العلم الشريف العزيز كتبًّا تظهر ملامحه ؛ وترسم لطلابه طرق تحصيله »
فجزى الله المتقدمين والمتأخرين من أهل الحديث عنا وعن المسلمين خير
إلا أن ثمة اختلاف بين المتقدمين والمتأخرين في بعض قواعد هذا العلم
+ لانخفى على من أدمن النظر فيما علقه المتقدمون ؛ وصنفه المتأخرون .
ولعل من أهم أسباب هذا الاختلاف :
- أولاً : الاختلاف الذي وقع بين الفقهاء والمحدثين في بعض شروط
طريقة الترجيح بين الروايات الزائدة والناقصة من حيث السند أو المقن.
- ثانيًا: إحداث بعض الحدود والاصطلاحات المولدة التي لم تكن
الاصطلاح المعأخر كالحديث الحسن مثلاً ؛ وسوف يأتي تفصيل هذه
- فالا : عدم تحرير عبارات المتقدمين تحير كايا ما يظهر مقاصدهم
في إطلاقاتهم وأوصافهم الحديثية.
من اصطلاحات توافق إطلاقات المعقدمين في الاسم دون الحد أو
- نحامسًا : عدم تحرير المعاصرين لعبارات المشأخرين المولدة الحادثة »
واكتفائهم بماأطلقوه في المسألة الواحدة في موطن ؛ وعدم الوقوف على
كلامهم المقيد لذلك » لقلة سرد المراجع بالمذاكرة والتحقيق والموازنة.
ولكن ظهر من المتأخحرينٍ من حرر عبارات المتقدمين» وفهم
مقاصدها ؛ وحرر معانيها » وبين الراجح والمرجوح من المذاهب ؛ وبين
القديم والجديد من الأقوال » وبين المتقدم والمتأخر من الاصطلاحات.
من هؤلاء : الحافظ الكبير والإمام التحرير » أبو عبدالله محمد بن
أحمد الذهبي - رحمه الله تعالى -.
الله - المسمى ب:3 الاقتراح » » إلا أنه نافع جد ؛ فقد هذب كتاب شيخه»
ونقحه ؛ وزاد عليه زيادات فيما يتعلق بالكلام على الاصطلاح » والكلام
على الرواة.
والذهبي من أهل الاستقراء التام » والتحقيق المنيف ؛ ممايجعل لكتابه
دقيق العيد طغى عليه في بعض المسائل مذهب الفقهاء +
في ذلك » بل ويحشهم عليه أصحاب دور نشر ليس لهم هدف إلا تحقيق الربح المادى ؛ والسعي
وراء تلويث الرقاع بمداد الجهلاء » لجمع مايمكن جمعه من الأموال » فإلى الله المشتكى من أمثال
وكنت قد قرأت هذا الكتاب قراءة درس وتدبر » بل ودرسته مراراً
في نشر العلم بإخراج هذا الكتاب مرة أخرى مشروحً » فأعدت النظر فيما
كنت قد علقته عليه من قبل » ووضعت هذا التعليق الوسط » الذى يظهر
مقاصد عبارات هذا الكتاب المنيف ؛ ويفصل في مسائل طال الخلاف فيها
» ولاأدعي الصواب في كل ماعلقت ؛ فكل كتاب سوى الكتاب العزيز له
من الخطأ نصيب » ولكن حسبي أني اجتهدت » فإن أصبت فالحمد لله
به إخواني من طلاب العلم ؛ إنه على كل شىء قدير .
وكتب : عمرو عبد المنعم سليم
بسر الله الركمن اليثير
والصلاة والسلار غلق متمد وله وستبه .
رب زدنق غلما ووفق يا وري
أما بعد ...
قال الشيخ + الإسام » العالم + العلّم » الرحلة » الحقق » بحر الشوائد ؛ ومعدث
الفرائد » عمدة الحفاظ والمحدثين » وعدة الأئمة المحققين » وآخر المجتهدين شمس الدين
وزاد أهل الحديث : سلامته من الشذوذ والعلة ؛ وفيه نظر على مقتضى نظر
(1) هذا مختصر لكلام ابن دقيق العيد - رحسه الله - فى « الاقشراح؛ (ص:4 )١* وقد
تعقبه الحافظ العراقى - رحمه الله - فى «التقييد والإيضاح ؛ (ص:١٠3) بقوله :
« من يصنف فى علم الحديث إنما يذكر الحد عند أهله » لا من عند غيرهم من أهل علم آخر»
الثقة في وقف ورفع الحديث» وزيادة الراوى الثقة راويًا فى الإسناد لم يذكره غيره من الثقات ممن
روا هذا الحديث ؛ ..وغيرها +
الموقوف إذا روى مرفوعً ؛ لأن زيادة
المقن » وسوف يأتى الكلام على زيادة الثقة قريبًا إن شاء الله تعالى +
ف صحته ذا : المحصل السالم من الشذوذ والعلة » وأن يكون رواته
ذوى ضبط وعدالة وعدم تدليس .
