السنن وهو في الصحيح مفرّق فإني أغفله؛ أو كان الحديث من قوله وفي
الصحيح من فعله أو العكس فإني أذكره لاختلاف درجة الاحتجاج فيه؛ كما
هو معلوم عند أهل الأصول. وإذا كان الحديث موصولاً؛ وهو في الصحيح
معلق فإني أفرده؛ ومثله ما لو كان فيه زيادة على ما في الصحيح أفادت
حكماً أو معنى من بيان مبهم من اسم أو زمن أو بلد أو عدد يفيد ذكره» أو
زيادة قبل متن أو بعده عن صاحب أو تابع تفيد؛ مع التنبيه على ذلك كله.
وكل هذا معلوم عند أهل هذا الفن بالاستقراء وقد أنْبَتُّ كتاب السنن لأبي
الأحاديث أَنْتةُ إن كان الحديث من الزوائد وإلا فلاء ومالي من التعليق على
الأحاديث عقب الحديث في الأصل بخط مميز. :
وقد عقدت في صدر هذا الكتاب فصلين مما لا غنى للناظر فيه عنهما:
وإنما كان الإفراد للصحابة في فصل مستقل عمن بعدهم لفضلهم ولأن
هذه الطبقة مدار علم الزوائد عليها غالباً. فكل صحابي ذكرته في تلك الطبقة
فحديثه فرد على كتابي الصحيح في سنن أبي داود أو غيرها؛ ومن اختلف
الفصل الثاني: فيمن انفرد بالإخراج لهم أبو داود دون صاحبي الصحيح
في مقدمة صحيحه» أو علق له البخاري فإني أنه عليه.
الطبقة»؛ لمعرفة الإرسال والانقطاع والتدليس» وللتمييز بين الأسماء المشتبهة
والمتفقة؛ فمعرفة من اتفق في الاسم أو الكنية أو اللقب يكون بمعرفة
وتلامذتهم» فإن اشتركا في ذلك فقد وقع الإشكال واستحكم الأمرء ودوث
أهل الحفظ والإتقان والمعرفة وقليل ما هم.
وأسأل الله العظيم أن يتقبل ما عملته بقبول حسن» فليس بعد القبول
غاية؛ فلا عبرة بعمل لم يكتب له القبول» فكم من مؤلف كتب أوراقاً
معدودة هي عند الناس بالذهب موزونه؛ وكم من مؤلف كتب المؤلفات
ولكني مع ضعف نفسي التي ما رضي يومي فيها عن أمسي» أسأل الله
القبول» وعلى الناظر فيما كتبناه أن يلتمس العذر عند التقصير» فإن الكمال
ينفرد به اللطيف الخبير» ولا يخلو قارع هذا الباب من متعقب؛ والحمد لله
وكتب
أبو عمر. عبدالعزيز بن مرزوق الطريفي
مسألة: فيما لم يخرّجه البخاري ومسلم من الأحاديث
ما أخرجه البخاري ومسلم من الأحاديث تلقته الأمة بالقبول بالجملة؛
وقد يُسَقد عليهما بعض الألفاظ والأحرف» فالكمال المطلق لله جل شأنه؛
وقد قال إمام الحرمين:
(لو حلف إنسان بطلاق امرأته أن ما في الصحيحين مما حكما بصحته
من قول النبي كله لما ألزمته الطلاق لإجماع علماء المسلمين على صحته)
قال ابن تيمية في «المجموع» ١( / /157) :
(ولكن جمهور متون الصحيحين متفق عليها بين أئمة الحديث؛ تلقرها
بالقبول وأجمعوا عليها؛ وهم يعلمون علماً قطعياً أن النبي كي قالها) انتهى»
وقد قصد البخاري ومسلم إخراج ما صخ عن النبي قَية؛ وقصدا
استيعاب أحكام الشريعة؛ واشترطوا لإخراج الحديث شروطاً متينة؛ قد
ذكرها العلماء في مواطن كثيرة» عُرِف جُلّها بالاستقراء لكتابيهماء
والسنَّة محفوظة والأحكام معلومة؛ تتباين فهوم الناس لها وإحاطتهم
بهاء فمن زعم أن شيئاً من أحكام الدين لا يعلمه أحد من الناس» وقد مما
وبالنظر إلى نهج الإمامين البخاري ومسلم يظهر أنهما قصدا استيعاب
أبواب الأحكام» فهما ينتقيان أجود أحاديث الأحكام في بابهاء ويتركان من
الصحيح والضعيف شيئاً آ في ذلك الباب» وقد يكون عدم إخراجهما
والأمثلة على هذا أكثر من أن تذكرء بل ذكرها تقليل لهاء وإن كان
ظاهرها الصحة.
