نظم الحكم
بموضوعانها إحاطة شاملة ورأسية : لا تقتصر على مجرد السرد أو
الوصف ؛ وإنما تتجاوزه إلى التأصيل والنقد والتحليل ؛ ولا تقف عند حد
بيان أوجه التقارب أو التباعد بين أنظمة الحكم الوضعية المتناظرة + الي
وضعها الإنسان » وإنما تتعدى وما بل القومسيل اقدماً
أحكام الشريعة الإسلامية الي أنزها الرحمن ,
تتناول نمباحث القانون الدستوري 'فرادى مع التعمق + فإن الدراسات
المتصلة بنظام الحكم في الإسلام على وجه الخصوص لم تنل حى_ الآن
حظاً وافياً من الرعاية والاهتمام . ولا يزال رأي ذلك الدين اليم في كثير
من الساثل المتصلة بالسلطة وممارستها في الدولة يحتاج
والاستفهام + ولعل ذلك يعزى إلى ما تتطاب
الدراسة في حالة عمقها وشمولا من جهد ومشقة ؛ وإلام مزدوج بتخصصين
متميزين في تقسيماتنا العلمية: الحديثة هما القانون الدستوري والشريعة
الإسلامية » فضلا عن الحكمة في معابلحة الأمور تفادياً للزلل غير المقصود +
والرغبة الصادقة في الانتصار لدين الله والإحساس المخلص بحاجتنا الماسة
وما أجدى زيادة العناية بدراسة موضوعات القانون العام في تلك
الشريعة الي خم الله بها رسالاته السماوية المقدسة » في عالم ضل الطريق +
فابتعد عن حقائق الدين ؛ واستسلم لمظاهز المادية ؛ وأصبح الإلحاد في بعض
بلاده الكبرى شرطاً للوصول إلى مناصب الحكم فيه !"9 ؛ والقيام بالدعاية
الإلحادية حقآً يضمنه الدستور لمواطنيه " .
وهذه #اولة متواضعة لدراسة موضوع الاستفتاء الشعي دراسة
مقارئة بين قوانين الأرض وقانون السماء '" . أرجو الله سبحانه فيها الوقاية
من الشطط والزلل . وأسأله الهداية والتوفيق 6 وسلوك سواء الطريق +
العظم +
)١( وهذه البلاد تشمل الاتحاد الموفيي والصين
ويجاوز عدد سكانها مجتمعة ثلث أهل الأرض .
() تنص المادة اه من في الأخير لعام 14777 على أنه « يعرف
لمواطني الاتحاد الموفيتي القيام بالدعاية الالحادية » .
© وقد بدأ بعض فقهاء القانون من أساتذة كليات الحقوق منذ عشرات السنين في
تقديم دراسات في الشريعة الإسلامية في اطار تخصصانهم مع اقامة نوع من
المقارئة بينها وبين القانون الوضعي . وعلى رأس هؤلاء الفقهاء في مجال القانون
الخاص المرحوم الدكتور عبد الرزاق السنهوري » وي مجال القانون العام أستاذنا
الدكتور عبد الحميد متولي . وسار في نفس الاتجاه عدد قليل من الفقهاء المحدثين +
ونرجو لهذا النهج الدرامي مزيداً من التأبيد والتوفيق +
ية دول المعسكر الشبوعي +
الاستفتاء في اللغة العربية هو طلب الفتوى أو الرأي أو الحكم في مسألة
من المسائل . وهو اسم فعله استفى !9 . وهذا الفعل مزيد » أصله فى +
وهو مزيد بثلالة أحرف هي الألف والسين والتاء © وتفيد معنى الطلب أو
الرجاء وهو على وزن استفعل مثل استغفر أي طلب الغفران ؛ وامتسقى أي
)١( راجع في ذلك : مقاييس الغة لأبي الحسن أحمد بن فارس زكريا - تحقيق
عبد السلام محمد هارون .. طبعة 1471 - القاهرة - الخزء الرابع ص 474 -
: أي سأل عن الحكم . وداجع أيضآ معجم مفردات ألفاظ القرآن
العلاة الراغب الأصفهاني - توزيع دار الفكر ص 385 . وراجع كذاك لسان
العرب المحيط للعلامة ابن منظور - المجلد الثاني ص 21١81
ويقول إن الفتيا أو الفتوى هي بيان المشكل من الأحكام + أصله من الفنى وهو
الشاب الحدث الذي شب وقوى » فكأنه يقوى ما أشكل بيانه فيشب ويصير فيا
قوياً . وأفتى إذا أحدث حكماً , وفي الحديث « الإنم ما حال في صدرك وإن
أفتاك الناس وأفتوك 6 .
