هذا الفصل عن دور مدن المشرق في الحركة الفكرية ؛ وأبرزٌ أسماء عدد من مؤرخي
معظمهم ولم تعرف بهم . ولا أحتاج إلى ذكر الأمثلة هم لأن سائر من درستهلم في
هذا الفصل يصلحون أمثلة لما ذكرت . ويكفي أن أقول : إنه لم يسبق أن أشار أحد
من الباحثين إلى أن أبا الحسين أحمد بن جعفر بن المنادي » وأبا بكر محماد بن عمر بن
سلم بن الحعاني سبقا الحطيب إلى التأليف في ( تاريخ بغداد ) +
وأما الفصل الثاني تناول كتب الحرح والتعديل الي اقنبس منها العطيب +
وبقع في ثلاثة مباحث » وقد أرخ هذا الفصل لعلماء الخرح والتعديل المصتفين منذ
القرن الثاني إلى منتصف القرن الخامس المهجري على سبيل الحصر ؛ وأحسب أنه أوسع
بحث في هذا الموضوع . وقد كشف عن مصلفات كثبرة ؛ وأوضح منهجها
ومحتوبائها ومكانة مؤلفيها . وموضوع هذا الفصل مشترك بين التاريخ والحديث +
وقد دأب القدامى والمح دثون على اعتبار علم الرجال من فروع علم التاريخ +
وأما الفصل الثالث : فقد تناول مصتّفات متنوعة من علم الرجال هي : كتب
الطبقات » والأسماء » والكنى والمؤتلف » والمختلف ؛ والوفيات 6 ومعاجم
الشيوخ .
وقد تناول بالدراسة العديد من المصتفين في هذه الفنون من علم الرجال وفيهم
أعلام لم تتناوهم الدراسات الحديثة في تاريخ الحديث مثل أني عمر محمد بن العباس
الخزاز ابن حبويه - ومحمد بن المثّى العنزي الزمن » وعبد الباقي :نقائع بنمرزوق»
وطلحة بن محمد بن جعفر الشاهد ومحمد بن مخلد الدوري » وأني الحسن محمد بن
العباس بن الفرات وغيرهم +
وأما الفصل الرابع : فتناول موارد الأحاديث التي وردت في ( تاريخ بغداد.)
وقد كشف هذا الفصل عن حقيقة مهمة ؛ وهي : عدم اعتماد الخطيب على الصحاح
الستة المعتمدة في الحديث » بل أخذ أحاديث ( تاريخ بغداد ) من كتب علم الرجال
وأما الفصل الخامس : فتناول شيوخ الخطيب الذين نقل عنهم في ( تاريخ بغداد)
وهم من أعلام المحدلين في عصره ؛ مما يلقي ضوءاً على الحركة الفكرية في القرث
الخامس الهجري .
وقد ألحقت ببذه الأبواب الثلاثة ثلاثة ملاحق : الأول بحتوي على أسماء رواة
الخطيب ؛ نما بوضح مدى انتشار تلك المصنفات ومعرفة ماكان متداولا منها
أما الملحتقى الثاني : فيتناول أسانيد الخطيب البغدادي إلى المصشفين الذين اققيس
من مصتقائم في تاريخ بغداد ) وذلك على سبيل الحصر ؛ مع بيان عدد النصورص
الي اققبسها الحطيب من كل طاريق منها . وهذا الملحق يخدم إعادة تحقيق ونش (تاريخ
بغداد ) من ناحية + كا يعدم تحقيق المخطوطات الي اقنبس منها الخطيب ؛ حيث
بين بعض أسانيد النسخ الخطية الي وصلت الا .
أما الممحق الثالث : فقد ذكرت فيه أسماء الكتب الي أوردها الخطيب البغدادي
في ( تاريخ بغداد ) مرتبة حسب مواضيعها .
إن المنهج الذي اتبعته في البحث هو الالتزام بسرد ماصتّف قبل الخطيب من
مصنفات في كل علم أو فن أفاد منه الخطيب في بناء كتابه ( تاريخ بغداد ) » ثم تديد
الكتب الي اقنبس منها واي أهملها .
ومن ثم فإن الرسالة تلقي ضوءاً على حركة التأليف في القرون الخمسة الأولى
الهجرية ؛ في ميادين احتلت مكان الصدارة في الحركة الفكرية » وهي ميادين التاريخ
والآدب والحديث وعلم الرجال .
