جهود الشوكاني
وأواخره؛ وهما الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر). النشر لفوائد سورة العصر
ضمن الفتح الرباني (ص 01719 1770
(ولما كان الله سبحانه قد تكفل بإظهار دينه على الدين كله؛ وبحفظه عن
التحريف؛ والتغيير والتبديل» أوجد من علماء الكتاب والسنة في كل عصر من
العصور من يبين للناس دينهم» وينكر على أهل البدع بدعهم» فكان لهم - ولله
الحمد - المقامات المحمودة؛ والمواقف المشهودة في نصر الدينء وهتك
المبتدعين). الفتح الرباني ص(1*4):
وإني لأحسب الإمام العلامة المجدد محمد بن علي الشوكاني - رحمه الله -
أحد هؤلاء الأعلام؛ والبدور في الظلام» القائمين بحجة الله على الأنام» فقد
عُرف- رحه الله- بعمق فقهه؛ وتبحر علمه؛ وواسع إطلاعه؛ ودقيق ملاحظته؛
وبديهة فطئته؛ وعذوبة حديثه؛ ونبل أخلاقه؛ وقوة شخصيته؛ وعظيم قدره.
ومن أنا حتى أشهد لمثله؛ فقد جاوز القنطرة؛ ووعى العلم فنشره؛ وكتب
الفقه وحرره وبين الباطل ودحره؛ - رحمه الله - رحمة واسعة وأسكنه فسيح
وإن مما يميز الإمام الشوكاني عن كثير من العلماء في عصره؛ شدة تمسكه
وتحرره من ذميم التقليد» وحرصه على بقاء الإسلام صافيًا من أوحال البدع
المضلة. وأكدار التعصب للباطل. (ولأن هذا الشيخ الجليل» والصدر الفخم
النبيل؛ قد أصبح غرة في جبين الزمان» وأمة وسطًا في أخائر الأعيان» وأضحى
بالبلغة عن الزاد والجرعة من الثماد ويكتفي بأدنى ملابس الاقتصاد؛ حتى جاءته
الدنيا وهي راغمة؛ وماجت إليه بحار نفاتسها متلاطمة؛ وهو يوزعها بين راجيه
في الرد على الرافضة
فوجب التنويه بذكره؛ والتنبيه للأخير عصرًا على غضارة وشهرة) !".
فالإمام الشوكاني- رحمه الله - أفنى عمره في خدمة الإسلام وأهله. فأيامه
ولحظات حياته هي ما بين تدريس وتأليف. ومناصحة وإرشاد ومكاتبة؛
وإصلاح بين المسلمين» وقضاء بين المتخاصمين» وقد خلف لنا - رحمه لله -
تراثًا عظييًا يدل على سعة علمه؛ وعظيم اطلاعه» ودقته في تحرير المسائل وإجابة
جهوده العظيمة ردوده على الطوائف المضلة المنحرفة عن الإسلام والملة»
كالرافضة والقبوريين وغيرهم من أهل الزيغ والضلال.
