فإن من نظر في حال أمتنا الإسلامية اليوم وتأمل واقعها يجدها واقفة
قارة ثم تعود لتنطلق شمالاً تارة أخرى فكأنها في موقفها لا تتزحزح عنه قيد
أنملة يتجاذبها بعضهم إلى اليمين وبعضهم إلى اليسار وهي بين هؤلاء
وأولتك لا تستطيع أن تتحرك من مكانها المكبلة فيه ولا أن تنطلق في الطريق
الأدواء والمصائب ما أثقل كاهلها وناءت به حين أعرضت عن شرع ربها
وصلت إليه!.
السماوي جانباً وذهبت لتبحث في الشرق والغرب عن تشريعات هي من صنع
البشر ورضيت بأن تصاغ حياتها وفق أنماط متناقضة؛ وقوانين وضعية هي
محض زبالة الأذهان وصرف حثالة الأفكار لفقها ورقعها من قوانين كثيرة
ومذاهب شتى بعض البدعيين المنتسبين إلى الإسلام؛ وجعلوا أحكامها ملزمة
وموادها ضربة لازب وويل له ثم ويل له من خالفها أو تردد في التحاكم
حقاً: إن كثيراً من بلدان الإسلام التي لا تحتكم إلى شرع الله
وحكام مستبدون يضحكون بالشعوب ويضحكون من الشعوب لا يستهدفون
إل مجداً زائفاً لأنفسهم يبنونه من جماجم الأمم وأشلاء الشعوب إنهم
يجهلون أو يتجاهلون ما هم مطالبون به ويظن الواحد منهم أنه يعيش لنفسه
ويتمتع بما شاء من متع الحياة ويقضي ما شاء الله أن يقضي على كرسي
الحكم غير عابىء بما ألقي على عاتقه من أحمال ثقال ومسؤوليات جسام.
ولو علم هذا المسكين وفكر فيما ينتظره غدا من سوء العاقبة والوعيد الشديد
لتمنى أن لو لم يجلس على كرسي الحكم ساعة واحدة!!.
لقد بلغ تحدي الحكام في أكثر البلاد الإسلامية حداً لا يحتمل فمنهم
من يرفض الإسلام جهرة منادياً بالتبعية للشرق أو الغرب» ومنهم من استورد
الأفكار والقوانين ولكنه رضي بأن يترك ركناً صغيراً للإسلام مثل الأحوال
الشخصية «مقننة» والحديث في الإذاعة والتلفاز والصفحة الدينية يوم الجمعة
ومنهم من ينص في دستور بلاده على أن دين الدولة هو الإسلام ثم
يسير كل شيء ذو بال بعيداً عن الإسلام.
ومنهم من يعد ويمني ويبشر بالخير والأمل نحو تطبيق الشريعة
الإسلامية في عهده وعلى يده وتمضي الأيام والسنون وتقام المؤتمرات
وتعقد الاجتماعات وتبرم الاتفاقيات والاتحادات ومجالس التعاون بين الدول
ولكن حتى ذكر تحكيم الشريعة الإسلامية لم يرد في جداول أعمالها وما
يصدر عنها من نتائج وتوصيات مما يجعلنا نقول إن مشروعات تطبيق الشريعة
محجوبة بستار كثيف من الأعذار الوهمية والحجج الواهية والتعللات الباردة
الفارغة التي ما كان ينبغي أن تكون لو صح العزم وصدقت النوايا لتطبيق
شرع الله تعالى!!.
ومن الحكام من لا ينقصهم حسن النية ولكن ينقصهم الوعي الشامل
والإدراك العميق والفهم الصحيح لميزات هذه الشريعة وخصائصهاء فإن
حسن النية لا يكفي ما لم تتم أعمال عظيمة وتبذل جهود جبارة؛ فمجرد
الرغبة والتفاؤل والحماسة والأمل مقرونة بحسن النية لا يكفي ولا يحقق
تطبيق الإسلام عملياً.
إننا لا نكر أن الأمة الإسلامية في هذا العصر بدأت تتطلع إلى الخروج
على هذا ما نشاهده من آثار مباركة للصحوة الإسلامية الراشدة التي تبدو
وقد أحدثت هذه الدعوة المباركة ردود فعل إيجابية تمثلت في عقد
المؤتمرات الإسلامية حول تطبيق الشريعة الإسلامية وإنشاء لجان ومحاولات
للتطبيق لا يمكن اعتبارها شاملة.
وأحدثت في نفس الوقت ردود فعل سلبية تمثلت في فئات معارضة
لهذا الاتجاه وقفت بكل إصرار وتبجج تضع العقبات والعراقيل أمام تطبيق
الشريعة الإسلامية.
من أجل هذا كتبت هذا الكتاب المتواضع أداء للواجب وبراءة للذمة
صاغية وقلوباً واعية تدرك عظم المسؤولية وخطورة التساهل بتحكيم شرع الله
في أرض اللهء وبهذا أكون قد ساهمت بوصفي مسلماً في وضع لبنة صغيرة
في صرح ذلك البناء الإسلامي الشامخ الذي لا يشيد إلا بجهود العاملين
المخلصين من دعاة تطبيق الشريعة الإسلامية.