طلب السقابة . وقد ورد فعل الاستفتاء في القرآن الكريم في مواضع متعددة!" .
ويقصد بالاستفتاء في الفقه الدستوري عرض موضوع عام على الشعب
عليه وسلم في يتامى النساء .... فأنزل الله تعالى قوله ( يستفتونك في النساء قل الله
يفتيكم فيهن ... ) الآبة رقم 157 من سورة النساء . راجع ا
القرآن العظيم المجلد الأول - ص 61 . وقال جابر بن عبد الله ؛ دخل
رسول الله صل الله عليه وسلم وأنا مربض لاأعقل ؛ فنتوضاً ثم صب علي أو
الكلالة ان امرؤ هلك ليس له ولد . ) الآبة الأخيرة من سورة النساء راجع ابن
كثير المرجع السابق - ص 547 . ويقول تارك وتمالى بشأن عدد أهل الكيف
دل اعت + ما يعلمهم إلا قليل » فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهراً +
. ولا تتفت فيهم أحداً ) . الآية رقم 7 من سورة الكهف . ويقول سبحاته
( فاستفتهم أهم أشد خلقاً أ. أم من خلقنا ؛ إنا خلقناهم من طين لا زب . الآية
رقم ١١ من سورة الصافات . وذلك من باب التقريع والاستتكار + وتأكيداً
لقوله تعال ( لخلق السماوات والأرض أكبر من خلق الناس ولكن أكثر الناس لا
يعلمون ) . الآية رقم اه من سورة غافر . ويقول جل شأنه ( فاستفتهم ألربك
البنات ولم البنون ) . الآية رقم 144 من ة الصافات . أي سلهم على سبيل
“الإنكار عليهم . ويقؤل تعالى على لسان يوسف عليه السلام في معرض تأويل
الأحلام ( يا صاحبي السجن أما أحدكا فيسقي ر اربه خمراً © وأما الآخر فيصلب
فتأكل الطير من رأسه ؛ قضي الأمر الذي فيه تستفتيان ) . ويقول سبحانه على لسان
ملك مصر ( يأيها املأ افتوفي في رؤياي إن كم الرؤيا تعبرون ) . ثم يقول على
سمان يأكلهن سبع عجاف . ..) . الآيات أرقام 41 6 47 ء 49 من سوا
غير إن كلمة استفتاء قد استخدمت عملا في البلاد العربية استخداماً
واسعاً جعلها تشمل أيضاً عرض شخص واحد على الشعب الموافقة على
)١( وقد استخدمت كلمة ((ن8:6:00: في الأصل في مجال التحفظ باشتراط
موافقة حكومات ممثلي المقاطعات في الاتحادات الجرمائية والسويسرية القديمة .
ثم تحر هذا اللفظ بعد ذلك واتسع معناه فأصبح بشمل إخضاع أي عمل الموافقة.
الشعبية . وفي ذاك يقول جورج بوردو :
فتعبير 000ل28]8:0 80 يعني موافقة النائب مع تحفظ التصديق الذي قد يكون
الحكومة أو الشعب .
