الذين يجددون للأمة أمر هذا الدين قرناً بعد قرن ٠ وجيلاً بعد جيل ٠ وما أكثر
الحركات الإصلاحية الني في جنبات هذه الأمة إلا مظهر من مظاهر الحفظ
الإفي لهذه الشريعة المطهرة في عمومها والسنة بخصوصها من انحرافات التأويل +
أن الرأي البشري المستمدٌ من الفوى » والذي يرين على الأمة فيقعدها ؛ وبيمن
على أفكارها فيللها
ولقد كان هذان الجانبان من الحفظ مجتمعين في صحابة رسول الله تل + وبهم
صحة نسبتها ونبوتها إلى النبي عَم ومن جانب توجيه معناها والعمل بها + وبيان
ومن ذلك ما نثبت أبي بكر الصديق ٠ وعمر الفاروق + وعلي بن أي طالب
وغرهم رضي الله عنبم أي قبول_الأخبار : وتصحيح نسبتبا
ِ فألا عن قضاء رسول الله ع علا فقالت طلقها زوجها
لب فخاصمته إلى رسول الله ع في السكنى والنفقة : قالت : فم يجعل لي
مكنى ولا نفقة.
إنها كانت في منزل وحشي فخيف على ناحيتا ٠ فلذلك أرخص فا رسول الله
بها
(1) انظر فتح البارزي 477/9 + وسنن أني داود رقم /2292/ كتاب الطلاق + باب من أنكر
قول الله تبارك وتعالى : «إن الصفا والمروة من شعائر الله ٠ فن
حج البيت أو اعتمر فلا جناح عليه أن يطرّف بباء ها أرى على أحد شيا أن لا
فقالت عائشة : كلا ٠ لو كانت كا تقول فلا جناح عليه أن لا يطوف با +
وكانوا يتحرجون أن يطرّفوا بين الصفا والمروة ٠ فليا جاء الإسلام ٠ سألوا رسول الله
اعتمر فلا جناح عليه أن يطرّف يما !©
وغير ذلك كثير من نصوص القرآن الكريم والسنة المطهرة مبين في محله ٠ ثم
تفرق ذلك فيمن جاء بعدهم ؛ وحظي علماء الحديث منه بالنصيب الأوقى
ضبط أسماء الرواة واحداً واحداً ومعرفتيم ١ فلا تجد اسماً أي كتاب من كتب
الحديث » إلا وله عندهم ترجمة ومكانة ؛ وهم به خبر وعم ٠ عرفقوا من أين هو؟
واحداً وما هي الحروف التي تفرد بها عن غيره من الرواة + وي حديث مَنْ من
في المكثرين ٠ والمقلين من الرواة ٠ فابن شهاب الزهري مثلاً وهو من المكثرين
أحصوا أحاديثه كلمة كلمة فقد نقل الآجري عن أبي داود قال : جميع حديث
الزهري الفا حديث ومئنا حديث ؛ النصف منها مسند + وقدر مائتين عن غير
الثقات ٠ وأما ما اختلفوا فيه فلا يكون خمسين حديثا ٠ والاختلاف عندنا ما تفرد
به قوم على شيء!"
(2) أخرجه البخاري في مواضع انظر منها 175/8
وقال بجي بن معن : بحي بن زكريا بن أني زائدة ٠ ولا أعلم أخطأ إلا
في حديث واحد ٠ ومن ذلك عبد الرحمن بن أي الزناد ٠ فإنهم قد درسوا مروياته
ما رواه بالمدبنة فهو مقبول ٠ وما رواه بالعراق فهو مدخول +
هذا مكاناً وزماناً ٠ وأما شيوخاً فقال ابن معين : هو أنبت الناس في هشام بن
عروة
ومن هذا الإمام الجليل عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي وهو مجمع على جلالته
ومن ذلك ما أحصوه في تدليس الرواة ٠ فقد قالوا في ترجمة عبد الله بن نافع
أبر شهاب اليّاط : دلّس حديثاً واحدا .
وقال وكيع : يجي بن الضريس من حفاظ الناس لولا أنه خلط في حديئين +
وأمثال هذا مسطور مذكور في كتب الحديث ٠ والحرح والتعديل .