أما الرافضة فقد عايشهم الإمام الشوكاني في بلده صنعاء» وقرأ كتبهم»
ودرس تاريخهم؛ وعرف معتقداتهم على الواقع»؛ وعرف حقيقة مذهبهم»؛ وخبث
وخبث طويتهم» وبذاءة ألسنتهم؛ وعظيم خطرهم وحربهم وخذلانهم للحق
رحمه الله - أن أخطر ما يكون من البدع تلك (البدع الشنيعة
(©) من كلام تلميذه العلامة محمد بن الحسن الشجني الحميري الذماري في كتابه حياة الإمام
الشوكاني المسمى كتاب «التقصار في جيد زمان علامة الأقاليم والأمصار شيخ الإسلام محمدبن
جهود الشكاني
وضلاله) أدب الطلب .)1١9(
الرافضة الإمامية - ي حصل لبعض المنتسبين إلى الإسلام عمومًا والسنة
خصوصضًاء فبيان هذه الفرقة الزائغة - وبعدها عن الدين القيم والشريعة
العادلة - من أوجب الواجبات خصوصًا في هذا العصر المتأخر حيث ظهرت لهم
دولة- ذات موارد ضخمة سخرت لنشر تلك العقائد الضالة -» وقامت لهم
هذه الفرقة المنحرفة جميع الوسائل - الإعلامية والمالية بل وا - في الثلبي
ودخلت ؤ ت كثير من أهل الإسلام؛ ولكن الله حافظ دينه؛ وناصر
أبو تراب عادل بن محمد بن فرحان البحيري الشميري
ضحى يوم الإثنين ٠418./1/4 من هجرة المصطفى عليه الصلاة والسلام
البريد الإلكتروني:
سف.ومابلمدص © 177 المعططلة
في الرد على الرافضة ا
الإمام الشوكاني هو محمد بن علي بن محمد بن عبدالله بن الحسن؛ ينتهي
قحطان؛ وقد ساق الإمام
حسبما وجد بخط والده في وسط نهار يوم الإثنين الثامن والعشرين من شهر ذي
القعدة سئة (1173) ثلاث وسبعين وماثة وألف بهجرة شوكان؛ عُرف والده في
صنعاء بالشوكاني نسبة إلى شَوْكَانَ وهي قرية من قرى السّحامية إحدى قبائل
نش الإمام الشوكاز بضنماء فقرأ القرآن عل ججاعة من المعلمين وحتبه
وما (أكمل قراءة القرآن شَغْفَ بالعلوم؛ وضبطها من طريقي المنطوق والفهوم
بفطنة وثَادة وقريحة نقادة؛ وهمة أبيّة ونفس زكيّة؛ وفضائل رضيّة؛ وشمائل
مرضيّة؛ يجرر المباحث تحريرًا شافيًاء ويقررها تقريرًا وافيّاء ويدقق النظر في
المقالات؛ ويجوّد البحث في التعقبات والانتقادات»؛ مع حضور في الخاطر؛
وصحة في الحاسة وصدق في الفكرة؛ وسلامة في القريجة» أكبّ على أصول العلم
وفروعه؛ ومفرده ومجموعه. فنظر في الفقه واللغة؛ والنحو والصرف؛ والمعاني
والبيان والبديع والاشتقاق والمنطق وأصول الفقه وعلم الكلام!*". ١
(4) قال الإمام الشوكاني رحمه الله: (واعلم أني عند الاشتغال بعلم الكلام وممارسة تلك المذاهب
هو الوقف ما بين الطريقين .في عل م ل م
0 جهود الشكائع
ثم انبرى للتأليف مراهقًا أو بالا سن التكليف» بذهن يخترق حجب
الغوامض المتعبة للأفكار بالتدقيق». وفهم ب:ْ له المعقولات» تمثال
اللحسوسات من قسمي التصوّر والتصديق فكأنما عناه حمزة الحنفي بقوله:
فت ليث بقث بن ا لم لد الآثيب
ثم لما استفاد في هذه العلوم المتقدم ذكرها أتم استفادة وعرف من مسالك
شعابها المعتسف والجادة؛ شمّر تشمير الطالب الراغب لطلب الحديث والنظر في
وحفظ الكثير من المختصرات العلمية في الفقه والأصول واللغة وغيرهاء
وكان - رحمه الله - كثير الاشتغال بمطالعة كتب التواريخ والأدب» وقد تتلمذ
العصيفري في الفرائض» ثم قرأ شرح الأزهار على عدة من علماء صنعاء؛
