيه علم الشريعة والقيام على الخدمات الدينية في سبط
المسيحية - بين الدين والدنيا فتكون الدنيا للقياصرة ؛ ويكون
الدين للرهبان والأحبار . ولريب كذلك - أن لا اختصاص
آن والسنة والشريعةٌ + وأنه لا يتحصر العلماء
فيإ سلاة خاصة من السلالات أو أسرة معيئة من الأمر فلا
يكون إلا لأفرادها يتوارثونه كابراً عن كابر + ولهم وحدهم
ا ثوا باسم الدين ويجتهدوا في تعاليمه دون سائر المسلمين .
فكما أنه من الممكن لكل أحد من الناس أن يكون محاماً إذ
الطب » فكذلك يجوز في الاسلام لكل فرد من أفراد المسلمين
إذا درس القرآن والسنة وصرف جاناً من أوقاته وجهوده
في تلقي علمهما أن يتكلم في مسائل الشريعة . وهذا هو المعنى
الصحيح المعقول إن كان هناك معنى لانعدام الكهنونية أي
الاسلام . ليس معناه أن الاسلام كالألعوبة في أيدي الأطفال +
يجوز لكل من شاء من الناس أن بعبث بأحكامه وتعاليمه ويصدر