إليه» فهذا النوع في الأغلب أنه معلول» ففّش عن عِلّته وكلام العُلماء فيه
ولذا قال الحاكم وهو من أكثر بالاستدراك على الشيخين في هذا النوع -
«معرفة علوم الحديث»:
(فإذا وجد مثل هذه الأحاديث بالأسانيد الصحيحة غير مخرجة في كتابي
الإمامين البخاري ومسلم لزم صاحب الحديث التنقير عن علته ومذاكرة أهل
المعرفة به لتظهر علته) انتهى.
وترك الشيخين لأحاديث يفتقر الباب في الأحكام إليهاء ولم يُخْرّجا في
بابها شيئاً؛ قرينة لوجود العِلّة فيهاء وقد تكون غير قادحة. وقد تكون
وقد قال الحافظ ابن عبد البر في «التمهيد» (1780710//1) في سياق
إعلاله لأخبار من هذا النوع في مسألة سقوط صلاتي الظهر والجمعة في يوم
عيد لمن حضر صلاة العيد :
بل قال ابن عبد البر أيضاً في تقرير ذلك :
ومن اطلع على سنن البيهقي+؛ لبعض الأحاديث التي لم يرد في
الصحيحين أو أحدهما في بابها بمعناها شيء منها يرى أنه يجعل عدم إخراج
الشيخين لها قرينة على إعلالهاء وقد قال في موضع من «سئنه» (778/1)
في تعليق له على أحاديث الرش من بول الغلام والغسل من بول الجارية :
(كأنها لم تثبت عند الشافعي حين قال: ولا يتبين لي في بول الصبي
والجارية فرق من السنة الثابتة؛ وإلى مثل ذلك ذهب البخاري ومسلم حيث
الباب شيئاً.
(أخرج مسلم في الصحيح حديث مصعب بن شيبة عن طلق بن حبيبا
عن ابن الزبير عن عائشة عن النبي كَل عشر من الفطرة؛ وترك هذا الحديث
فلم يخرجه -يعني حديث الغسل من أربع وفيها من غسل الميت -؛ ولا
وقال أيضاً (*/167) :
(هذا حديث لم يخرجه البخاري ولا مسلم في كتابيهماء وأبو بكر بن
أبي الجهم يتفرد بذلك» هكذا عن عبيد الله بن عبد الله)ء
قال الحافظ ابن حزم في «الإحكام»:
(هذا الخبر لم يخرجه أحد ممن اشترط الصحيح ولكنا نتكلم فيه على
وقد قال الحافظ ابن رجب في أوائل رسالته «الرد على من اتبع غير
المذاهب الأربعة» :
(فقَلٌ حديتٌ تركاه؛ إلا وله علة خفية؛ لكن لعزة من يعرف العلل
صار الأمر في ذلك إلى الاعتماد على كتابيهما والوثوق بهما والرجوع
قال القرطبي في «تفسيره» في تفسير سورة النجم:
(.. المأخذ الأول: فيكفيك أن هذا الحديث لم يخرجه أحد من أهل
وكلما كانت المسألة ظاهرة وجليّة؛ ولم يخرج البخاري ومسلم مما يدل
عليها شيئاً؛ قوي القول بضعف أحاديثها» فإن كانت من أعلام المسائل التي
يحتاجها أكثر الناس أو كلهم؛ ولم يخرج البخاري ومسلم في بابها شيئاًء
الجهر بالبسملة في الصلاة؛ ورده لها لضعفها وعدم إخراج الشيخين لها فقال
حديث صحيح؛ يعني فيكونان قد تركا أحاديث الجهر في جملة ما تركاه من
الأحاديث الصحيحة» وهذا لا يقوله إلا سخيف أو مكابر» فإن مسألة الجهر
بالبسملة من أعلام المسائل ومعضلات الفقه ومن أكثرها دوراناً في المناظرة
فإن مسألة الجهر بالبسملة من المسائل التي يحتاج إليها كل مسلم في
صلاته؛ فتعد من أعلام المسائل ومشهورها بداهةً؛ وإن لم تكن من أصول
الأحكام؛ فمثل هذه المسألة لا يأتي فيها حديث ثابت؛ ولا يُخْرَّجٍ في
الصحيحين أو أحدهماء إلا كان ذلك قرينة أو علامة قوية؛ بل قد يكون
كالتصريح بإعلال ما جاء فيها من أحاديث من صاحبي الصحيح.
