تقديم فضيلة العلامة/ محمد بن أحمد الجرافي
رئيس دار الإفتاء بالجمهورية اليمنية
لله ما قدمه الأخ العلامة عبدالحميد بن صالح آل أعوج سبر لطلبة
العلم وفقهائه من تحقيق لنخبة الفكر وشرح قصب السكر وثمرات النظر.
كتب مفيدة لا يستغني عنها العالم فكيف طالب العلم جزاه الله خيراً
ونفع به وزاده علماً ومعرفة وجزا الله مؤلفي هذه الكتب خيراً؛. ورضي
عنهم» ووفق طلاب علم الحديث إلى نشر ما يتعلق به ويشرح فوائده ووفقنا
تحريراً في جمادى الأولى سنة 476 اه
تقديم فضيلة القاضي العلامة/
محمد بن إسماعيل العمراني
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين
بإحسان إلى يوم الدين.
فهذا المجموع الذي قدمه الشاب النشيط العالم المحقق «عبدالحميد بن
صالح أعوج سبره لَمِنْ أفضل المجاميع العلمية ومن أكثرها فوائد ولاسيما
لطالب علم الحديث ورجاله لأنه قد جمع فيه « بة الفكر في مصطلح أهل
الأثر» لأمير المؤمنين في الحديث (الإمام الحافظ أحمد بن علي بن حجر
العسقلاني) رحمه الله مع ثلاثة أبحاث لم تنشر بعد وهي «ثمرات النظر في علم
الأثر» واقصب السكر نظم نخبة الفكر» و«إسبال المطر شرح قصب السكر»
وكلها فيها علم جم ونقد بنا وبقي على طالب الحديث ورجاله وأصوله بعد أن
انتشرت «نخبة الفكر» وعم نفعها في مشارق الديار الإسلامية ومغاربها الإطلاع
باحث أو ناقد ففيها أبحاث يشد إليها الرحال وقد أحسن الأستاذ العالم الفاضل
بجمع وتحقيق هذه الرسائل العلمية المفيدة فجزاه الله خيراً؛ وزاد في الشباب
محمد بن إسماعيل العمراتي
التعريف بالكتاب وأهميته.
ترجمة الحافظ ابن حجر العسقلاني.
ترجمة الإمام محمد بن إسماعيل الأمير.
وصف النسخ الخطية.
عملي في الكتاب.
نماذج النسخ الخطية.
مقدمة التحقيق
والسلام على المبعوث رحمة مهداة وعلى آله وصحبه ومن والاه.
أما بعد
فلا تخفى مكانة حديث رسول الله قو فهو «الذي وصفه الصادق الأمين
بمماثلة القرآن المبين حيث قال: «إني أوتيت القرآن ومثله معه»!'"؛ وهو العلم
ولابن الظهير الإربلي”":
فلم تنج من محدثاتالأمور بغيرالحديث وأريبايه
)١( أخرجه أحمد (191/4)؛ وغيره من حديث المقدام بن معد يكرب بإسناد صحيح
(؟) اقنباس من الروض الباسم (1/ 8 - 4) بتصرف بسيط
© أديب وشاعر - توفي سنة 2ه ترجم له الذهبي في الِيّر (/7 07
ولابن الوزير:
العلم ميراث النبي كذا أتى في النص والعلماء هم وراثه
فلناالحديث وراثةنبوية ولكل محدث بدعة إحداثه
فلما كانت هذه منزلة الحديث قام العديد من أهل العلم بجمعه
والاعتناء به فمقلٌ ومستكثرٌ وقد اهتم جماعة منهم يوضع أصوله وضوابط
قبوله فيما يسمى بعلم مصطلح الحديث - ولقد كان التوجه إلى التأليف فيه
كثير من أهل العلم بين إطناب وإيجاز كل بما فتح الله له.
«فمن أول من صنف في ذلك القاضي أبو محمد الرامهرمزي في كتابه
المحدث الفاصل لكنه لم سوس والحاكم أبو عبدالله النيسابوري لكنه لم
وأبقى أشياء للمتعقب.