وخاصة العلامة أحمد بن محمد الحرازي - رحمه الله - فقد انتفع به في الفقه وعليه
تخرج وطالت ملازمته له نحو ثلاث عشرة سنة؛ واهتم الإمام الشوكاني اهتمامًا
وعند هذا رميت بتلك القواعد من حالق؛ وطرحتها خلف الحائط ورجعت إلى الطريقة
المربوطة بأدلة الكتاب والسنة المعمودة بالأعمدة التي هي أوثق ما يعتمد عليه عباد الله؛ وهم
الصحابة ومن جاء بعدهم من علماء الأمة المقتدين بهم» السالكين مسالكهم؛ فطاحت الحيرة؛
مسألة من مسائله؛ مبنية على غير أساس رجعت إلى ما يدفعها من علم الشرع» ويدمغ زائفها من
المسائل من الباب الذي أمر الله بالدخول منه كنت حيتئذ في راحة من تلك الحيرة؛ وفي دعة من
تلك الخزعبلات؛ والحمد لله رب العالمين عدد ما حمده الحامدون بكل لسان في كل زمان). أدب
الطلب (14461418)
في الرد على الرافضة
كبيرًا بدارسة علوم الآلة والاجتهاد علي كثير من علماء بلده؛ وسمع كتب السنة
-كالبخاري ومسلم والترمذي وأبي داود وغيرها من كتب السنة - على بعض
الإمام الشوكاني: ولقد بلغ معي إلى حدٌّ من البر والشفقة والإعانة على طلب
العلم والقيام بها أحتاج إليه مبلعًا عظيا بحيث م يكن لي شغلة بغير الطلب فجزاه
زيادة على عشرة دروس في فنون: التفسير والحديث والأصول والنحو والصرف
والمعاني والبيان والمنطق والفقه والجدل والعروض؛ وكان في أيام قراءته على الشيوخ
وإقرائه لتلامذته يُفتي أهل مدينة صنعاء بل ومن وفد إليها بل ترد عليه الفتاوى من
وخواصهم واستمر يُفتي من نحو العشرين من عمره فيا بعد ذلك.
وللإمام الشوكاني مصنفات كثيرة مختصرة ومطولة معلومة عند طلبة
العلم والعلماء بل بعضها مما لا يخفى على العوام» ومن أشهر كتبه في علم الفقه
والحديث نيل الأوطار شرح منتقى الأخبار» والسيل الجرار المتدفق على حدائق
الأزهار» وفتح القدير في التفسير» وإرشاد الفحول في أصول الفقه» وقد ساق -
كتاب سياه (الفتح الرباني في فتاوى الشوكاني) ؛ وقد كان جيع ما تقدم من
بعض مصنفاته قبل أن يبلغ أربعين سنة بل ألفَّ شرحه للمنتقى قبل ذلك وترك
- جود الشكاني
حاج النحل شهدًاء صار مطلق الاجتهاد ملك بنانه وطوع قلمه ولسانه؛ ينا نا
وانتقد حتى سل له فحول المعاصرين» وأصبحوا بين يديه خاضعين غير
مفاخرين» وكان إذا تشذِّر لمباراته معاند أو جاحد أو استشرف لمقاولته مكابر أو
وتصنيفًاء (ولما انتهى إلى غاية في علوم الاجتهاد لم يبلغها مشاركوه من مجتهدي
زمانه؛ ودارت عليه رحى التدريس والإفتاء وقصده الطلبة من المحلات النائية؛
وأتته السؤالات المكرسة من علماء الأمصار في المسائل المشكلة وكذلك مما قرب
أخذها وكادت شغلته بذلك أن تأتي على جميع أوقاته؛ توفي القاضي العلامة حاكم
حكام صنعاء يجيى بن صالح السحولي - رحمه الله - فأمر الإمام المنصور - رحمه
الله - بتغليق ديوان الحكم الذي يجتمع به أعيان الحكام بساحة دار الإمام وما زال
يسأل عن شيخ الإسلام ليتعرف حاله ممن يدخل عليه من وزرائه فكلهم يقول:
العلماء في الحضرة وذلك لتقبض شيخ الإسلام عن جميع أرباب الدولة بل عمّن لم
يكن من أهل العلم على الإطلاق» وانكشف أن عند الإمام - رحمه الله - من
أحواله مالم يكن عند أحد من أرباب دولته فأرسل إليه من ذات نفسه.
