بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين» والصلاة والسلام على سيدا محمد النبي الأمين
الذي أتاه الوحي المبين فبلغه إلى الناس وفسره لهم أحسن تفسيرء ونهج
وأرشدهم إليه» ودربهم على خوض مراميه» فأمضى اجتهاداته» وأرجعهم
إلى الصواب عند الخطاء وعالج معهم المسائل الاجتهادية»؛ بحضرته # وعند
غيابهم عنه» فتركهم بذلك على طريق ممهد مفتوح في إمضاء أحكام الشريعة
والاجتهاد في الأمور الي تجد على الأمة في كل زمان ومكان... الطريق الذي
تأسست عليه الخطوط العريضة والتفريعات الهامة للخطة التشريعية في نظام
الحكم الإسلامي وعلى الأخص من حيث الاختصاص الموضوعي وإطاره
التشريع إلى الوجود ثم العمل به في إقليم الدولة الإسلامية.
فهذه الدراسة المقارنة للسلطة التشريعية في نظام الحكم الإسلامي ونظم
الحكم المعاصرة (الوضعية) محاولة لاستجلاء الحقائق» وبيانهاء وكشف عن
خصائص السلطة التشريعية ومميزاتها في كل منهاء وبحث في إمكانية دراسة
الماضي في الحكم الإسلامي للتشريع؛ وأهله؛ واختصاصاتهم بالمفهوم
الإسلامي الذي حاءت به الشريعة الإسلامية» فالتشريع في نظام حكم
دراسة للسلطة التشريعية الي جرت في ذلك الوقت نصف القرن الأول من
الهجرة النبوية في بساطة الدولة الإسلامية ووفق إرساء المادي أو السوابق في
إنشاء هياكل الدولة الأم في النظام الإسلامي.
كما هي دراسة الماضي هي دراسة للحاضر أيضاً المتمشل في دراسة النظم
المعاصرة الي تأسست هيئاتها على أبنية عقائدية وفكرية»؛ وتطورات اجتماعية
عبر القرون الماضية؛ الي تشكلت في مؤسساتها المعاصرة بالشكل الحالي الذي
نعيش فيه؛ ونتفاعل مع أحدائه.
وأتمنى من الله أن يوفقني فيما قمت به؛ لأن أعرف لنفسي قصورها وقلة
ومن جاء بأحسن منه فجهده مشكور وقبلته منه على الرحب والسعة.
أهمية الدراسة:-
في المقارنة من فائدة في إظهار الأمور على حقيقتها.
2- تتعرض هذه الدراسة إلى جانب هام من جوانب الحياة السياسية في الدولة
الإسلامية والنظم المعاصرة الي تعتبر عصب الحياة في الدولة ككل ألا وهو
الجانب التشريعي.
3- وجود الكثير من الكتابات حول المؤسسات الإسلامية فيها محاولة لوضع
الموسسات الإسلامية في قوالب معاصرة مما قد لا يسير مع حقيقة النظم
4- اتجاه الدول العربية الإسلامية إلى استيراد الموسسات الشرقية والغربية دون
تجذير أو بحث ما لديها من تراث إسلامي.
5- هناك دعوات صادقة بثتها الكثير من المؤلفات تنادي بالاهتمام بالدراسات
الإسلامية المقارنة حتى تتجلى الحقيقة للعيان.
التحديد الموضوعي للرسالة:
يبحث هذا الموضوع في التشريع وهيئاته واختصاصته وأسلوب ممارسة
سلطة التشريع في نظام الحكم الإسلامي والنظم المعاصرة عن طريق المقارنة
بينها ولقد تم تقسيم الموضوع إلى:
1- فصل تمهيدي يخصص للتعريف بالسلطة التشريعية وتحديد مصدرها لدى
النظامين. (التشريعي الإسلامي والوضعي).
2- الباب الأول يبحث في:-
أ - تحديد الأفراد والهيئات الي تتولى التشريع في الدولة.
ب- وبحال اختصاص السلطة التشريعية في النظامين.
3- الباب الثاني: ويبحث فيه أسلوب ممارسة السلطة التشريعية في نظام الحكم
تحديد المجال الزمني للبحث:
أ- بحال الدراسة الزمي هو زمن الخلافة الراشدة في
الزمن الذي طبقت فيه أحكام الشريعة الإسلامية نصاً وروحاً بحكم بشري
المبادئ العامة» والسوابق الدستورية في الحكم المي على الشرع والذي
أما في نظم الحكم المعاصرة فلقد تحدد لمجال بالزمن الحالي الذي نعيش فيه
باعتباره معاصراً لزمن الدراسة؛ مع ملاحظة أن النظام المعاصر لم يأت قفزة
واحدة وإنما كان نتيجة لتفاعلات طويلة في المجتمعات فهذا التحديد لا يغفل
أسلوب البحث:
لقد نهحت هذه الدراسة أسلوب الاستقراء التاريخي لتاريخ الدولة
الإسلامية وتاريخ التشريع بقصد دراستها وتحليلها وتبوييها ثم الخروج منها
بأفكار أساسية للبحث»؛ أما نظم الحكم المعاصرة فالدراسة تنهج بحث
النصوص الدستورية وتحليلها لاستخلاص المبادئ العامة للتشريع منها وفق
خطة البحث.
صعوبة البحث:
من المعلوم أن البحث في حد ذاته له صعوبة وأن لكل بحث صعوباته
أ- قلة المراجع المقارنة في هذا الخصوص.
ب- تناولت الكتابات موضوع التشريع في عموميات ولم تكن الدراسة
ميسرة أو مبوبة يسهل بحثها ودراستها.