الإيمان بأنها من عند الله يوجب تحكيمها دون سواها والعلم بأمسها
الوضعية التي نراها عاجزة عن تحقيق أهدافها وأنها مضادة ومحادة لشريعة الله
تعالى وأقمت الدليل على ذلك ثم بينت حكم الإسلام فيمن حكم بغير ما
ونقلت في هذا الشأن أقوال وفتاوى بعض علماء الأمة من القدامى
والمحدثين وهي أقوال وفتاوى حرية بأن توضح المسألة وتزيل اللبس بحول
ثم بينت أن الحكم بغير ما أنزل الله له آثار سيئة وعواقب وخيمة ونتائج
سلبية وذلك في فصل عنونته «بالنتائج السلبية الضارة المترتبة على عدم تطبيق
شرع الله تعالى - +2
هذا الكتاب وهو يضم خمسة مباحث»؛ وفي المبحث الخامس منه: قمت
بتعقب الشبهات والمزاعم التي أثارها أصحاب الأقلام المغرضة قديماً وحديثاً
حول تطبيق الشريعة الإسلامية وفندتها بالحجة الواضحة والبرهان القوي حتى
ينتكشف أمرهم ويندحر باطلهم الذي روجوا له وأشاعوه بما يملكون من
وسائل مختلفة.
الحكام المسلمون بواسطتها تنفيذ وتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية في كل
بوجه مشرق وصفحة بيضاء ثقية.
ثم يأتي بعد ذلك الفصل الأخير وهو بعنوان التدرج في تنفيذ وتطبيق
أحكام الشريعة الإسلامية.
أن تطبيق الشريعة الإسلامية لا يعد نفلا ولا تطوعاً ولا محض اختيار
بل يعد واجباً شرعياً وتكليفاً حتمياً وقضية ملحة تستوجب التمحيص
والدراسة والإعداد والاستعداد.
ولسوف نعجز عن تحقيق ما نصبو إليه ما زالت شرائع الإسلام معطلة +
وديار الإسلام مستباحة وما دام الكثير من حكام البلاد المسلمة مُصرّينَ على
عزل الدين عن الحياة وإبعاد كل من يخدم الإسلام أو يعمل لنصرة قة
ولسوف نعجز عن تحقيق شيء ما لم تكن هذه الشريعة قائمة في حياة
المسلمين قياماً عملياً يوجه سياستهم ويصرف جميع شؤونهم ويسيطر على
حياتهم سيطرة تامة تجعلهم منقادين لحكم الله ملتزمين بشرعه وقافين عند
حدوده وهذا هو أساس فلاحنا وعنوان سعادتنا وسر عزنا ونصرنا ومصدر
أمننا واستقرارنا .
وتتنبه إلى ما في شرع الله من كنوز وتعلم أن سر تخلفها وإذلال عدوها لها
إنما هو تنكبها الطريق السليم وسيرها خلف الشعارات البراقة التي دسها
ذلك ك لهم وقد بدا نور الحق يبدد حجب الباطل «تَلِتَنشْريك آله تن يضر
غرة رجب الحرام 1664ه
المحتوى
يشتمل هذا الكتاب على : مقدمة وسبعة فصول:
* المقدمة : في بيان ما آل إليه أمر أمتنا الإسلامية من جراء
البعد عن شرع الله تعالى والدوافع لتأليف هذا
* الفصل الأول : واجبات ومسؤوليات الشعوب المسلمة نحو
المبحث الأول : واجبات ومسؤوليات الحكام.
المبحث الثاني : واجبات ومسؤوليات المحكومين.
* الفصل الثاني : القواعد والأسس الملزم الإيمان بها تطبيق
الشريعة الإسلامية.
ويتضمن هذا الفصل تمهيدا وسبعة مباحث:
المبحث الأول : الإيمان بالله تعالى .
المبحث الثاني : الإيمان برسالة نبينا محمد كَيةِ وأنه خاتم الأنبياء
المبحث الثالث : الإيمان بعموم الشريعة الإسلامية وشمولها
المبحث الرابع : الإيمان بكمال الشريعة الإسلامية ومرزنتها
المبحث الخامس : الإيمان بأن الشريعة الإسلامية ناسخة لجميع
الشرائع السابقة.
المبحث السادس : الإيمان بيسر الشريعة الإسلامية وسماحتها
المطلب الأول: النصوص التي تؤكد يسر الشريعة وسماحتها:
() النصوص من القرآن الكريم.
(ب) النصوص من السنة النبوية.
المطلب الثاني : ما ثبت من مشروعية الرخص وهو أمر مقطوع به
ومعلوم من الدين بالضرورة.
المطلب الثالث: التكليف بما في الطاقة والوسع +
المطلب الرابع: إجراء الأحكام على وفق الظاهر.
المطلب الخامس : الأخذ بالعرف.
المطلب السادس: من الأحكام المبنية على العرف:
تغير الفتوى بتغير الأزمنة والأمكنة والأحوال والأعراف.
المبحث السابع : الإيمان بالأسس التي قام عليها التشريع الإسلامي
في الحكم. ويتضمن ثلاثة مطالب:
المطلب الأول: الشورى ومكانتها في سياسة وإدارة الدولة
المطلب الثاني : العدل أساس من أسس التشريع في الإسلام.
المطلب الثالث: المساواة من الأصول العامة للتشريع في
* الفصل الثالث : الحكم بغير ما أنزل الله.
* الفصل الرابع 9 أسباب وبواعث عدم الحكم بما أنزل الله.
وفيه تمهيد وخمسة مباحث:
المبحث الأول : انعدام الإيمان أو ضعفه.
المبحث الثائي : مداهنة الكفار والركون إليهم»
المبحث الثالثك : الجهل بأحكام الشريعة الإسلامية.
المبحث الرابع : التأثر بالشبه التي تثار حول تطبيق الشريعة
الإسلامية وفقدان القدرة على مواجهتها
وتفنيدها .
المبحث الخامس : اتهام التشريع الإسلامي بالجمود وعدم مسايرة
* الفصل الخامس . : النتائج السلبية المترتبة على عدم تطبيق شرع الله
١ النتائج السلبية في مجال العقيدة.
النتائج السلبية في مجال العبادة.
؛ النتائج السلبية في مجال الحياة الاجتماعية.