من تسمية العديد من مصادره عن طريق المقابلة بين ( تاريخ بغداد ) والكتب اي
اقتبس منها ووصلت اليا سواء أكانت مخطوطة أو مطبوعة . وقد أثبتًالمقارنة في
الات
حوراي البحث ؛ وهذه المقارنات تخدم تحقيق الكتب ني لازالت خطية وااني اقتبس
منها الخطيب ؛ لأنها توضح مدى التطابق أو الاختلاف بين النسخة الي وصلت إلينا
من الكتاب والنسخة الي استعملها الخطيب البغدادي منه ؛ مما يعين على توضيح مدى
كمال النسخة الني وصلت إلينا +
وقد حرصت على جمع نصوص الكتب المفقودة ؛ وذلك يجرد الكتب التاريخية
والأدبية والرجالية الي اقنبست منها : وذلك لتحديد محتوى الكتب المفقودة ؛ وقاء
نبت مظان" تلك الاقتباسات في الحاشية ؛ وقد اقتضى ذلك مني جرد الكتب الضخمة
غير المفهرسة مثل : لهذيب التهذيب والإصابة -- وكلاهما لابن حجر الصقلاني -
والأنساب للسمعاني » والإكمال لابن ماكولا » وتاريخ الاسلام وتذكرة الحفاظ
وميزان الاعتدال .. وكلها للحافظ الذهي - وغيرها من الموسوعات التاربغية
والرجالية .
دين اقنبس الخطيب من مصتفانهم » فإن
كتب التراجم تقدأم معلومات مفصئلة عنهم + ولكي لايتسع البحث فإني اقتصرت
على المعلومات الأساسية التي تبين مكانة المصنشف العلمية بين أرباب علمه وفنه ؛ دون
ذكر أية تفصيلات عن حياته ؛ ولو حاولت الترجمة المسهبة لسائر المصنفين فإن حجم
الرسالة يتضاعف عشرين ضعفاً أو أكثر » تدل على ذلك دراستي لتقطويه التحوي
صفحة ؛ في حين لانستغرق مادته في الرسالة سوى ثماني صفحات » ووقعت دراسة
يعقوب بن سفيان في مقدمتي لكتابه ( كتاب المعرفة والتاريخ ) - والذي تنشرورئاسة
ديوان الأوقاق ببغداد . في ٠٠١ صفحة ؛ في حين لا يستغرق بحثه في رسالي سوى
الرسالة +
وبسبب ضخامة عدد الروايات في ( تاريخ بغداد ) فقاد اقتصرت على إحصاء
عدد الروايات المقتبسة من كل كتاب : دون الإشارة إلى مكانها في ( تاريخ بغداد )
في حواثي البحث » لأن ذلك يضيف إلى الرسالة حوالي المائة صفحة من الأرقام +
وسيغني عن ذلك وضع فهرس تفصيلي ل ( تاريخ بغداد )ء ومع ذلك فقد أشرت
إلى مواضعها عند الضرورة ٠
ولا يسعني في اتام إلا التوجه بالشكر الحزيل للأساتذة الأجلآء : الدكدور
حسن حبشي أستاذ التاريخ الوسيط والاسلامي بكلية آداب جامعة عين شمس ؛ الذي
أحمد العلي أستاذ التاريخ الاسلامي بكلية الآداب بجامعة بغداد + الذي أفادني كثيراً
بملاحظانه وتوجيهاته القيمة » والدكتور عبد المنعم حسنين رئيس قسم الدراسات
الشرقية بكلية آداب جامعة عين شمس » والدكتور حسن أحمد محمود وكبل كلية
الآداب بجامعة القاهرة ؛ لتجشمهما عناء قراءة الرسالة ومناقشتها .وقد أفدت من
المخطوطات المحفوظة في المكتبات العامة ببغداد ودمشق والقاهرة + كا أفات من
وأبتهل إلى الله العلي القدير أن يتقبل عملي » وبأخذ بيدي : إنه نعم المولى .
المؤلف
وفيه ثلاثة فصول هي :
الفصل الأول : حياة الخطيب وبيئته الثقافية
الفصل الثاني : مصنفات الخطيب ودراسة أهم ما بقي منها
الفصل الثالث : كتاب ( تاريخ بغداد ) : أهميته
وطبيعة إضافاته لني لم لسُندها
© ومنهج الخطيب فيه 6
حا اخطيب وَبيته الثقافية
المبحث الأول : البيئة الثقافية
المبحث الثاني : الخطيب البغدادي ؛ حياته » إفادته من علماء بغداد والواردين
لمحة عن الأحوال السياسية في عصر الحطيب ( 457-747 ه) :
فقد العالم الإسلامي وحدته - كدولة منذ القرن الثالث الهجري بظهورال يلات
الاسلامية الي تشهد بالاضمحلال السياسي للدولة العباسية ؛ وقد استمر هذا التكك
رغم زوال بعض اللأويلات ؛ إذ قامت دويلات أخرى على أنقاضها خلال القرنين
الرابع والخامس الجرَّبين ؛ فكانت قوى الفزنويين والسلاجقة تتحكم في المشرق
القولهم وقوة خصومهم
صلاحياتيم في نطاق ضيئق » بل شاركوهم حتى في بعض مظاهر الخلافة وشاراتا »
فكان الأمير سوبي هوالذي يصدر « الأوامر » وعلى الخليفة ١ توقيعها » للكتب
« الشراحية » أمام الرأي العام ولولا عمق جذور الحلافة العباسية وولاء الناس لما
لأسباب بالعقيدة الدينية + لما أبقى الْوَببِيون على وجودها حتى بالصورة ال مزية
طاعته .