ج- هناك صعوبة في التعامل مع المصطلحات والصياغة لدى الفقهاء المسلمين
والي ريما لا تستقيم وصياغة الفقهاء الدستوريين.
د- اختلاف الأساس الذي بنيت عليه النظم المعاصرة في خلقها للمؤوسسات
الأمر الذي اضطر الباحث للأخذ بالمبداً العام دون النظر إلى التفاصيل مع
الإشارة إليها كثيرا عند اللزوم.
يقول الدكتور عبدالرزاق السنبهوري في كتاب (الخلافة) عن الأحكام
المتعلقة بنظام الحكم الإسلامي عمومة بأنها: (مازالت في دور الطقرل)"
ويعتّب على ذلك الدكتور عبدالحميد متولي -يعد أربعين سنة تقرساً- بيد
(ذلك المولود مازال في المهد يحبو لايكاد ينهض حتى يكبو..) والمعنى
المقصود من ذلك أن الدراسات في نظام الحكم الإسلامي بما فيها دراسة
؛ نقلاً عن عبدالحميد متولي؛ أزمة الفكر السياسي الإسلامي؛ 1970 - ص 231. ومؤلف
الدكتور السنهوري الخلافة بالفرنسية 1926 - ص21 +
نفس المرجع السابق. راجع مقدمة كتاب مبادئ الحكم في الإسلام. ص ح- ك.
بالمؤسسات الي تقوم بالتشريع في الإسلام وبالمقارنة بغيرها من النظم
للسلطات الثلاث؛ هو ما كتبه الاستاذ عبدالوهاب خلاف في بجلة القانون
والاقتصاد 1936 م وكتاب علي عبدالرزاق في كتابه الإسلام وأصول الحكم.
في دساتير الدولة العربية؛ وكتاب محمود حلمي نظام الحكم الإسلامي. ثم
كثيرة. فبعضها درس المبادئ العامة في نظام الحكم الإسلامي وبعضها ركز
الآخر درس موضوع الحكم من حيث سلطة الأمة الإسلامية» وتعرض لميداً
سيادة الأمة ومشروعيتها في القيام بالأمر والنهي'.
ولعل أفضل كتاب قرأته في هذا المضمار هو النظريات السياسية الإسلامية
للدكتور محمد ضياء الدين الريس» وكتاب الدولة والسيادة لفتحي
عبدالكريم. كما استفدت من مؤلفات الدكتور محمود حلمي: نظام الحكم
الإسلامي بخصوص الميئات المتولية للحكم في نظام الحكم الإسلامي.
' على سبيل المثال. محمد يوسف موسى؛ نظام الحكم في الإسلام. محمد أحمد خلف الله
القرآن والدولة. عبدالحميد متولي. مبادئ الحكم في الإسلام. وله مؤلفات أخرى في
للمولف محمد ضياء الدين الريس. ومحمد سليمان الطماوي؛ التطور السياسي للمجتمع
أما فيما يتعلق بالسلطة التشريعية في نظام الحكم الإسلامي (مقارن) فلقد
كان أغلب تناوها فروعاً او فصولاً ضمن البحوث العامة في نظام الحكم
الرأي الغالب -ملزمة وليست للاستتارة. كما أنها تحددت وتعينت في القيام
بها من قبل الأمة. ومن أهل البحث والنظر فيها عند الاحتياج إلى ذلك.
ومنهم من توسط.
وعلى العموم فإن ملخص تلك البحوث أنها تتكلم عن الشورى وتعتبرها
مبداً من مبادئ نظام الحكم في الإسلام؛ دون التعرض بالتفصيل إلى تحديد
القائمين بالشورى وبكيفية إجراء ممارستهم للتشريع.
وهذا البحث يحاول أن يغطي عن طريق المقارنة تحديد الهيشات المشرّعة في
الدولة واختصاصها وأسلوب عملها في نظام الحكم الإسلامي. ثم لما يجري في
النظم المعاصرة في هذه المواضيع واليٍ ثم توزيعها على فصول الدراسة كما
سلف القول في الخطة.
! راجع عبدالحميد الأنصاري؛ الشورى وآثرها في الديمقراطيات الحديثة 1980 . حيث ذكر في
انظر المصدر السابق ص111. وراجع أيضاً يعقوب المليحي. مبداً الشورى في الإسلام -
ص34 وما بعدها وراجع أيضاً إماعيل البدوي. مبداً الشورى في الشريعة الإسلامية. ص
5 وما بعدها. وراجع محمود البابلي؛ الشورى -40 - 42 +
مسلمات البحث
وهذا البحث ينطلق من مسلمات وهي: أن الشورى قد قام بها المسلمون
ولم يغفلها أحد منهم فلقد شاور الرسول والوحي ينزل عليه. وشاور أصحابه
كما أن الشورى قد جرت بالأوضاع الب جرت فيها بأسلوب ذلك
العصر وما يتيحه من أوضاع للقيام بها. وانها تعتبر مبداً من مبادئ نظام
ذلك الوقت يما قد يفسح المحال إلى القيام بدراسة تسمح بالمقارنة والتحليل
رغم البعد الزمي به
المفاهيم والمراكز الي تبنى عليها نظم الحكم وهيئاتها.
انظر: محمد عبدالله العربي. نظام الحكم في الإسلام -ص83 ولم أجد مخالفاً في أن الشورى
ميدأ من مبادئ نظام الحكم الإسلامي.
الفصل التمهيدي
تعريف السلطة التشريعية وتحديد مصدرها
يتم بحث هذا الموضوع في مبحثين:
الأول: يخصّص لتعريف السلطة التشريعية. ثم إلى شرحه في ضوء مفهوم
النظام الحكم الإسلامي والنظم المعاصرة.
الثاني: يدرس مصدر السلطة التشريعية في كليهما.