تحدث عن التاريخ في عصره.
ورغم ما تعرضت له مصنفات هذا الإمام العالم العلامة من
بعدهم» تثبت له الصدارة فتجعله مؤرخ عصره وأستاذ جيله.
وأن كتاب الوفيات للبرزالي رحمه الله يجعل من ينظر فيه لا
يستطيع أن يمر به مرور العابرين» بل تستوقفه القدرة الفائقة لهذا
المصنف» ليستمتع بأدبه الرائق وأسلوبه الدقيق ومتابعاته اللطيفة وتفرده
يذكر الحوادث والوفيات» خاصة وأنه يكتب عن أهل عصره المليء
بالحوادث والأخبار.
وبمجرد النظر في أي كتاب عاصره أو جاء بعده» سنجد بسهولة
ذكر البرزالي رحمه الله يتردد في تراجم أهل هذه الطبقة.
ومن أشهر من أخذ عنه من معاصريه ابن رافع السلامي لَْلقةِ ت
8 ه والذي رتب كتابه الوفيات على طريقة البرزالي في التصنيف
كما ذكر في مقدمة كتابه.
معظم مصنفاته في التواريخ والطبقات ومعاجم الشيوخ.
ثم من جاء بعدهم مثل ابن حجر لله ت 807 ه في الدرر
ابن العماد لله ت ٠084 ه في شذرات الذهب» ولا يخلو كتاب
الشوكاني تلم ت ١760 ه البدر الطالع من فوائد البرزالي تكله ٠
ورغم أن المصنف رحمه الله دون هذه الوفيات ما بين سنة مولده
8ه الى سنة 1778 ه» غير أن الموجود بين أيدينا عبارة عن قطعة
صغيرة منه وهي عبارة عن عشر سنوات ما بين (4 118-10 ه)؛ وعلى
هذا نقدر الكم الهائل من التراجم والأخبار والحوادث التي احتواها
الكتاب الأصل» ولعل الزمان يسمح بالعثور على بقية الكتاب إن شاء
وقد تميز هذا السفر الجليل بعدة مميزات تفرد بها دون غيره من
المصنفات من كتب التراجم والتواريخ ومعاجم الشيوخ والوفيات ومن
١ - الدقة المتناهية في ذكر التراجم حيث حوت هذه السنوات
العشر من هذا الكتاب على (787) ترجمة»؛ تابع فيها من عاصرهم من
محدثين ورواة ومصنفين وقضاة وأمراء وقادة وسواهم من أهل العصر
مشاهير ومغمورين؛ وتميز بذكر طبقة واسعة من الشباب ممن لم يبلغوا
التراجم عادة» ولهذا تفرد بذكرهم دون غيره من المصنفين»؛ مسجلا
* - اهتمامه الواضح بتراجم النساء؛ فقد ذكر لهن أكثر من 3600
وفيات البرزالي
ترجة ما بين محدثة وراوية متصلة بأهل الخير والعلم» أو الإمارة
© - يعتبر هذا الكتاب وصفا راقيا للمجتمع المدني المتحضر في
القرن الثامن الهجري في مصر وبلاد الشام؛ فهو يدون أسماء عدد
ضخم من معالم الحياة اليومية» ومن ذلك ذكره أكثر من (10) مدرسة
لشتى المذاهب وما كان يدرس فيها من فنون العلوم الإسلامية؛ من فقه
وحديث ولغة وأدب وحساب وطب» وذكر من كان يقوم عليها من
واقفين ومدرسين ومعيدين» وأسماء الكتب التي صنفها المترجم لهم
ومع المدارس ذكر أكثر من (00) من المساجد والجوامع؛ وزيادة
على )7١( سوقا في شتى أنواع السلع والمنتوجات» بالإضافة الى ذكر
مرافق الحياة العامة من حمامات وخانات وميادين ومقابر وترب ودواوين
ودروب وزوايا وأربطة وقصور وقلاع ومارستانات» ليدلل على ما كانت
تتميز به المجتمعات الإسلامية في تلك الفترة من حضارة ورقي٠
4 - ومن اللطائف الخاصة بهذا الكتاب» متابعة مصنفه البرزالي
رحمه الله لأمور شيخه وصاحبه شيخ الإسلام ابن تيمية لَكْللْهِ ات
48 ه؛ فهو يدون كل ما يدور حوله من أحداث تتصل به من قريب
أو بعيد» ويذكر كل من يمت له بصلة قرابة أو نسب وصحبة أو بحب
وعداوة» لدرجة أنه ذكر لأهل مدينة حران بلد شيخه (74) ترججة خلال
في آخر الكتاب.