موا كل كلمة تفرد بها راو دون غيره ٠ وممثوا أمر هذه التغردات إن كانت من
ثقة أو من غير ئقة . وما حكم زيادة الثقة ٠ ودرسوا المتون الني عليها العمل من
عهد رسول الله ع والني لا يعمل با ٠ وينوا أسباب ذلك ٠ فن هذا قول
الترمذدي في خاتمة جامعه : جميع ما في هذا الكتاب معمول به ٠ وبه أخذ بعض
أهل العلر خلا حديثين . حديث ابن عباس (أن النبي عََْةِ جمع بين الظهر والعصر
بالمدينة ٠ والغرب والعشاء من غير خوف ولا سفر ولا مط ٠ وحديث الني عَثه
ونشأت عن المتن علوم عديدة عند علماء العقيدة ٠ والفقهاء ٠ والأصوليين +
كا أسافت تبين الناسخ من المنسوخ ٠ والراجح من المرجوح ٠ وما هو خاص وما هو
عام إلى غير ذلك ٠ ووضعوا قواعد وضوابط تكون ميزانا يزنون به ما يعمل به مما لا
يعمل به مع التعليل ويان الأسباب
(4) انظر ثعفة الأحوذي 384/4 ؛ قلت : وقد قال بمضمون هذين الحديثين بعض السلف
وقد اختلف الفقهاء في بعض السنن إلا أنك غير واجدٍ سنة صحيحة عن رسول
الله عه مترركة عند جميع المسلمين ١ قال الإمام الشافعي في الرسالة :
قال : فهل تجد لرسول الله يه سئة ثابتة من جهة الاتصال خالفها الناس
قلت : لا ١ ولكن أجد الناس مختلفين فيا + منهم من يقول بها ٠ ومنهم من
يقول بخلافها فأما سنة يكونون مجتمعين على القول بخلافها فلم أجدها قط
ويمكن أن يقال بعد هذا إن نقدهم للأسانيد والمتون أدى إلى تقس ما نسب
إلى الني عله إلى مقبول (صحيح وحسن) ٠ وإلى ضعيف ٠ وإلى موضوع +
النوعين الأولين أنواع عديدة ؛ وفي ذلك من المزلفات ما لا بحصي ا
وكل اسم ٠ فإذا ما جاء مدع وقال : إن في السئّة أحاديث مدخولة ٠ وشوائب
وجهها ٠ فإننا نقول له ولأمثاله إن هذا صحيح ٠ ولكن مَنِ الذي قال لك
مجملة ؛ وعبارة ناقصة ؟!! إن ذلك من المغالطة أو الجهل أن نرمي السنة بذلك
دون ذكر جهودهم وماهجهم الني تشني الغليل ٠ وتوضّح
ولقد قالوا قديماً : : (العلوم ثلاثة : عم نج وما احترق < وهو عام النحو
والأصول + وعم لا نضج ولا احترق ٠ وهو علم البيان والتفسير - وعام نضج
قال الشيخ طاهر الجزائري في تعليقه على هذا النص * : والمقصود بنضج العام
كونه قد بين بياناً كافياً بحيث لا بحتاج طالبه إلى فرط غناء في تحصيل مطلبه -
(5) انظر توجيه النظر ص 416
وباحتاقه كونه قد استقصي البحث فيه ثم
ومن نظر في المكتبة الحدية وما فيا من فنون التصنيف والتأليف أيقن بصحة
ذلك © وعم أن هذا العلم مخصوص_مزيد من العناية الربانية والرعاية الإلية
ز الحد فأفضى إلى ذكر كثير مما لا
إذا كان النقد في القرنين الأول والثاني الحجريين منصباً على الروايات والرواة
مطلقة دون قيد فإنه اتخذ بعد ذلك وجهة جديدة إذ انصبً عليها من خلال كتب
فيا + أو ذكر أوهام وقعت فيها ٠ أو بإلزامها ما هو داخل في شروطها ... الخ وما
ذلك إلا لأن السنة المطهرة أصبحت موزعة في الكتب مدونة في المصنفات كل
الرازي ت 327ه حول ببان خطأ البخاري في كتابه التاريخ الكبير وهو مطبوع مع
هذا الكتاب
ثم الإلزامات والتتبع لأبي الحسن الدارقطي المتوني 385ه اللذين استدرك با
على الشيخين + وقد قال في مقدمة أولما : (ذكر ما حضرني ذكره نما أخرجه
بخرجاه ؛ أو من حديث نظير له من التابعين الثقات ما يازم إخراجه على شرطها
وقال في مقدمة الثاني : (ابتداء ذكر أحاديث ملولة اشتمل عليها كتاب
البخاري ومسام أو أحدها ؛ بينت عللها والصواب فيا)
ومنذ القرن الثالث توالت كتب النقد والتقريم والاستدراك والإكمال ٠ وكل
نص لا يوجد في كتب السنة فليس بحديث + بل هو متلق موضوع
وإن هذا الكتاب الذي بين يديك أيها القارئ الكريم هو من هذه البابة +
نقد » ونقد النقد وقد اجتمعت فيه أمور هامة عديدة ؛ منا أن جمع بين نظر
ومعرفة ثلاثة أئمة راسخين في علوم الإسلام عامة وعلم الحديث خاصة رواية
ودراية ٠ وهم عبد الحق الأشبيلي ٠ ثم أبو الحسن بن القطان القاسي ٠ ثم الإمام
شمس الدين الي ٠ وهم من قرون مختلفة ٠ ومن أقطار متباعدة ٠ ومنا أن النقد
فيه كان منصباً على أخطر جانب من جوانب السنة ألا وهو أحاديث الأحكام أمس
الحلال والحرام
ومنها أن النقد كان منصباً على الرجال والمتون
فكان هذا الكتاب بحتى رسالة في فقه مصطلح الحديث ٠ ويتجل ذلك من
خلال نقد هؤلاء الأنمة وتصحيحهم وتضعيفهم كل حسب وجهته دون جمود على
الأقوال ٠ أو الترام مطلق بقواعد شائعة .