0 وأصل كلمة عاتمتنقام .في الليية فر تناع ماطاءام © ريعي با
عناغام 18 48 040:00 + أي قرار العامة أو الدهماء . وكان يقابل قانون
البرلمان وليس الانتخاب . ولكن مع الزمن مضى الاصطلاح في الاستعمال من
إل الوسيلة وأصبح مرادفاً التصويت . راجع في ذلك :
تمك 197671 فلمطماع
ويقول العميد فيديل : إنه من ناحية علم الاشتفا قكان يجب تفضيل كلمة ع1هة :1016
على كلمة ««ةم»:181 . ولكن العرف والسوابق التاريخية » خاصة في عهدي
نابليون الأول والثالث أدت إلى العمكس . راجع في ذلك :
- كانت كلمة (0ن0مم:8)8م وكلمة عازمواط6ام يستخدمان في المافضي
ف أو للدلالة على معنى متقارب . وفي ذلك يقول موريس
إن المواطنين الفرنسيين في ظل دستور السنة الثامئة كانوا يساهمون في
القرارات عن طريق الاستفتاء ووهمم6م, الذي كان يسمى في ذلك الوقت
عالهوطقام . راجع :
أخرى يبدو أن لفظي صنفد»:6): ,616و1ط6ام لا يزالان يستخدمان في
سويسرا كترادفين + مع دبمقراطية طريقة الاستنتاء هناك . راجع في ذلك :
حيث يعرف المؤلف ال عاامو1ة4ام بأنه حتى الشعب في المشاركة في النشاط
إشار
.5 .2 ,1967 ,المغماع
وني اللغة الإسبانية يستخدم لفظ « ع:اء:1ظ8ام » التعبير عن كل تصويت
شعبي سواء أكان استنتاء أو استرآناً . أنظر المرجع السابق + ص 15 +
كما أن اللفظين يستخدمان بنفس المنى تقرياً في الولايات المتحدة الأمريكية +
راجع في ذلك
كه سعافره ممعتخصة عط رمتلا عال .5 .2ه ممسيدة .1.11
.6- بممتائفظ طا70 باممسدامع
وقد جاء بصفحة 188 من هذا المؤلف ما بلي :
القانون دون مساهمة أية هيئة من هيثات الدولة
وهي كلمة م تترجم بعد إلى العربية باصطلاح مقابل ؛ وإن كان يطلق عليها
أحياناً الاستفتا استفتاء الشخصي نظراً لأن موضوعها ينصب على شخص رئيس
لقارنة بالاستفتاء الموضوعي الذي يتعلق مله بموضوع معين يراد
أخذ الرأي فيه . وقد رأينا ترجمتها بكلمة الاسترآس » وتعني طلب الرئاسة
+ على ما سوف نرى في الباب الأول من هذا البحث في معرض
تمييز نظام الاستفتاء عما قد يختلط به أو يشابهه من أنظمة
والاستفتاء الشعبي أو طلب الفتوى أو الرأي من الشعب ليس نظاماً
حديثاً بل هو أمر قديم في الأمم . فمن قصص القرآن ما بخبر نا به الله تعالى
في سورة النمل من استفتاء بلقيس ملكة سبأ بأرض اليمن لذوي الرأي في
قومها . قالت يا أيها المأ إني ألقي إل كتاب كريم . إنه من سليمان وإنه
دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون وإني مرسلة
إليهم بهدية فناظرة يم يرجع المرسلون " ) . وهكذا نوقش موضوع
الاستفتاء بين الملكة وقومها ثم فوضوا إليها اتخاذ ما تراه . فرأت أن ترسل
إلى سليمان عليه السلام بهدية لتنظر ماذا يكون جوابه ... إلى آخر القصة
وإذا كان الاستفتاء الشعبي هو طلب الرأي من المواطنين في شأن من
وتسير بعض القواميس العربية في نفس الاتجاه . من ذلك لسان العرب المحيط
للعلامة ابن منظور الذي يترم الاستفتاء بأنه :
انظر تفسير القرآن العظيم . المجلد الثااث ص 1+ وما بعدها +
السيادة في الدولة ؟ .