ثم جاء بعدهم الخطيب أبو بكر البغدادي» فصنف في قوانين الرواية
جرماستاهة: «ما لا يسع المحدث جهله» وأمثال ذلك من
. اسمه «معرفة علوم الحديث على كتاب الحاكم» كما في التحبير (181/1) لأبي سعد السمعاني )١(
رتشديد الياء المفتوحة؛ بعدها ألف ثم نون مكسورة ثم جيم؛ ثم ياء
النسب» قال العلامة عبدالفتاح أبو غدة - رحمه ١١ تعليقاته على ظفر الأماني -
للعلامة اللكثري (ص49): والصواب في نسبته المَيَنشي - بالشين والجيم بدل عنه - و
بهذا ترجم له غير واحد - وهو عمر بن عبدالمجيد بن الحسن بن المهدي الميانشي
المغربي ثم المكي المتوفى سنة 881ه وقد ذكره العلامة ياقوت الحموي في كتابه
معجم البلدان (134/0) عند الكلام على ميّانش أ.ه كلامه» بتصرف بسيط
التصانيف التي اشتهرت وبسطت ليتوفر علمها واختصرت لينيسر فهمها إلى
أن جاء الحافظ الفقيه تقي الدين أبو عمرو عثمان بن الصلاح الشهرزوري -
نزيل دمشق فجمع لما ولي تدريس الحديث بالمدرسة الأشرفية - كتابه
على الوضع المتناسب» واعتنى الكتاب بتصانيف الخطيب المتفرقة؛ فجمع
شتات مقاصدها وضم إليها من غيرها نخب فوائدهاء فاجتمع في كتابه ما
تفرق في غيره؛ ولهذا عكف الناس عليه وساروا بسيره؛ فلا يحصى كم
ناظم له ومختصر ومستدرك عليه ومقتصر ومعارض له ومنتصرة"" وكان
ممن أدلى بدلوه الإمام الحافظ الحُجّة أحمد بن علي بن حجر - رحمه الله -
فصئَّف في هذا العلم مختصراً بديعاً سماء انخبة الفكر في مصطلح أهل
(فسألني بعض الإخوان أن ألخص له المهم من ذلك فلخصته في
أوراق لطيفة سميتها: «نخبة الفكر في مصطلح أهل الأثر» على ترتيب
ابتكرته؛ وسبيل انتهجته مع ما ضممته إليه من شوارد الفرائد وزوائد
في كل بقاع الأرض عند أهل العلم وطلبته - ولا أدل على ذلك من كثرة
الوزير - وهو حال في الديار اليمنية: «وهو أيضاً ممن عاصر المؤلف: 0
الحافظ كتب في سَفَرِه سنة سبع عشرة وثمانماثة مختصراً بديعاً في علوم
)١( اسمه «معرفة علوم الحديث» كذا سمه مؤلفه في صيانة صحيح مسلم (صة/) واشتهر
(8) نزهة النظر (ص ١4 - 15
© تزهة النظر (ص١1).
وكان من إعجاب ابن الوزير به أن ألف ما سماه ب«مختصر في علوم
الحديث» مخطوط”"' - وهو عبارة عن تعليقات على متن نخبة الفكر قال فيه -
كما في مقدمة إسبال المطر - : (لكنّه بقي عليه فيه ما يقيه من العين ولا يشعر
بمثله إلا في سواد العين» وأتدلل عليه بزيادة يسيرة أو تحرير عبارة عدلاً لا
«نزهة النظر» قال - رحمه الله - في مقدمتها:
ويوضح ما خفي على المبتدئ من ذلك» فأجبته إلى سؤاله رجاء الاندراج في تلك
لأن صاحب البيت أدرى بما فيها""» وظهر لي أن إيراده على صورة البسط أليق»
)١( نقل ذلك عنه ابن الأمير في مقدمة كتابه إسبال المطر على قصب السكر الآتي ذكره.