٠ - ورغم أن المصنف تله رتب كتابه هذا على الوفيات» إلا
أن الصنعة تغلب على الصانع» فلا تزال يده المباركة تسبقه لتدوين
الأحداث» ويتسارع ذهنه المؤرخ ليذكر بين ترجة وأخرى ما يمر به من
أخبار» ولهذا يعتبر الكتاب قطعة فريدة تضاف للتاريخ الإسلامي عامة
ولتاريخ بلاد الشام ومصر خاصة في القرن الثامن الهجري.
التاريخي بكل ما يدور حوله في الحياة العامة من أحوال الناس من
تعيين للقضاة ومشايخ التدريس والولاة والحكام» وأخبار الحج
والمحمل السلطاني ومتى يخرج ويدخل الركب في كل عام.
ثم اهتمامه بالناحية السياسية فهو معاصر لأحوال تقلب سلطئة
المماليك» وخاصة عصر الناصر محمد بن قلاوون؛ وما جاور هذه
السلطنة من أشراف مكة وممالك التتار والعثمانيين.
وصف النسخة المخطوطة:
النسخة في مجلدين؛ وهي من ضمن محفوظات مكتبة جامعة ليدن
بهولنداء تحت رقمين (70848 - 7044)» يحتوي الأول على (777)
بعض الشيء؛ وفي كل صفحة منها (18) سطرء وجاء في آخر الكتاب
ما نصه أنها نسخت بتاريخ «خامس عشر المحرم ثاني وخمسين وسبع
ماثة؛ على يد العبد الضعيف»؛ محمد بن الحسين بن محمد بن عبدالله
ابن محمد البخاري». ونسخة المخطوطة محفوظة بخزانة مكتبة
المخطوطات بجامعة الكويت تحت الأرقام (1840 - 1844)» والذي
تكرم الأستاذ الفاضل والأخ الكريم أبو عايض صلاح الشلاحي
مكتبة المخطوطات بالجامعة» جعل الله ذلك في ميزان حسناته يوم
وهذه النسخة عبارة عن قطعة من كتاب «الوفيات» للبرزالي
تله المفقود؛ وهي تشتمل على وفيات السنوات (4 10 - 1/18 ه).
مواضع منها بالأرضة والطمس أوفشو الحبر وهي على النحو التالي:
- الورقة الأولى في بداية المجلد الأول تعرضت للأرضة بشكل
- الورقة الأولى في بداية المجلد الثاني تأثرت تأثرا شديدا
طمست الورقة كلها بشكل يستحيل الاستفادة منها.
- ووقع في ستة مواضع مختلفة من المخطوط سقط» وهو بعد
الأوراق التالية (64» مت 727 83 ٠0٠ 137) يقدر بثمانية
أوراق تقريياء
- الأوراق الستة الأخيرة من المجلد الأول احتاجت الى إعادة
ترتيب ثم نقلها بعد ذلك الى موضعها الصحيح في نهاية المجلد الثاني +
شكر وتقدير:
وفي ختام الحديث عن هذا السفر المبارك للإمام العلامة العلم
الحسنات يوم القيامة؛ وأن يثيب الجنة كل من شارك في إنجاز هذا
محمد البخاري أحسن الله ثوابه ومن كان السبب في وصل هذه
النسخة الى مكتبة المخطوطات بجامعة الكويت الشيخ الفاضل والأستاذ
وسابق جوده ونعمه؛ وما كان من تقصير وخلل فمن نفسي والشيطان»
وصلي اللهم وبارك على محمد النبي الأمي الأمين وعلى آله وصحبه
أجعين» ومن تبعهم بإحسان الى يوم الدين اللهم آمين.
الكويت - الفحاحيل الزاهرة
الاثنين /١ ذو الحجة 1675ه
الموافق /١7 يناير/ 1006م
وكتب أبو يحيى عبد الله الكتدري
وفيات البرزالي
ترجمة المصنف البرزالي كَكَلَثه
مؤرخ الإسلام؛ علم الدينء أبو محمد القاسم بن العدل الكبير بهاء
الدين محمد بن يوسف بن الحافظ زكي الدين البرزالي.
