والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه
فإ سن الله في خلقه قضت بجبل بني آدم على الاجتماع والتعاون لتحصيل
واجب ولي الأمر أن يعمل على قطع دابر هذه الخصومات» ويحرص على نشر
الأمن حتى يطيب العيش» وتهنأ الحياة وتتقدم الأمة
ولكن ولي الأمر لا يستطيع أن يقوم بهذا الواجب بمفرده» بل لابد له من
أعوانٍ يعينونه على القيام به . ومن أبرز هؤلاه الأحوان رجال الشرطة» فقد ثبت
من خلال مراحل التاريخ أنّه لا يمكن الاستغناء بعد الله تعالل عنهم .
وما كانت شريعة الإسلام شريعة للناس كافة تلتّي ما بحتاجونه في أمور
حياتهم» فإنها لم تهمل جانب الشرطة» ولم تتركه يسير على غير هدى؛ حسب
حتى تحظى ويحظى المجتمع معها بسعادة الدنيا والآخرة؛ وما على ولاة الأمور
إلا اتباع هدي الشريعة حتى يفوزوا بهذه السعادة ويظفروا بالتوفيق والسّداد
وقد بسطت الحديث عن هذا الموضوع وعالجته بالأدلة اللازمة راجياً أن يجد
القارىء الكريم في ثنايا هذه الرسالة حقيقة ما أقصده وأعنيه .
أهميّة البحث
تكمن أهميةٌ البحث في أمرين:
الأمر الأول: وينبع من أهميّة وجود الشرطة ذاتهاء والأهداف المنشودة من
قيامها . فهذه الولاية هي التي تقوم بحراسة الأمن وحفظ النظام في المجتمع+
ولنا أن نتصوّر مدى ما يحدث لو خلت فجأة إحدى المدن الكبرى من رجال
الشرطة لمدة يوم أو يومين ثم نتساءل:
-من الذي سيقبض على أهل الشر؟ .
ومن ناحية أخرى ينبغي ألآ ننسى أنّ ولاية الشرطة هي الأساس الذي ترتكز
عن تنفيذ أوامرهاء وهي الأداة التي تمارس الدولة من خلاها أسلوبها في إقرار
العدل أو إشاعة الظلم .
الأمر الثاني: وينبع من ندرة ما كتب في هذا الموضيع عند الأقدمين
والمحدثين على حدٌ سواء » فالأقدمون لم يفردوا هذا الموضوع بكتاب - أو مبحث
مستقل -. والمحدثون كتبوه بلغة القانون الوضعي بعيداً عن مُدى الإسلام»
عابرة لا تروي الغليل ولا تسدّ حاجة المتعطش للبحث والتنقيب9.
ونظراً لهذين الأمرين» ونظراً لخطورة انحراف الشرطة في أعلها عن الطريق
الأقوم بقصد أو بغير قصدء فإني أسأل الله أن يكون في بحثي هذا بياناً علمياً
أسباب اختياره
يعود اختياري لبحث هذا الموضوع إلى جملة أسباب أهمها :
حرص الكثير من رجال الشرطة المعاصرين على النظر إلى الأعمال التي
يؤدونها تحت ضوء الشريعة
- تلهّف الكثير منهم لمعرفة إن كان أحد من السلف الصالح قد زاول هذه
الوظيفة .
حاجةٌ الدولة المسلمة لمعرفة خصائص هذه الولاية من أقرب طريق للعمل
بخس أوتهويل.
إظهار كمال الشريعة وتمامها وأنّها غيرٌ عاجزة عن احتواء كل المستجدات
في أعمال الشرطة» وتنظيمها با يحقق مصلحة الأمة
- إدراكي لأهمية الشرطة وأهمية الكتابة الشرعية في هذا الميدان البكر»
-دراستي وعملي في حال الشرطة لعدة سنوات.
خطة البحث
تشمل الخطةٌ التي سرث عليها في بحثي على افتتاحية ومقدمة وأربعة أبواب
-المقدمة؛ وتشمل التعريفات اللغوية والاصطلاحية .
-الباب الأول: نبذة تاريخية عن الشرطة؛ ويشمل ثلاثة فصول هي :
الفصل الأول : الشرطة قبل الإسلام
الفصل الثاني : الشرطة في صدر الإسلام .
الفصل الثالث: لمحات عن الشرطة في بعض العصور الإسلامية .
- الباب الثاني : ولاية الشرطة وبعض الولايات الإسلامية الأخرى» ويشمل
ثلاثة فصول هي :
الفصل الأول : الشرطة وولاية الأمصار.
الفصل الثاني : الشرطة وولاية القضاء :
الفصل الثالث: الشرطة وولاية الحسبة.
الباب الثالث : شروطُ رجلٍ الشرطة وآدابه؛ ويشمل فصلين هما :
الفصل الأول : شروط رجل الشرطة +
الفصل الثاني : آداب رجل الشرطة
- الباب الرابع : وظائف الشرطة وسلطاتها؛ ويشمل فصلين هما :
الفصل الأول : وظائف الشرطة
الفصل الثاني : سلطات الشرطة .