صل اليد فالدولة
تكاد تعترف كافة أنظمة الحكم الحديثة في العالم على اختلاف صبغتها
الدبمقراطية (" أو الدكتاتورية بأن الشعب هو صاحب سلطة الحكم ؛ له
السيادة والكلمة العليا في حكم نفسه والتصرف في شؤونه . فقد مضت إلى
ذمة التاريخ نظرية التفويض الإهي المباشر أو غير المباشر الي كانت ترجع
الملوك أو الحكام " .
أنظمة ديكتاتورية ليس لا من الدبموقراطية غير الاسم الذي استعارته اظهاراً
لشكل براق وتغطية وهر ممقوت . ومن أمثلة هذه الدبموقراطيات الكاذبة
الدبموقراطيات الشعبية القائمة على المذهب الماركسي . والديموقراطيات الفيصرية.
كتلك الي أقامها نابليون في فرنسا بنستور السنة الثامئة عام 1744
() وفكرة أن الشعب هو صاحب السيادة أو السلطة في الحكم ليست جديدة مستحدثة
بل وجدت منذ أقدم العصور كما تشهد بذلك تطبيقات الديمقرا
المدن البونانية القديمة . بل إن هذه الفكرة لم تكن مجهولة حتى في مصر القدعة
( فقال أنا ربكم الأعلى ) ( الآية رقم 14 من سورة المنازعات ! ) وقال فرعوث :
القصص ) . ومع ذلك كان فرعون يشعر خاصة أوقات الشدة أن السلطة يب
أن تكون الشعب . لذلك ( قال للملاً حوله إن هذا لساحر عليم + + يريد أن يخرجكم
بسحره فماذا تأمرون ) ( الآيتان 34 ء 79 من سورة الشعراء )
( وقال فرعون ذروني أقتل مومى ... ) ( الآبة رقم 1 من سورة غافر) .<
غير أن الاعتراف للشعب بالسيادة لم يمنع المذاهب من الاختلاف في
تفسير فكرة الشعب وما إذا كان يقصد بها الجماعة ككل لها كيان خاص +
أم الأفراد الذين يتكون منهم الشعب فعلا” . لذلك نشأت نظريتان متميزتان:
للسيادة يترتب على الأخذ بإحداهما نتائج تختلف عن اعتناق الاخرئ » هما
نظرية سيادة الأمة ونظربة سيادة الشعب . ونوجز فيما بلي عرضهما دون
تفصيل ؛ لنبين بعد ذلك موقف الإسلام من فكرة السيادة أوسلطة الحكم
نظرية سيادة الامة .
نظرية سيادة الشعب .
السيادة في الإسلام .
أولا” : نظرية سيادة الأمة :
ظهرت نظرية سيادة الأمة مع الأيام الأولى للثورة الفرنسية الكبرى عام
4 . ومفادها أن السيادة في الدولة ليست للمواطنين فرادى بحيث بخص
كل منهم بجزء منها » وإنما هي للأمة بأكلها ككائن متميز عن الأفراد الذين
تشملهم » يضم فضلا عن الاحياء المعاصرين الأجيال السابقة والأجيال
اللاحقة
وييدو أن هذه النظرية قد وضعت خصيصاً لتناسب أماني طبقة
البورجوازية الي لعبت الدور الأكبر في الثورة الفرنسية . فقد أرادت هذه
ِ غير أنه في النهاية استطاع أن يقود شعبه إلى طريق الغواية والضلالة ؛ وما كان
منهم إلا أن انقادوا له » فكانت عاقبتهم جميعاً هي الخسران امبين وفي ذلك
يقول المولى القدير : ( فاستخف قومه فأطاعوه إنهم كانوا قوماً فاسقين ) . الآبة
رقم 4ه من سورة الزخرف .