ولد بدمشق ليلة العاشر من جادى الأولى سنة خمس وستين
المصنف وأهل بيته رحمهم الله:
يعود نسب الإمام البرزالي تكله الى قبيلة برزالة في بلاد المغرب
وهي قبيلة قليلة العدد هناك.
- وأول من قدم من آل البرزالي الى المشرق جده الأكبر الشيخغ
الإمام المحدث الحافظ الرحال مفيد الجماعة زكي الدين أبو عبدالله
محمد بن يوسف بن محمد بن أبي يداس البرزالي الأشبيلي ''"؛ قدم
وكتابة الآثار» فجال في بلاد مصر والشام والمشرق حتى بلغ خراسان
وهراة و نيسابور» ثم أنه استوطن دمشق» وكتب عمن دب ودرج؛
٠ 314/7 سير أعلام النبلاء للذهبي: 05/773 (70©) شذرات الذهب: )١(
وفيات البرزالي '
وكان ريض الأخلاق بشوشاء سهل الإعارة كثير الاحتمال» وكان
يحفظ ويذاكر مذاكرة حسنة؛ وكانت وفاته في رمضان سنة ست
- وأما ولده المحدث يوسف”'؟ جد المصنف رحمه الله فقد
توفي سنة ثلاث وأربعين شابا له ثلاث وعشرون سنة.
- وخلف بعده ولده بهاء الدين أبو الفضل محمد" صغيراء والد
المصنف َكل وقد كفله جده لأمه علم الدين اللورقي الأندلسي
المقرئا» وترجم الذهبي للبهاء البرزالي في معجم شيوخه فقال: الإمام
المقرئ العدل الرضي المأمون الخير الصالح كبير الشهود» ساد أهل
زمانه لحسن خطه وجودة معرفته وكمال عدالته وتصونه؛ توفي في
شوال سئة تسع وتسعين وستمائة.
- وأما عن ذرية الإمام البرزالي لَْلفْهِ فقد رزقه الله عز وجل
- أبو الفضل محمد”"» ومولده ليلة العشرين من المحرم سئة
خمس وتسعين وستمائة؛ عاش ثماني عشر سنة وأياماء وتوفي ليلة
السبت وقت الصبح الثامن من المحرم سنة ثلاث عشر وسبعمائة.
)١( سير أعلام التبلاء: 77//ا8 (8؟) +
(1) سير أعلام النبلاء: 17//ا5 (74) معجم شيوخ الذهبي: 7077/7 (8110) +
(© انظر ترجتة ص: 144 +
- عبد الرحمن”"'"» وعاش حتى كمل الأربعين يوما ومات بكرة
الإثنين الحادي والعشرين من رمضان سنة أربع عشر وسبعماثة.
- عبد الله”؟» توفي ليلة الأربعاء الثاني والعشرين من شهر ربيع
الأول سنة ثماني عشر وسبع ماثة؛ وكان له من العمر سنة ونصف
الحديث الشريف من جاعة؛ وكتبت البخاري في ثلاثة عشر مجلدا
فقابله لها والدها المصنف كله وكان يقرأ فيه على الحافظ المزي
ربعة شريفة من المصحف وأحكام المجد ابن تيمية وعدة أجزاء
توفيت في سنة إحدى وثلاثين وسبع مائة.
كتب الله عز وجل ثواب صبر والدهم الجنة؛ وجعلهم فرطا له
وفي ميزان حسناته يوم القيامة اللهم آمين.
طلبه للعلم ومشاهير مشايخه:
نشأ المصنف لَْلثُهِ في بيئة علمية ساعدته على التبكير في
الطلب فقد سعى والده في حفظه للقران الكريم ثم التنبيه» وكان أول
سماعه في سنة ثلاث وسبعين؛ ومن قدماء مشايخه والده ثم عزالدين
)١( انظر ترجمته ص: 718 +
(7) انظر ترجته ص : 7179 .
(© البداية والنهاية لابن كثير: 188/17 ضمن ترجة أبيهاء شذرات الذهب: 114/8
أعلام النساء لكحالة: 41/4 2