وقد أكد الحليفتان القادر بالله !© والقائم بأمر الله )7( وهما اللذان توليا الخلافة
في عصر العطيب - على نفوذهما الديئي » وتقوية صلتهما بالرعية - وكلاهما عرف
بالورع والديانة وحسن الاعتقاد والعلم بالشريعة © حتى إن القادر أتف ,كتاباً في
العقائد على مذهب أهل الحديث كان يقرأ كل جمعة في جامع المهدي ببغداد؛ اولين
استعادة هيبة الخلافة لكن النفوذ الفعلي ظل بيد الأمراء البو ن عرفوا في
القرن الخامس الهجري يضعفهم وتنازعهم وعدم تنظيمهم جيشهم © فعاشت بغداد
ظروفاً قاسية اقتصادية واجتماعية » فكانت الأزمة الالية بسبب خراب الأراضي
الزراعية » وظهور الإقطاع العسكري الذي سار عليه البوبهيون » وكثرة الضرائب
الي أثقلت السكان ؛ واضطراب الأمن
وازدياد نشاط التُطّار والعبّارين الذين استغلوا ضعف السلطة للقيام بأعمال الملب
واللهب ٠
ومما زاد الطين بلنة قيام البويبيين بتشجيع الخلافات المذهبية بين السنة والشيعة
ببغداد من ناحية ؛ وضرب عناصر الحيش من الثرك والديلم ببعضهم من ناحية
أخرى 0 .
وفي ظروف الفوضى الي عانت منها بغداد كثبراً تقدم طغرلبك السلجوقي على
رأس جيش واحتل بغداد سئة 447 ه » وبذلك خضع العراق للحكم الملجوي ٠
ورغم اعتراف السلاطين السلاجقة بشرعية الخلافة العباسية لكونهم مت على
المذهب الحنفي - واحترامهم للخلفاء العباسيين ؛ وإعطائهم بعض الصلاحيات في
اختيار وزرامهم والتصرف بأموالهم » فإن السلطة الحقيقية كانت بيد السلطانالسلجوي
وليس الخليفة العبامي . ولكن ينبغي الاعتراف بالدور الايجاي للسلاطين السلاجقة
الثلاثة : ( طغرلبك ؛ وألب أرسلان ؛ وملكشاه ) في حماية الحلافة العباسية من
)١( انظر عن العمر البويمي
عبد العزيز الدوري : دراسات في التصور الما
وحن ابراهم حسن : تاريخ الاسلام ؟/لا - 4
وفاضل الغالدي ؛ الحياة السياسية ونام الحكم في المراق خلال القرن الخامس الحجري +
المقوط على ياد الفاطميين © وي التصدي للروم واكتساح آسيا الصغرى بعد النصر
الباهر في موقعة ملا كرد » وفي رعايتهم العلوم والآداب والفنون حيثيتألق اسم
وزيرهم نظام الممك مؤسس المدارس النظامية ببغداد ونيسابور وغيرهما . تلك المدارس
التي أسهمت في إنعاش دراسة العلوم الشرعية في العراق والمشرق () .
وفيما عدا ذلك فإن دور الدأؤيلات الاسلامية في تشجيع الحركة الفكرية في
القرن الخامس الحجري يبدو ضئيلا” إذا قورن بدور اللأويلات الني حكمت ليالقرنين
الثالث والرابع للهجرة » حيث يبرز دور الطاهريين والسامانيين في المشرقوالحمدانين
في الشام في تشجيع وتقريب العلماء والأدباء » بل إن الُوَيبيين في القرن الرابع - رغم
آثارهم الملبية شجع وزراؤهم أمثال ابن العميد والمهلي وسابور - وكلهم عرف
ياهتمام ظاهر بالآداب والعلوم الحركة الفكرية في العراق وإيران ١ .
إن تنافس الدويلات في القرن الرابع الهجري ولد تزاحماً على تشجيع العلماء
وتقريبهم كان له أثره البالغ في الانتاج المزدهر كنآ وتوعاً خلال هذه الفرة +
أما الدأويلات في القرن الخامس الحجري فقد أكدت على النواحي العسكرية
والسياسية بالدرجة الأولى .
الحركة الفكرية في القرن الخامس المهجري وبعض مراكزها
ولكن هل يعني ذلك توقف الحركة الفكرية ؟ وهل يتوقف نشاط العلماء على
تشجيع السلطة أو عدمه ؟.
(1) انظر عن سلاجقة العراق +
عيد النعيم تحمد : سلاجقة إبران والعراق + وحسن إبراهيم حسن : تاريخ الإسلام 1/6 -8*
وحن أبين + تاريخ التراق في ار الساجوق .
(*) آنم مث : الحضارة الإسلامية في القرن الرابع الحجري 1105/1 - 188 . ومحسود غناوي : الأدب
لا١ موارد الحطيب -؟