فألقى إليه الإمام - بعد أن بحث معه عن أوقاته وعدد أدواله (كذا في النسخة
ولعل الصواب أولاده) وبعض أحواله -: أني قد رأيت بعد أن استخرت الله أن
في الرد على الرافضة
أجعل إليك أمر الديوانء وأنيط بك أمر الحكام فامتنع شيخ الإسلام وقال: هذا
أمر يقوم به بعض تلامذتي؛ لأن حاجة الناس إليّ فييا هو فوق ذلك أعظم وأنفع
فيما يرجع إلى الديرة فقال له الإمام: .....هذا أمر لا يليق به تعلق غيرك مع
وجودك» فانقضى المجلس أن شيخ الإسلام ينظر في أمره فلا ظهر الأمر وبلغ
الخبر إلى أكابر من أعيان علماء العصر أن شيخ الإسلام لم يسعد إلى ما دعي إليه
فوقع منهم التعويل عليه والإكثار وأخبروه با سيترتب على امتناعه وأنه ربها
تصدّر له من لا معرفة له بحقائق أحكام الله وشريعة رسول الله # فيكون عليه
من إثم ما يصدر منه لامتناعه؛ ون تولي ذلك من أكبر ثمرة العلم وفائدته. وما
زالوا به حتى أسعد الإمام المنصور. فلما حصل منه الإسعاد استرّ بذلك
أهل الفضل والدين وحمدوا الله على إناطة الشريعة بمن يعرف حقيقة كتاب الله
وسنّة رسول الله 8 واشترط شيخ الإسلام شروطًا وف له بها حتى توفاه الله.
به كائنًا ما كان. فبذلك صار الناس في الأحكام على منهج واحد لا فرق بين أمير
ومأمور وجليل وحقير وغني وفقير وخادم ومخدوم؛ حتى لقد أنفذ الإمام -رحمه
لما قد حكم به شيخ الإسلام اشتد غضبه وتغير مزاجه ويقول: لم يكن معي إلا
حاكم واحد قد جعلته بيني وبين الله ولم أعرف حاكًا سواه - رضي الله عنه وغفر
له وتجاوز عنه - وكذلك ولده المتوكل - رحمه الله - فإنه حذا حذو والده» وزاد
بن إسماعيل فارع يشاور فيه شيخ الإسلام ويعمل با يراه وكان إذا أنكر عليه
- جهود الشكائع
الإسلام أمير المؤمنين المهدي لدين الله - حفظه الله - سلك في التعظيم مسلك
أبيه وجده وزيادة - رضي الله عنهيا -» وبعد أن ولي القضاء لم يزل مشغولًا
بالتاليف المفيدة فإن أكبر تآليفه وأكثرها إنما كانت بعد أن ولي القضاء ووسّع الله
يدع الاشتغال بالعلم وإن كان اشتغاله بعد توليه القضاء الأكبر ليس شيئًا بالنسبة
إلى ما كان عليه قبل ذلك) التقصار ص (477-477)
بحره وزخر؛ وقذف من الفوائد بفرائد الدرر» ولمعت أنوار كماله. وطلعت
عنك الأحداث والفتيان» وهما العلم المدروس» والورع المحروس؛ استدعاه أمير
المؤمنين المنصور بالله أبو أحمد علي بن المهدي وعرض عليه تولي قضاء
القضاة.....) التقصار للشجني ص (14):
وهذا ما ذكره الإمام الشوكاني» حيث قال - في ترجة الإمام خليفة عصره
المنصور بالله علي بن الإمام المهدي. وقد ذكر وفاة القاضي المذكور-: (وما كان في
علوم الاجتهاد والإفتاء والتصنيف منجمعًا عن الناس لا سيها أهل الأمر وأرباب
وكنت أدرس الطلبة في اليوم الواحد ثلاثة عشر درسًا فلم أشعر إلا
بطلاب لي من الخليفة بعد موت القاضي المذكور بنحو أسبوع فعزمت إلى مقامه
العالي فذكر لي أنه قد رجح قيامي مقام القاضي المذكور فاعتذرت له بها كنت فيه
من الاشتغال بالعلم» فقال: القيام بالأمرين تمكن وليس المراد إلا القيام بفصل ما
(0) قال الشجني رحمه الله: (كان شيخ الإسلام يرى للعلم حقه ويعظمه حت تعظيمه؛ ويرى كل
توليه القضاء: ما أراني إلا خسف بي) التقصار (470).