وقد أضفينا علها من التحقيق والبيان ما جعلها غزيرة الفوائد ٠ كثيرة النفع إن
شاء الله تعالى
ثم إني قد أكملت ذلك بنصين قيمين أي فقه المصطلح ٠ أولما مقدمة عبد الحق
الأشبيلي لكتابه الأحكام الشرعية ٠ وهو من قديم ما كتب في غلم المصطلح ٠ مقغباً
في ذلك أثر الإمام مسلم بن الحجاج ات 261ه الذي على كتابه عل في سياقة
الأحاديث + وقد جمع ملم كما هو معلوم ما كان يدور بين المحدثين من أفكار
التونى 204ه فإنه قد خص قواعد الحديث ومناهج الحدثين يجزء هام جذاً من
رسالته العظيمة في أصول الفقه ؛ كا لَمحَ الإنام عبد الحق الأشبيلي دون شك
صنيع الحافظ أني عمر بن عبد البر كي كتاب الفهيد حيث مهد له بشيء من ذلك
وأما النص الثاني فهو مقدمة كتاب بان الرهم والإبهام للحافظ الناقد أي
الحسن بن القطان ٠ وهو نص فريد في بابه في مناهج النقد وطرائقه عند المحدثين +
وقد جعلت بين يدي هذه النصوص تراجم موجزة هادفةً فؤلاء الثلاثة
الأعلام ٠ عبد الحق الأشبيلي + وابن القطان ؛ والذهبي ليستدل القارئ الكريم على
مواقع هؤلاء الأئمة من علوم الإسلام ولبدرك قدر الكلمة الني قالوها ٠ وخلّدوها
بعدهم للأجيال ... بيت آثارهم في علم الحديث وقيمة كتهم الني نحن بصددها
بإفاضة وتطويل ٠ وما قام حوفا من دراسات
وعرضت لبحث فريد هام ألا وهر كتب أحاديث الأحكام ٠ وتطورها عبر
في الفكر الإسلامي عموماً والحديث والسنة خصوصاً ٠ وقد بذلت فيه جهداً غير
قليل ليكون وافباً بالغرض محققاً لما ينشده الدارسون من المعرفة والفائدة ٠ من غير
اعتقاد السلامة من الخطأ والنسيان والسهو والعوارض البشرية ٠ وكل ذلك محله
الإنسان . وقد جبل عليه
وإني لأسأل الله تعالى أن يتقبل مني هذا العمل وغيره + وأن يعني به
وكنبه أي القنبطرة/ بالغرب الأقضى
الدكتور فاروق حادة
بطع عام 1987 بلادية
الحافظ عبد الحق الأشبيلي
يكتابه الأحكام الشرعية
1 - هو الحافظ المتقن © الحجة + الورع + الزاهد ؛ أبو محمد عبد
الحق بن عبد الرحمن بن عبد الله بن حسين بن سعيد بن ابراهم الأزدي
الأشبيلي + ويعرف بابن الخراط
ولد في ربيع الأول سنة عشر وخسيائة » وقيل : سنة أربع عشرة
تلقى العلم عن شيوخ جل كبار في الأندلس » ثم في بجاية بعد رحيله
إلها + مثل أبي بكر بن العرني © وأي ١ ن بن شريح + وأبي الحكم بن
برجان + وأأي حفص عمر بن أبوب وأأي بكر بن مدير + وطاهر بن
عطية + وأأي الحسن طارق بن عطيّة ٠+ وغوهم .
وكتب له بالإجازة الحافظ الكبير أي بو القاسم بن عساكر صاحب تاريخ
مشق المتوفى 571ه وغيره. وقد جد أبو محمد في الطلب + وأقبيل على
علوم شتّى + في طليعتا الحديث النبوي ؛ ثم الفقه + ثم اللغة © ومع هذه
وغيرها التصوف علما وعملا + واشتهر بسلوكه + وعلمه ومؤلفاته
أخذ عنه العم جاعة كبيرة + وص الذهبي منهم بالذكر خطيب