أي بعد إناء كتابي بعام ونصف تقريباً فتلقفته بشغف بالغ فلما مضيت
تمثلت بقول الشاعر :
ونستكبر. الأخبار قبل لقائه فلما التقينا كذب الخبر الخبر(!)
وقد وجدت في الكتاب خللا” في البحث العلمي + وفي تطبيق القواعد
في وجوه ثلاثة :
الأول : أنه قد يتعقبه في الكتاب بحديث لا تعلق له بموطن التزاع ٠
» قال ابن بدر . باب النهي عن الصلاة على الحنازة في المسجد .
لا يصح عن رسول الله عكر شيء في هذا الباب » .
فنقل الشيخ القدسي كلام ابن همان الدمشقي في « التنكيت والإفادة »
صالح مولى التوأمة عن أبي هريرة رفعه « من صلى على ميت في المسجد
فليس له شيء » ثم شرع بثبت صحة الحديث 6 .
قلت : لا ريب في صحة الحديث ولكن البحث يتعلق بالحسلة الأخيرة
من الحديث وهي : د فليس له شيء» . وقد رووا هذا الحديث بأربعة
ألفاظ :
الأول : « فلا شيء» وهي في بعض اسخ السأن .
الثاني : « فلا شيء عليه ؛ وهي في بعض نسخ الحطيب .
الثالث : ١ فلا شيء له ؛ وهي رواية لابن ماجة .
الرابع : ؛ فليس له أجر » ذكره ابن عبد البر في « التمهية؛ :هو
خطأ لا إشكال فيه والصحيح « فلا شيء عليه 6 .
نقل ذلك ابن القيم رحمه الله تعالى في «لهذيب سنن أبي داود»
(8/ 474 - عون ) وقال : « وهذا الذي قاله أبو عمر هو الصواب » أه .
قلت : وهو كما قال إن شاء الله تعالى . يؤيده ما أخرجه مسلم (470)
الله يلك على سهيل بن البيضاء إلا في المسجد » .
فبهذا الحديث ذهب الجمهور إلى جواز الصلاة على الحنازة في المسجد .
حكاه الحافظ في الفتح .
ن بدر قد يضعف الحديث . فيذكر القدني أو يتقل
ثم يشرع في بيان ضعفه . فما معنى التعقب هنا ؟
من ذلك : « باب أن السخي قريب من الله والبخيل بعيد من الله .
نقل ابن بدر عن الدارقطني قوله : 5لا يثبت منها شيء بوجه») فذكر
السيوطي . وحاصل هذا التعقب أن الحديث ضيعيف لا موضوع (!)
ومن ذلك أيضاً « باب كراهية الاسراف في الوضوءه. قال ابن بدر :
« قد ورد أن للوضوء شيطاناً يقال له الولهان فاتقوا وسواس الماء » . قال
ومن ذلك أيضاً : « باب كل قرض جر نفعاً فهو ربا » قال ابن بدر :
صاعين » فتعقبه صاحب « الانتقاد » بما يؤيد قوله .
وهناك أمثلة أخرى غير ما ذكرت .
تحته . وهذا القسم هو غالب أوهام الكتاب كما بأني إن شاء الله .
ثم اعلم أن الشيخ القدسي رحمه الله ما وضع في « الانتقاد شيئاً
الدمشقي من “-كتابه « التنكيت والإفادة » فأي انتقاد اذكره فهو موجه
لابن همان رحمه الله في المقام الأول
من ذلك « باب في العقل . قال ابن بدر : قال العقيلي : لا يثبت في
هذا المتن شيء 2
نقل الشيخ القدسي عن «التنكيت والإفادة »؛ حديث ؛ لا لق الله
العقل قال له أقبل فأقبل ثم قال له أدبر فأدبر فقال : ما خلقت خلفاً أشرف
« موضوع باتفاق » قال السيوطي : ١ قلت تابع الزركشي في ذلك ابن
وائد الزهد » قال : حدثنا علي بن مسلم ثنا سيار ثنا جعفر ثنا مالك
ديثار عن الحسن يرفعه : « لا مخلى الله العقل قال له أقبل ... الحديث »
وهذا مرسل جيد الاسناد ... ثم نقل القدءدي عن الزبيدي أنه قال في
« شرح الإحياء » : ؛ وقد ورد في العقل أحاديث صححها بعض الأئمة 6 .