(5) قال الشيخ أبو عمرو بن الصلاح - رحمه الله - فى « علوم الحديث» (ص:11) +
« أما الحديث الصحيح : فهو الحديث المسند الذى يتصل إسناده بنقل العدل الضابط عن
الحدود المرضوعة فى الصحيح ؛ إلا أنه اعترض عليه فى قوله :
«المسند الذى يتصل إسناده » » فقال النووى فى « تقرييه؛ (تدريب الراوى : ص:17) :
« هو ما اتصل سنده بالعدول الضابطين» من غير شذوذ ولا علةة .
قال السيوطى - رحمه الله - : « عدل عن قول ابن الصلاح : ( المسند الذى يتصل إسناده) +
لأنه أخصر » وأمل للمرفوع والموقوف» +
وأجاب عنه الحافظ ابن حجر - رحمه الله - فى د النكت على ابن الصلاح» (174/1)»
إن أراد وصف الحديث المرفوع لأنه الأصل الذى يتكلم عليه والمخشار فى وصف المستد
على ما منذكره أنه الحديث الذى يرفصه الصحانى مع ظهور الاتصال - فى باقى الإسناد - فعلى
هذا لابد من التعرض لاتصال الإسناد فى شرط الصحيح؛ .
وال على الحديث الصحيح :
ما أخرجه الإمام البخارى - رحمه الله - فى «صحيحه» (1/8/4) - (كتاب الجهاد والسير /
ياب : ما يعوذ من الجين) + قال :
حدثنا مسدد » حدلنا معتمر ؛ قال : سمعت أبى ؛ قال : سمعت أنس بن مالك -رضى
الله عنه - قال :
كان النبى كته يقول :
« اللهم تي أعوذُ بك من العجز والكسل » والّن وال ؛ وأعوذ بك من ف المحيا
والممات وأعرذ بك من عذاب القبر » .
فهذا الحديث قد استوفى شروط الصحة ؛ وهى : ِ
وهذا الحد عندى من أ
فأعلى مراتب المجمع عليه 9 :
مالك » عن نافع » عن ابن عمر »
أو : منصور » عن إبراهيم » عن عَلْقّمة ؛ عن عبد الله
(تبيه): والتصريح بالسماع ليس بشرط من شروط الصحيح إلا فى رواب المدلس ؛ أو من لا
يعرف له سماع ممن روى عنه »بل يكفى أن يكون قد عاصره على شرط مسلم » أوئبت له سماع
الحديث .
- فأنس بن مالك - رضى الله عنه - صحابى ؛ وكل الصحابة عدول
- وسليمان بن طرخان - وال لمعتمر - ثقة عاي +
- ومسدد بن مسرهد ثقة حافظ .
- والبخارى محمد بن إسماعيل » جبل الحفظ»؛ وإمام الدنيا » وأمير المؤمنين فى الحديث +
د- انتفاء الشذوذ .
ه : انتفاء العلة .
() قرين قوله : (فأعلى مرانب الجمع عليه ) قول بعضهم : (أصح الأسانيد)
وإطلاق علو المرتبة أو الأصحية على إسناد معين » فيه نظر »
قال العلآمة أحمد شاكر - رحمه الله فى « الباعث الحثيث 6 (ص:18) 3
« الذى انتهى ليه المحقيق فى أصح الأساند :أنه لا يحكم لإسناد بذلك مطلقً من غير قي »
بل يقيد بالصحابى أو البلد» +
أو : أبو الزتاد ؛ عن الأعرج » عن أبى هريرة +
مسر » عن همام » عن أبى هريرة
أو : ابن أبى عَرُوبَة ؛ عن قاد ؛ عن أنس +
أو ماك ؛ عن عكترمة ؛ عن ابن عباس .
أو : أبو بكر بن عياش » عن أبى إسحاق » عن البراء.
أو : العلاء بن عبد الرحمن » عن أبيه ؛ عن أبى هريرة » ونحو ذلك من أفراد
البخارى أو مسلم .
؟ - الحسن :©
وفى تحرير معناه اضطراب » فقال الخطابى رحمه الله:
(9) قال شيخ الإسلام ابن تيمية - رحمه الله
من أهل الحديث ليس عندهم إلا صحيح وضعيف»
انظر «النكت»- لابن حجر - (386/1) » و«مجموع القتاوى ؟ (14//ص:؟1) +
النوع باسم الحسن .