الخاتمة: وتشمل أهم نتائج البحث وتوصياته .
١-بعد تحديد القضية موضوع الدراسة أبداً بمعرفة حكم الشريعة فيها من
خلال مصادرها الأصلية وأقوال العلماء في ذلك . فإن لم يكن هناك نص
صريح رددت الأمر إلى قواعد الشريعة العامة .
7 وفي الوقت نفسه أعود لما وجدت من أبحاث وكتابات عصرية وآخذ منها ما
ومثل هذا يقال في شأن التطبيقات العملية التي تمارسها الشرطة في بعض
البلدان .
عند ذكر الدليل من القرآن والستة فإن أكتفي بذكر محل الشاهد فقط رغبة
في الاختصار مالم يكن هناك فائدة في ذكر الدليل كلّه
_راعيت نقل الأحاديث الشريفة من مراجعها الأصلية وذكرت حكم العلماء
البخاري ومسلم) لتلقي الأنمة أحاديثهما بالقبول .
ذكر الروايات الأخرى » أو الإشارة لمكان وجودها .
+7- حرصت على عدم الولوج في الجزئيات» ومناقشة آراء الفقهاء فيها. بل
ل أنتصر لمذهب دون آخر من المذاهب الفقهية» بل آخذ من هذا وذاك»
وأتبنى رأيّ صاحب الدليل والحجّة القويّة.
المقام إن لا أخفي كشرة الإشارات إلى شرطة المملكة لمكانتها |.
أحد أبنائها .
4 قمت بترجة الأعلام ممن ورد ذكرهم وهم رأي واختيار . في ثنايا هذه
مكانتهم التي تغني عن التعريف .
٠ إذا تضمّنت الحاشية الإشارة لأكثر من مصنف» فإتٍ أبدأ بذكر المصنّف
الشكر والتقدير
الشكر كل الشكرء والحمد كل الحمد للباريء سبحانه وتعالى الذي منّ علي
ألقاهايوم لا ينف مال ولا بون إلا من أنى الله بقلب سَليم .
ثمّ الشكر والتقدير لصاحب السمو الملكي وزير الداخلية وسمو نائبه راعيا
الأمن في هذا البلد الطاهر على جهودهما المتواصلة التي لا تعرف الكلل أو الملل
ليه في كافة الميادين؛ ومن ورائهم قادة الاأجهزة الأمنية الذين
الدعمُ والتأييد الذي تلقاه الجامعة "من لَدُنٍ حكومة خادم الحرمين الشريفين»
كما أشكر فضيلة مدير المعهد العالي للقضاء» وفضيلة وكيل المعهدٍ؛ وهيئة
وتسهيلات؛ مكتّني بحمد الله من إتمام هذا البحث .
والشكر الجزيل» والتقدير العظيم لفضيلة المشرف على الرسالة الشيخ عبد
الله الزايد» الداعية المعروف» فقد كان لي نعم الأستاذ والمرتّي» وفتح لي
أدعوَ له بالتوفيق والسداد» وأقول : جزاه الله عني وعن الإسلام والمسلمين خيرّ
كما أشكر صاحبي الفضيلة المناقشين الكريمين لتفضلهها بقراءة هذه
بذلاه لي من إرشاد وتوجيه؛ رغم مشاغلهها الكثيرة+ وأشكر كل الذين أفادوني
بعلويهم أو آرائهم واقتراحاتهم أو ساعدوني على إخراج البحث بهذه
عنه؛ وعن كل عيبٍ أو نقص + . وحسبي أنها محاولة لرسم معالم طريتٍ أرجو
أن تُبْعَ بمحاولات أخرى أفضل لبناء وإثراء مكتبة الشرطة الإسلامية بهذا اللون
من البحوث» واستفادة أصحاب الشأن منها .
والله الموفق والهادي إلى سواء السبيل وصل الله وسلم على نبيّنا وعلى آله
التعريفات اللغوية والاصطلاحية
بفتح الواو» التصرة؛ وبكسرها السلطان والخطّة (كالإمارة والتقابة) .
والبلاد التي يتسلط عليها الوالي. قال ابن الأثير: وكأنّ الولاية تشعر
بالتدبير والقدرة والفعل .
والولي : بفتح الواو وسكون اللام بعدهاء القرب والدنوء والمطر بعد المطر.
وبفتح الواو وتشديد الياء بعدهاء تعني اللحبّ والصّديق والتصير
ويلاحظ من خلال استعراض المعاني اللغوية» أنّ مدلول كلمة ولي لا يخرج
في عمومه عن معنى الحبّ والنصرة والسّيادة والقدرة والتدبيى.
فصل الواوء ج 4 ؛ ص 404 . المعجم الوسيط» ماد (ولي)ء ج +١ ص ٠١88