)00 له عدة نسخ في مكتبة الجامع الكبير (لمجموع 77/١ 160/3 - 138) و(مجموع 114
73 - 176 (وتجبيع تزف - 17 :8
كتابه الجواهر والدرر في ترجمة شيخ الإسلام ابن حجر (178/9) حيث قال: «وأشار
بقوله في خطبته: صاحب البيت أدرى بالذي فيه: إلى العلاّمة كمال الدين الشُمْتي +
فإنه كان شرحها وانتهى منه في رمضان سنة سبع عشرة وثمانماثة؛ وسمّاه: نتيجة النظر
في نخبة الفكرء وهو أكبر مِنْ شرح المصنف» أ.ه.
(4) تزهة النظر (ص16).
العلامة: محمد بن إسماعيل الأمير - الشهير بالصنعاني - فألف رسالة سمّاها
ثمرات النظر في علم الأثر عندما كان يُدَرّسٌ في هذا الكتاب ويذاكر فيه
مع بعض طلابه وكذا ألف منظومة سماها قصب السكر نظم نخبة الفكر
هذا الشرح والمشروح (المنظومة) جديرين وحقيقين بما سارت به الركبان
ونطق به كل لسان من الثناء عليهما والتوجيه بالاهتمام بمطالعتهما والاستفادة
منهما - ولقد كانا بحت مشابهين لأصلهما وهو نخبة الفكر في إقبال طلبة
العلم عليهما فكون متن نخبة الفكر تميز واشتهر من بين المؤلفات الأخرى
في مصطلح الحديث فكذا قصب السكر وإسبال المطر تميزا من بين سائر
المنظومات والشروح لمتن نخبة الفكرء
اين حجر رحمه الله - ألف متنه المذكور وهو في حال السفر إلى مكة -
ولقد عرف السفر باحتوائه المشقة والتعب إلا أن ذلك لم يمنع الحافظ من
إظهار إبداعه وما حباه الله من معارف وتسهيل وتيسير لها.
قال ابن الأمير:
ألّفها الحافظ في حال السفر وهو الشهاب بن علي بن حجر
أما ابن الأمير فيتجلى علو همته في كونه نظم هذا المتن في يوم واحد!!
قال - رحمه الله -:
طالعتهايوماآمنلأيام فاشتقت أن أودعها نظامي
فتمّ من بكرة ذاك اليوم لاسب لا
وكان هذا اليوم المبارك الذي أنجز فيه المؤلف منظومته في شهر صفر
سنة ثلاث وسبعين ومائة وألف
الأربعاء السابع عشر من شهر رجب سنة ثلاث وسبعين ومائة وألف.
نعم: إن المؤلف - أعني البدر الأمير رحمه الله - قد جعل كتابه هذا
«إسبال المطر على قصب السكر» رغم صغر حجمه - مليثاً بالفوائد - فقد
ّنه عند شرحه لأبيات المنظومة ما نص عليه الحافظ ابن حجر في الأصل
وهو نخبة الفكر - ويذكره ممزوجاً بشرحه الموسوم بنزهة النظر - لأن أهل
الدار أدرى بما فيها - ثم يضيف بما فتح الله عليه.
كذلك أدرج في كتابه هذا مجمل ما تضمنه مختصر ابن الوزير - قال
رحمه الله في مقدمة كتابه هذا - بعد ذكره لهذا المختصر - : (وإنما نقلته
بطوله لأني إن شاء الله تعالى - سأذكر ما انتقده ذهنه الوقاد وحرره من الأدلة
كذلك نقل كثيراً من التقريب للنووي وشرحه التدريب للسيوطي - بما
وهناك نقولات من مصادر أخرى.
ومن خلال كتاب ابن الأمير هذا وكتابه الآخر الموسوعي «توضيح
الأفكار شرح تنقيح الأنظار» وغيرهما .
يظهر لنا جلياً تميزه وعلو كعبه في هذا العلم بين علماء الديار اليمنية
وقد يسر الله لي الاهتمام والاعتناء بهذا المتن العظيم وهو نخبة الفكر
وأبحاث ابن الأمير حوله والمتمثلة في رسالة «ثمرات النظر» والنظم «قصب
السكر» وشرح النظم «إسبال المطر» وما شملته في طياتها من أبحاث -
وإذا وَجَدَ أحدٌ ما هو سِمَةٌ بالبشر - من خطأ أو سهو أو نسيان فليسدد
ويقارب ويصلح ما أمكن.