وإليه يومىء كلام ابن كثير فى « مختصره » (ص:١) » حيث قال :
« قال - أى ابن الصلاح - : اعلم علّمك الله وإياى أن الحديث عند أهله ينقسم إلى صحيح
وحسن وضعيف.
قلت- - (القائل : هواين كثير - : هذا التقسيم بالنسبة إلى ما فى نفس الأمر » فليس إلا صحيح
أو ضعيف » وإن كان بانسب إلى اصطلا احدين الحديث بنقسم عندهم إلى أكث من ذللت» © ِ
هذا اصطلاح للترمذى ؛ وغير القرمذى
« هوما عُرف مخرجه () واشتهر رجاله ؛ وعليه مدار أكثر الحديث ؛ وهو
الذى يقبله أكثر العلماء و يستعمله عامة الفقهاء» .
وهذه عبارة ليست على صناعة الحدود والتعريفات ؛ إذ الصحيح ينطبق ذلك
عليه أيضًا ؛ لكن مراده مما لم يبلغ درجة الصحيح 9 +
< قلت : نعم قد أطلق بعض أهل العلم قدي لفظ الحسن على بعض الأحاديث » لكن ليس
بمعناه الاصطلاحى المتعارف به بين المشأخرين من حيث الحد والحجية ؛ ونما كان بعضهم يعنى به
المعنى اللغرى » وبعضهم يطلقه على أحاديث أحد رواتها مجهول » وآخرون يطلقونه على الحديث
- وانظر لبيان ذلك كتاب الشيخ الفاضل ربيع بن هادى ١ تقسيم الحديث إلى صحيح وحسن
وضعيف )+
وأما الترمذى فهو أوّل من أطلق اسم الحسن الاصطلاحى » وجمل له حدًا » وشرط له شروطًا
وسوف يأتى الكلام عليه قرب إن شاء الله تعالى +
() قال الحافظ ابن حجر فى« النكت؟؛ (405/1):
«فسر القاضى أبو بكر بن عربى مخرج : بأن يكون من رواية راو قد اشتهر برواية حديث أهل
ونحوه - كان شان ) .
قلت : نص كلام ابن العربى - رحمه الله - فى « عارضة الأحوذى 6 (14/1):
« بعض أهل العلم قال :( الحسن ما عرف مخرجه واشتهر رجاله) » كحديث البصريين يخرج
: أى أن الحديث يكون محفوظًا غير شاذ » وهذا الشرط هو أحد شروط الصحة +
(1) ذا فحد الحسن يششرك مع حد الصحيح فى كل شروطه إلا شرط واحد وهو ضيط
الرواة» الذى ينزل عن ضبط راوى الصحيح إلا انه لايارح طلبقة لمحتج بحديشهم » فالشقة أدنى
درجة من الثقة الحافظ ومن الثقة اللبت » والشقة الذى يهم أدنى درجة من الثقة » مع أن الثقة الذ
يهم يُحتج بحديئه المحفوظ » ومثله الصدوق أدنى درجة من الثقة » وحديله محتج به » وهكذا . <
فأقول : الحسن ما ارنقى عن درجة الضعيف ؛ ولم يلغ درجة الصحة .
وإن شثت قلت : الحسن ما سلم من ضعف الرواة ؛ فهو حينعذ داخل فى قسم
الصحيح .
وحيشذ يكون الصحيح مراتب كما قدمناه ؛ والحسن ذا رتبة دون تلك المرائب»
فجاء الحسن مثلاً فى آ: آخر مراتب الصحيح 0.
- وأما لماذا لم يصطلح التقدمون حد الحسن ؟
قد وافق الثقات فى الحديث ؛ ؛ فضبط الراوي يُعرف بمدى موافقته أو مخالفته للثقات » ولماثبت
عندهم صحيحًا أى ًا «ومتى ثبت عندهم الحديث كان صحيحً » ولم يكونوا فى حاجة للتفريق
بين درجات الحديث من حيث الصحة إلى صحيح +وحسن مادام الحديث فنا عندهم .
ونا كانت العاية منهم فى التفريق بين درجات ضبط الرواة الثقات للمفاضلة بين رواياتهم
وللحكم على ما اختلف فيه بينهم .
ولذلك كان يكثر السؤال عن أصحاب الحافظ الكبير - من الثقات - فيمن يُقدُم فيه » مع أنهم
(+) عرف الحافظ اين حجر الحسن فى « نخبة الفكر » (نزهة : :8 ؟) » فقال +
؛ وخر الأحاد بقل حلام الضبط ؛ متصل السند» غير معلل » ولا شاذ» هو الصحيح لقانه
كان الحديث ضعيفًً» وإن تعددث الطرق » كما سوف يأنى بيانه إن ما. اء الله تعالى .