قلت : وهكذا يكون التحقيق العلمي (!) والحواب عن ذنك من
وجوه :
الأول : أنه لا يصح في فضائل العقل حديث يثبت عن النبي بهم
« روضة العقلاء» أخرج أول حديث فيه يحض على مكارم الأخلاق وينهى
عن سفاسقها ثم قال رص -- ١6 ) : ؛ لست أحفظ عن النبي ع خبراً
صحيحاً في العقل . لأن أبان بن أبي عياش وسلمة بن وردان وعمير بن
عبد ربه وداود بن المحبر والحسن بن دينار وعباد بن كثير وميسرة بن
عبد ربه وعلي بن زيد ومنصور بن صفر وذويهم ليسوا ممن احتج بأخبارهم
فأخرج ما عندهم من الأحاديث في العقل ؛ . أه.
وهذا من أغرب ما يكون . ومعلوم أن المراسيل كلها ضعيفة عند جمهور
أهل الحديث وكثير من الفقهاء . ولو قبلت المراسيل فإن مراسيل الحسن
خاصة لا تقبل لاشتهاره أنه يأخذ عن كل من دب ودرج حى عبروا
عنها بقوهم : د مراسيل الحسن شبه الريح » (1) يعني لا تجد لها أصلا +
ومع ما تقدم فإن في الاسناد علة أخرى غير الإرسال وهي سيار ابن حاتم
وأبو أحمد الحاكم . فكيف يقال في هذا الاسناد : « أنه جيد » (!)
الثالث : قول الزبيدي أن بعض الأنمة صحح أحاديثا في العقل ...
قلت : هو يقصد الحاكم وسيأني ذكر ما في تصحيحه قرياً إن شاء
الله تعالى .
ثم وقفت على كتاب «الاسلام والعقل على ضوء القرآن الكريم
والحديث النبوي » للدكتور صلاح الدين المنجد . فوجدته لهافت في هذا
زلاته فيه : وسأناقش مجمل ما ذكره في هذا الكتاب لشدة تعلقه بما نحن
بصددة .
فتقل الأستاذ الدكتور ما زعمه الكوثري في مقدمة كتاب «العقل
وفضله » لابن أبي الدنيا قال : « إن المعتزلة لما تغالوا في تحكم العقل تغالى
كثير من الرواة في رد كل ما ورد في فضل العقل نكاية في هؤلاء (!)
والحق بين طرقي الإفراط والتفريط » (!)
فنقل الأستاذ قول الكوثري مؤيداً وقال : ١ فموقف الممتزلة هو الذي
دفع علماء الأثر إل رفض فضائل العقل 6 .
قلت : وهذا قول يليق بالكوثري وتعصبه فقد كان يكيد لأهل الأثر
ويتهمهم بالحشوية وغير ذلك وليس المحدثون بهذه المكانة من قلة الدين
والورع حتى يردوا الأحاديث الثابتة نكاية في مخالفيهم وإنما ردوها لأنها
لم تنقل إلا من طرق الكذابين وسراق الأحاديث أو من طرق المغفلين
من الرواة . ودائماً يبول الكوثري هذا التهويل إذا لم يجد على ما يقول
دليل فكان الواجب عليه بدلا" من المغالطة أن يثيت بالنقد العلمي التزيه
خطأ المحدثين في رد أحاديث العقل ثم قد يموغ له هذا التشغيب ولكن
هيهات أن يستطيع .
ومن اشتهروا بوضع أحاديث العقل داود بن المحبر فحاول الأستاذ
أن يسلك مسلك التحقيق ودافع عن داود وساق فيه كلمات لبعض الأئمة
منهم أحمد بن حنبل وابن معين والدارقطني وغيرهم ثم قال رص -
3 : « فتلاحظ مما ذكرنا أن الدارقطني المتوفي سنة 5لا م أي بعد
ابن المحبر بنحو أكثر من قرنين ونصف يقول : « ابن المحبر متروك
الحديش وال ماوق وأن اين مجن التي سلة 077ب العأعير لابن المحبر
ثم قال : « ونحن (!) نميل إلى قول ابن معين لسبيين :
الأول : أنه كان في عصر ابن المحبر ولعله (!) أدرى بأخباره وأحواله
من الدارقطني الذي توفي بعد ابن المحبر بماثتين وتسع وسبعين سنة (!)