وجل أصول أحكام الشريعة وأغلب فروعه في «الصحيحين».
(نظرت في الحديث المسند فإذا هو أربعة آلاف حديث) انتهى.
قال ابن القيم في «إعلام الموقعين»: (وأصول الأحكام التي تدور عليها
نحو خمس مئة حديث؛ وفرشها وتفاصيلها نحو أربعة آلاف حديث).
قال ابن مندة في «شروط الأثمة» (ص77):
(قال الحافظ أبو عبد الله محمد بن يعقوب بن الأخرّم شيخ الحاكم:
والأحاديث التي في الصحيحين عليها مدار الأحكام بالجملة؛ ولذا قال
الحافظ ابن حجر العسقلاني في «النكت على ابن الصلاح» (447):
(ذكر أبو جعفر محمد بن الحسين في كتاب «التمييز» له؛ عن شعبة
والثوري ويحيى بن سعيد القطان وابن المهدي وأحمد بن حنبل وغيرهم: أن
جملة الأحاديث المسندة عن النبي كَل أربعة آلاف وأربعمائة حديث) انتهى»
ويقصد بهذا أصول الأحاديث المرفوعة؛ وهذا العدد غالبه في
وعند تقرير هذا فكثير ما يقع الخلط واللبس عند من لا يُحين هذا
الباب» بين ما يقصده الأئمة من كلامهم السابق» وبين إلزامهم بالقول بعدم
صحة شيء ليس في الصحيحين أو أحدهماء وهذا إلزام غير صحيح» فلا
يلزم مما سبق عدم صحة شيء غير ما في الصحيحين؛ فالشيخان لم يستوعبا
ولذا قال البخاري نفسه:
وقال مسلم مبيناً ذلك ومعتذراً لمحمد بن مسلم بن واره وأبي زرعة
«سؤالات البرذعي لأبي زرعة» (57/4/7):
(ولم أقل إن ما لم أخرجه من الحديث في هذا الكتاب ضعيف ولكني
إنما أخرجت هذا من الحديث الصحيح ليكون مجموعاً عندي وعند من يكتبه
وقال مسلم ايضاً:
(ليس كل شيء عندي صحيح وضعته هاهناء إنما وضعت ما أجمعوا
وقال أبو الوليد الباجي في «التعديل والتجريح»:
(قال الحاكم أبو عبد الله: حدثونا عن محمد بن إسماعيل أنه قال: كنت
على باب إسحاق بن إبراهيم بن مخلد بن راهويه بنيسابور فسمعت أصحابنا
يقولون: لو جمع هذا جامع مختصر صحيح الحديث تعرف به الآثار»
يحسن هذا الباب أن ما ليس في الصحيحين ليس بصحيح؛ بل قد تصح
الحسن الدارقطني والشيخ أبو ذر الهروي في كتاب الإلزامات من الصحيح
الاجتهاد فمن كان من أهل الاجتهاد والعلم بهذا الشأن لزمه أن ينظر في
في ما ادعيا صحته والتوقف فيما لم يخرجاه في الصحيح؛ وقد أخرج
البخاري أحاديث اعتقد صحتها تركها مسلم لما اعتقد فيها غير ذلك وأخرج
يدل على أن الأمر طريقه الاجتهاد لمن كان من أهل العلم بهذا الشأن وقليل
قال الحاكم في «المدخل»:
فإذا كان الحال على ما وصفنا بان للمتأمل من أهل الصنعة إن كتابيهما
لا يشتملان على كل ما يصح من الحديث وإنهما لم يحكما أن من لم
يخرجاه في كتابيهما مجروح صدق ومما يدلنا عليه إن محمد بن إسماعيل
البخاري قد صنف أسامي المجروحين في جملة رواه الحديث في أوراق
سبعماثة للجرح وألفا وخمسمائة وأكثر للتعديل في كتابه بقي على ما ذكر أبو
علي نيف وثلاثون ألف رجل بين الباب والدار لا نقول هكذا بل نقول بتوفيق
الله أن أئمة النقل قد فرقوا بين الحافظ والثقة والثبت والمتقن والصدوق هذا
في التعديل ثم في الجرح فرقوا بين الكذاب على رسول الله كَل والكذاب
في حديث الناس ثم الكذاب في لقي الشيوخ ثم كثير الوهم وسيء الحفظ
والمتهم في الرواية والمتهم في الدين والصدوق إذا أكثر الرواية عن