الثاني : أن ابن معين له في الحديث مقام عال معروف فلا يتهم بعدم
معرفة الرجال أو بالتهاون » +
قلت : هذا هو التحقيق العلمي (!) الذي سلكه الأستاذ وغو فاسد
من وجوه
الأول : أن المعاصرة ليست شرطاآ في الحكم على الراوي : ذلك أن
الناقد إنما بحكم على الراوي بمجموع ما وصله من حديثه فإن و مستقيماً
يشبه أحاديث الثقات وغلب عليه انتفاء الوهم ونحوه حكم وإث
كانت الأخرى كان الحكم بحسب الخلل الذي وقع في أحاديث ذلك
الراوي . وقد حكم ابن معين وغيره على مثات من الرواة لم يدركهم
ومع ذلك فلم يقل أحد أن كلامهم غير معتبر فيهم +
الثاني : أن الأستاذ جعل يدندن حول عبارة الدارقطني وأنه ولد
بعد ابن المحبر بأكثر من قرنين كأن الدارقطني وخده هو المتفرد يجرح
ابن المحبر . وهذا عجيب فقد طعن في ابن المحبر عامة الأئمة وفيهم من
قال أحمد : « كان لا يدري ما الحديث » . وقال ابن المديي :
ذهب حديثه + . وقال الحوزجاني : « كان مضطرب الأمر » . وقال
آي زرعة ؛ « ضيعيف الحديث». وقال أبو حانم : « ذاهب الحديث
غير ثقة » . وقال النسافي : « ضعيف » . وقال صالح بن محمد : ١ ضعيف
صاحب مناكبر كان يكذب وبُضعف في الحديث » . وقال ابن عدي :
«صنف كتاباً في فضائل العقل وفيه أخبار كلها أو عامتها غير محفوظات
وله أحاديث صالحة في غير كتاب العقل 4 .
وقال ابن حبان : ١ كان يضع الحديث على الثقات وبروي عن
الثقات المقلوبات » .
وقال الأزدي : « متروك 6 .
وقال الحاكم : « حدث ببغداد عن جماعة من الثقات بأحاديث
موضوعة كذبه أحمد بن حنبل 6 .
قلت : تجشمت نقل أغلب عبارات الأثمة في ابن المحبر ليعلم الأستاذ
وهاء الدعوى الي تبناها . وإذا كان هذا رأي هؤلاء الأثمة في ابن المحبر
فلا يعتبر رأي ابن معين معهم وذلك أن الصواب حليف الجماعة .
الثالث : أنه مما يضعف توثيق ابن معين القاعدة الي خالفها الدكتور
المنجد وعليها عامة أهل الحديث وهي أن الخرح مقدم على التعديل لاسيما
إن كان مفسراً . وجرح ابن المحبر مفسر بلا شك بالكذب في الحديث
وبسرقته له وباضطرابه في الرواية . وشيء واحد من ذلك كفيل بإسقاطه
فكيف بها مجتمعة ؟
الرابع : أنه لو تشبث رجل ب
اثيق ابن معينلا يخالف تكذيب غ, في حقيقة الأمر . ذلك أن امارح
يقول للمعدل : « أنا معك في أن ظاهر أمره التوثيق ولكني اغتبرت
باطنه فزدت عليك بأنه كذاب . والزيادة هذه والي تعرف بتفسير الخرح
أن النقل اختلف عن ابن معين في ابن المحبر . فقل ابن
بن معين قال : ١ المحبر وولده ضعاف » ولا أدري هل
ن معين وأصر عليه قلنا : إن
الخامس :
رأى الدكتور المنجد هذه العبارة في « التهذيب » أم لا؟ ولا ريب أن
الأخذ بكلام ابن معين الموافق للجماعة أولى من الأخذ بكلامه المخالف
السادس : أن ابن معين له مقام عال في الحديث فنعم » وأنه لا يتهم
بالتهاون معهم فنعم إلا ما شاء الله (!) ولكن ليس ابن معين ممن يعلم
الغيب حتى يطلع على دخائل النفس . وقد كان مهيباً من الرواة © بم نه
وبخشون جانبه حتى قال أبو حاتم : « إذا رأيت الرجل يبغض ابن معين
فاعلم أنه كذاب» فكان الراوي من أولئك يتجمل أمام ابن معين ويظهر
الاستقامة في التحديث أثناء وجوده خشية أن يقول ابن معين فيه كلمة
فيسقط رأسماله كله إلى يوم القيامة (!) ومن جراء هذا وثق ابن معين
بعض المشهورين بالكذلب (!)
من ذلك محمد بن القامم الأسدي .
كذبه أحمد وأبو داود وابن حبان والدارقطي وقال النسائي : « ليس
بثقة» وقال البخاري عن أحمد : « رمينا حديثه » ومع ذلك فنقل ابن
أبي خيئمة عن ابن معين أنه قال فيه : 9 ثقة وقد كتبت منه» فأيهما
يقدم يا ترى ؟ إسقاط عامة الأثمة له أم توثيق ابن معين ؟ لاريب في
قبول كلام الناس فيه +
قال الشيخ العلامة ذهبي العصر المعلمي اليماني رحمه الله تعالى في
شديداً فالظاهر أنه من الذي كانوا يتجملون أمام ابن معين فإنما يزيده
ذلك التوثيق وهنا لدلالته على أنه كان يتعماء ؟ .
قلت : وقد تقدم مثال آخر لمثل هذا .
فقد حاول الكوثري في مقدمته على ١ كتاب العقل وفضله » أن يدفع
انبام أهل الحديث لابن المحبر واعتمد على قول من وثقه ضارباً بكلام
الحارحين عرض الحائط مخالفاً يذلك أصول التحقيق العلمي . فإنا له (!)
والكوثري كان ممن يجيد العب على الحبلين فحيث بحط هواه رحله
فإنه بحط رحله أيضاً (!) فلما احتاج إلى الدفاع عن ابن المحبر فعل +
وحيث أراد الطعن فيه فعل . فتراه يقول في «تأنيب الحطيب » (رص -
4 ) : د اين المحبر متروك باتفاق » فواعجباه لتحري الحق (!)
ثم أراد الدكتور المنجد أن يقوي الروايات الواردة في فضائل العقل
فقال (رص - #) بعد أن ذكر كتاب ابن أبي الدنيا : « وابن أبي
الدنيا لم يطعن فيه أحد من الأقدمين ... ثم ساق ثناء الناس عليه »
قلت : كأن الدكتور المنجد يذهب إلى أن ثقة ابن أبي الدنيا تجعلنا
نقبل ما رواه في فضائل العقل . وين كان ذلك صحيحاً فتلك ثالثة الأثاني
يا دكتور (!) . بل إني أشتهي أن يخبرني الدكتور بمن قال أن لابن أبي
الدنيا في كتبه شرط كشرط البخاري ومسلم مثلا" حتى تقبل مروياته.
فإن قيل : ما دام أن ابن أبي الدنيا إمام ثقة فهو لا يستجيز رواية الأحاديث
الموضوعة في كتبه من غير تنبيه عليها ؟ فثبت المطلوب .
أقول : ابن أبي الدنيا من المتقدمين ؛ وجل طريقتهم جمع الأحاديث
القول المشهور عندهم : « إذا كتبت فقمش وإذا حدثت ففتش » يعني
ان تفتش عن مروياتك . يوضحه : أن الرجل منهم كان يرحل إلى الفيخ
ليسمع منه فلو جعل يفتش عن ثبوت كل حديث فاته من الشيخ الكثير
وريما مات الشيخ أو رحل إلى بلد آخر يتعذر على كل طلاب العلم أن
أراد الواحد منهم أن يحدث فإنه حينئذر يفتش ويتحقق من لبوت الحديث .
ولقائل أن يقول : هذا صحيح ولكنه اعتذار يحتاج إلى اعتذار (!) وما
قلته إنما يكون مقبولا” في حال جمعهم العلم أما في حال تصنيفهم فلا يجوز
أقول : هذا صحيح . وقد أجاب العلماء عن ذلك بأجوبة أرجحها
أن المحدث طلما قرن مع الحديث الوسيلة الي يمكن بها معرفة صحة
الحديث من عدمه ألا وهي الإسناد فقد برلت عهدته منه وإنما بأ
حذف الاسناد وساق الحديث . وعلة الإثم هنا أن المحدث أو الناقد إذا
الإسناد توقف ولم يأت بشيء لفقدان
وخلاصة الأمر أن ابن أبي الدنيا يروي الحديث بإسناده غير مشترط
لنفسه أن بخرج الصحيح والحسن تاركاً الضعيف فما معنى احتجاج الدكتور
المنجد به ؟
ثم قال الدكتور (ص-/ا©): « رجعنا إلى كتب الحديث الصحيحة(!)
لثرى إذا كانت قد تضمنت أحاديث عن رسول الله بك في العقل
فوجدنا فيها ما يبطل زعم الذين قالوا : لم يثبت عن رسول الله تم أي
حديث في العقل » أم .
قلت : كرهت للدكتور المنجد أن يصدر منه مثل هذا الكلام +
ومعلوم أن المحدثين لم ينكروا أن ترد كلمة « عقل » في الأحاديث +
وإنما أنكروا فضائل العقل . ولا يخفى الفرق بين الاثنين ولا يستطيع
الدكتور أن يثبت أن المحدثين أنكروا كلمة « عقل ؛ من حيث الى
اللغوي فإن قال : وأنا أقول بذلك . قلنا له > أن الأحاديث الي مقتها
لتدلل على ورود كلمة العقل في الكتب ليس فيها فضيلة العقل .
فإنه ذكر منها حديث عبد الله بن عمرو أن رسول الله يهقم ذكر
فتان القبور فقال عمر: أت
وأورد حديث ابن عمر مرفوعاً: «ما رأيت ناقصات عقل ودين
أغلب لذي لب منكن » فأين فضيلة العقل هنا؟ فهذا يؤيد أن الدكتور